أصدر مركز نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية (www.nesemat.com)، وموقع زمان عربي الإخباري (www.zamanarabic.com) منتصف 2018 تقريرين الأول بعنوان “انهيار دولة القانون في تركيا” والذي يوثق كافة الانتهاكات التي ارتكبت بتحريض من الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بحق شعبه من اعتقال وسجن وفصل تعسفي منذ الإعلان عن الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو 2016، والتقرير الثاني بعنوان “تركيا أكبر سجن للصحفيين” والذي يرصد حالات الاعتقالات والانتهاكات ضد الصحفيين بتركيا خلال العاميين الماضيين حيث اعتُقل أكثر من 300 صحفي دون أيّة تهمة أو محاكمة، مما رشح تركيا للمركز الأول في اعتقال الصحفيين على مستوى العالم، والتقريران يعدان وثيقة هامة تؤرخ لمرحلة معاصرة من التاريخ التركي بالأرقام والوثائق الصادرة عن الحكومة التركية ذاتها وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات. مما يؤكد أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2018 أجريت في ظل مناخ غير ديمقراطي وسياسات قمعية ممنهجة اتخذها الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، فضلا عن الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على كافة القطاعات بالبلاد، مما ينذر بأزمة بنيوية تؤدي لتداعي مؤسسات الدولة التركية وتضاعف الاحتقان المجتمعي يسفر عن انهيار الدولة داخليًّا.
أصبح تغول السلطة التنفيذية بتركيا على صلاحيات السلطة القضائية أمرًا واضحًا وموثّقًا بالأدلة القانونية والمادية، وهذا ما أكدت عليه الأمم المتحدة في تقريرها الصادر عن حقوق الإنسان بتركيا مارس 2018.
أولا: مؤشرات انهيار “القانون” بتركيا:
رصد تقرير “انهيار دولة القانون بتركيا” حالات التراجع والانتهاك لكافة القوانين التركية، والتأثير المباشر من قبل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية بكافة درجات التقاضي، وعلي كافة المستويات من الدرجات الأولى للتقاضي وحتى الأحكام النهائية التي تصل حد الحكم بالسجن المؤبد والإعدام لأسباب غير كافية، وقد جاء التقرير في (60 صفحة) وانقسم لأربعة أجزاء ركز الأول على أساليب ووسائل الضغط على الهيئة الدفاعية، ثم الضغط على الهيئة القضائية من خلال حالات الفصل التعسفي لأعضاء القضاء ثم ركز الجزء الثالث على أدوات الضغط واختتم التقرير بالجزء الرابع حول ديوان المظالم ولجنة تظلمات الطوارىء التي انبثقت عنه. ومن خلال القراءة التحليلية للتقرير وأجزائه يتضح أن
– القضاء التركي بكل درجاته وصولا إلى المحكمة الدستورية العليا الملزمة بالنظر في قضايا مَن انتُهِكت حقوقهم الأساسية “مُسيَّس”، بل إن المحاكم صارت شريكة في تغييب قيم العدالة وتضييع الحقوق، وذلك عبر عدة إجراءات إدارية متعمدة تسهم في ذلك، منها: إطالة مدة التقاضي، وتعليق القضايا إلى أجَلٍ غير مسمى، أو ربطها بملء استمارات قضائية وإجراءات إدارية متعددة تستغرق آجالا طويلة.
تم فصل أكثر من 4000 قاض ووكيل نيابة فصلا تعسفيًّا من وظائفهم، كما جمَّدت الدولة حساباتهم البنكية قبل أن توجِّه إليهم أي اتهامات، وأذاعت الدولة أسماءهم في وسائل الإعلام مما أدى للتشهير بهم.
– الأزمة الحقيقية تكمن في فقدان القضاء التركي المحلي لاستقلاله ونزاهته وتحويل السلطة القضائية إلى جزء تابع للسلطة التنفيذية، فأصبح غير فاعل منذ عام 2013، وعندما تم الكشف والتحقيق في قضايا فساد مالي ضخم، ظهر لاحقا أن “أردوغان” والدائرة الضيقة التي تعمل معه متورطة -وبشدة-في قضايا الفساد تلك، ومن ثم نظّم أردوغان -مستخدمًا صلاحياته-حملة واسعة أقال فيها كل القضاة وأعضاء النيابة العامة. وقد أصبح القضاء التركي مقيدًا بأجندة الحكومة السياسية، التي تتحكم وتتدخل في إجراءات الطعون المقدمة للسلطة القضائية العليا، وليس هذا فحسب، بل تواجه عمليةُ الدفاع نفسها مشاكل خطيرة يتمثل بعضها في عدم قدرة المحامين على التواصل مع موكليهم.
صنف الاتحاد الدولي للصحفيين(IFJ) تركيا بأنها أكبر سجن للصحفيين في العالم للعام الثاني على التوالي، إذ يمثل الصحفيون المعتقلون في تركيا، نصف عدد الصحفيين المعتقلين على مستوى العالم.
– هيئة الدفاع هي الضلع الثاني في السلطة القضائية، ويتم الضغط عليها من قبل الحكومة التركية من خلال اعتقال منسوبيها وفصلهم وتهديدهم، حيث فقد محامو الدفاع قدرتهم على أداء مهمتهم في الدفاع عن موكّليهم. ومنذ يوليو 2016 احتجزت الحكومة التركية أكثر من 1000 محام من أصل 26000 محام هم العاملون بتركيا، كما تم اعتقال 114 آخرين، ووجهت إليهم مجموعة من الاتهامات من أمثال ارتباطهم بحركات اجتماعية معينة، أو الزعم بأنهم متواطئون في الجرائم الموجهة ضد المتهمين الذين يمثّلونهم، وأحيانًا أخرى يكون الاتهام الموجه إليهم أنهم دافعوا بحرارة عن موكليهم. وتم إثبات تلك الوقائع في عدة تقارير دولية منها تقرير “اللجنة البرلمانية لمجلس أوروبا” (PACE). فكيف يمكن الدفاع عن المتهمين في ظل اضطهادٍ وإرهابٍ منظّم تمارسة السلطة التنفيذية ضدهم. ونتيجة لذلك فقد لجأ عدد كبير من المحامين الأتراك لرفض الدفاع عن المتهمين بالتورط في الانقلاب العسكري الفاشل 2016 رغم عدم وجود أدلة قانونية ضدهم، وليس أدل على ذلك من تصريحات “محمد صاري” رئيس جمعية الوحدة القضائية بتركيا (YBD)-وهي مجموعة موالية للحكومة-التي قال فيها “إن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين قبضت عليهم الدولة عقب أحداث الانقلاب الفاشل، ليس لديهم أي حق في الدفاع عن أنفسهم”. وهو تصريح يخالف كافة القوانين المحلية والدولية التي تلزم حكومة أي دولة بتوفير هيئة دفاع عن المتهمين في أى قضية.
– تعرض المئات من المعتقلين للتعذيب في السجون التركية منذ الانقلاب العسكري الفاشل، وفي الأحوال العادية لا يعول على أي أقوال تنتزع تحت التعذيب، كما تم توثيق حالات الاعتداء الجسدي التي يتعرض لها المعتقلون والمحامون، كما تم منع عددٍ من المعتقلين من رؤية محاميهم لمدة ستة أشهر، وهذه العمليات هي جزء من حملات التخويف والإرهاب التي تقوم بها الحكومة ضد المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
– أعضاء السلطة القضائية لم يسلموا من عمليات الاضطهاد الممنهج التي يمارسها “أردوغان” لتسييس عمليات التقاضي بأكملها مما أفقد القضاء التركي استقلاله ونزاهته، حيث تم فصل أكثر من 4000 قاض ووكيل نيابة فصلا تعسفيًّا من وظائفهم، كما جمَّدت الدولة حساباتهم البنكية قبل أن توجِّه إليهم أي اتهامات، وأذاعت الدولة أسماءهم في وسائل الإعلام مما أدى للتشهير بهم، كما فصلت الحكومة أزواجهم أو زوجاتهم من العاملين والعاملات في القطاع الحكومي.
استمرار سيطرة السلطة التنفيذية على مفاصل الدولة بتركيا وتدخلها السافر في عمل السلطة القضائية، سيؤدي إلى عرقلة مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
– هناك العديد من الأدلة التي تؤكد تحكم “أردوغان” في السلطة القضائية وإخضاعها له ليحكم بما يشاء، ففي 20 مارس 2015 التي أكد فيها أن حكومته “تراقب بدقة كل القضاة الذين ينظرون في القضايا المتعلقة بمنظمة الكيان الموازي ويقصد به حركة “الخدمة”، وهذا التصريح هو اعتراف يدين به نفسه كرئيس دولة ويدين به السلطة القضائية بتركيا ويؤكد أنها ليست محايدة بل تخضع لسيطرة السلطة التنفيذية.
-كما استحدث “أردوغان” نوعًا خاصًا من المحاكم باسم “محكمة الصلح الجزائية” أسست في 18 يونيو 2014، وبدأت عملها بعد عشرة أيام من ذلك التاريخ مباشرة. وبالفعل أصبحت تلك المحكمة أداة لإدانة كل خصوم “أردوغان”، أو من تسول له نفسه بانتقاده حتى علي مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني. وتخضع قرارات هذه المحكمة لهيمنة السلطة التنفيذية مباشرة، وفي حال صدور قرار لا يتوافق مع السلطة التنفيذية يتم إقصاء القاضي الذي أصدر القرار مباشرة عبر نقله منها. وقد قدم رئيس لجنة الرصد التابعة للمجلس البرلماني للاتحاد الأوروبي (PACE) “سيزار فيلورين” طلب إحاطة حول هذه المحكمة، وقد أجابت مفوضية فينسيا في 13 مارس 2017 بأن ممارسات هذه الهيئة القضائية تثير القلق بشدة. كما امتد تأثير “أردوغان” وتدخله في سير الإجراءات القضائية حتى (مجلس الدولة ومحكمة النقض، مجلس القضاء الأعلى، ديوان المظالم ولجنة تظلمات حالة الطوارئ).
دعا تقرير “انهيار دولة القانون في تركيا” المؤسسات الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن تقوم بدورها في إنقاذ المواطنين الأتراك وتوفير محاكمات قضائية عادلة وعاجلة لهم.
ومما سبق نجد أن تغول السلطة التنفيذية بتركيا على صلاحيات السلطة القضائية أصبح أمرًا واضحًا وموثّقًا بالأدلة القانونية والمادية وهذا ما أكدت عليه الأمم المتحدة في تقريرها الصادر عن حقوق الإنسان بتركيا مارس 2018 بعنوان “التأثير السلبي لحالة الطوارئ في تركيا على حقوق الإنسان في الفترة من يناير إلى ديسمبر 2017″، ولذا دعا تقرير “انهيار دولة القانون في تركيا” المؤسسات الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن تقوم بدورها في إنقاذ المواطنين الأتراك وتوفير محاكمات قضائية عادلة وعاجلة لهم.
ثانيا: تركيا أكبر سجن للصحفيين بالعالم:
وثق تقرير “تركيا أكبر سجن للصحفيين” بالأرقام والوثائق الصادرة من الحكومة التركية ومن بعض المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والأتحاد الأوروبي، حالات السجن والاعتقال التي قامت وتقوم بها تركيا ضد الصحفيين والإعلاميين، حيث صنف الاتحاد الدولي للصحفيين(IFJ) تركيا بأنها أكبر سجن للصحفيين في العالم للعام الثاني على التوالي 2016و2017، إذ يمثل الصحفيون المعتقلون في تركيا، نصف عدد الصحفيين المعتقلين على مستوى العالم. كما جاءت طبقًا لمؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود(RSF) في أبريل 2018 بالترتيب 157 من بين 180 دولة، ففيما يخص وسائل الإعلام فقد صادرت الحكومة التركية مجموعتي “إيباك” و”فضاء” الإعلاميتين اللتين كانتا تضمّان عشرات القنوات التلفزيونية والصحف اليومية والمجلات الأسبوعية منذ الأول من مارس 2016؛ ومنذ الانقلاب العسكري الفاشل أغلقت الحكومة التركية 189 وسيلة إعلامية على الأقل، منها 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارًا للنشر تابعة لحركة الخدمة، وذلك بموجب مرسوم تنفيذي أصدرته في إطار حالة الطوارئ المفروضة على البلاد. مما دفع الصحفيين والإعلاميين لوصف ما يحدث لهم بأنه “موت للصحافة والإعلام” بتركيا.
أغلقت الحكومة التركية 189 وسيلة إعلامية على الأقل، منها 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارًا للنشر تابعة لحركة الخدمة.
كما سجن منذ منتصف 2016 (319) صحفيًّا، وصدرت مذكرات اعتقال بحق 142 صحفيًّا، وخلال عام 2017 المنصرم حُوكِم قضائيًّا 839 صحفيًّا على خلفية تقارير صحفية أصدروها أو شاركوا في إعدادها، وهذه البيانات مرشحة للزيادة بسبب الحملات الأمنية المستمرة للقبض على الصحفيين. كما أن هناك 124 صحفيًّا معتقلاً ممن كانوا يعملون في المؤسسات الإعلامية لحركة “الخدمة” بتهم “الانضمام لمنظمة إرهابية” و”الترويج للإرهاب” و”محاولة الإطاحة بالحكومة التركية”. فضلًا عن وجود 44 صحفيًا متهمين بانتمائهم لحزب العمال الكردستاني أو لاتحاد كردستان، و11 صحفيًّا يساريًّا من جريدة “جمهوريت” العلمانية التي صادرتها الحكومة التركية. وهناك عدد كبير من الصحفيين الأتراك المشهوريين عالميًا تم اعتقالهم، كما حكم بالسجن المؤبد على الصحفي “هدايت كاراجا” رئيس مجموعة “سمانيولو” الإعلامية (صادرتها الحكومة التركية)، وكذلك الصحفي “مصطفى أونال” و”شاهين ألباي” والكاتب الكبير “علي بولاج”، والصحفي ومقدم البرامج بقناة “TRT”” العربية “حسني محلي”.
-كما أن ارتفاع أعداد السجناء لأرقام قياسية أكبر من قدرة السجون الاستيعابية مَثَّل عاملًا للضغط على تلك السجون، وأدى ذلك لسوء أوضاع الحياة داخل السجون، كما فُرضت قيود أيضًا فيما يتعلق باجتماع الصحفيين بمحامي الدفاع الخاص بهم، فطبقًا لقانون الإجراءات الجنائية، هذه اللقاءات تكون غير محدودة، إلا أنه في ظل حالة الطوارئ تم تقليصها لتصبح ساعة واحدة فقط خلال الأسبوع. كما أن العلاقة السرية بين محامي الدفاع وموكله التي يكفلها له القانون، تم إلغاؤها باشتراط حضور شُرطي هذا اللقاء، ويتم تسجيله بالصوت والصورة.
وثائق الأمم المتحدة الواردة بالتقريرين لم تذكر لا تصريحًا ولا تلميحًا وجود أي صلة للمفكر الإسلامي (فتح الله كولن) بالانقلاب العسكري الفاشل بتركيا الذي وقع في 15 يوليو 2016 بتركيا
ومن المفارقة أن تصر الحكومة التركية على إنكار اعتقالها لأي صحفي رغم كافة التقارير الحكومية والدولية التي تؤكد ذلك، حيث تدعي الحكومة التركية أنها “أكثر الدول تقدمًا في مجال الحريات”، وأنها لم تعتقل أي صحفي بسبب يتعلق بالصحافة والإعلام. وهذا بالطبع لأنه يتم توجيه تهم من قبيل الانضمام لمنظمات إرهابية والتحريض على قلب نظام الحكم للصحفيين. كما تقوم الحكومة بنزع صفة “الصحفي” عن الصحفيين المعتقلين عبر إلغاء تراخيص عملهم في الإعلام، ثم تأمر بالقبض عليهم باعتبار أنهم غير صحفيين. ووفق ذلك فقد تم إلغاء البطاقات الإعلامية لأكثر من 870 صحفيًّا قبل القبض عليهم.
وقد أسفرت كافة تلك الممارسات عن سيطرة مناخ من الخوف والقلق والريبة على الوسط الإعلامي والصحفي داخل تركيا حتى الصحفيين الأتراك خارجها ينتابهم نفس الشعور، ونتيجة لذلك يضطر عدد كبير من الصحفيين في الداخل التركي أو خارجه، إلى كتابة مقالاتهم أو تقاريرهم بأسماء مستعارة خوفًا على أنفسهم أو أقاربهم.
ارتفاع أعداد السجناء لأرقام قياسية أكبر من قدرة السجون الاستيعابية مَثَّل عاملًا للضغط على تلك السجون، وأدى ذلك لسوء أوضاع الحياة داخل السجون.
ثالثا: دلالات وتداعيات متعددة:
– اعتمد التقريران في مصادرهما على وثائق حكومية تركية رصدت أعداد من تم اعتقالهم وفصلهم ومحاكمتهم بعد محاولة الانقلاب الفاشل منتصف 2016، وكذلك اعتمدا على وثائق صادرة من الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين، مما يضيف المصداقية والشفافية على التقريرين كما أن القائمين على التقريرين قد بذلا جهدًا كبيرًا في جمع هذه الوثائق وتبويبها وتوثيقها.
– أكد التقريران بالوثائق الرسمية انهيار القانون وتراجع الحريات العامة والديمقراطية بتركيا، مما سيكون له أثر مستقبلي سلبي على الاقتصاد التركي في المدى القريب والمتوسط، وهو ما بدأت آثاره تظهر بوضوح من خلال تراجع قيمة العملة التركية (الليرة) مقابل الدولار لتسجل ما يقارب (6 ليرة = دولار) للمرة الأولى في تاريخها، كما أن ذلك المناخ أصبح طاردًا للاستثمارات الأجنبية التي اثبتت التقارير تراجعها بتركيا خلال عام 2018، مما ينذر باستمرار الأزمة الاقتصاية الحالية.
أصبحت محكمة “الصلح الجزائية” أداة لإدانة كل خصوم “أردوغان”، أو من تسول له نفسه بانتقاده حتى علي مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني.
– استمرار سيطرة السلطة التنفيذية على مفاصل الدولة بتركيا وتدخلها السافر في عمل السلطة القضائية، سيؤدي إلى عرقلة مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. حيث اشترطت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ضرورة استيفاء جميع درجات التقاضي أمام المحاكم المحلية، وهو ما يقصد منه منح الدولة العضو الفرصة لتعديل وتصحيح الانتهاكات التي حدثت داخل منظومتها القضائية، حسبما أكدت على ذلك المحكمة في مناسبات متعددة، بيد أن تركيا –في ظل نظامها الحالي-لا تنتوي تصحيح تلك الانتهاكات التي وقعت، بل على العكس يلاحظ تزايد مضطرد في عدد ونوعية انتهاك الحريات العامة واستحداث أساليب جديدة لاضطهاد المعارضين والخصوم.
– إن ضحايا انتهاك حقوق الإنسان في تركيا لم يحصلوا على محاكمات عادلة في القضايا المتعلقة بهم، ومع إعلان “أردوغان” على الملأ عزمه ملاحقةَ واضطهاد كل من ينتمي إلى حركة “كولن”، نجد أن القضايا الملفقة ضد الأفراد والمؤسسات لاسيما الإعلامية والتعليمية ذات الصلة بحركة “الخدمة” صيغت بلا أدنى دليل قانوني ملموس تؤخذ به بل إنها لفقت وصيغت لأغراض سياسية فقط بغية تصفية حركة “كولن” وكل مؤسساتها والعاملين بها.
– وثائق الأمم المتحدة الواردة بالتقريرين لم تذكر لا تصريحًا ولا تلميحًا وجود أي صلة للمفكر الإسلامي (فتح الله كولن) بالانقلاب العسكري الفاشل بتركيا الذي وقع في 15 يوليو 2016 بتركيا، بل إن كافة الوثائق الدولية الرسمية وغير الرسمية الصادرة حول الشأن التركي منذ الانقلاب الفاشل تنفي بشكل تام أى صلة للأستاذ “كولن” بالانقلاب، مما يؤكد أن كافة الاتهامات الموجه له “اتهامات ملفقة” لإنهاء مسيرة الأستاذ وإجراء عملية اغتيال معنوي له وإيجاد ذريعة لقمع المعارضة التركية وتغيير النظام الرئاسي بتركيا، لأن الممارسات الخاطئة والانتهاكات لحريات الأفراد والجماعات التي ارتكبها “أردوغان” منذ يوليو 2016 تجاوزت في أعدادها ومضمونها أي ممارسات ارتكبت بعد أي انقلاب عسكري شهدته تركيا من قبل.