في 27 فبراير 1933 اندلع حريق في مبنى البرلمان الألماني “الرايخستاج”. قيل إن الحادثة عملية تخريبية، وادعى البعض أن الحريق مفتعل لتأسيس ألمانيا النازية، وبعد التحقيقات تم اعتقال الشيوعيين المشتبه بهم واعتقال مريض نفسي يدعى مارينوس فان در لوبي وإعلانه المتهم بالحريق.

استغل هتلر، وبول فون هيندينبيرغ رئيس الجمهورية حينها حادث الحريق وحوّله إلى فرصة لتوطيد قوتهم وانفرادهم في الحكم. وفي اليوم التالي من الحريق طلب هتلر من هيندينبيرغ إصدار مرسوم يعطل فيه البنود الدستورية المتعلقة بحقوق الإنسان وحريته.

وخلال فترة قصيرة حظرت المنشورات والنشاطات الانتخابية لجميع الأحزاب، ما عدا حزبا العمال القومي الاشتراكي الألماني، وحزب الشعب الوطني الألماني. واستنادًا على مرسوم حماية الشعب الألماني فُرضت القيود على الصحافة، ومنح جهاز الشرطة الصلاحيات في منع الاجتماعات والمسيرات السياسية، وتم القبض على 181 عضوا برلمانيا من الحزب الشيوعي الألماني.

إن دكتاتورية هتلر القائمة على التخويف من أن “الشيوعيون يستولون على الدولة”، جرّت ألمانيا إلى الحرب العالمية الثانية، وجرفت العالم إلى كارثة أودت بحياة ملايين البشر. وظل المرسوم ساريا حتى هزيمة ألمانيا النازية في مايو عام 1945، وما زال فاعل الحريق مجهولا حتى الآن.

15 يوليو 2016

هناك تشابه كبير يستحيل أن يكون صدفة بين حريق الرايخستاج و15 يوليو الذي قال عنه أردوغان “إنه لطف من الله”.

في 15 يوليو تم قصف مجلس الشعب التركي. لا أحد قتل أو جرح، بل كان الهدف رمزيا. وكان قصف مجلس الشعب من أهم لبنات “مشروع الانقلاب” هذا.

لقد استغل أردوغان حدث القصف الغامض حتى الآن في أقامة دكتاتوريته في حزب العدالة والتنمية، بينما لم تكن الأمور قبل 15 يوليو رائقة لأردوغان. لقد قمع بالدم تمرد حديقة غيزي، وتملص من قضايا الفساد 17-25 ديسمبر بتدمير مؤسسات الدولة. وعندما حُشر أردوغان بالزاوية جعل جماعة كولن هم “الشيوعيون”. وأعلنهم “أعداء” له.

إن قصف المجلس أعطى أردوغان -مثل هتلر- فرصة توطيد دكتاتوريته وسلطته. في 22 يوليو 2016 تم الانقلاب على الديمقراطية التركية، وتم إعلان حالة الطوارئ لثلاثة أشهر، واستحوذ أردوغان على كل مقاليد وصلاحيات السلطة، تم تمديد حالة الطوارئ 7 مرات، تم تعطيل باب الحقوق والحريات في الدستور، ابتدئ فورا باعتقال الأسماء في القوائم المجهزة قبل أعوام، تم اعتقال أكثر من 100 ألف شخص، كان ضمن المعتقلين أناس لا علاقة لهم بانقلاب 15 يوليو أبدا؛ اعتقل حوالي 200 صحفيا، 4.500 قاضيا ومدعي عام، و650 محاميا، وآلاف المعلمين، والطلاب، والمهندسين، والأطباء، وآلاف التجار ورجال الأعمال.

150.000 موظف عمومي فصلوا من وظائفهم.

وفقا لبيانات وزارة العدالة تم التحقيق مع 550.000 شخص بتهمة الإرهاب. بينما كان القاسم المشترك بين هؤلاء معارضتهم لأردوغان.

تم تغيير نظام الحكم في تركيا في فترة عُطلت فيه كافة الحقوق الدستورية. ففي وسط هذه الفوضى وحالة الطوارئ، تم الاستفتاء الرئاسي في 17 أبريل 2017، وفي 24 يونيو 2018 انتخب أردوغان رئيسا متقلدا صلاحيات سلطان.

أصبح رئيسا يعيّن وزراءه دون الحاجة إلى الانتخابات، ويعزل في منتصف الليل رئيس البنك المركزي الذي لا يسمح القانون بتغييره إلا في حالة وفاة أو استقالة، ويعزل متى شاء رؤساء البلديات المنتخبين، ويربط لنفسه جميع المؤسسات الاقتصادية للدولة، ويخضع القضاء أمامه. وقد اعترف بأنه استطاع إنجاز أعمال يستحيل تنفيذها قبل الانقلاب.

تركيا أكبر سجن للصحفيين في العالم.

تم طرد 80% من ضباط الأركان في القوات المسلحة التركية.

ما زال مئات الجنود يعتقلون كل يوم.

صلاح الدين دميرتاش الذي حاز على 6 ملايين صوتا، والذي قال “لن نجعلك رئيسا”، قابع في السجن منذ 2.5 سنة.

حوالي 1000 أم مع طفلها مسجونة خلف القضبان.

رواد المجتمع المدني يعاملون معاملة الإرهابيين.

وأردوغان ينفذ كل ذلك بإصدار المراسيم مثل هتلر تماما.