يغذي الإعلام يوميًّا في صفحاته الأولى وبرامجه الإخبارية التحامل على الإسلام لدى الناس خاصة في الغرب، فأصبح الجهاد عند بعضهم هو العنف والإرهاب؛ ثم يأتي كولن ليؤكد أنّ الجهاد «أمر إلهيّ»، وفصَّل في أمرين أساسيين في الجهاد:

“إن الجهاد في سبيل الله يجري في جبهتين اثنتين: الأولى موجهة إلى الداخل، والأخرى موجهة إلى الخارج. ويمكننا أن نعرّف كلًّا من الجهاديْن بالآتي: إن بذل الجهد إلى الداخل عبارة عن عملية محاولة الإنسان أن يصل إلى ذاته وإلى ربّه، أما الجهاد الآخر الموجه إلى الخارج فهو عملية إيصال الآخرين إلى ذواتهم وإلى ربّهم، ويطلق على الأول «الجهاد الأكبر» وعلى الثاني «الجهاد الأصغر»، حيث إن الإنسان بالأول يبلغ معرفة نفسه بعد اجتيازه العقبات بينه وبين نفسه حتى يبلغ معرفة الله ومحبة الله والذوق الروحاني، أما بالثاني فتتحقق بإزالة الموانع بين الإنسان والإيمان بالله سواء بالنضال أو القتال، لإيصاله إلى الله تعالى ومن ثم التعرّف عليه والعروج في معرفته”([1]).

الأصل في الإسلام هو السلم وليس الحرب، والأسباب الموجبة للحرب هي الدفاع، والحدّ من الظلم، وفتح باب حرية الإرشاد والتبليغ.

وينتقد كولن اختزال الجهاد بالقوة المادية فقط، ويقرِّر أنّ الجهاد هو بذل الجهد لبلوغ مرتبة «الإنسان الكامل»، فهو يشمل كل أنواع المجاهدة في سبيل الله من أجل خير الإنسانية، فالجهاد ليس هو الضرب بالسيف فحسب:

“الجهاد الأصغر ليس هو شكل الجهاد الذي يؤدَّى في جبهة القتال فحسب، فهذا النمط من الفهم يقلّص أُفق الجهاد، حيث إن مَيدان الجهاد واسع جدًّا يمتد من الشرق إلى الغرب، وعلى سعته وشموله قد يكون كلمة واحدة أو سكوتًا وصمتًا أو تبسّمًا وطلاقة وجه أو امتعاضًا ونفورا أو تركًا لمجلس أو مشاركة فيه.. وباختصار هو القيام بأي عمل من الأعمال لوجه الله، وتقويم الحب في الله والبغض لله في هذا السبيل… ومن هنا فإن كل جهد يبذل لإصلاح المجتمع في أي ميدان كان من ميادين الحياة ولأي شريحة من شرائح المجتمع. كل ذلك هو من مضمون الجهاد الإسلامي. بمعنى أن ما يُؤَدَّى في ميدان العائلة والأقارب القريبين والبعيدين والجار ذي الجنب والصاحب بالجنب، كل ذلك هو من الجهاد الأصغر. فهي كدوائر متداخلة واسعة سعة الأرض كلها”([2]).

الجهاد الحقيقي في نظر كولن أن تصبح مسلمًا مثاليًّا، والجهاد وفقًا لأي منظور إسلامي هو مجاهدة ذاتية يرتقي بها المكلف في مراتب التقوى وتقديم الخدمة لأهله وجيرانه وأبناء وطنه خاصّة وللإنسانية عامّة.

ويشير كولن إلى أن شكل الجهاد يختلف باختلاف الأزمان، فيقول:

“إن أشكالَ الجهاد تتباينُ وتتنوع وفقا لمختلف العصور والأزمان؛ فكما يكون الجهاد بالنصيحة المحضة أحيانا، يكون بإرشاد شخص ما أحيانا، وبأخذ موقف ضد الكفر أخرى؛ وكثيرا ما يمكن اعتبار القدوة الحسنة والمثال الحسن نوعا من أنواع الجهاد، فقد اُعتبرت الهجرة، على سبيل المثال، لفترة معينة في عصر السعادة كالجهاد عينه.

ينتقد كولن اختزال الجهاد بالقوة المادية فقط، ويقرِّر أنّ الجهاد هو بذل الجهد لبلوغ مرتبة «الإنسان الكامل»، فهو يشمل كل أنواع المجاهدة في سبيل الله من أجل خير الإنسانية.

فالجهاد الحقيقي في نظره هو أن تصبح إنسانًا أو مسلمًا مثاليًّا، والجهاد وفقًا لأي منظور إسلامي هو مجاهدة ذاتية يقوم بها المكلف طوال حياته للارتقاء في مراتب التقوى وتقديم الخدمة لأهله وجيرانه وأبناء وطنه خاصّة وللإنسانية عامّة، ولا وجود للعنف والإرهاب ألبتة في العقيدة والفكر الإسلامي ولو في مقاومة العنف والعدوان على الأبرياء، ففي نصوص القرآن مجموعة مبادئ مهمة يتعين على المسلمين في كل العصور اتّباعها:

إن كل جهد يبذل لإصلاح المجتمع في أي ميدان كان من ميادين الحياة ولأي شريحة من شرائح المجتمع. كل ذلك هو من مضمون الجهاد الإسلامي.

“إن الأصل في الإسلام هو السلم وليس الحرب، وأفضنا في بيان أن الأسباب الموجبة للحرب هي الدفاع، والحدّ من الظلم، وفتح باب حرية الإرشاد والتبليغ”([3]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) فتح الله كولن: روح الجهاد وحقيقته في الإسلام، ص 21.

([2]) فتح الله كولن: المصدر السابق، ص 26.

([3]) فتح الله كولن: روح الجهاد وحقيقته في الإسلام، ص 16-17.

المصدر: مايمول أحسن خان، فتح الله كولن الرؤية والتأثير تجربة فاعلة في المجتمع المدني، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ1، 2015م، صـ179/ 180/ 181.

ملاحظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع.