إنّ بناء الإنسان وتنميته روحيًّا وعلميًّا والارتقاء به ثقافيًّا وحضاريًّا هو أحد أهم الأهداف المحورية التي يدور حولها فكر الأستاذ فتح الله كولن، ولا شك أن الفقرَ يُعد من أكبر الأخطار التي تقف حجر عثرةٍ دون تحقيق ذلك الهدف. ويمكن تعريف الفقر بأنه ذلك الحرمان الماديّ الذي يترتب عليه التدنِّي في كافة المستويات؛ فعلى المستوى الديني نجد بعض الناس في الدول الأشد فقرًا يبدلون دينهم إرضاء لمن يُقدِّم لهم الغذاء والكساء والدواء، وهناك من يشك في حكمة الخالق لِما يراه من سوء توزيع للثروة..، ولهذا رُوي عن النبي أنه قال: “كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا” (رواه البيهقي في شعب الإيمان)، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ“، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَيَعْتَدِلَانِ؟، قَالَ : “نَعَمْ“(أخرجه ابن حبان في صحيحه).
وعلى المستوى السلوكي والأخلاقي فهناك الكثير ممن يدفعه بؤسه وحرمانه إلى سلوك ما يتنافى مع القيم والفضائل؛ كالرشوة والسرقة والاختلاس..، وقد بيّن الحديث النبوي الشريف جانبًا من ذلك فيما روي عن أم المؤمنين عائشة أَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ“، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللهِ مِنَ المَغْرَمِ؟ قَالَ: “إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ” (رواه البخاري في صحيحه).
وعلى المستوى الفكري والثقافي فإن الفقر له آثاره السلبية الكبيرة على عملية الإبداع في المجتمع، فكلما كان المجتمع فقيرًا، قلّت عملية الإبداع، وقلت الابتكارات التي تساعد بدورها على تقدم المجتمع وتطوره، ولعل هذا يرجع بدوره إلى عدم توافر القدرات لدى الإنسان الفقير الذي يقف عاجزًا أمام الكثير من الأمور التي يمنعه فقره من استغلالها، حتى وإن قاوم الفقر فيما يخص الالتحاق بالعملية التعليمية، فسيجد صعوبات كثيرة فيما يخص مواكبة التكنولوجيا الحديثة، التي تحتاج بدورها إلى أموال كثيرة في أغلب الأحيان.
وعلى مستوى الأمم نلاحظ أن الأمّة الفقيرة دائمًا ما تكون مسلوبة الحرية والإرادة، منتقصة السيادة؛ لأن الأمم الغنية هي التي تتحكم في مصائرها.
ولأن التضحية والبذل والإنفاق من أهم مقومات مكافحة الفقر فقد حض القرآن الكريم في كثير من آياته على الإنفاق، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (المنافقون: 10) كما جعل الإنفاق أحد دلائل صدق الإيمان، قال الله : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)﴾(الأنفال: 2-4).
ونظرًا لِما يشكِّله الفقر من خطورة عظيمة على كافة المستويات والأصعدة فقد عملتْ حركة الخدمة المستلهمة من فكر الأستاذ فتح الله كولن على الإسهام بشكل فعّال في معالجة تلك المشكلة والحد من آثارها السلبية على الفرد والمجتمع والأمّة وذلك من خلال عدة مشروعات كان منها:
جمعية الإغاثة العالمية “كِيمْسا يوكْ مُو” (Kimse Yok Mu)
و”كيمسا يوك مو” هي كلمة تركية تعني: “هل مِن مغيث؟”؛ وسبب هذه التسمية أنه في أغسطس عام 1999 عندما حدث زلزال مدمِّر في تركيا في قلب منطقة مَرْمَرة وما جاورها، ودَخل عمّال الإغاثة تلك المنطقة سمعوا صوت امرأة تصيح مِن تحت الأنقاض قائلة: “هل من مغيث؟”، ومن هنا جاءت الفكرة؛ حيث وجّه الأستاذ فتحُ الله كولن العاملين في شبكة تلفزيون “صمان يولو” إلى تنظيم حملة من خلال برنامج يحمل شعار تلك الصيحة “هل مِن مغيث؟” وذلك بهدف جمع تبرعات لصالح الأسر المنكوبة من جراء ذلك الزلزال، وتضَمّن البرنامج عائلتين: الأولى فقيرة والأخرى لها موارد اقتصادية؛ فلتساعد العائلة الثرية الأسرة الفقيرة على إعادة بناء حياتها بعد وقوع الزلزال، وتحفيزًا للجمهور بدأ الأستاذ فتحُ الله كولن الحملةَ بتبرعه بخمسة آلاف دولار مِن دخله عن نشر كتبه، ونتيجة لهذا البرنامج تدفقت التبرعات للمحطة لمساعدة ضحايا الزلزال.
وبَعد ثلاث سنوات مِن كونه برنامجًا يُعرض على محطة تلفزيون “صمان يولو” ويركز على احتياجات أهالي “مَرْمَرة”، “تأسست في 13 يناير عام 2002م مؤسسة كيمسا يوك مو “هل من مغيث؟” للتضامن والمساعدة، وأخذتْ تواصل أنشطتها الخيرية وفعالياتها التطوعية في محافظات تركيا الواحد وثمانين، عبر أربعين فرعًا لها، إلى أن وصلتْ بأنشطتها الخيرية التي تقدمها لملايين الأشخاص في 113 دولة حول العالم من خلال مائتين وثمانية آلاف متطوع، وما يزيد عن ثلاثة ملايين متبرع؛ لتستحق نيل جائزة “الخدمة الفائقة” من الأمم المتحدة عام 2008، كما حصلتْ على مقعد عضو استشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة (ECOSOC)، وهي المؤسسة التركية الوحيدة التي تعمل منذ عام 2010 بالتعاون مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) من أجل توفير احتياجات اللاجئين في تركيا في مجالات مثل التعليم والصحة والغذاء.
وقد اكتسبت صفة “الجمعية العاملة للصالح العام” بقرار مجلس الوزراء الصادر في 19يناير 2006. كما حصلتْ بقرار مجلس الوزراء الصادر في 6 فبراير 2007 على صلاحية “جمع التبرعات دون تصريح”. وفي عام 2014، كانت “كيمسا يوك مو” هي الأولى من بين مؤسسات المجتمع المدني التركية التي دخلت ضمن قائمة أفضل مئة مؤسسة مجتمع مدني خيرية على مستوى العالم، في التصنيف الذي أعدته مؤسسة جنيف الفكرية الدولية”.
مقاييس كيمسا يوك مو
أكّد السيد متين تشتين آر المدير العام لجمعية “كيمسا يوك مو” على أن الجمعية تُقدِّم المساعدات الإنسانية في كل أنحاء العالَم دون أدنى تمييز بسبب الدين، أو اللغة، أو اللون، أو العِرق..؛ وقال: سَمِعنا في بعض المناطق كلامًا من غير المسلمين يقولون: “لأول مرة نأخذ مساعدات من المسلمين”. ومع أن المتطوعين في “كيمسا يوك مو” لا يحملون أيّ شعارات دينية فقد ذَكَر لنا السيد متين تشتين مثالاً يوضح فيه ما لهذا المعيار من مردود إيجابي في كثير من الأحيان على المسلمين والدعوة الإسلامية؛ فقال: “لمَّا وَقع إعصار في مَيانمار* رفضت الحكومة القسرية هناك كل أنواع التبرعات الخارجية، ونحن من خلال إخواننا في “الخدمة” الذين فتحوا مدارس هناك تواصلنا معهم كي يتوسطوا لدى الحكومة؛ فكنا أوّلَ جمعية إغاثة تصل إلى هناك، واستطعنا أن نُقدم المساعدات لستّة آلاف أسرة بعضها مسلم وبعضها غير مسلم، بعدها تلقّينا شُكرًا من المسلمين على أننا قدّمنا المساعدات للمسلمين والبوذيين أيضًا، فقلنا: فهمنا الشكر للمسلمين، فلماذا الشكر على تقديم المساعدة لغير المسلم؟ فأجابوا: “عندما بدأتم تُقدِّمون المساعدة لأولئك البوذيين بدأوا يعاملوننا أفضل مما سبق”**.
ولأن الثقة مهمة جدًا بالنسبة لجمعيات الإغاثة؛ فإننا نأخذ بأيدي المتبرعين إلى مواقع الكوارث ليشاهِدوا بأعينهم ويُقِّدموا بأيديهم؛ قبل سنوات ذهبْنا إلى أثيوبيا ومعنا ثلاثمائة متبرع وقدّموا لحوم الأضاحي بأنفسهم إلى الفقراء، وهذا النوع من العمل يقدِّم ثقةً للمتبرع فيواصل مساعدته للفقير.
كما أن لدينا وحدة ملاحظة تعطِي معلومات إلى مجلسنا، ثم نقدّر حجم الكارثة، ثم نقرر بعد ذلك الإغاثة أو المساعدة الدائمة، وإذا احتاج الأمر فإننا نبني في تلك الأماكن منشآت سكنية أو تعليمية أو صحية.
هذا، وتُقدِّم جمعية كيمسا يوك مو (هل من مغيث؟) مجموعة متنوعة من الأنشطة والمشروعات الخيرية التي تساهم بشكل كبير في مكافحة الفقر منها:
مشروع العائلة الشقيقة
وهو مشروع مستوحَى مِن فِعل النبيّ حينما هاجر إلى المدينة وعقد مؤاخاةً بين المهاجرين والأنصار؛ وفيه تقوم “جمعية كيمسا يوك مو (هل من مغيث؟)” بتعريف الأسر الثرية والمتوسطة الدخل التي تريد الانضمام إلى هذا النشاط بأسر فقيرة بغرض التآخي. وتقوم الأسرة المتطوعة بزيارة الأسرة الفقيرة ومتابعة أحوالها ومحاولة حل مشكلاتها بمعرفتها ومن خلال معارفها وجيرانها دون الرجوع للجمعية. ومن خلال هذه العلاقة التي تستمر لمدة عام أو أكثر، تحاول الأسرة المتطوعة حل مشكلات الأسرة الفقيرة ومساعدتها في توفير احتياجات المعيشة والتعليم وفرص العمل والزواج، وذلك بهدف الوصول بهم إلى مستوى معيشة يقترب من المتوسط. وتفيد هذه العملية في أن الأسرة الفقيرة تتعامل مع أسرة صديقة لها بشكل أخوي وليس بشكل فوقي سلبي. كذلك، أثمر هذا النشاط في شعور الأغنياء بوجود الفقراء وحاجتهم للمساعدة، كذلك أثمر عن تعلم أولاد الأسرة الغنية المسئولية الاجتماعية والقناعة والشكر. وبلغ عدد الأسر المتآخية حوالي (1500) أسرة حتى الآن وتستهدف الجمعية تآخي 100,000 أسرة في جميع أنحاء تركيا في خلال خمس سنوات بدءًا من 2008م.
رعاية الأيتام
ومن الأنشطة التي توليها جمعية كيمسا يوك مو اهتمامًا كبيرًا رعاية الأيتام ممن لا كافل لهم ومنحهم فرصة لحياة أفضل؛ ولِمَ لا وقد رَوى سَهْل بن سَعد أن الرسول قال: “أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا” وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا“.
وفي هذا الصدد قامت الجمعية بإنشاء العديد من دُور الأيتام المتكاملة الخدمات؛ فمثلاً قامت الجمعية في ديسمبر 2014 بافتتاح دار أيتام جديدة شيدتها بمدينة كوستي الواقعة في ولاية النيل الأبيض في السودان بحضور كل من والي المدينة ووزير العمل الاجتماعي السوداني الذي أشاد بهذا الإنجاز وأوضح أن دار الأيتام أسِّست على طراز حديث بالإضافة إلى اختلافها عن غيرها من دور الأيتام لتقديمها دورات في تحفيظ القرآن الكريم ودروس للطلاب.
وفي مايو 2015 قامت الجمعية بافتتاح دارٍ للأيتام في العاصمة السنغالية دَكار لإيواء نحو مئتين واثنين وعشرين طفلاً مشرَّدًا في بلد يعاني من أزمة في توفير أماكن لآلاف المشردين
وفي نفس العام أيضًا أنشأت جمعية “كيمسا يوك مو” دارين للأيتام في بروندي وسط القارة الإفريقية: دار “كيانجيه الوجوه المبتسمة” للفتيات اليتيمات، ودار “بويينزي أحمد أكيول” للذكور اليتامى بتكلفة بلغتْ 374 ألف دولار لتأمين حاجاتهم من المأوى والغذاء والتعليم. وافتتح نائب رئيس جمهورية بروندي بروسبر بوزومبانزا دارَي الأيتام وقال في كلمة الافتتاح: “إنهم أمل الأطفال الأيتام الذين لا عائل لهم، وقد شاهدتُ بنفسي كيف يعامِلون الأطفال إذ يعاملونهم وكأنهم أولادهم. وإنني مسرور بذلك”.
هذا، وقد ذَكر مديرُ مشروعات الأيتام في جمعية “كيمسا يوك مو” محمّد علي جُول أنّ الجمعية تتكفل برعاية وتغذية وإيواء وتعليم نحو 65 ألف يتيم في أكثر من 50 دولة.
إنشاء آبار للمياه
الماء هو مادة الحياة، لهذا حث رسول الله على حفر الآبار وسقي الماء لمن يحتاجه وبذله في سبيل الله تعالى وتسبيله للناس حتى يستفيدوا منه؛ فعن جابر بن عبد الله، عَنْ رَسُولِ اللهِ قَالَ: “مَن حَفَرَ مَاءً، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ كَبِدٌ حَرَّى مِن جِنٍّ ولا إِنْسٍ ولا طَائِرٍ إِلَّا آجَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ“، وعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ، فَأَيّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ: “الْمَاءُ“، قَالَ: فَحَفَرَ بِئْرًا، وَقَالَ: هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ” (رواه الإمام ابن خزيمة في صحيحه).
في المناطق التي تعاني من نقص حاد في المياه العذبة تقوم جمعية “كيمسا يوك مو” (هل من مغيث؟) بإنشاء آبار للمياه الجوفية للتخفيف من معاناة أهلها، ليس فقط من أجل إرواء الظمأ ولكن لما لها من مردود إيجابي على سائر حياة الإنسان؛ فعلى سبيل المثال بعد أن افتَتحتْ جمعية “كيمسا يوك مو” عددًا مِن آبار المياه الصالحة للشرب أصبح بإمكان الفتيات التفرغ للذهاب إلى المدرسة بعد أن كنّ يقطعن كيلومترات لجلب المياه لأسَرهن وسط ظروف قاسية ومخاطر جمّة؛ حيث يقول مدير مشروعات المياه بجمعية “كيمسا يوك مو” واصف باشاك: “إنّ الفتيات الإفريقيات يقطعن مسافات طويلة تمتد لكيلومترات وسط ظروف صعبة ومخاطرة جمة من أجل الحصول على الماء، ويحملن ما يجدنه من مياه -حتى ولو كانت غير نظيفة- فوق رؤوسهن لمسافة قد تصل إلى 15 كيلومترا يوميا، وقد يستغرقن في ذلك ما بين 7 و8 ساعات. لذلك لا يمكنهن الذهاب إلى المدارس”.
وأضاف باشاك: “وصلتنا معلومات بأن الفتيات بدأن يقبلن على المدارس في دولة تشاد بعد أن افتتحنا 50 بئرًا هناك. بالإضافة إلى نجاتهن بهذا من المخاطر التي كن يتعرضن لها في الطريق”.
كما ذَكر أنه يستفيد نحو ثلاثة ملايين شخص في القارة السمراء من 1735 بئر مياه عذبة صالحة للشرب افتتحتها جمعية كيمسا يوك مو في عشرين دولة إفريقية.
وهذا جدول يوضح أعداد الآبار التي تم إنشاؤها في دول مختلفة.
اسم الدولة | عدد الآبار | اسم الدولة | عدد الآبار |
بنين | 11 | النيجر | 237 |
تشاد | 563 | فلسطين | 7 |
الكاميرون | 281 | هاييتي | 3 |
باكستان | 542 | السودان | 112 |
أوغندا | 22 | السنغال | 65 |
توجو | 15 | الصومال | 42 |
كينيا | 169 | إفريقيا الوسطى | 20 |
نيجيريا | 130 | الفلبين | 10 |
بوركينا فاسو | 43 | ||
كمبوديا | 33 | المجموع | 2305 |
الخدمات الصحية
يُعتبر توفير الخدمات الصحية أحد متطلبات محاربة الفقر، فعن طريق التغلب على أي عوائق صحية تحدث للإنسان يمكن ضمان استمرار عطائه واستغلاله الكامل لملكاته وقدراته، ومن ثم فإن جهود تقديم الخدمات الصحية للفقراء يساعد بشكل كبير في بناء قدراتهم وتمكينهم من الخروج من الفقر؛ وتقوم جمعية “كيمسا يوك مو” بتوفير الخدمات الصحية لغير القادرين إما عن طريق إنشاء مستشفيات متكاملة، وإما عن طريق إرسال وفود من الأطباء المتطوعين لإجراء العمليات الجراحية لغير القادرين من المرضى. ومِن أمثلة النوع الأول: “مستشفى “النيل الجديد” التي افتتحتها الجمعية في أوغندا بحضور رئيس الدولة وعدد من كبار المسئولين، وقد أنشأت جمعية كيمسا يوك مو هذه المستشفى ضمن مجمّع كبير يضم أيضًا مَدرسة وسكنًا طلابيًا؛ أقيموا جميعًا على مساحة مئة وعشرين فدانًا، وقد بدأ المستشفى منذ 24 نوفمبر 2014 تقديم خدمات الطوارئ والتخدير والجراحة العامة وعيادات الأطفال والمسالك البولية والتناسلية وأمراض النساء والتوليد والرمد وأمراض الفم والأسنان ومعامل الأشعة ووحدات أطباء الأسرة، كما أنشأت الجمعية خمس مستشفيات دائمة أخرى في كل من هاييتي وأثيوبيا والصومال وكينيا والسودان”.
ومِن أمثلة النوع الثاني: عمليات إعتام عدسة العين “المياه البيضاء”؛ حيث أجرى أطباء كيمسا يوك مو أكثر مِن 35 ألف عملية من هذا النوع في أربع عشرة دولة.
وفيما يلي جدول يبين أسماء الدول وعدد الفحوصات وعدد العمليات التي تمت من 2011 وحتى بداية عام 2015م.
م | الدولة | عدد الفحوصات | عدد العمليات |
1 | السودان (دارفور) | 189904 | 17,264 |
2 | السودان (الخرطوم) | 109296 | 9,108 |
3 | الكاميرون | 5902 | 454 |
4 | تشاد | 687 | 55 |
5 | النيجر | 1360 | 100 |
6 | مالي | 9750 | 780 |
7 | جمهورية أفريقية الوسطى | 3640 | 337 |
8 | جمهورية الكونغو الديمقراطية | 4050 | 300 |
9 | جمهورية الكونغو | 2712 | 240 |
10 | بوركينا فاسو | 878 | 77 |
11 | باكستان | 48949 | 3547 |
12 | نيبال | 26044 | 2067 |
13 | غينيا | 1030 | 100 |
14 | المغرب | 6910 | 617 |
الإجمــالـي | 411,112 | 35,046 |
المستشفيات في تركيا
وفي تركيا أسست حركة الخدمة عدة مستشفيات في العديد من المحافظات، وسوف نكتفي هنا بالحديث عن نموذج يمثل تلك المستشفيات ويجلي دورها البارز في خدمة المرضى من الفقراء والمساكين؛ وهو: “مستشفى سَمَا” في إسطنبول الذي كان يمارس نشاطاته الصحية قبل قرار تأميمها ومصادرتها من قبل الحكومة التركية بعد أزمة 2016.
“بالرغم من امتلاك تركيا لرعاية صحية عالمية فإنها لا تغطي كل النفقات المطلوبة في المستشفيات الخاصة، لهذا يقوم المحسنون في حركة كولن بدعم غير القادرين من المرضى بدفع الرسوم الزائدة عن التأمين المقرر لهم، وفي هذا الصدد تقول كريستين مديرة الصحة العامة في المستشفى: “نحن نملك شبكة دائمة من الأشخاص الداعمين للمرضى، وهذا النظام غير رسميّ لكنه ناجح، وحركة كولن فعالة جدًا في إدراك أننا مستشفى جديدة، ونحن بحاجة للوقوف على الأرض، والداعمون لا يريدون تأخير إنجازاتنا، لذلك فهم كرماء جدًا في دعمهم”. في عام 2008 سافر ثمانون طبيبًا على نفقتهم الخاصة إلى جنوب شرقي تركيا لرؤية المرضى دون أيّ أجر لمدة ثلاثة أيام، وتم نقل مئة وثلاثين من هؤلاء المرضى -ومعظمهم مصابون بأمراض القلب- إلى مستشفى سما وعلاجهم مجانًا.
وفي الخطة الاستراتيجية لمستشفى سما لا توجد أهداف مالية، والتركيز موجَّه نحو رضا الموظفين والمرضى؛ ولأنه مستشفى خاص فهو لجني الأرباح، ولكن الأرباح لا تذهب لرجال الأعمال الأصليين -الذين أنشأوا المستشفى- لتعزيز حافظتهم المالية، ولكنها بدلاً من ذلك تذهب لتطوير وتوسعة المستشفى ولتوفير رعاية أكثر للفقراء أو مساعدة مستشفيات أخرى لتبدأ وتنجح. ويصف أحد الأطباء ما يميز مستشفى سما عن غيره بقوله: “غالبًا ما يعامل الطبيب المرضى في المستشفيات العامة بوصفهم أشخاصًا مزعجين، لكن الأمر يختلف في هذا المستشفى؛ فالناس يعملون هنا من أجل المرضى وليس من أجل المال، وعملية التوظيف في مستشفى سما صارمة حيث يراعى جوهر الشخص مع الخبرة”. ومِن حيث تجربة المرضى للجو الفريد في مستشفى سما أعطت السيدة كريستين مديرة الصحة العامة في المستشفى مثالاً لعامل من ذوي الياقات الزرقاء الذي قال بعد عملية جراحية في القلب: “لقد تعلمتُ هنا أنني بَشر ولم أستطع فهم قيمتي كإنسان حتى أتيتُ إلى هنا”، وأضافت أن المستشفى لديها شهادات كثيرة من هذا القبيل لكيفية رعايتها للمريض بطريقة تختلف عن العديد من المستشفيات الأخرى، ويأتي لمستشفى سما مرضى من داخل تركيا وبلدان أخرى لمعرفتهم أنها مستشفى مستوحاة من كولن، ويأتي آخرون لسماعهم أن المستشفى يوفر أعلى درجات الرعاية في جو يحترم المريض بوصفه إنسانًا”.
الخدمات التعليمية
تأتي الخدمات التعليمية في نطاق برامج التنمية المستدامة التي توليها جمعية “كيمسا يوك مو” (هل من مغيث؟) أهمية قصوى إيمانًا منها بضرورة توفير التعليم الجيد لإحداث التغيير المستدام في المجتمعات المحلية، وفي هذا المجال تقوم الجمعية بتقديم مجموعة متميزة من الأنشطة والمشروعات؛ منها: إنشاء مدارس ومساكن طلابية في المناطق الأكثر فقرًا واحتياجًا من دول العالَم: وقد “وُقِعتْ مؤخَّرًا -بالمقر الرئيس للاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا- اتفاقية تاريخية بين مفوض الاتحاد الأفريقي الدكتورة عائشة لارابا عبد الله والأمين العام لجمعية “كيمسا يوك مو” الخيرية صَواش متين؛ تسمح للجمعية بزيادة أنشطتها الخيرية في مجالات رعاية الأيتام وتوفير مياه الشرب والتعليم والحياة الاجتماعية، ويساهم هذا الاتفاق التاريخي في تسهيل وصول الخدمات التعليمية التي تُقدمها الجمعية من أجل تَقدّم وارتقاء القارة الأفريقية، من خلال برنامج مشروع “مدارس الصحراء” في عدد من المناطق الأكثر احتياجا في القارة في كينيا وأوغندا ورواندا. وأكّد السكرتير العام لجمعية “كيمسا يوك مو” صَواش متين أن مشروع “مدارس الصحراء” سيُقدِّم خدماته التعليمية لمئات الآلاف من الطلاب على مستوى القارة الأفريقية من خلال افتتاح 1000 مدرسة بحلول عام 2020″.
وتُقدِّم جمعية كيمسا يوك مو أيضًا -في مجال خدماتها التعليمية- مِنَحًا دراسية للطلاب الفقراء لإكمال دراستهم في المدارس والجامعات التركية مجانًا؛ “وأوضح “داوود كوتشاق” المسؤول عن المساعدات الداخلية والتعليمية بمؤسسة “كيمسا يوك مو” أنّ الطلاب الوافدين إلى تركيا سوف يعودون إلى بلادهم مرة أخرى رجالاً نافعين لبلادهم بعد إتمام تعليمهم في المؤسسات التعليمية التركية، قائلاً: “لقد أحضرنا إلى تركيا 442 طالبًا أفريقيًّا ضمن مشروعنا التعليمي الذي أطلقناه في منطقة شرق إفريقيا منذ عام 2011. واليوم نحن نُحضِر 210 طالبًا صوماليًا إلى تركيا. وقد مر ثلاثة أعوام على بدء مشروعنا. وهذا العام سوف يشهد تخرج أول مجموعة من الطلاب الذين أحضرناهم إلى تركيا. 259 منهم في المرحلة الثانوية، و183 يدرسون في المراحل الجامعية المختلفة”.
ولم تنس الجمعية دورها في مساعدة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب المستعرة في بلدهم، وقدّمتْ مِنحًا دراسية لنحو 500 طالب من اللاجئين السوريين خلال العام الدراسي 2013-2014 .
والجمعية لا تستهدف الفقراء فقط بهذه المِنح؛ بل تجعلها أيضًا عامة لكل من يطمح بأن يكون مُعلِّمًا متميزًا في مختلف التخصصات العلمية والدينية، والهدف الأساس هو تطوير مستقبل هذه الأمّة عن طريق التعليم. حيث يتم تغطية تكاليف خمس سنوات تعليمية للطلاب بما فيها الرسوم الجامعية والإيجار والمعيشة والتأمين الصحي طبقًا لشروط تحددها الجمعية.
الخدمات التنموية
ويهدف هذا المسار إلى تحويل الأيدي العاطلة إلى أيدٍ منتجة وتحويل الأسر الفقيرة التي تتلقى المساعدات إلى أسر ذات دخل يغنيها عن السؤال وهو يؤدي بالتالي إلى حل مشكلة البطالة المستعصية في المجتمع. وفي هذا الصدد يقول السيد متين تشتين المدير العام لجمعية “كيمسا يوك مو”: “لقد نصحَنا الأستاذ فتحُ الله كولن بقوله: “إذا أمسكتم بِيد الآخَر حتى ينهض، فلا تتركوا هذه اليد حتى ينهض ويقف على رِجليه”. وتطبيقًا لهذه النصيحة قرّرنا أن ننظم دروسًا صيفية ودورات مهنية في بعض المناطق الفقيرة من إفريقيا؛ فعلى سبيل المثال اخترنا بعض النساء ليدرُسنَ دروس عمل المكرونة، وأعطيناهنّ المعدات والدقيق وعلّمناهن كيف يفعلن ذلك، ثم تركناهن بعد أن أصبحن قادرات على الكسب والإنتاج. ثم نذهب إلى منطقة أخرى لنلقي دروسًا صيفية جديدة؛ مثلاً بنينا سُوقًا على مساحة ألفي مترٍ مربعٍ، وأعطينا للفقراء طاولات ومنتجات متنوعة وتعلموا كيف يتاجرون وكيف يكسبون…”.
ومن النماذج التي تسهم فيها جمعية “كيمسا يوك مو” ببناء الإنسان وتنميته؛ “قيام المركز الثقافي التركي التابع للجمعية في فلسطين بتقديم دورات مجانية لطلبة الجامعات الفلسطينية لصقل مهاراتهم والارتقاء بها كما تخدم الجمعية فئة الطلاب الذين لم تسمح لهم ظروفهم الاقتصادية بإكمال التعليم الأكاديمي من خلال إقامة دورات مهنية في مجالات واسعة تنقلهم من البقاء في صفوف العاطلين عن العمل إلى سوق الإنتاج وخدمة المجتمع بإكسابهم مهنا وحرفًا يتمكنون بها من إعالة أنفسهم وعائلاتهم”.
وفي هذا تمكين للفقراء من بداية مشروعات مستقلة تخلصهم من ربقة الفقر وتضعهم على بداية طريق التحرر والغنى والإنتاج.
الخدمات الموسمية
تحرص جمعية “كيمسا يوك مو” على إدخال البهجة والسرور إلى نفوس الفقراء في المواسم والمناسبات الدينية المختلفة، ففي شهر رمضان من العام 1435/2014 قامت الجمعية -مِن خلال فروعها المنتشرة في مختلف دول العالَم- بتقديم وجبات الإفطار لمليوني شخص، وتوزيع المعونات الغذائية على 150 ألف عائلة وتقديم هدايا العيد لـعشرة آلاف طفل، في نحو ثمانين دولة حول العالم بالإضافة إلى تركيا.
“وفي عيد الأضحى المبارك تقوم “كيمسا يوك مو” بتوزيع لحوم الأضاحي في أكياس بوزن 5 أو 7 كيلو جرام بمساعدة من موظفي الجمعية والمتطوعين في داخل تركيا وخارجها. ففي 2007، تم جمع 12,500 أضحية تم توزيعها على 45,000 شخص في 35 دولة و30,000 شخص في تركيا؛ أي حوالي 60٪ في تركيا و40٪ في خارجها. كذلك، توجّه الأضاحي إلى البلاد التي اشتعلت فيها الحروب مثل فلسطين وأفغانستان والبوسنة وقارة إفريقيا عمومًا. ومن الدول التي حصل فيها الكوارث الطبيعية مثل بنجلاديش، وباكستان، وبورما، وإندونيسيا. والتمويل يتم بالحملات التي تقوم بها الجمعية ويشارك فيها الشعب التركي”.
الإغاثة في أعقاب الكوارث والحروب
تبادر جمعية “كيمسا يوك مو” إلى تقديم الدعم والمساعدة للمتضررين من الحروب والكوارث الطبيعية، وهي تبذل في هذا المجال جهودًا عظيمة؛ حتى إنها “قامت ببناء بلدة متكاملة الخدمات، وسلمتها للحكومة الباكستانية من أجل مساعدة وإيواء المتضررين من السيول التي ضربت باكستان عام 2010، وأسفرت عن مقتل نحو ألفي شخص. حيث قامت بمساهمة من فاعلي خير بالتكفل ببناء 296 وحدة سكنية تحتوي على جميع الخدمات، كما تتضمن جامعًا ومدارس ومركزًا للتسوق بالإضافة إلى العديد من الخدمات الترفيهية والاجتماعية، وذلك من أجل رعاية المتشردين والمتضررين من تلك السيول، وقد استغرق بناء تلك البلدة نحو ثمانية عشر شهرًا، وأطلقتْ عليها الجمعية المتكفلة ببنائها اسم الشاعر الباكستاني “محمد إقبال” لدوره الحماسيّ في إلهاب مشاعر المسلمين الباكستانيين للوقوف إلى جانب الأتراك في حرب الاستقلال”.
كما منحَتْ قيادةُ العمليات المدنية للجيش الفلبيني، جائزة الشرف لجمعية “كيمسا يوك مو” (هل من مغيث؟) لمساهمتها في أعمال البحث والإنقاذ عقب إعصار هايان الذي ضرب البلاد في عام 2013 وأودى بحياة الآلاف من الناس، كما سارعتْ في مساعدة متضرري الإعصار.
وفي لفتة إنسانية غير مسبوقة في العالَم الإسلامي قامت “كيمسا يوك مو” بتقديم مائتي خيمة كمساعدات إنسانية للاجئين الصحراويين، على خلفية الفيضانات الأخيرة التي ضربت مخيمات لاجئي الصحراء الغربية في مدينة تندوف الجزائرية، وخلفت أضرارا كبيرة على أبنيتهم الطينية. وفي هذا السياق، قال رئيس الهلال الأحمر الصحراوي يحيى بوحبيني إنّ المساعدات التي قدمتها الجمعية الخيرية “هل من مغيث؟” لها نكهة خاصة، كونها تأتي من بلد مسلم كتركيا، وكشف أن “معظم المساعدات التي تصل، باستثناء المساعدات المقدمة من الجزائر، فهي من أوروبا، وبالتالي انفردت هذه المنظمة عن العالم الإسلامي وعملت على كسر هذا الحاجز الذي استمر أربعين عاما”، قائلا: إن جمعية “هل من مغيث؟” استجابت للنداء الذي أعلناه لطلب المساعدة إثر الفيضانات والأمطار التي اجتاحت مخيمات اللاجئين الصحراويين”.
وتوزِّع جمعية “كيمسا يوك مو” وجبات ساخنة منذ ثلاث سنوات على اللاجئين -يشكل غالبية كبيرة منهم النساء والأطفال- الذين هربوا من ويلات الحرب الأهلية في سوريا ولجأوا إلى مدينة كيليس جنوب تركيا. وتم حتى الآن توزيع أطعمة على ما يقرب من خمسة آلاف شخص في المطبخ النقال الذي وصل إلى أربعة آلاف شخص خلال ستة أيام.
وتأتي فلسطين على رأس قائمة الدول التي تنتشر فيها الأنشطة الخيرية لجمعية “كيمسا يوك مو”؛ وقال ليفينت أيوب أوغلو المسؤول عن فعاليات جمعية “كيمسا يوك مو” إنّ إجمالي الدعم الذي قدمَتْه جمعية “كيمسا يوك مو” حتى اليوم في فلسطين بلغ 11 مليونا و248 ألفا و686 ليرة تركية، فضلا عن أن المساعدات المقدمة للمنطقة زادت مع افتتاح مكتب الجمعية في فلسطين في عام 2013؛ إذ بلغتْ المساعدات في عام 2014م فقط ثلاثة ملايين و145 ألفا و226 ليرة تركية.
وعندما سأل أحدُهم المديرَ العام لجمعية كيمسا يوك مو: هل شاركتم في أسطول الحرية؟* أجاب قائلاً: “نحن لا نمارس مثل هذا النوع من الأعمال، بل نفضل العمل بلا ضجيج؛ حيث نرسل الأموال عن طريق البنوك ونساعد إخواننا في غزة، أمّا ذلك النوع من العمل فهو أقرب إلى العمل السياسي منه إلى العمل الإغاثي”.
هذه فقط مجرد نماذج لما تقوم به جمعية “كيمسا يوك مو” من أعمال إغاثة لكل ملهوف في أعقاب الكوارث والحروب، فلا تكاد تحدث كارثة في أيّ مكان في العالَم إلا وتجدها في مقدمة المغيثين، مما جعلها تتلقى ثناء وترحيبًا من جميع دول العالَم، فعلى سبيل المثال: “عندما دُعيَ القائمون على “كيمسا يوك مو” إلى المؤتمر الذي عقدتْهُ مؤسسة كلينتون حول “إفريقيا”، في العاصمة المغربية الرباط، خلال شهر مايو 2015؛ وقدّم رئيس “كيمسا يوك مو” ملخصًا لِما قدمته الجمعية من خدمات ومساعدات إنسانية حول العالم؛ علَّق الرئيس الأمريكي الأسبق بِل كلينتون قائلا: “أنا أريد أن ألتقط الصور مع هؤلاء الأصدقاء. هم يتحدثون عما ينجزون، بينما يتحدث الجميع عمَّا يحلم به”.
ولا تتوقف حركة الخدمة عند هذا الحد، بل تبتكر أفكارًا جديدة تشجع الناس على البذل والعطاء؛ مثل صندوق (Sanki yedim) أيْ: “كأنني أكلت”. وهي حملة رائعة لمؤسسة الإغاثة (حان وقت المساعدة “TIME TO HELP – YARDIM ZAMAN”) التابعة لحركة كولن في ألمانيا. والفكرة مأخوذة من قصة يحكيها الأستاذ بديع الزمان النورسي في رسائله عن رَجُل عاش في السابق في إسطنبول كان كلما اشتهى أكلة وَضع نقودَها جانبًا وقال: كأنني أكلت، فبنى مسجدًا بتلك النقود. فصنعتْ حركة كولن هذا الصندوق بنفس الفكرة… فجاء الخير مدرارا.
الإغلاق التعسفي لجمعية كيمسا يوك مو
ومع أنّ الله تبارك وتعالى قد ذمّ في كتابه العزيز كل منّاعٍ للخير ومانعٍ للماعون فقد أقدمت الحكومة التركية في 2015 على إغلاق جمعية كيمسا يوك مو وذلك ضمن حزمة من الإجراءات التعسفية لإغلاق ومصادرة كل مؤسسات حركة الخدمة في تركيا بعد أن اصطنع منها أردوغان عدوّا، وصوّرها “كياناً موازيًا” للوصول إلى أغراض ثلاثة تتمثل فيما يلي:
1- التغطية على فضائح قضايا الفساد والرشوة في ديسمبر 2013 والتي تورَّط فيها وزراء ومسؤولون كبار في حكومة أردوغان وأفرادٌ من أسرته.
2- تحقيق مكاسب سياسية رخيصة على حساب القيم والمبادئ الأخلاقية.
3- أن يجعل من حركة الخدمة مِشْجَبًا يعلق عليه كل فشلٍ يتعرض له في سياسته الداخلية والخارجية.
وهكذا وقعتْ جمعية كيمسا يوك مو ضحية ألاعيب السياسة؛ لتخسر بذلك الساحة الدعوية واحدةً من أقوى الأدوات الفعالة التي كانت تحقق مقصدًا مهما من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو فعل الخير وتقديم يد العون لكل محتاج، وتسهم بشكل عمليّ في تحقيق معنى عالمية الرسالة الإسلامية التي لا تفرق في عمل الخير بين مسلم وغيره،
ولكنّ أبناء الخدمة الذين أُشربوا حب الخير للغير، والذين لا يعرفون للحياة لذّةً دون الإنفاق والعطاء لم تفتّ تلك الاضطهادات في عضدهم، ولم تجعل اليأس يتسلل إلى قلوبهم؛ بل ساروا على الدرب دون عجز أو توقف، وظلوا يمارسون العمل الخيري والإغاثي بكل أبعاده الإنسانية وصوره التنموية السابقة من خلال المؤسسات الخيرية التي أسسوها خارج تركيا مثل: وكالة النيل للتنمية البشرية، التي أسسها متطوعو حركة الخدمة في أوغندا، والتي تحظى بتغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام الأوغندية لكل ما تقدمه من خدمات الصحة والتعليم، ومشاريع آبار المياه، وتوزيع لحوم الأضاحي، والمواد الغذائية إلخ.
وكذا مؤسسة “تونا” (Tuna) الخيرية التابعة لحركة الخدمة والتي تأسست في عام 1995، وتقدم يد العون لآلاف المحتاجين في جميع أنحاء رومانيا بمشاريع مختلفة؛ بل وخارج رومانيا أيضا كما حدث في رمضان 2021 من إرسال وجبات إفطار رمضانية إلى المحتاجين في اليونان.
وكذا مؤسسة الإغاثة (حان وقت المساعدة “TIME TO HELP – YARDIM ZAMAN”) التابعة لحركة الخدمة في العديد من الدول الأوروبية وغيرها، والتي تمتد أنشطتها إلى خارج دول المَقرّ كما حدث في مارس 2021 من تقديم المنظمة المساعدات الغذائية إلى 200 عائلة فقيرة تقيم في ريف صنعاء وذلك بالتعاون مع شريكها داخل اليمن منظمة يمن عون.
ولو ذهبنا نتتبع كل ما تقوم به الخدمة وتبتكره في هذا المجال لأخذنا العجب والاندهاش من شلالات الخير المتدفقة في كل مكان، ولأدركنا الفرق بين الخدمة وبين من يضطهدها؛ كما ورد في الحديث الشريف: (إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه) (رواه ابن ماجة والبيهقي).
ومن خلال ما سبق يتبين أن حركة الخدمة لم تكتف في مكافحتها للفقر بالتنظير، ولكنها اتخذت في هذا الشأن خطوات عملية من برامج ومشاريع خدمية وتنموية على المستويين المحلي والعالمي، ولم تدع بابًا لمكافحة الفقر إلا وطرقته لتوفر بذلك مناخًا صالحًا للنهوض الحضاريّ قوامه العمل لا الشعارات.
الهوامش
حصل الباحث على هذه المعلومات من المدير العام لجمعية كيمسا يوك مو السيد متين تشتين آر أثناء لقاء في مقر الجمعية في إسطنبول، وذلك ضمن فعاليات ملتقى حراء للأكاديميين والباحثين في فكر الأستاذ فتح الله كولن ونموذج الخدمة، في الفترة من 23-30 ديسمبر 2013م بإسطنبول. وينظر أيضًا كتاب: حركة كولن “تحليل سوسيولوجي لحركة مدنية جذورها الإسلام المعتدل”، د/ هيلين روز ايبو ص193 و225.
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: “كيمسا يوك مو.” بوابة الخير المفتوحة من تركيا على العالم، والمنشور بتاريخ 17/4/2015م. وهامش ص133 من كتاب: حوارات مع الأستاذ فتح الله كولن كلمات شاهدة حول الدين والمجتمع والدولة بأفق إنساني.
* بورما سابقًا وهي دولة تقع في جنوب شرقي آسيا على امتداد خليج البنغال، وقد نالت استقلالها من بريطانيا عام 1948، ثم أعلنت الحكومة عام 1989 تغيير الاسم الرسمي للبلاد من اتحاد بورما إلى اتحاد ميانمار، عاصمتها: رانجون. وأغلب سكانها من البوذيين وبها أقلية مسلمة مضطهدة. (ينظر: الموسوعة العربية العالمية 5/253-260).
** ولا يتعارض ذلك مع منهج الإسلام فالحق سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان: 8)؛ قال الحسن البصري في تفسير هذه الآية: “ما كان أسراهم إلا مشركين، لأن كل كبد رطبة ففيها أجر” (تفسير المحرر الوجيز لابن عطية 5/410)
من لقاء في مقر الجمعية في إسطنبول، وذلك ضمن فعاليات ملتقى حراء للأكاديميين والباحثين في فكر الأستاذ فتح الله كولن ونموذج الخدمة، في الفترة من 23-30 ديسمبر 2013م بإسطنبول.
برامج ومشروعات مكافحة الفقر في الداخل والخارج نماذج مختارة، أيمن عبد الله شحاته وعبد الله محمد عرفان؛ ورقة عمل مقدمة لمؤتمر دولي مطبوع بعنوان: مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي خبرات مقارنة مع حركة فتح الله كولن التركية ص487، وينظر أيضًا كتاب: حركة كولن ” تحليل سوسيولوجي لحركة مدنية جذورها الإسلام المعتدل”، د/ هيلين روز ايبو ص226
رواه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب اللعان 3/413 حديث رقم 5304
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: جمعية” كيمسا يوك مو” الخيرية التركية تفتتح دار أيتام بالسودان http://www.zamanarabic.com
المصدر السابق؛ من خبر بعنوان: جمعية كيمسا يوك مو تحتضن 222 يتمًا بالسنغال
الموقع الإلكتروني لوكالة “جيهان” التركية للأنباء، من خبر بعنوان: هل من مغيث” التركية تفتتح دارا للأيتام في بروندي. والمنشور بتاريخ 7/5/2015م
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: إقبال على المدارس الأفريقية للبنات بعد فتح آبار” كيمسا يوك مو.” والمنشور بتاريخ 17/4/2015م
رواه الإمام ابن خزيمة في صحيحه 1/637 حديث رقم 1292(الناشر: المكتب الإسلامي-بيروت 2003م)
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: إقبال على المدارس الأفريقية للبنات بعد فتح آبار” كيمسا يوك مو.” والمنشور بتاريخ 17/4/2015م
حصلت على هذا الجدول من الموقع الإلكتروني لجمعية “كيمسا يوك مو” www.kimseyokmu.org
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: رئيس أوغندا يفتتح مشفى لجميعة كيمسا يوك مو التركية، والمنشور بتاريخ 12/2/2015م
هذا الجدول مأخوذ عن تقرير منشور على الموقع الإلكتروني لجمعية كيمسا يوك مو.
حركة كولن تحليل سوسيولوجي لحركة مدنية جذورها الإسلام المعتدل، هيلين روز ص204-209.
الموقع الإلكتروني لوكالة “جيهان” التركية للأنباء، من خبر بعنوان: كيمسا يوك مو توقع اتفاقية تاريخية مع الاتحاد الأفريقي. والمنشور بتاريخ 28/5/2015م.
المصدر السابق؛ من خبر بعنوان: “هل من مغيث” ترسل 210 طالبًا صوماليًا للتعليم في تركيا، والمنشور بتاريخ 29/8/2014م
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: كيمسا يوك مو.” بوابة الخير المفتوحة من تركيا على العالم. والمنشور بتاريخ 17/4/2015م
ينظر: الموقع الإلكتروني “حصاد-نت” http://www.7sad.net من خبر بعنوان: منحة دراسية إلى تركيا بالتعاون بين موقع حصاد نت وجمعية هل من مغيث التركية (Kimse yok mu) منشور بتاريخ 12/6/2015م
حصل الباحث على هذه المعلومات من المدير العام لجمعية كيمسا يوك مو السيد متين تشتين آر أثناء لقاء في مقر الجمعية في إسطنبول، وذلك ضمن فعاليات ملتقى حراء للأكاديميين والباحثين في فكر الأستاذ فتح الله كولن ونموذج الخدمة، في الفترة من 23-30 ديسمبر 2013م بإسطنبول.
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: “كيمسا يوك مو” مسيرة عطاء لدعم صمود الفلسطينيين في غزة 18/4/2015م
المصدر السابق؛ من خبر بعنوان: كيمسا يوك مو لم تنس أطفال فلسطين. والمنشور بتاريخ 20/6/2015م
مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي خبرات مقارنة مع حركة فتح الله كولن التركية ص488
الموقع الإلكتروني لوكالة “جيهان” التركية للأنباء، من خبر بعنوان: تركيا تبني بلدة متكاملة في باكستان لإيواء المتضررين من سيول عام 2010. والمنشور بتاريخ 17/9/2013م.
ينظر: الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: جيش الفلبين يمنح جائزة الشرف لجمعية” كيمسا يوك مو” التركية. والمنشور بتاريخ 5/6/2015م
الموقع الإلكتروني لصحيفة الخبر الجزائرية، من خبر بعنوان: “كيمسا يوك مو” التركية توصل مساعدات للاجئين في الصحراء الغربية، والمنشور بتاريخ 28/1/2016م.
الموقع الإلكتروني لوكالة “جيهان” التركية للأنباء، من خبر بعنوان: عروسان تركيّان يوزعان 4 آلاف وجبة على السوريين عبر “كيمسا يوك مو”. والمنشور بتاريخ 6/8/2015م.
المصدر السابق، من خبر بعنوان: فلسطين تتصدر الدول المستفيدة من أنشطة” كيمسا يوك مو” التركية، والمنشور بتاريخ 5/5/2015.
*)) أسطول الحرية كان عبارة عن ست سُفُن، مموّلة من تركيا والجزائر والكويت ومنظمة غزة الحرة العالمية، كانت تحمل على متنها مواد إغاثة ومساعدات إنسانية لقطاع غزة المحاصر، بالإضافة إلى نحو 750 ناشطا حقوقيًا وسياسيًا وبرلمانيًا وصحفيًا ساعين لكسر ذلك الحصار. وغادر الأسطول الشواطئ التركية في 29 مايو 2010 باتجاه غزة، إلا أن قوات البحرية الإسرائيلية شنت هجومًا يوم 31 مايو على سفينة “ماوي مَرْمَرة” -كُبرى سفن الأسطول- التي كان على متنها أكثر من خمسمائة شخص؛ ما أسفر عن استشهاد ثمانية أتراك، وأمريكي من أصل تركي، وإصابة العشرات. ولمزيد من التفاصيل ينظر موقع ويكيبديا http://ar.wikipedia.org/wiki
من لقاء مع المدير العام لجمعية كيمسا يوك مو السيد متين تشتين ضمن فعاليات ملتقى حراء للأكاديميين والباحثين في فكر الأستاذ فتح الله كولن ونموذج الخدمة، في الفترة من 23-30 ديسمبر 2013 بإسطنبول
الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: كلينتون يثني على جمعية كيمسا يوك مو وأردوغان يسعى لإغلاقها. والمنشور بتاريخ 11/5/2015.
ينظر: الموقع الإلكتروني لهذا المشروع على الرابط التالي: http://sankiyedim.eu/
ينظر: الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي” التركية؛ من خبر بعنوان: حركة الخدمة توفر مياه الشرب لأكثر من 100 ألف نسمة في أوغندا بتاريخ 8/4/2021م.
المصدر السابق من خبر بعنوان: جسر الخير يمتد في رمضان من رومانيا إلى اليونان.
المصدر السابق من خبر بعنوان: حركة الخدمة ترسل مساعدات غذائية إلى اليمن.