هل غادر الغديرُ نبضَ صخرهِ؟
أم هل جفاه غاضبا سناءُ برقهِ؟
فأيْنَها.. تلك التي كانت هنا
ما بَين مائه وعطره؟
تشرب من أشعّة الندى…
وتلثم الثَّمر..!
أليس ههنا رأيتُها تسكن في معابر الشَّجر؟
وذات غفوةٍ.. تبددتْ أطيافُها خلف الرّبى..
كأنما امتطت شعاعَ الشمس ثم غربت
فأصبحت أفئدة الأشجار فارغة!
وأرسل الغديرُ بينها أغرودةَ الحَزَنْ!
قيل لي: مرّت بها الخُيول عند بابة السُّرى
وركضت يسكنها الصهيلْ!
وقيل لي: قد رُئِيَتْ عند المساء عاريةْ
تدخل بحر “مَرمَرَة”،
وتركتْ على الرمال حافراً مُرَقَّماً
وأثرا يشبه غصن شَجَرة..
يا سيدي البوسفور!
بِرَبِّكَ الذي بَرَاكَ بَين خافقَين!
تَنْقُلُ من رسائل المحبة السلامْ
أقسمتُ أن تضمّني إليكْ!
مرجانةً من نورْ
أو صَدْفَةً تُخرِج من لُؤلُئها
هديةً لها؛ لعلها تعرفني
فتشرق “إستطنبول” من جديد!
وقيل لي: قد خرجت من متحف قديمْ
واخترقت -يا عجبا- كلَّ العيون
وأنشدت على “أبي أيّوب” حزنَها
حتى بكى الحمامُ حولَها
واصَّدَّع السورُ القديم!
فلم يُعِرْهَا أحدٌ بعضَ الأسى..! ثم اختفتْ!
وقيل لي: قد رحلتْ.
وزعموا أن فتىً شاهدها تركض في “إِزمِيرْ”
ثم اختفت بين الكرومْ!
وَيْحي، أنا المعذب المجنونْ!
أكُلَّمَا التقطتُ من أخبارها خيطَ السّنَا
خطفه الظلامْ..؟
“وَلِي كَبِدٌ مَقْرُوحَةٌ من يبيعني
بها كَبِداً لَيْسَتْ بِذَاتِ قُروحِ؟”
“أبَاهَا عَلَيَّ النَّاسُ لا يشترونها
ومَنْ يشتري ذا عِلَّةٍ بِصَحِيحِ؟”
يا سيدي البوسفورْ!
تلك الرياح مزّقتني بين شاطئَيك موجةً