لقد جعلوا من مهنة الصحافة مهنة الوقحين صفيقي الوجه، حيث يواصل الذين يتصارعون على الكذب يوميًا، من الصباح إلى المساء، حملة افتراءاتهم دون توقف حتى في شهر رمضان المبارك.
ولا يوجد موقف مأساوي أكثر من موقف من يظن نفسه نجمًا ولا يرى بأي شكل من الأشكال بزوغ فجر جديد، فالكذب ليس صفة المسلم، وليكن التحول إلى جهاز كشف الكذب شرفًا ومهنة لهؤلاء.
ولأذكر واحدة من أبواق الكذب، فعلى سبيل المثال هناك جريدة اسمها “أَكْشَامْ” المؤيدة للحزب الحاكم، تقوم كل يوم بنشر أخبار كاذبة، لا تعتذر عن نشرها للرأي العام حتى بعد ظهور كذبها.
وها هو أصدق مثال على ذلك، فقد روجت الصحيفة المذكورة، افتراءات وأكاذيب مخيفة عن جريدة “زمان” التركيّة في العاشر من أبريل/ نيسان من عام 2014م، ونحن، بدورنا، كجريدة “زمان” قمنا بالرد عليهم قائلين: “إذا كان لديكم شرف وكرامة فإمّا أن تثبتوا صحة ما تدّعون أو تتقدموا بالاعتذار”، ومنذ ذلك اليوم لم ينبس محمد أوجاك، رئيس تحريرها العام ببنت شفة، فأين الشرف والكرامة التي كنتم تدّعون؟
وقد نفى “بُولَنْت أَرِينْتش (Bülent Arınç)” نائب رئيس الوزراء، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، ما نشرته جريدة “أَكْشَامْ” في يوم
21 أبريل/ نيسان 2014م، ومع ذلك لم تقم الجريدة بتصحيح ما نشرته أو توضحه أو حتى تنفيه، ولن نقول تعتذر عنه.
وقامت الجريدة نفسها، والتي تبدو مولعة بجنون بأخبار ما يسمى بـ”الدولة الموازية”، بنشر افتراء عن القوات المسلحة التركيّة، قالت فيه إن هناك عددا من رجال الدولة الموازية موجود في صفوف القوات المسلحة، وجاء رد رئيس الجمهوريّة “عبد الله كُولْ” بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة كالصفعة، لقد اتهموا بانعدام المسؤوليّة، كما نشرت القوات المسلحة بيانًا نفت فيه الخبر، فما كل هذا الكم من الافتراءات وما كل هذا القدر من البيانات التي تنفي أخبار هذه الجريدة!
هل يشعرون بالحرج؟! لا أظن، ليس شغلهم الشاغل البحث عن الحقيقة، إنما التكتيك وتحقيق دورة العبوديّة في هندسة السياسة، ويجب النظر لمن يشعل هذه الأكاذيب في أيديهم لأن اجتماع مجلس الشورى العسكري قد اقترب، وعندئذ سيظهر الرباط المُحكم بين الأكاذيب وقطعة القماش البالية.
“فلا يمكن لأية مؤسسة حكومية في أية دولة ديمقراطية أن تصنف الأشخاص وفق معتقدهم وأسلوب حياتهم وترجيحاتهم، ولا يمكنها التمييز بينهم وبين سائر المواطنين الآخرين، وإذا كان هناك موظف بالدولة (بغض النظر عن منصبه) يعتبر أن الفاشية أتت إلى هذا البلد وعطلت الديمقراطية وتحولت الاستبدادية إلى أسلوب لإدارة الدولة؛ فيجب عليه أن يعرف أنه سيحاسب على هذا الظلم أمام التاريخ والعدالة على حد سواء“.