كشف موقع “نسمات” للدراسات الاجتماعية والحضارية، انتهاكات حكومة العدالة والتنمية التركية لقواعد حقوق الإنسان في قطاعات عريضة من مؤسساتالمجتمع المدني.
وتناول تقرير “نسمات” السادس، المعنون بـ “تصفية ممنهجة للقطاع الصحي في تركيا“، سبع نقاط أساسية؛ تشمل الانتهاكات الصارخة بحق المتخصصين منالأطباء وكافة العاملين في القطاع الطبي، وما لحق بمؤسسات القطاع الصحي، ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية من إغلاق ومصادرة، وفق ما نقلت صحيفة “زمان” التركية.
حرمان 400 صيدلية من الدعم الذي تقدمه الحكومة للمرضى دون أيّ تحقيق إداري أو حكم قضائي
وأكّد التقرير؛ أنّ القطاع الصحي في تركيا شهد تراجعاً غير مسبوق، ففيما يتعلق بالعاملين في مجال الصحة؛ أعلن وزير الصحة التركي فصل 7.500 من العاملين في مجال الصحة ضمن عملية التطهير الجماعي التي تمارسها الحكومة، منهم 1.697 طبيباً أكاديمياً، وهم يُمثلون 6% من مجموع الأكاديميين العاملين في كليات الطبّ، فضلاً عن فصل 1.689 طبيباً تعسفياً من العاملين في وزارة الصحة.
أما في القطاع الخاص؛ فقد أكّد التقرير أنّ الصورة أكثر قتامة؛ حيث أصبح أكثر من 1.200 طبيب الآن بلا عمل؛ نتيجة إغلاق مستشفياتهم ومراكزهم الطبية الخاصة، كما فقد 675 طبيباً أكاديمياً عملهم، عندما أُغلقت كليات الطبّ الخاصة المرتبطة بمشاريع الخدمة، كما تأثر 5.261 طبيباً وأكاديمياً وعاملاً في قطاع الصحة بهذه الإجراءات التعسفية، وبإحصاء كل الذين فصلتهم الحكومة تعسفياً، من العاملين في قطاع الرعاية الصحية الحكومي والخاص، يصل عددهم إلى أكثر من 21.000 عامل، ولعلّ الجرم الوحيد الذي ارتكبه هؤلاء؛ أنّ آراءهم تخالف توجهات الحزب الحاكم.
الحكومة تغلق 14 مستشفى، و36 مركزاً طبياً وبحثياً، ومستشفى تعليمياً تابعاً لوزارة الصحة
ووثَّق التقرير كذلك معاناة العاملين في القطاع الصحي بعرض العديد من حالات الاعتقال التي طالت الأطباء، وما نالهم من أذى جسدي ونفسي في معتقلاتهم، كحالة الطبيب النفسي والأكاديمي المشهور “خلوق صواش”؛ الذي اعتقلته السلطات التركية، في 28 كانون الأول (ديسمبر) 2016، بدعوى أنّه “إرهابي”، كما فصلت زوجته، المحاضرة المتخصصة في علم الطبّ الباطني من عملها، وبلغ التجاوز في الاضطهاد ليصل إلى أبنائه؛ فابنه (كراي)، البالغ من العمر 12 عاماً، والذي كان في دورة تعلم لغة بالخارج، اقتيد للتحقيق معه في المطار، دون علم والديه ومن دون محامٍ، كما صادرت الشرطة جواز سفره.
موقع “نسمات” للدراسات الاجتماعية والحضارية يكشف تصفية أردوغان الممنهجة للمنظومة الصحية
كما رصد التقرير 92 حالة وفاة داخل السجون التركية، وفي الحبس الاحتياطي تدور حولها الشبهات، يُعتقد أنّها وقعت نتيجة لسوء المعاملة والتعذيب الذي يمارس على نطاق واسع داخل السجون والمعتقلات، وعرض التقرير لبعض حالات الوفاة بالتفصيل، ومنها حالة محمد أينام؛ طبيب الأسنان الذي كان يعيش في مدينة إزمير بحي كمال باشا، وتمّ اعتقاله ضمن الحملة التي شنّتها الحكومة ضدّ حركة الخدمة، وقد أُعلنت وفاته في 5 كانون الثاني (يناير) 2017؛ بسبب أزمة قلبية عانى منها، لكنّ أسرته تقول: “إنه كان يعاني من مشاكل صحية في القلب، وقد حرمته إدارة السجن من تناول الأدوية اللازمة حتى ساءت صحته وتوفَّى”.
التقرير يكشف 92 حالة وفاة داخل السجون التركية وفي الحبس الاحتياطي تدور حولها الشبهات
هذا ولم تقف اليد الباطشة للحكومة التركية عند حدود حملات الاعتقال والملاحقة للمتخصصين من الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، بدعوى تعاطفهم مع أفكار فتح الله كولن الإصلاحية، وحركة الخدمة المدنية؛ بل تخطت ذلك بكثير؛ بالإقدام على إغلاق المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، والمنشأة طبق اللوائح والقوانين، في انتهاك واضح لهذه القوانين، ودون أدنى مراعاة لحقوق أصحابها ولا لحقوق المرضى، وما قد يتسبَّب فيه ذلك من موت بعضهم.
تبيّن الإحصاءات؛ أنّه تمّ إغلاق 14 مستشفى، و36 مركزاً طبياً وبحثياً، ومستشفى تعليمياً تابعاً لوزارة الصحة.
على الصعيد نفسه؛ لم يكن الصيادلة بمعزل عن هذه الحملات التي شنتها الحكومة على العاملين في القطاع الصحّي؛ فقد نالوا هم أيضاً نصيبهم منها، فأغلق بعضهم صيدلياتهم، واعتُقل آخرون، وتمّ حرمان 400 صيدلية في أنحاء تركيا من الدعم الذي تقدمه الحكومة للمرضى من خلال الضمان الاجتماعي، دون أيّ تحقيق إداريّ أو حكم قضائي؛ بل واعتقلت الشرطة أصحاب تلك الصيدليات بتهمة الانتماء لحركة الخدمة.
حكومة أردوغان تفصل من قطاع الرعاية الصحية الحكومي والخاص أكثر من 21 ألف عامل
وتحدث التقرير عن منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية التي أغلقتها السلطات التركية إبان الانقلاب الفاشل، واعتقال بعض أعضائها بدعوى ارتباطهم بحركة الخدمة المدنية، ومن تلك المنظمات: “حركة الأطباء العالمية”، ومنظمة “كيمسه يوكمو” الخيرية، التي تجاوز عدد المتطوعين فيها ما يقرب من 200.000 متطوع من جنسيات مختلفة تبلغ أكثر من 100 دولة، وهي المنظمة التركية الوحيدة التي كانت تشارك بوصفها عضواً استشارياً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، وتقوم بأعمال خيرية في أكثر من 113 دولة، ومع ذلك لم تسلم من استهداف الحكومة، فعلقت الحكومة رخصتها، ثم أغلقتها، وألقت القبض على 33 شخصاً من أصل 40 مؤسساً للمنظمة، رغم أنّ أردوغان نفسه كان قد شارك في هذه المنظمة، ودعا رجال الأعمال إلى التبرع لصالحها.
يذكر أنّ منظمة العفو الدولية وصفت الفصل التعسفي الجماعي الذي يشهده القطاع الصحي الحكومي في تركيا بأنه “إبادة جماعية“.
المصدر: موقع حفريات