يدعو فتح الله كُولَنْ دعوةً عالميّةً لإقامة حوار بين كلِّ طبقاتِ المجتمع تتمثّل في أن يقبل كُلٌّ غيرَه ويحترمَه، ويصوغ هذه الدعوة في:

“قبولِ الجميعِ الجميعَ على اعتقادِهِ ونمطِ حياتِهِ وجنسِهِ ولونِهِ ولغتِهِ ومهنتِهِ وثروتِهِ ومكانتِهِ في المجتمع ومنصبِهِ وعملِهِ دون تفريقٍ أو تمييزٍ بسبب هذه الأمور، بل وقبولِهِ بفكرِهِ ووجهةِ نظرِهِ وفلسفتِهِ وأسلوب معيشته”.

وإن كان فتح الله كُولَنْ أطلق هذه الدعوة عام (1994م)؛ إلا أنه يمكن تلمُّسُها ورؤيتُها كموضوعٍ أساسٍ دائمًا ما تناوله في كتاباتِهِ وخطاباتِهِ، بل وفي حياته كلها، ومن ذلك قوله:

“افتح صدرك للجميع، افتحه أكثر ما تستطيع ليكن كالبحر، ولتمتلئ أنت بالإيمان وبمحبة الإنسان؛ فلا تُبْقِ خارج اهتمامك أيَّ قلبٍ حزينٍ إلا وقد مَدَدْتَ إليه يدك!…

صفِّقْ للأخيار بسبب خيرهم وفضلِهم، وكنْ ذا مروءةٍ تجاه المؤمنين، وكنْ لينًا تجاه المنكرين إلى درجةٍ تذوبُ معها أحقادُهم ونفورُهم، وكن دائمًا كالمسيح  في سماحته وفي أنفاسه التي كانت تحيي الموتى بإذن الله!

ادفع السيئة بالحسنة، و﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأَعْرَافِ: 199) فكل إنسان يعكس طبيعتَه وأخلاقَه بتصرُّفاته وسلوكِهِ، أما أنتَ فاختَرْ لنفسك طريقَ المسامحة، وكن كريمًا عالي الشِّيَمِ حتى تجاه من لا يعرفون قواعدَ السلوك وأسُسَ الأخلاقِ!…

أهم ما يميِّز القلبَ الذي يجيش بالإيمان هو أنه يُحبُّ الحبَّ ويعادي العداوة، أما الذي يكره الجميع وينفر منهم فهو إما شخص أسلَمَ قلبه للشيطان أو أنه مريض نفسيًّا، أما أنت فليكن شعارك هو حب الإنسان والإنسانية…”.

إن التسامح والإخاء والحوار والعيش المشترك هي محاور رئيسة وركائز مهمّة قامت عليها حركة الأستاذ كولن، وسوف نتناول هذه المحاور من بُعدين اثنين:

أحدهما: البُعدُ المجتمعيّ، أي عملية التسامح والحوار داخل المجتمع التركي أولًا والعالمَ ثانيًا.

والثاني: البُعدُ الدينيّ، أي عملية التسامح والحوار بين أتباع الديانات المختلفة في تركيا وفي العالَم بأسره.

1- التسامح والحوار على مستوى المجتمع التركي

لقد أَطلَق فتح الله كُولَنْ و”وقف الصحفيين والكُتّاب” دعوةً للتسامح والحوار فامتدّت وسرت إلى طبقات المجتمع كلِّها، وبينما كانت ألمانيا خلال حقبةٍ وجيزةٍ تنبعثُ مجدّدًا وتظهرُ على الساحة الدوليّة كعملاق عالميّ بعد أن خاضت الحربين العالميتين الأولى والثانية وانهارت فيهما، وتستقطب العمالةَ من تركيا ومن دُول أخرى دون أن تمرَّ عشرون سنة على انهيارها في الحرب العالمية الثانية؛ كانت اليابان إحدى الدول التي هُزمت في الحرب نفسها تظهر على الساحة العالمية كعملاق عالمي آخر أيضًا… والواقع أن تلك الدعوة كانت مهمة جدًّا بالنسبة لتركيا التي سقطت في وضع لا تُحسد عليه عالميًّا، وإنها وإن كانت قد أنجزت بعضَ الأشياء الجميلةِ الجديرة بالتنويه دون ريبٍ إلا أنها على مدى آخر ستةِ أو سبعةِ عقودٍ من الزمان أصبحت مسرحًا للشعارات والاحتفالات أكثر من أيِّ شيءٍ آخر، ومن ثم فلقد رغب فتح الله كُولَنْ في تمدُّدِ دعوة التسامح والحوار وانتشارها حول العالم كلِّه كما تتمدَّد الأمواج في البحر، خصوصًا وأنها كانت في فترةٍ دارَ الحديثُ فيها عن “صراع الحضارات”، بل وربما أُعِدَّت الخطط لصنعه مسبقًا، وقد لاقت هذه الدعوة استحسانًا كبيرًا من قطاعات المجتمع التركي كلها مع وجود بعض الاستثناءات القليلة.

لم يكن الأستاذ كولن بدعًا من المصلحين والحركيين والعلماء والمفكرين، ولم يبتكر فكرة الحوار والتسامح أصلًا، بل سبقه إليها علماء أجلاء سابقون ومعاصرون، ولكن ما تميّز به كولن هو الإنجاز والحركية والسعي، فقد تجاوز النظرية إلى التطبيق، وترجم الأقوال إلى أفعال، مما أنتج نموذجًا يُحتَذى في إدارة الحوار وتكامل الحضارات وبَعثِ نسمات السّلم المجتمعي، فكانت الأمسيات وحفلات توزيع الجوائز ومآدبُ الإفطار تنظَّمُ لصالح السِّلْمِ الداخلي والصلح والتوافق بين شرائح المجتمع المختلفة، ومن ذلك على سبيل المثال:

حفلُ التعارفِ الذي نظمه “وقفُ الصحفيّين والكُتَّاب” في فندق “دَدَمان (Dedeman)” نهاية يونيو/حزيران عام (1994م).

ومأدبة الإفطار التي أقيمت في فندق “بولاد روناسنس (Polat Rönesans Oteli)” في إسطنبول في الحادي عشر من فبراير/شباط عام (1995م).

وفي فندق “بُويُوكْ أَنْقَرَة (Büyük Ankara)” في السادس والعشرين من فبراير/شباط عام (1995م).

وفي فندق “هِيلْتُونْ (Hilton)” يوم السابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام (1996م).

وكذلك اجتماع “يدًا بيدٍ من أجل مستقبلٍ سعيدٍ (Mutlu Yarınlar İçin El ele)” الذي أُقيم في قاعة “لطفي قيردار للمعارض والرياضة الدولية (Lütfi Kırdar Uluslararası Sergi ve Spor Salonu)” في الثلاثين من سبتمبر/أيلول عام (1996م).

وحفل توزيع “جوائز التسامح (Hoşgörü Ödülleri)” الذي نُظِّم في “قصر جيراغان (Çırağan Sarayı)” في الرابع من يناير/كانون الثاني عام (1996م).

وحفل توزيع “الجوائز التشجيعية في مجال السلم الوطني (Ulusal Uzlaşma Teşvik Ödülleri)” الذي أُقيم في فندق هيلتون في الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام (1997م).

ومباراة كرة القدم التي نُظمت لصالح البوسنة في التاسع عشر من سبتمبر/أيلول عام (1995م).

والتقدير الذي عبّرت عنه الكلمات والتعليقات والآراء التي ألقيت وصُرِّح بها في حفل المعايدة الذي أُقيم في فندق “بِلَازَا جواهر (The Cevahir Plaza)” يوم الثالث من فبراير عام (1998م).

هذه الاجتماعات جمعت أناسًا من مستويات شتى يمكن اعتبارهم يمثِّلون كلَّ قطاعٍ من قطاعات المجتمع التركيِّ، وقد شارك في بعضِ هذه الاجتماعات أو في معظمها عددٌ كبير من الناس من كلِّ فئات المجتمع تقريبًا بدءًا من رئيس الجمهورية حتى رؤساء الوزراء والوزراء والنواب ورؤساء البلديّات وممثّلي الأحزاب السياسية والبيروقراطيين، ورؤساء الجماعات الدينية المختلفة، وموظَّفي السفارات الأجنبية، والعلماء من كل التخصُّصات والصحفيّين والكتّاب والفنانين، ورجال الأعمال والتجّار…

وقد عبَّرَ المشاركون عن انطباعاتهم ومشاعرهم إمّا في الاجتماعات نفسِها أو على أعمدة الصحف لاحقًا؛ فكانوا جميعًا يتحدّثون عن القِيَمِ ذاتها مثل التسامح والحوار والسلم المجتمعي، ومن ذلك مثلًا “برثلماوس (Bartholomeos)” بطريرك أساقفة كنيسة “فنر روم” إذ كان يهنِّئُ مؤسسي الوقف وأعضاءه باعتبارِهم خطوا خطواتٍ جادَّةً في طريق السلام والطمأنينة والمحبة، ويقول:

“إن فتح الله كُولَنْ يرمز في شخصيَّتِه وأفكاره للسلام والتسامح والقِيَمِ الساميةِ المهمّة بالنسبة لرؤساء الدول والإنسانية جمعاء”.

أما “جورج ماروفيتش (Georges Marovitch)” ممثل الفاتيكان لدى إسطنبول فيُبَيِّنُ: “أن العامل والعنصر الذي يجذب الناس من كلِّ فئات المجتمع بمسلمِيهِ ومسيحيِّهِ ويهودِيّهِ إلى مكانٍ واحدٍ هو الحبُّ الكامن في قلب فتح الله كُولَنْ، وأنَّ حبَّ الله هو سلاح فتح الله كُولَنْ الوحيد، وأنَّه يشكل مثالًا عظيمًا بالنسبة للعالَم”.

وقد شارك الكثير في الدعوات التي قدمها الوقفُ في إطار ما نظَّمه من فعاليات لصالح الحوار والتسامح، ومن ذلك على سبيل المثال “خير الدين قراجه (Hayrettin Karaca)” رئيس “الوقف التركي لحماية الثروات الطبيعية والتشجير ومكافحة تآكل التربة (TEMA)”، والأستاذة الدكتورة “نور وَرْكِينْ (Nur Vergin)” و”عُزَيْر غَرِيح (Üzeyir Garih)” رجل الأعمال، و”حسن قُورْقْمَازْ جَانْ (Hasan Korkmazcan)” رئيس البرلمان التركي الأسبق، و”إسماعيل قَهْرَمَانْ (İsmail Kahraman)” من وزراء السياحة الأسبقين، والكاتب الصحفي الدكتور “طُوقْتَامِشْ أَتَشْ (Toktamış Ateş)”؛ كلُّهم كانوا يُصرِّحون بمشاعرهم الإيجابية وتقديرهم ومباركتهم لهذا العمل.

السلام والتفاهم السُّنِّيِّ العَلَوي

إن لدعوة كُولَنْ إلى الحوار والتسامح بُعدًا تُشكّله المباحثاتُ واللقاءاتُ التي أجراها حول الغاية نفسها مع رجال الدولة ورؤساء الأحزاب التركية، بينما تشكل محاولاتُه ومساعيه للقضاء على التوتر السنّي العلويّ الذي أمَدَّتهُ سلبيات تاريخية بُعدًا آخرَ من تلك الدعوة.

ففي الوقت الذي عانى فيه العلويون في تركيا من هضم حقوقهم نادى كولن بـ”مشروع المسجد وبيت الجمع جنبًا إلى جنب”.

وقد أجرى “أيوب جَانْ (Eyüp Can)” حوارًا مع فتح الله كُولَنْ طُبع لاحقًا بعنوان “جولة في الأفق (Ufuk Turu)” قال فيه كُولَنْ: “كما أن لدينا نحن -أي السنّة- جوانبَ يجبُ تشذيبها وإعادة تشكيلها، فإن لديهم هم -أي العلويين- كذلك بعضَ الجوانب يجب تشذيبُها وتشكيلها من جديد، نعرف أكاديميين من السنة أجرَوا دراساتٍ حول العلوية، يُلاحظ -بالنظر إلى آرائهم- أن العلويَّة تُشَكِّلُ مصدرًا غنيًّا في التميُّزِ الثقافيّ، لذا فمن الواجبِ الاستفادةُ من تلك الثقافة، لا تقويضها”.

وإلا فإنه يلفت الانتباه إلى مجموعة من السلبيات حدثت لا سيما في تاريخنا الحديث، ويُحذِّرُ كُولَنْ من اجترارِ سلبيّاتِ الماضي، ويتحدَّثُ عن ضرورة أن يتعمّقَ السنة والعلويُّون في عوالم بعضهم الداخلية وأعماقِهم الروحيّة، ويقترح كي يتحقق توافقٌ وتفاهمٌ وترابطٌ أكثرُ حميميّةً وبقاءً وسلامةً أن يرجع العلويون إلى الكُتب حتى ينتقلوا من الثقافة الشفهية -التي هي معرَّضة دائمًا للتغيير والتحريف على أيدي الجاهلين والمغرضين- إلى الثقافة الكتابية فتكتسب ثقافتُهم شخصيةً وهوية علمية، ومن ثم توضع كتبُ ومؤلفات الرموزِ والروّاد لدى العلويين أمثال: “الحاج بَكْتَاشْ” و”يونس أَمْرَه” و”نيازي مصري” في بيوت الجمع، وفي المقارّ التي يتردّد عليها الشعب وقاعات المطالعة والمراكز التعليميّة أيضًا، كما يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فيقترح على واحدٍ من كِبار العلويّين وكان قد تعرَّف عليه في “إزمير” والتقى به -يقترح عليه- أن يفتتِحا سويًّا، ويُنْشِئا “بيتَ جمعٍ” وجامعًا جنبًا إلى جنبٍ.

وبينما يُعَرِّفُ كُولَنْ العلويّةَ الحقيقية المنشودة بأنها “اتِّباع سيدنا علي كرم الله وجهه في أعمالِهِ وتصرُّفاتِهِ وفِكرِهِ، والاقتداء به عبر تَمَثُّلِ جوانبه السامية العُلْويّة”، فإن قسمًا من العشائر التركية القاطنة في الأناضول تولَّدت لديهم -إلى جانب إعجابهم بشجاعة سيدنا عليٍّ وفتوته- فكرةُ الانحياز للعلوية نتيجة الظروف الاجتماعية والثقافية للمناطق التي نشؤوا فيها، وهذه الحقيقة تظهر وتتَّضح عند تناول الموضوع من الناحية النفسيّة والمجتمعيَّةِ، علاوةً على ذلك يلفت كُولَنْ الانتباهَ إلى أن المذهب السنّيّ لم ولن يكون لديه أيَّةُ مشكلةٍ على الإطلاق مع الفهم العلوي الذي تحلَّق ودار حول سيدنا عليٍّ وآل البيت كما تدور الهالة النورانيّة حول البدر.

ويحرص كولن على ألا تُفْهَمَ أفكارُه وأهدافه النبيلة فهمًا خاطئًا، فيكرر أن مثل هذه الأنشطة في سبيل الإخاء لا يُقصَدُ من ورائها السيطرة أو الزعامة فيقول: “إننا لا نطمح حتى إلى زعامةِ قريةٍ، وكلُّ هَمِّنا وغايتُنا الوحيدةُ هي: أنْ يُسمعَ اسمُ الله واسمُ النبي  في كلّ أرجاء المعمورة، وأن تنهلَ الإنسانيّة التي خُلقت مكرَّمةً من مناهل الفضائل التي جاء بها سيدنا محمد ، وتُبلَّغَ القلوبُ اسمَ الله الجليل؛ فيرفرف فيها كالراية، وإننا نطرد من أذهاننا كل الأفكار التي تخالف هذا، ونطرحها إلى أبعد ما يكون، بل وإن أقبلت علينا الدنيا بكل مفاتنها فإننا نَركُلُ السلطنة الدنيوية بأطراف أقدامنا، لأنّنا نسعى إلى اقتفاء أثر سيد السادات محمدٍ خطوةً خطوةً، ونتأسّى به قولًا وعملًا، إذ رفض الدنيا التي تمثلت له، يقول : “هَذِهِ الدُّنْيَا مُثِّلَتْ لِي فَقُلْتُ لَهَا إِلَيْكِ عَنِّي!“”.

ولا شكَّ أن فتح الله كُولَنْ حين يُنادِي في المجتمع بحركةِ تسامحٍ وحوارٍ يرجو لها الانتشار في العالم كله، وهو منذ ذلك الوقت يستشرف الامتحان الشاق الذي ستتعرض له الأمة في وحدتها وتكاتفها، فيرشدها ويبين لها طريق الخلاص فيقول: “السنواتُ القابلة ستكونُ عصرَ مودَّةٍ وتسامح؛ فسوف نحتضن الجميعَ بالمحبَّةِ ونحقِّقُ -إن شاء الله- شيئًا الدنيا في أَمَسِّ الحاجةِ إليه، إلا أنني قلق من شيءٍ؛ هو أن قطاعًا سيواصل إفسادَ الطمأنينة والسلم المجتمعي عازِفًا على أوتارِ الضَّعفِ فيه، ومُشعِرًا أفراد هذا المجتمع بأنه يمتلك قوَّةً تبطش، بعدها سَيُعِدُّون فخًّا وكمينًا للإيقاع بالتسامح، ومن الواضح أننا سوف نتعرَّض لاحقًا لامتحان بأشياء صعبةٍ جدًّا، وسوف تتصدّى أمَّتُنا لأعتى الخطوبِ بتحمُّلِ بعضِها وتكاتُفِها فيما بينها، ونَكَزُّ على أسناننا في هذا الامتحان، ونتمثَّل الحِكمةَ القائلة: “قابل الضارب بالصفح والسابَّ بالعفو”، ونحتضن كلَّ شيءٍ بمودّةٍ وشفقة دون أن نحقد أو نحمل ضغينة لأحد، ونسير إلى المستقبل متحابين”.

وأجدني بينما أخطُّ هذه الكلمات أستشعر سؤالًا يدور في عقل القارئ على النحو التالي: بعدَ أن حدَّثْتَنا عن السلام والتسامح والحوار لدى كولن؛ ما هي مساعي كولن في الحوار مع السلطة الحاكمة لتركيا الآن بعد أن اتهمَتْه بمحاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز (2016م)؟

والحقيقة أن الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى مقال مستقلّ، ولكنني لا أريد أن أترك القارئ في هذه النقطة الحساسة دون جواب، لذا أقول باختصار شديد:

إن الحوار والسلام والتسامح الذي أراده الأستاذ إنما هو بين الفرقاء من الناحية الفكرية أو الإثنية أو الثقافية أو العرقية.. التي لا ذنب للإنسان فيها، أما ههنا فالأمر مختلف، فالخلاف سياسيٌّ بامتياز وهو منطلِقٌ من الظلم والتجبر والفساد السياسي والخروج على القانون، ومن مبادئ الخدمة الالتزام بالقانون، وعدم مجاراة الظالم.. ومع ذلك فقد حاول كولن مرارًا وتكرارًا أن يفتح قنوات الحوار ودعا إلى تحكيم العقل والمنطق وعندما سألَتْه الصحفية نهال طوسي عما إذا أتيحت لك فرصة التحدّث إلى الرئيس أردوغان ماذا ستقول؟

أجاب: “لا أعتقد أن أردوغان سيعير اهتمامًا لما سأقول له.. حاولتُ في السابق مرارًا أن أوصل صوتي إليهم عبر خطابات أرسلتُها لهم، حاولتُ من خلالها أن أشرح لهم إلى أي مدى وصل تصنيف الحكومة للناس وتمييزهم على أساس انتماءاتهم الثقافية والدينية والأيديولوجية، وخطابات أخرى قدمت فيها مقترحات عملية لحل أزمة المواطنين الأكراد.. لكن لم يأخذوا أيًّا من هذه التوصيات على محمل الجد. اليوم، أدعو الله فقط أن يهديهم إلى الرشد حتى لا يعرضوا مستقبل هذه الأمة العظيمة لمخاطر وخيمة لا يمكن تلافيها”.

لكنه مع ذلك ومع محاولاته المتكررة لم ييأس، بل ترك في قلوب أتباعه وصيةً تُكتَبُ بماء الذهب قال فيها: “قد يُسيء لكم البعضُ بإساءات لا يَتصورُ عقلٌ حدوثَها، ويضع الأشواك والأحجارَ في طريقكم حتى يمنعكم من السير، ويقوّض الجسور التي تمرون عليها ليعرقل مسيرتكم، ويرغب في أن يعزلكم كلّيةً عن المجتمع، ولكن إن كنتم تريدون أن تكونوا صروحًا للفضيلة وتصِلوا للوفاق والاتفاق فعليكم أن تتغاضوا عن كلِّ هذا وتستمرُّوا في طريقكم قائلين: “لا شيءَ يدوم!”، فإن انهدَمَت الجسورُ التي تسيرون عليها فأَقيموا جسورًا بديلة جديدة في أماكن أخرى، واستمروا في طريقكم بفضلٍ من الله وعنايته حذِرِينَ من الوقوعِ في الخلاف، حتى وإن كان الآخرون قد اتَّخَذُوا الخلافَ شعارًا لهم.

سيأتي يومٌ يَفِدُ عليكم فيه بعضُ مَن كانوا يسيئون إليكم فيُعربون عن ندمهم، وحينئذ يجبُ أن يجدوكم على ما كنتم عليه، فإن طلبوا الاعتذار منكم فتعاملوا معهم بشهامة ومروءة، وقولوا لهم: “معاذ الله، لا علمَ لنا بهذا، إننا دائمًا نشعرُ أنكم إلى جانبنا في نفسِ الخندقِ على الدوام”.

نعم، اِفْعلوا هذا رغمَ أن الواقعَ يشهدُ بأنهم كانوا قد ابتعدوا عنكم فراسخ عديدة نتيجة الحسدِ والغيرةِ؛ وبأنَّهم دائمًا ما كانوا يؤلّبون الغير عليكم قائلين: “اقطعوا عليهم طريقهم، ونالوا منهم، ولا تعترفوا لهم بحق الحياة!”، وبأنهم حينما كانوا يرتكبون هذا الظلم لم تكن بحوزتهم حجج معقولة تقرّهم على ما يفعلون، بل كان دافعهم إلى هذا الحسدَ والغيرةَ ليس إلا”.

2- حركة الحوار بين الأديان أي بين أتباعها

إحدى الحركات التي بدأها فتح الله كُولَنْ للمرة الأولى في تاريخ تركيا هي محاولتُه نقل حركة الحوار والتسامح إلى حوارٍ بين أتباع الأديان السماوية بصفة خاصة: الإسلام والمسيحية واليهودية داخل تركيا وخارجها، وقد دار حيالَ هذهِ المحاولةِ جَدَلٌ، ولا سيما من قِبَلِ المسلمين، وهي خطوةٌ يجب تناوُلُها بشكلٍ جيِّدٍ على سبيل النقد الذاتي.

وقد أطلقَ فتح الله كُولَنْ دعوتَه للحوار والتسامح في فترةٍ تاريخيّةٍ ذهبيّةٍ؛ ينبني أحدُ وجهَيها على القيمِ الدينيةِ الساميةِ وما ستضطلعُ به من دور في تشكل عالمٍ مبنيٍّ على السلام والطمأنينة والهدوء والاحترام المتبادل والتفاهم، بينما في الوجهِ الآخرِ منها تقريرُ “هينتغنتون” الذي يُقدِّم الإسلامَ والعالم الإسلامي والجغرافية الإسلاميّة كلَّها -المصوّرة والمقدّمة على أنها قطبٌ مُعادٍ- على أنَّها مجال للصراع بين الحضارات الموجودة على حدود روسيا مع البلاد الإسلامية بصفةٍ خاصّة، وكذلك هناك الحركات الإرهابية الموجّهة لإظهار المسلمين على أنهم أعداءُ القيم الإنسانية والحُرّيات والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، وكُولَنْ على وعيٍ تامّ بأن مجموعات رؤوس الأموال والمصالح المتحالفة مع مجموعة من مراكز القوى المسيطرة بقدر كبير على العالم وفي البلاد الإسلامية أيضًا سوف تستاء وتنزعج من مناخٍ يسوده الاحترامُ المتبادَلُ والتوافقُ والتسامح والحوارُ الدائمُ المدعومُ بالقِيَمِ الدينية، وقد صرحوا بمخاوفهم تلك -كما سبق آنفًا- منذ أن خَطَتْ حركةُ الحوار والتسامح التي أطلقها فتح الله كُولَنْ في تركيا خطواتها الأولى؛ حيث إنَّ تحميلَ الجرائم المفجعة المرعبة للمسلمين في بعض الدول، ومحاولةَ البعضِ في تركيا وَأْدَ مبادرةِ فتح الله كُولَنْ للحوار والتسامحِ وهي في مهدها؛ ومناخَ الحرب الذي ساد مؤخّرًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الذي لا تُعرَفُ أبعاده العالميّة؛ كلُّ هذا كشفَ كم أن هذه المبادرة أو الحركة من الأهمّية والضرورةِ بمكانٍ يستوي مع كونه محقًّا في مخاوفه.

لقد شاهد المجتمع التركي أوّلًا ثم العالم ثانيًا كيف اهتم الأستاذ فتح الله كُولَنْ بفكرة الحوار والتواصل والتفاهم بين التيارات الفكرية المختلفة على المستوى المحلي داخل تركيا، وعلى المستوى الإقليمي والدولي بين أتباع الديانات وأبناء الحضارات والثقافات المتعددة، ودعا إلى نهج التعارف والاحترام المتبادل والتسامح والتعايش، ونبذ التعصب وإدانة العنف. وعُرف في تركيا وفي العالم بـ “داعية الحوار والتسامح والتوافق”، ولقيت دعوته هذه صدى إيجابيًّا واسعًا في تركيا وخارجها، ووصلت إلى ذروتها في الاجتماع الذي تم عقدُه في الفاتيكان مع البابا.

ولا يرى كولن أي مجال للخوف من التقاء الآخر ومواجهته؛ لأنه مقتنع بعقيدته واثق منها مؤمن بقدرتها على إقناع أتباع الديانات الأخرى بوجوب احترامها.. ويؤمن بأن الالتقاء سوف يصب في مصلحة العقيدة الأكثر قدرة على الإقناع في ضوء معايير العقل..

الحوار بين أتباع الديانات لا يعني توحيد الأديان ولا تنازُلَ أحد الأطراف عن قيمه ومعتقداته للالتقاء في نقطة مشتركة، وإنما يعني أن يقبل كلُّ شخص الآخر كما هو.. أي المحاور لن ينسلخ عن قيمه لأجل حوار ناجح، وإنما غايةُ الحوار هي تحقيق “الحرية الكاملة” لممارسة وتبليغ المعتقدات على أساس السلام..

لقد أطلق مصطلحًا خاصًّا وهو (Hoşgörü) وقد يُتَرجَم إلى العربية بمعنى التسامح، إلا أن الدكتور الأمريكي “جون باول” -المدرّس بالمدرسة اللوثرية في فيلادلفيا- يرى أن هذه الكلمة (Hoşgörü) تحمل معنى أكثر مما قد ينقله هذا المعنى الفاتر (أي التسامح)، فالتسامح شيءٌ يشبه التعددية القائمة على المبادئ، حيث يعيش الشخص المتسامح بكل سلام مع أي فرد مع اختلاف تقاليده، ولكنه يتيح للآخرين الوفاء بالتزاماتهم العميقة التي قد تختلف اختلافًا كبيرًا عن التزامهم الشخصي.. أما التعددية التي دعا إليها كولن وتبنتها حركته (Hoşgörü)  فلم تكن مجرد تعددية نسبية؛ حيث يكون كل رأيٍ مساويًا في الصحة لأي رأي آخر، وإنما راهنت على أن الإسلام وفّر أساسًا يمكن من خلاله أن تتحول الاختلافات إلى تعاون مثمرٍ من خلال الحوار، كما قال النورسي: “لا يمكن الوصول بنجاح إلى الأشخاص المتحضرين إلا من خلال الإقناع”.

ويرى فتح الله كُولَنْ أن العالم أصبح -بعد تقدم وسائل الاتصالات- قرية صغيرة؛ ولهذا فإن أي حركة قائمة على الخصومة والعداء لن تؤدي إلى أي نتيجة إيجابية، وأنه يجب الانفتاح على الإنسانية بأسرها، وإبلاغ العالم كله بأن الإسلام دِين الرحمة، ويدعو إلى الأخوّة بين بني البشر، وأن المسلم لا يمكن أن يكون إرهابيًّا وأن الإرهابي لا يمكن أن يكون مسلمًا. وقد ذكر مرارًا وتكرارًا أن هناك مجالات واسعة للتعاون والتعاضد بين المسلمين وبين أبناء الأديان والثقافات الأخرى لتأسيس سلام واستقرار على مستوى العالم.

لقد بذل جهدًا واسعًا في سبيل رفع الشعور العام لدى الناس وجعلهم يتقبلون فكرة الحوار والتسامح والعيش المشترك، وذلك بهدف فتح القلوب لتقبل الحق والحقيقة، حتى إنه ليقول: أرغبُ في الحوار مع الملحدين حتى وإن سَبُّوا القِيمَ التي نُقَدِّسُها مدى الحياة، المهمّ هو أن لا يموتوا ويرحلوا عن هذه الدنيا إلا وقد آمنوا واهتَدوا.. والحاصلُ أنه لا مكان في عالمنا للدعاء بالشر على أحدٍ.

حتى إن رجل الأعمال اليهودي “جاك كامهي (Jak Kamhi)” -العضو السابق في البرلمان- قال: “الواقع أنني لا أتوقَّع شيئًا غير ذلك من الأستاذ فتح الله؛ إنه يسير في ذات الطريق الذي سار فيه أجداده على نحو لائقٍ وجميلٍ؛ فقد أحبّ الأتراكُ الناس جميعًا واحترموهم على مرِّ العصور؛ فلم يخوضوا حروبًا دينيّة، ولم يمارسوا قمعًا، وإنما فعلوا العكس؛ فقد مكّنوا الناس من نَيل حرّيّتهم، لقد ذهبتُ إلى المجر، فكانوا يمتدحون الأتراك باستمرار، وذهبت إلى رومانيا فكانوا يبادلونهم نفسَ الحبِّ أيضًا، إنني أتابع منذ وقت طويل مبادرة الأستاذ فتح الله كُولَنْ “التسامح”، وأباركها… وأضيفُ أنَّ أجدادي لو لم يروا ذلك التسامح ويحظوا به من العثمانيين؛ لما كنتُ أنا موجودًا الآن”.

الأدلة الشرعية

الأدلة الشرعية على مشروعية الحوار كثيرة ومنثورة في بطون الكتب، وقد ساقها المجيزون بكثرة، ورد عليها المانعون، ثم دفع المجيزون تهمَ المانعين… إلخ، ولسنا في معرضِ سوقِ ذلك، فالأستاذ كولن يزيد على مجرد إجازة الحوار بأنه يرى جذورَ الحوار والتسامحِ ضاربةً في جوهر الإسلام؛ فيقول: “مِنَ العبث البحثُ عن التسامح بكلِّ أعماقه وأبعاده الحقيقيّة بعيدًا عنّا؛ فالتسامح سمتُنا هو ما يشكّل فكر مولانا جلال الدين الرومي ويونس أمره… وإن أدركنا المعنى الدقيق الكامن في كلمات حبيب الله سيدنا محمد  استطعنا فهمَ ما هو أساس ديننا، إنني أؤمن أن الدنيا -التي اختلَّ نظامُها- ستدرك الحقيقة ولو بعد أن تتخبَّط يمنةً ويسرةً، وأسألُ الله تعالى أن يُبنى المستقبل على المحبة والتسامح، لا على الحقد والكره والحدة والعنف”.

إنه يفهم التسامح من الناحية العقدية على أنه رؤية الآخر كما يراه الله، والله يرى كل شيء بعين الرأفة والرحمة.

وعندما يقرأ قول الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ﴾ (آلِ عِمْرَانَ: 64) فإنه يتناوله بالدرس والشرح فيقول: “اتخاذُ موقف ليّن تجاه أهل الكتاب أمرٌ من أوامر القرآن.. ليس أهل الكتاب فحسب، بل أمر الله تعالى موسى  أن يقول كلامًا لينًا لفرعون: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ (طَهَ: 44). لذا فلا مكان أبدًا في الإسلام للكلام الخشن أو اللوم العنيف للناس في الدعوة إلى الله.

وهذه الآية أنموذج بليغ للكلام اللين القريب من القلوب، والكلام الجذاب في الدعوة. فإن تخيلنا الإسلام قلعة محاطة بأسوار تمثل حدود الله، فلا شك أن هناك أبوابًا عديدة لها وهناك طرق كثيرة بعدد الخلق تؤمن الوصول إلى هذه الأبواب. ويقوم الإسلام بأسلوبه الخاص باحتضان الناس في أي طريق من هذه الطرق وفي أي نقطة من نقاطها لكي ييسر لهم الدخول من أحد هذه الأبواب. إن عدم وضوح هذا التدرج، أو عدم إدراكه قاد البعض في السابق ولا يزال يقودهم إلى أخطاء معلومة.

وهذه الآية تستقبل أهل الكتاب في إحدى نقاط هذه الطرق وتقترب منهم بوجه بشوش وكلام حلو جميل وتقول لهم: “تعالوا إليّ!… هلموا إليّ!” وعندما تخاطبهم هكذا تقول لهم: “إن ما أدعوكم إليه ليس جديدًا عليكم، وليس شيئًا تجهلونه، بل هو مما عرفتموه وأنستم به قبلنا، ولكن يجوز أنكم نسيتموه، أو تذكرتموه بشكل خاطئ”. ومثل هذه الدعوة تؤسس جسرًا بيننا وبين أهل الكتاب، وتلمس نفوسهم من جانب يأنسون به. وهذا الأسلوب في الدعوة إلى الإسلام مهم جدًا، وتستطيعون أن تطلقوا عليه التعبير الشائع في هذه الأيام وهو “أسلوب الحوار”. أجل، إن دعوة الإسلام أهل الكتاب إلى نقطة مألوفة لديهم يمكن تلخيصها في كلمة واحدة مختصرة، لأن القرآن طلب منهم شيئًا واحدًا فقط، وهو اجتياز هذا الجسر المشاهَد أمام الأنظار والوصول إلى هذا الباب. فإذا وضعنا كل شيء جانبًا فإن كلمة “سواء” وحدها تعبر عن هذا المفهوم الدقيق للين وسعة الصدر والرغبة في تشييد الجسور بيننا وبينهم”.

وهو عندما يتناول شرح البسملة ويصل إلى قوله: “الرحمن الرحيم” يعتبر أن تقديم هاتين الصفتين على كلّ صفاته تعالى في البسملة يوحي بأنهما بمثابة نواة الإسلام، وأكثر رسولين يمثّلان ذلك ويجسّدان هاتين الصفتين في الرسل السابقين هما سيدُنا إبراهيم وسيدُنا عيسى ، وقد فاقهما في تمثيل هذا وتجسيده سيدُنَا محمدٌ، المرسلُ رحمةً للعالمين، ونظرًا لأن المدنيّةَ سادت في حقبتنا الزمنيّة -إلى حدٍّ ما-، والتي تُعْلِي وترفعُ -ولو نظريًّا على الأقلّ- من شأن القيمِ الحضاريّة مثل: الحريات وحقوق الإنسان الأساسية والتسامح واحترام الإنسان؛ فإن فتح الله كُولَنْ يتبنّى الرأي المدافع عن ضرورة قيام العلاقة مع البشر في إطار الإقناع، أي في إطار الحوار والعلاقة الطيّبة المتبادلة، وبعبارة أخرى: هو يُدافعُ عن وجهةِ النظر التي تُحَتّمُ إعلاءَ الجانبِ الإبراهيميّ والعيسويّ من الإسلامِ، والأستاذ فتح الله يطلق على هذا “الروح المحمدية”.

ودائمًا ما يستشهد بدعاء النبي يوم أحد، فعلى الرغم من إصابته بجروح غائرة وشج رأسه وكسر رباعيته إلا أنه لم يستجب لطلب بعض الصحابة بالدعاء على العدو ولعنِه، بل دعا لهم قائلًا: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”.

نقد المتشدّدين والمتزمّتين

ثم يمضي كولن بكل شجاعة وصراحة إلى نقدِ أولئك المتزمّتين المتمسّكين بظاهر بعض النصوص، الحائزين على بعض المكانة لدى الأمة، المحتكرين رأيَ نسبةٍ كبيرةٍ منها، فيقول: “إن المنطقَ أو الفهمَ الراغبَ في رؤيةِ غيره في كفرٍ وضلالٍ أو اعتبارهم مذنبين منطِقٌ لا يُحقّقُ أيَّ قيمةٍ فضلًا عن أنّه لا يأتي بِخَيرٍ، كما أنه فهمٌ خطير، وعلى كل مجموعة تسيرُ في طريق الخدمات الإسلاميّة أن تنشَغِلَ بالتعريف بمنهجها الخاصّ وبيانه والتوصية بالخير والعيش بحبِّه، وألَّا تُضمِرَ العدواةَ للمجموعات الأخرى، بل عليها أن تعتبرها إخوةً لها وتُقدِّر فضلَها ونجاحاتها، وألّا تُوجِّه انتقاداتٍ مُنفِّرةً ولاذعةً، ولا سيما أنه لا ينبغي أن يُنشدَ التقديرُ والتبجيل في القضاء على الآخر وتحقيره.

إنَّ المرشدين والرواد الذين إن أخطؤوا استُعظِم خطؤُهم بسبب وضعهم الاجتماعي عليهم أن ينأَوا بأنفسهم عن اتهام الآخرين بالكفر والضلال نأيًا تامًّا.

ينبغي لكلِّ مسلمٍ أن ينظُرَ إلى الكون على أنه مهدُ الأخوّة، ويبحثَ عن سبُلٍ لإقامةِ العلاقات مع كلِّ ما هو موجود فيه، ويكونَ ليّنَ الجانب دائمًا لأهل الإيمان وينفتحَ عليهم”.

إنّ الأستاذ كولن يرى أن المسلمَ الواثقَ في إسلامِهِ وعقيدتِهِ في ظلِّ عالَمٍ يسودُهُ العلمُ مستقبليًّا بمعايير أكبر وأعظم تُحوِّلُه تمامًا إلى عصر المعرفة، وفي أنَّ الإسلامَ يجعل العقلَ والعلمَ يُقرّان بأحكامه جميعها؛ إنْ أقامَ حوارًا مع أتباعِ الديانات الأخرى؛ فإنَّ فعلَه هذا ليس تلطُّفًا منه، ولا عملًا يستوي القيام به من عَدَمِهِ، بل يمكننا القولُ إنَّه وظيفةٌ حتميّةٌ وضروريّةٌ بالنسبة لمسلم يُدرِكُ معنى الإسلام ووظيفتَه وواجبَه إزاء دينه على وجه البسيطة، والمسلمون الذين عاشوا حتى اللحظة خوفًا وقلقًا من “أن يتخطَّفَهم الناس” لعقدة كامنة في عالم اللاوعي عندهم، ورأوا الاستمرار في الدفاع هَوَسًا بأن الأعداء يطوِّقونهم من كلِّ جانبٍ وكأنه ركنٌ من أركان الإسلام؛ حانَ الوقت أن يَخرُجُوا من قمقمهم الذي حبسُوا هم أنفُسَهم فيهِ، ويدركوا ما الذي يجري في العالم الخارجي.

ثم يضع كولن شرطًا في غاية الأهمّية للتخلُّصِ من كلِّ ذلك؛ إذ يكفي ألا يجعل المسلمون الإسلامَ وسيلةً لرغباتهم في إثبات الذات، وسببًا للغرور بالانتساب إليه والتعالي على الآخرين، وسُلّمًا يصلون به إلى أهدافهم الدنيويّة أو السياسية، وألا يروا أنفسهم شعب الله المختار، وباقي الأمم الأخرى حصب جهنم، وعليهم أن يتبنَّوه ويعتنقوه ويتمثَّلوه ويُقَدِّمُوه كدينٍ، وأن يعيشوا أمة بين الأمم، لا أمة فوق الأمم.. ولا شكَّ أنَّ هذا يتحقَّقُ بتغييرهم الصورةَ التي كوّنوها في أذهانهم عن الإسلام حاليًّا؛ فهي صورةٌ الإسلامُ منها بَرَاءٌ كبراءةِ الذئب من دمِ ابن يعقوب، ويستحيل لها أن تُعَبِّرَ عنه أصلًا.

ورغم أن الغرب يقدم للمجتمع غالبًا صورة متحيزة عن الإسلام تضرُّ كثيرًا بمصالح جمهور المسلمين، لكنّ كولن لم يُعادِ ولو تعريضًا في خطبه أو كتاباته أيّ شعب أو أمّة، ولم يقف عند لوم الناس لجهلهم بالإسلام، بل جاهد للتعريف برسالة الإسلام الصحيحة وللحوار بين الأديان والحضارات، وبهذا الحوار أثبت مدى إخلاصه في محاولته جمع أبناء الديانات على طاولةٍ واحدة للنهوض بالإنسانية كلها، ولتنوير أرواح البشر جميعًا دون نظر إلى العرق أو الدين أو النوع.

ويدعمُ كُولَنْ مبادراته للحوار بتطبيقاتٍ من القرآن الكريم والسنَّةِ المطهَّرة والتاريخ الإسلاميِّ، وقد جُمِعَت هذه التطبيقات في كتاب “مناخ التسامح والحوار في أحاديث فتح الله كُولَنْ وكتاباته (Fethullah Gülen’in Yazılarında ve Sohbetlerinde Hoşgörü ve Diyalog İklimi)” الذي أعده “قُدْرَت أُونَالْ (Kudret Ünal)” و”سَلْجُوقْ جَامْجِي (Selçuk Camcı)”، وقد أدلى فتح الله كُولَنْ بتصريحٍ إلى إحدى المجلّات تحدَّثَ فيه عن الأمور التي تدفعه للحوار فكان ممّا قال: “خُلِقَ الإنسانُ كريمًا، وهو يسعى دائمًا خلفَ الأشياء الجميلة والحسنة، إلا أنه تنهال على رأسِهِ -أحيانًا- أحجارٌ لم يكن يتوقَّعها أو ليس له دخل فيها، وما في خلقة الإنسان من كرم وحسن هو ما يحثُّني ويدفعُني إلى إجراءِ حركةِ حوارٍ على مستوًى عالميّ، ولديَّ أملٌ واعتقادٌ تامٌّ بأن الإنسانيَّةَ المعجونةَ خميرتُها وجوهرُها بالخيرِ والجمالِ سوف تَصِلُ وتُكمِلُ ذاتَ يومٍ هذا الخطَّ الذي تُحَتِّمُه وتستوجبُه تلك الخميرة، وأنا على اقتناعٍ بأنَّ الإنسانية السَّئِمَة حاليًّا من الحروب والصراعات والدماء المسفوكةِ والمظالم المرتكبةِ مستعدَّةٌ لحوارٍ وسِلْمٍ عالميّ، كما أنَّ المناخ مهيَّأٌ لحوارٍ من هذا النوع، وإننا إن لم تَزِلَّ خطواتُنا ولم نَضِلَّ طريقَنا لفي أنسبِ وقتٍ وأسنَحِ فرصةٍ من أجل تحقُّقِ هذه الغاية السعيدة”.

ومن الواضح تمامًا استحالةُ أن يتحقَّق أيُّ شيءٍ إيجابيٍّ في ظلِّ التصرُّفِ بارتكاسيةٍ والتركيزِ دائمًا على الأعمال العدائيّة والوقوفِ في مواجهة الآخرين وفي ساحة الصراع، ومن هذه الناحية فإنّ من مقتضى الفِطْرةِ في هذا العصرِ الذي تتصدَّرُ فيه القِيَمُ الحضاريَّة أن يستطيعَ الإنسانُ الذي هو مخلوقٌ اجتماعيٌّ حلَّ قضاياه ومشكلاته بالحوار فقط، وثَمَّةَ حقيقةٌ دائمةُ الطَّرحِ بالنسبةِ لنا منذُ القِدَمِ، لم يكتشفها العالم إلا عقبَ انهيار “الستار الحديدي”؛ هي أنَّ الأديانَ ستكونُ صاحبةَ الكلمةِ في المستقبل، وهذا هدفٌ طبيعيٌّ يسيرُ نحوَهُ البشرُ.

والإسلامُ والمسيحيَّة في الوقت الراهن هما أكثرُ الأديان أَتْبَاعًا في العالم، كما تتمتّع البوذيّة والهندوسيّة أيضًا بِعَدَدٍ كبير من الأتباع، أما اليهودية فإنها مؤثِّرَةٌ وإن بَدَتْ صغيرةً بالنظر إلى عدد المنتسبين إليها، ولذلك فإن حوارًا يبدأُ بين هذه الأديان عند نقاط الاتّفاق أوّلًا سيُسهم إسهاماتٍ مهمّةً في تحقُّقِ بعثٍ وصُلْحٍ وسِلْمٍ عالميٍّ، وإننا لا نرتاب من قِيَمِنَا الخاصَّة، وكما أننا لا نَعرِضُ على أحدٍ الانضمامَ إلينا أثناءَ عمليّة الحوار؛ فلا يخطرَنَّ بِبَالِ أحدٍ أنْ يعرض علينا مثل ذلك؛ فقد دعا القرآن الكريم أصحاب تلك الديانات إلى الحوار قبل أربعةَ عشرَ قرنًا، إلا أنَّ العصورَ الفائتة كانت -نتيجة للزمان والظروفِ- عصورَ قتالٍ وحروب في الأكثر، أمّا مؤخّرًا فالزمان زمانُ انشراح الأذهانِ والقلوبِ، زمانُ التلاحُمِ والتواؤمِ في ظلِّ الاحترامِ والمحبَّةِ المتبادلة، ومقارنةُ الوضع ما قبل الحديبية مع العامين المنصَرِمَين بين الحديبية وفتحِ مكة تعطينا طرفَ الخيط اللازم الإمساك به في هذا الموضوع؛ فقد أطلقَ القرآنُ الكريمُ لفظَ “فتح” على صُلْحِ الحديبية، قبل فتح مكة؛ إذ أُغلقت أبوابُ الصراع بصلح الحديبية، وانفتحت أبواب القلوب، فكان هذا هو الفتح الحقيقي”.

الفعاليات

التقى فتح الله كُولَنْ بالبطريرك “برثلماوس” رئيسُ أساقفة إسطنبول وروما الجديدة كأوَّلِ خطوةٍ في طريق الحوار بين منتسبي الأديان، وبما يصبُّ في صَالح مبادَرَته في إجراء الحوار وإقرار التسامح في تركيا، ومما لا شكَّ فيه أن هذا اللقاء كانت له أصداءٌ عظيمةٌ.

فبينما كان كُولَنْ يتباحثُ مع برثلماوس طالبَ الأخيرُ بإعادةِ فتح مدرسة الرهبان في جزيرة “هَيبَلي أضه” (Heybeliada)”، وفي المقابل اقترح عليه كُولَنْ أن يستخدم نفوذَهُ لدى الحكومة اليونانية من أجل إنشاء مدرسة تركيّة في “سلانيك”.

لقاء الفاتيكان التاريخي

بعد أن التقى فتح الله كُولَنْ مع برثلماوس بَطرِيَرك الروم التقى في صيف عام (1997م) بالزعماء الدينيين للطائفة الأرمنية والسريانية القديمة والطائفة اليهودية، والتقى كذلك بالأستاذ الدكتور “سيدني غريفث (Sidney Griffith)” رئيس قسم الدراسات المسيحية الشرقية بالجامعة الأمريكية الكاثوليكية في أمريكا صيف (1997م)، والكاردينال “أو كوننور (’O’ Connor)” أرشيدوق الكاثوليكية الرومانية ورئيس أساقفة نيويورك ومساعده “أليكس (Alex)”، وتبادل معهم أفكاره.

وقد أجرى فتح الله كُولَنْ أهمَّ لقاءٍ في إطار حركة الحوار بين أتباع الأديان مع البابا “جون باول الثاني (John Paul)”؛ ففي هذا اللقاء الذي أُجري بالفاتيكان في التاسع من فبراير عام (1998م) ووُضِعَت أُسُسُه مسبقًا بلقاء “الكردينال أُوكونور” في أمريكا، وبمساهمة فاعلة ومهمة من “بير لويغي جالاتا (Pier Luigi Celata)” سفير الفاتيكان لدى أنقرة و”جورج ماروفيتش (Georges Marovitch)” ممثل الفاتيكان بإسطنبول، وبِعِلْمِ كبار مسؤولي الجمهورية التركية بل وفي إطار إذنهم بذلك، ودعمٍ مهمٍّ من “ألطان كُووَنْ (Altan Güven)” سفير تركيا لدى الفاتيكان، بل وبناءً على دعوةٍ شخصيّةٍ من البابا اقترح فتحُ الله كُولَن على البابا بعد مراسم الترحاب والاحترام ما يأتي:

القيام بزيارة مشتركة هذا العام إلى الأماكن المقدسة لديهم مثل: “أفس (Efes)” و”أنطاكيا (Antakya)” و”طرسوس (Tarsus)” و”القدس” بمناسبة دخول المسيحية في الألفية الثالثة من عمرها.

إعلان “القدس” منطقة عالمية يستطيع المسلمون والمسيحيون واليهود زيارتها بِـحُــرِّيَّــــةٍ تامَّةٍ ودون أيَّةِ قيود، بل ودون الحصول على أيَّة تأشيرات.

تنظيم مؤتمر دولي بالتعاون بين أتباع الديانات الثلاث الكبرى يُعقد في عواصم مختلفة من العالم على أن يعقد الأوَّلُ في أمريكا.

إنشاء جامعة مستقلّة في مدينة “حرّان (Harran)” -التابعة لمحافظة “أُورْفَة” التركية- توفر احتياجات الديانات الثلاث الكبرى، وتفعيل التبادل الطلابي بين العالمين: الإسلامي والمسيحي.

وقد جاءت أهمُّ التحليلات والتقييمات بشأن لقاء فتح الله كُولَنْ والبابا وأكثرها تعبيرًا ومعنى على لسان الأستاذ الدكتور “سيدني غريفث (Sidney Griffith)” رئيس قسم الدراسات المسيحية الشرقية بالجامعة الكاثوليكية بواشنطن؛ إذ يقول:

“المقصد في الحوار هو أن يكون وسيلةً ليتعرَّفَ المسيحيُّون جيّدًا على حقيقة الإسلام التي يجهلونها”.

ويقف على بضع نقاط مهمَّةٍ بشأن الإسلام والصورة التي يُعرَف بها في العالم فيقول:

الإسلام اليوم يُدرسُ في جامعات الغرب في أقسام الجامعات للعلوم السياسيّة أو العلاقات الدولية في الأكثر؛ فيُنظَرُ إليه من الجانب السياسي أي بعين المستشرِق؛ إذ لم يُدرس الإسلام في كليات الإلهيات كدينٍ؛ ولذا أرى أن المشكلة تبدأ من هنا”.

خاتمة

ختامًا فإنني أرى أن اهتمام كولن بمسألة الحوار الديني لا يعني أن نترك ديننا ونتنازل عنه لأصحاب الديانات الأخرى أو العكس، وليس هو من قبيل توحيد الأديان، وإنما هو منبَعِثٌ من ثقته بدينه، وهذا ما يجعله قادرًا على تعامل المسلمين مع غيرهم، لأنه واثقٌ بأن المسلمين يمتلكون الأفضل والأكمل، وأن المسلم سيكون مؤثِّرًا لا متأثّرًا..

إن كولن يريد من البشرية أن تلتزم بالدين، وألا تبتعد عنه إلى الإلحاد، فجميعُ الديانات تحث على الفضيلة وتحذر من الرذيلة، والدينُ يجعل من الإنسانية خليّة مسالمة متناغمة متعايشة تحب الخير وتتبارى فيه، أما الانسلاخ من الدين فيحول البشرية إلى وحش كاسر يأكل بعضُه بعضًا.

إنه يرى النصوص القرآنية نورًا يهدي وليست قيدًا يأسر.. وهي الوصفة الوحيدة لاحترام القرآن وترتيله وتقديسه وإجلاله، ليس باعتباره نصًّا سحريًّا فوق العقل وفوق العلم، بل باعتباره نصَّ هداية وحكمة ونور تحتاج إليه الأمة حين تقتحم المشهد الحضاري بعقول منفتحة وإرادة بصيرة وشورى صحيحة.

لقد قدّمت النصوص الدينية بسخاء قيمَ الحرية الفكرية وقدَّستْها وصانتها، “لا إكراه في الدين”، “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، “فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر”، فنحن ننتمي إلى دين يُفترض أنه جاء ليعلن نهاية عصر الغيب وبداية عصر الشهادة.. وانتهاء عصر الخوارق وبداية عصر السنن.. ونهاية عصر الوحي وبداية عصر الإنسان.

إن دعوة كولن إلى الحوار والتسامح تعني دعوة للمسلمين أن يكونوا أمّة بين الأمم وليسوا أمة فوق الأمم، لسنا شعب الله المختار، وليس الخلاص حكرًا لنا وعلى الآخرين أن يدفعوا لنا الجزية عن يد وهم صاغرون، ثم تكون لهم فوق ذلك المحرقةُ في الآخرة..

إنه يُلقي على كاهل العلماء والمفكّرين والقادة اليوم مهمة عظيمة ألا وهي العمل على دمج أمتنا بين الأمم، وأنسنةِ الوعي الشعبي تجاه العالم، وهدم الحواجز والأسلاك التي رسمها الوهم على تخوم العالم، إنه واجب ديني ووطني، وأن يتحولوا بشعوبنا من مقام المفعول به المنصوب الذي وقع عليه فعل الفاعل إلى مقام الفاعل المرفوع، الشريك الإيجابي في صناعة الحياة.. فنحن في الواقع أمة بين الأمم ولسنا أمة فوق الأمم ولا تحت الأمم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

فتح الله كُولَنْ: الموازين أو أضواء على الطريق، ص 19-21.

فتح الله كولن ومقومات مشروعه الحضاري، علي أونال، 245.

بيت الجمع: اسم يطلق في تركيا على المكان الذي يمارس فيه العلويون طقوس الذكر، وأما المشروع المذكور هو مشروع إنشاء مسجد وبيت جمع جنبا إلى جنب. ويهدف الأستاذ فتح الله كولن من وراء هذا المشروع إلى إزالة التوتر العلوي السنّي في تركيا، وإزالة الاختلاف بينهما بكسر مظاهر الخشونة والحدة بين العلويين والسُّنّة، وأن يتعرف الجانبان على بعضهما عن قرب أكثر وبشكل صحيح.

كلمات شاهدة، ص 70.

الحاكم، المستدرك على الصحيحين، 4/344.

إشراقات الأمل، فتح الله كولن، ص 143.

عبد الله أَرْغُونْ: فتح الله كولن في مرآة الإعلام (Medya Aynasında Fethullah Gülen)، ص 242.

نُشِرَ هذا الحوار في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، 9سبتمبر 2016م، وقد أجرى هذا الحوار مع الأستاذ كولن الصحفية نهل طوسي؛ مواقف في زمن المحنة، ص 171.

عقبات في سبيل الحق، فتح الله كولن، ص 215.

كلمات شاهدة، 17.

فتح الله كولن حياة في الخدمة، د. جون باول، ص 267.

كلمات شاهدة، 17.

لمسات في إصلاح المجتمع، فتح الله كولن، 162.

جريدة “زمان (Zaman)” التركية، 11 مارس/آذار (1998م).

عبد الله أَرْغُونْ: فتح الله كولن في مرآة الإعلام (Medya Aynasında Fethullah Gülen)، ص 254.

فتح الله كولن حياة في الخدمة، د جون باول، ص 267.

أضواء قرآنية، فتح الله كولن، ص 101.

فتح الله كولن ومقومات مشروعه الحضاري، علي أونال، ص 81.

فتح الله كولن حياة في الخدمة، د. جون باول، ص 320.

الرؤية والتأثير، فتح الله كولن، ص 176.

مجلة “أَكْسِيُونْ Aksiyon))” التركية الإخبارية، 14-20 فبراير/شباط (1998م)، ص 167.

فتح الله كولن ومقومات مشروعه الحضاري، علي أونال، 277.

صحيفة “زمان (Zaman)” التركية، من 30 يناير/كانون الثاني (1998م) إلى 1 فبراير/شباط (1998م).

 

 

About The Author

كاتب وباحث سوري، تخرج في دار نهضة العلوم الشرعية (الكلتاوية) عام 2008م، ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر عام 2012م، ماجستير بتقدير "ممتاز" في الفقه والقانون المقارن من قسم الشريعة الإسلامية في دار العلوم - جامعة القاهرة عام 2017م، في رسالة بعنوان: "محمد قدري باشا وجهوده في الفقه الإسلامي"، قارنَ من خلالها القوانين المدنية لأكثر من ست دول عربية مع قوانين قدري باشا ومجلة الأحكام العدلية، له العديد من الكتب والمقالات في التربية والقضايا الفكرية، يشرف على تحرير مجموعةٍ من كتب الأستاذ كولن بنسختها العربية.

Related Posts