يُنظر أحيانًا إلى مدارس كولن، التي نشأت في تركيا وانتشرت في أكثر من مئة دولة في جميع أنحاء العالم، باعتبارها مدارس إسلامية. ويرجع ذلك غالبًا لأن رجال الأعمال الذين موّلوا تأسيس هذه المدارس والمعلمين الذين كرسوا أنفسهم لتشييدها وإدارتها على حساب راحتهم وهاجروا إلى أفقر مناطق العالم يبدو أنهم قد استلهموا الفكرة من المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن.

أُجريت دراسة ميدانية نوعية حول مدارس كولن في كينيا، أظهرت أن المدارس قامت بدور مزدوج؛ فقد قدمت البديل العلماني عن المدارس المسيحية التبشيرية والمدارس الإسلامية، وكانت حاجزًا لمنع الصراعات العرقية الدينية المحتملة بين القبائل المسيحية المحلية في كينيا والأقلية المسلمة الممكّنة سياسيًا. أثارت الانتخابات الرئاسية المزورة في ديسمبر 2007 صراعات قبلية مميتة بين قبيلة كيكويو المهيمنة وباقي القبائل، ومن أبرزها قبيلة لوو التي ينحدر منها رايلا أودينجا، قائد الحركة الديمقراطية البرتقالية (ODM) والشخصية السياسية المعروفة. كانت الانتخابات وما تبعها من صراعات قبلية فرصة للأقليات المسلمة لتتحد للمرة الأولى في تاريخ كينيا، حتى أصبحت قوة سياسية موحّدة. في ظل النصر السياسي الذي حققه المسلمون على الساحة السياسية، والحديث السائد حول تهميشهم حتى ذلك الحين نتيجة سيطرة المنظمات التبشيرية على الساحة العامة، ونفوذ الصومال القاهر في الأقاليم الشمالية الشرقية والشرقية للبلاد، توفّرت الظروف اللازمة وربما الكافية لإشعال الصراع بين المسيحيين والمسلمين في كينيا واستغلال تبعاته. صحيح أنه قد يصعب تحديد مدى تأثير المنظمات التابعة لمجتمع كولن في نيروبي، فيبدو أنها لعبت دورًا فعالاً في ردع القبيلة النوبية المسلمة عن المشاركة في الصراعات القبلية الدائرة في حي كيبيرا الفقير في كينيا في فترة ما بعد الانتخابات. وبالمثل، يبدو أن مبادرات المجتمع المدني في أوغندا المستوحاة من فكر كولن قد نجحت في طرح منهج براجماتي للتطوير أمام الشعب الأوغندي، من خلال غرس فكرة اعتماد الشعب على موارده بدلاً من المساعدات الدولية. تهدف هذه الدراسة إلى رسم ملامح تطور مبادرات كولن، وأثرها المحتمل على المجتمعين الكيني والأوغندي.

مدارس كولن في كينيا

افتُتحت مدرسة كولن الأولى في كينيا عام 1998 في مبنى مستأجر في أفقر مناطق نيروبي، بجوار حي كيبيرا الشهير، المعروف بمنازله القصدير، وبأنه ثاني أكبر الأحياء الفقيرة في إفريقيا. ثم انتقلت المدرسة التي تقدم التعليم الثانوي والعالي بعد مرور عشر سنوات إلى حرمها العصري الجديد، الذي يتكون من عدة مباني دراسية، ومجمع رياضي داخلي، وملاعب كرة قدم وسلة، ومطعم، ومباني سكن الطلاب. يتلقى الحرم الجديد الدعم من رجال أعمال أتراك من محافظة أنطاليا، لم يقدموا التمويل أثناء عملية إنشاء المدرسة فحسب، بل سافروا أحيانًا إلى نيروبي في مجموعات لمتابعة أعمال التشييد. وخلال هذه الرحلات، اصطحب هؤلاء الرعاة زملاءهم الذين لم يتبرعوا لإنشاء مدارس كهذه من قبل، وشجعوهم على المشاركة في هذه الجهود. إلى جانب هذه المدرسة، هناك مدرسة ابتدائية مختلطة ومدرسة فتيات ثانوية في نيروبي. وبالمثل، هناك مدرسة ابتدائية مختلطة ومدرسة فتيان ثانوية عالية في مومباسا؛ ثاني أكبر مدينة في كينيا على ساحل المحيط الهندي وأغلب سكانها من المسلمين. وهذا يعني وجود ست مدارس كولن في المجمل في كينيا.

نموذجان تعليميان مختلفان

تطبق كينيا نظامين تعليميين: أحدهما النموذج الكيني، والآخر النموذج البريطاني. في حين يتسم النموذج الكيني بقدر هائل من التعليم النظري وكميات كبيرة من الواجبات المنزلية، يتسم النموذج البريطاني بتركيزه على النمو الاجتماعي للطالب حتى المدرسة الثانوية، وعلى التعليم العلمي في مختلف المجالات بناء على مهارات الطالب فيما بعد. يبدأ الطالب في النموذج الكيني بتعلم اللغة الإنجليزية في سن الثالثة في مرحلة الحضانة، ويواصل تعليمه في المدرسة الابتدائية حتى سن 11. يتلقى الطالب خلال هذه الفترة التعليم القائم على الحفظ، ويُطلب منه أداء كميات هائلة من الواجبات المنزلية. وحتى يُنهي الطالب المدرسة الابتدائية وينتقل إلى المدرسة الثانوية العليا، عليه الخضوع لاختبار إتمام المدرسة الابتدائية على مستوى الدولة الذي يُعرف باسم “شهادة التعليم الابتدائي في كينيا “(KCPE) ترسب نسبة كبيرة من خريجي المدرسة الابتدائية في هذا الاختبار، وتفقد فرصتها في مواصلة تعليمها. أما الذين ينتقلون إلى المدرسة الثانوية العليا، فيواصلون تعليمهم القائم على الحفظ والكثير من الواجبات المنزلية، للخضوع لاختبار “شهادة التعليم الثانوي في كينيا “(KCSE)، والذي يؤهلهم للدراسة الجامعية. يفقد أغلب خريجي المدرسة العليا فرصتهم في الانتقال إلى الجامعة، ليس فقط بسبب صعوبة الاختبار، لكن أيضًا بسبب قلة عدد الجامعات المتاحة. لهذا، يصبح من الضروري والتنافسي جدًا أن يكون أداء الطلاب جيدًا في سنوات المدرسة الثانوية والعليا إذا أرادوا الالتحاق بالجامعة. وفي النهاية، بعد نجاح الطالب في اختبار شهادة التعليم الثانوي وإحراز درجة كافية، يجب عليه الانتظار لمدة عام أو عامين لإلحاقه ببرنامج مناسب، نظرًا لأن الجامعات المتاحة حاليًا لا تكفي لاستيعاب أعداد الناجحين.

أما نموذج التعليم البريطاني، فيركز على النمو الاجتماعي للطالب حتى نهاية المدرسة الثانوية. وخلال هذه الفترة، يهدف التعليم الأساسي إلى تنمية المهارات الشخصية للطالب، وقدراته، ومعرفته العامة في مجالات متنوعة من الفنون إلى العلوم. المدارس التي تقدم التعليم الأساسي هي مدارس خاصة تتبع النموذج البريطاني، وهي في الأغلب مدارس أسستها الحملات التبشيرية البريطانية في بدايات القرن الحادي والعشرين. هناك مجموعة مدارس حديثة تتبع نموذجًا مشابهًا، أسسها رواد الأعمال الهنود لأسباب اقتصادية في المقام الأول. توفر هذه المدارس للطلاب المرافق التكنولوجية، مثل مختبرات الكمبيوتر، والمجمعات الرياضية، وساحات ركوب الخيل، بل ودورات تعليم الطيران. بالنظر إلى جودة المرافق التي توفرها هذه المدارس، فإن مصروفاتها تبلغ عشرة آلاف دولار سنويًا لكل طالب، في حين تصل مصروفات المدارس الحكومية التي تتبع النظام الكيني إلى ثلاثة آلاف دولار. بعد انتهاء سنوات الدراسة الثانوية، يخضع الطلاب للتعليم المتقدم لمدة عامين، حيث يتعلمون العلوم المتقدمة التي تؤهلهم للدراسة في الجامعة. تُتاح الفرصة أمام الطلاب الذين يكملون هذه الفترة بنجاح للالتحاق بالجامعة. وبعد إكمال ثلاث سنوات أخرى وفقًا للنموذج البريطاني، يحصلون على شهادة جامعية في تخصصاتهم المختلفة.

النجاح والشعبية المتزايدة

تتميز مدارس كولن عن غيرها من المدارس الحكومية والخاصة بتقديم النموذجين الكيني والبريطاني، في حين تفضل أغلب المدارس الأخرى الاقتصار على تقديم أحدهما. يوضح مدير “أكاديمية لايت” المبنية على فكر كولن في نيروبي أن المدرسة لا تريد التخلي عن النموذج الكيني لأنه يتطلب مجهودًا كبيرًا من الطلاب، وبالتالي فإن أولئك الذين يتمكنون من النجاح فيه سينجحون على الأرجح في التعليم الثانوي والجامعي. ويشير مدير المدرسة إلى أن الطلاب الكينيين هم الأكثر تفوقًا من بين كل الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في مختلف الجامعات في تركيا، نظرًا لأن مهاراتهم وخلفياتهم الأكاديمية أفضل نسبيًا من غيرهم. كما يوضح المدير أن المدرسة قادرة على تقديم التعليم الكيني بجودة عالية لأن أغلب المعلمين الأتراك العاملين في أكاديمية لايت تدربوا في أفضل الجامعات التركية، مثل جامعة البسفور، وجامعة مرمرة، وجامعة الشرق الأوسط التقنية، بحيث يمكنهم تدريس كل تخصصات العلوم.

لعل أهم ميزة تنافسية لمدارس كولن في كينيا هي المعلمون الأتراك الذين يعتنقون المُثل العليا ويتصرفون من منطلق حب الغير، في حين كان بمقدورهم استغلال مؤهلاتهم الأكاديمية لشغل وظائف مربحة في تركيا. يوضح المدير أن المدرسة احتلت المركز الثاني بين ما يقرب من خمسة آلاف مدرسة خاصة في البلاد في اختبار “شهادة التعليم الثانوي في كينيا”، والمركز التاسع بين إجمالي عشرة آلاف مدرسة حكومية وخاصة في كينيا، وذلك بفضل الحوار المثمر الذي يقيمه زملاؤه مع طلابهم، والعمل التعاوني الجاد الذي يقومون به. ويشير المدير إلى أن التغطية الإعلامية لنجاح أكاديمية لايت في هذا الاختبار المهم على مستوى الدولة قد جذبت الأنظار إلى مدارس أكاديمية لايت، وزاد عدد الطلاب المتقدمين للتسجيل فيها زيادة سريعة.

يبدو أن الأقلية المسلمة، من بين جموع الشعب الكيني، تتابع نجاح أكاديمية لايت عن كثب، وتعتبره نجاحًا لها لأنها ترى الإسلام القاسم المشترك بينها وبين الأتراك الذين أسسوا هذه المدارس، ويديرونها بالتعاون مع المعلمين الكينيين. يرى أحمد ألفي أن التعليم ضروري لنجاح مساعي دمج الأقلية المسلمة في المجتمع الكيني، وتمثيلها بصورة ملائمة ضمن الطيف الاجتماعي الاقتصادي والسياسي للبلاد. ألفي رجل أعمال باكستاني الأصل كيني المولد، انتقل والده من باكستان إلى محافظة جاريسا الشمالية الشرقية عام 1972، وأغلب سكانها من اللاجئين الصوماليين المسلمين. يوضح ألفي أن والده انتقل إلى جاريسا ليعمل في وظيفة أخصائي اجتماعي مسلم ويساعد اللاجئين الصوماليين. وبادر بإنشاء مؤسسات تعليمية إسلامية، حتى بدأ أعمال العائلة الحالية في استيراد قطع غيار السيارات. يشعر ألفي بالأسف لأنه بالرغم من انتشار عدد كبير من المؤسسات والمدارس الإسلامية حتى الآن لتقديم التعليم من الابتدائي إلى الثانوي، ظلت نسبة كبيرة من المجتمع المسلم في كينيا غير متعلمة أو غير مكتملة التعليم. ويشير إلى أن الآباء المسلمين كرهوا أن يواصل أطفالهم التعليم بعد المدرسة الابتدائية لأن أغلب المدارس المتاحة كانت خاضعة لإدارة الجمعيات التبشيرية المسيحية، لذلك خشوا أن يبتعد أطفالهم عن الدين الإسلامي أثناء تقدمهم في العمر. يرى ألفي أن مدارس أكاديمية لايت لم تمنح الأقلية المسلمة في كينيا فرصة تعليم أطفالها فحسب، بل منحتهم الثقة في الاختلاط بالأغلبية غير المسلمة دون الخوف من الابتعاد عن دينهم الإسلامي. يقول ألفي إنه سمع عن مدارس كولن للمرة الأولى منذ عامين من أحد شركائه في العمل في تركيا، عندما بدأ يقيم علاقات عمل هناك. يؤكد ألفي أن أهم درس تعلمه من زملائه الأتراك هو أهمية التعليم، ولا سيما توفير التعليم العصري للأجيال الجديدة، وتجهيز البنية الأساسية اللازمة لتحقيق ذلك.

يبدو أن مدارس أكاديمية لايت، سواء الابتدائية أو الثانوية العالية، تجني ثمار الشهرة المتزايدة لكل واحدة منها لأن السمعة الطيبة تشمل الجميع. يشير أكبالابان، منسق مدارس أكاديمية لايت، إلى أنه بفضل الشهرة المتزايدة للمدارس خلال العقد الماضي، لم يعد من الصعب على المدارس جذب الطلاب بوجه عام والمتفوقين منهم بوجه خاص. يوجد حاليًا 350 طالبًا مسجلاً في مدرسة أكاديمية لايت الثانوية العالية في نيروبي، وتهدف إدارة المدرسة إلى زيادة هذا العدد إلى 550 وإلى 600 طالب. وبالمثل، هناك 250 طالبًا مسجلاً في مدرسة أكاديمية لايت الثانوية العالية في مومباسا، وتعمل إدارة المدرسة على توفير المرافق والبنية الأساسية الضرورية لاستيعاب الإقبال المتزايد على المدرسة. علاوة على ذلك، تضم مدارس أكاديمية لايت الابتدائية في كل من نيروبي ومومباسا 300 طالب مسجل في المتوسط. غير أن الإدارة في المدرستين تخطط إما لزيادة المرافق أو إضافة مبانٍ جديدة لأن مباني المدرسة الحالية التي كانت منازل في الأصل لم تعد كافية لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من الطلاب.

تنوع الطلاب

تنعكس طبيعة المدينة متعددة العرقيات والأديان في تنوع الطلاب في المدارس. على سبيل المثال، نجد غالبية الطلاب في مدارس أكاديمية لايت في نيروبي من مختلف الطوائف المسيحية، في حين توجد أقلية مسلمة من أصول هندية باكستانية؛ ذلك أن أغلب سكان نيروبي بوجه عام يعتنقون الديانة المسيحية. أما غالبية الطلاب في مدارس مومباسا فإنهم مسلمون، لأن أغلب سكان المدينة مسلمون. ومع ذلك، هناك عدد قليل من الطلاب غير المسلمين. تقدم إدارة المدرسة في مومباسا منحًا دراسية لـ 10 إلى 15 طالبًا كل عام من مدينة جاريسا، التي تقع على بُعد 400 ميل شمال مومباسا. تدرك إدارة المدرسة أن جاريسا من أفقر مناطق كينيا، وأكثرها تأثرًا بجحافل اللاجئين القادمين من جنوب الصومال. ولهذا، لا تكمن المشكلة في عدم توفر المرافق والبنية الأساسية اللازمة لتعليم الأجيال الجديدة في المدينة فحسب، بل في أنهم يكونون عُرضة كذلك للتأويلات غير الوسطية للإسلام الشائعة في الصومال. توضح إدارة المدرسة أنها بدأت منذ عامين تقدم المنح الدراسية لأعداد قليلة من الطلاب في جاريسا، وبدأت تجد إقبالاً متزايدًا من أهالي الطلاب في جاريسا لإرسال أطفالهم إلى أكاديمية لايت في مومباسا للانتفاع من هذه المنح. لهذا فإن الانتماءات الدينية للطلاب في مدارس أكاديمية لايت مسيحية غالبًا في نيروبي وإسلامية في مومباسا، تماشيًا مع السمات العرقية الدينية للمدينتين.

تنوع المعلمين

يبدو أن التنوع العرقي الديني للطلاب منتشر أيضًا بين أعضاء فريق التدريس في مدارس أكاديمية لايت. فهناك 15 معلمًا تركيًا و35 معلمًا كينيًّا في المدرستين الثانويتين العاليتين في نيروبي، و11 معلمًا تركيًا و15 معلمًا كينيًا في مدرسة مومباسا. إن عدد المعلمين الكينيين أعلى نسبيًا في مدارس أكاديمية لايت الابتدائية. يوجد 25 إلى 30 معلمًا كينيًا في المتوسط و6 إلى 7 معلمين أتراك فقط في مدارس نيروبي ومومباسا. لعل الدافع الأساسي لعمل المعلمين الكينيين -وأغلبهم من المسيحيين- في مدارس أكاديمية لايت دافع نفعي بحت، غير أن دافعهم للاستمرار يبدو نابعًا من قناعتهم بتفرد المدارس في طريقة تدريس الأجيال الجديدة في كينيا. سمع جوزيف بوجونكو عن أكاديمية لايت للمرة الأولى من قس الكنيسة المحلية. يذكر بوجونكو أنه بناء على توصية من القس، اصطحب طفله إلى أكاديمية لايت لمعرفة المزيد عنها. نظرًا لتفوق ابن بوجونكو في اختبار “شهادة التعليم الابتدائي في كينيا” على مستوى الدولة، قدمت له أكاديمية لايت منحة دراسية تغطي 75% من مصروفات الدراسة. يوضح بوجونكو أن هذا هو سبب تسجيل ابنه في أكاديمية لايت منذ خمس سنوات، وقد تخرج العام الماضي ومن المتوقع أن يدرس العام القادم علوم الزراعة في جامعة جومو كينياتا.

يشرح بوجونكو أن علاقته بأكاديمية لايت لم تكن علاقة والد بمدرسة ابنه. نظرًا لاهتمامه بالمدرسة، فقد انضم إلى فريق العمل وشغل منصب معلم علوم الحياة، ثم أصبح لاحقًا أحد أعضاء مجلس الإدارة. يؤكد بوجونكو أنه أخذ على عاتقه مسؤولية الترويج لمدارس أكاديمية لايت بين زملائه وأصدقائه الذين لم يعرفوا عنها شيئًا، ليس فقط لأن ابنه يدرس فيها، بل لأنه يؤمن بالإسهامات التي تقدمها المدرسة في المجتمع الكيني. يشير بوجونكو إلى أن الأمر لم يكن صعبًا عليه لأن المدرسة كانت تكتسب شهرة بالفعل في وسائل الإعلام بفضل نجاحها الملحوظ في اختبارات شهادة التعليم الابتدائي والثانوي على مستوى كينيا. غير أن النجاح الأكاديمي ليس وحده سبب تفوق أكاديمية لايت على غيرها من المدارس؛ بل كما يقول طريقتها الفريدة في تعزيز التواصل بين الطلاب والمعلمين، التي جذبت أنظار عدد كبير من الطلاب والأهالي إلى المدرسة: “إن سلوك المعلمين الفريد هنا في أكاديمية لايت هو الذي يغير الطلاب فعلاً. لا يتعامل المعلمون مع الطلاب باعتبارهم أطفالاً، بل أصدقاء. ويبادر المعلمون في مناسبات عديدة، مثل الأعياد الوطنية، بإعداد المآدب وتقديم الطعام للطلاب. هناك دائمًا حواجز تفصل بين المعلم والطالب في المدارس الأخرى، ناهيك عن تقديم المعلم الطعام للطالب. لكن بفضل هذه الصداقة، يقتدي الطلاب بالمعلمين. ويصبحون أكثر إحساسًا بالمسؤولية لخدمة كينيا. لاحظتُ أنا وأهالي آخرون التغير الإيجابي الهائل في سلوك أطفالنا وطريقة تعاملهم معنا، وكأنما يتعلمون لغة جديدة هنا في أكاديمية لايت”.

غرس المثل العليا في النفوس

يتمحور التعليم الذي تقدمه مدارس أكاديمية لايت في كينيا حول غرس هذه القيم والتطلعات في نفوس الطلاب. يشير أكبالابان، منسق مدارس أكاديمية لايت، إلى أنه بسبب التفاوت الحاد في الدخل في المجتمع الكيني، ينظر الشخص الكيني العادي للتعليم باعتباره مجرد وسيلة للحصول على شهادة ووظيفة براتب مجز. لهذا السبب في رأيه ركزت مدارس أكاديمية لايت -خلافًا لمدارس كولن الأخرى في مختلف الدول- على توفير مرافق مدرسية جاذبة للطلاب، وإعدادهم لاختبار الشهادة الابتدائية والثانوية على مستوى كينيا، نظرًا لدورها المؤثر في تحديد الجامعة التي سيلتحقون بها والتخصصات التي سيدرسونها. غير أنه من خلال الحوارات المستمرة مع الأهالي، سواء في اجتماعات الآباء والمعلمين في المدرسة أو زيارات المعلمين لمنازل الطلاب، قاموا بتقييم مستوى تقدم الطلاب بالتعاون مع الآباء والطلاب، وتمكنوا بصورة أو أخرى من توعيتهم بأهمية النجاح في مسابقات الفنون والعلوم الدولية كأحد وسائل خدمة المجتمع. يؤكد أكبالابان أن غرس مثل هذه القيم ضروري لاستمرار الحوار بين المعلمين الأتراك والكينيين والطلاب والآباء في أكاديمية لايت. ومن هذا المنطلق، تحرص إدارة المدرسة على التقريب بين المعلمين والآباء، والمعلمين والطلاب في مختلف المناسبات على مدار العام مثل المهرجانات واحتفالات الأعياد.

الجمعيات الخيرية المستوحاة من فكر كولن في كينيا

توجد منظمتان خيريتان تتبعان فكر كولن في كينيا؛ هما مؤسسة عميرية ومؤسسة ريسبكت بالترتيب. تقدم مؤسسة عميرية خدماتها في مجال التعليم والإغاثة والرعاية الصحية، في حين تركز مؤسسة ريسبكت جهودها على الحوار بين الأديان بهدف التقريب بين المجتمعات الدينية المفككة في كينيا للتعاون في تنفيذ مشروعات لخدمة المجتمع.

مؤسسة عميرية

أنشئت مؤسسة عميرية في نيروبي عام 1997 على يد مجموعة من المعلمين ورجال الأعمال الأتراك، بالتعاون مع بضعة مواطنين كينيين من قادة المجتمع، الذين نشأت بينهم وبين أتباع حركة كولن صداقة عندما وصلوا إلى كينيا في البداية. وصل عمر كوتلو وأصدقاؤه إلى كينيا في سبتمبر عام 1996. وأول شيء فعلوه هو البحث عن مواطنين محليين لمشاركتهم أفكار مشروعات التعليم، وطلب دعمهم لتنفيذ هذه المشروعات. كان أحمد أمين، القاضي السابق في المحكمة العليا، وابنه المحامي عمر أمين من أوائل الكينيين الذين ساعدوا كوتلو وأصدقاءه على بدء المشروعات؛ فقد ساعدوهم على استئجار مبنى مدرسة سرعان ما أصبح مبنى مدرسة أكاديمية لايت الثانوية. يقول أمين: “انبهرت بعزيمة كوتلو وأصدقائه وإصرارهم على تنفيذ هذه المشروعات التعليمية بالرغم من الشكوك التي راودتني بشأن نجاحهم، بسبب فشل مشروعات خيرية إسلامية كثيرة. غير أن المشروعات حققت النجاح الكبير وتوسعت سريعًا، لدرجة أننا وافقنا على المساعدة عندما اقترح علينا كوتلو وأصدقاؤه تأسيس منظمة خيرية تقدم الدعم للفقراء الذين لا يتحملون تكلفة إرسال أطفالهم إلى المدرسة”. يؤكد أكبالابان أن السلطات المحلية رحبت بفكرة إنشاء مؤسسة عميرية، بفضل جهودها غير التمييزية ومساعدتها لكل المجتمعات في كينيا، بغض النظر عن هويتها العرقية والقبلية والدينية. ولهذا حصلت على لقب “صندوق خيري” مع أن المؤسسة لم تطلب ذلك تحديدًا.

التبرع بالأطعمة والملابس

حرصت مؤسسة عميرية على توسيع نطاق أنشطتها خارج مجال التعليم، تماشيًا مع مهمة تأسيسها، لتشمل تقديم المساعدات والرعاية الصحية في السنوات التالية. يقول محمد يافوزلار، منسق المتطوعين في المؤسسات المستوحاة من فكر كولن في كينيا، إنه بالرغم من تركيز المؤسسة بشكل رئيسي على المشروعات التعليمية، فقد تضمنت أنشطتها أيضًا تقديم مساعدات في صورة أطعمة وملابس، وإقامة مآدب إفطار جماعي في رمضان يشارك فيها المسلمون وغير المسلمين، وتوزيع اللحوم، وتوفير الفحوص الطبية في المناطق الريفية عدة مرات في السنة. تستغل المؤسسة المناسبات السنوية، مثل شهر رمضان وعيد الأضحى، لحشد الموارد من المتبرعين في تركيا، ومن ثم استخدامها لتقديم مساعدات الأطعمة والملابس في كينيا. أي إن المؤسسة تتواصل مع رجال الأعمال في تركيا، الذين يؤمنون بأفكار كولن، لتشجيعهم على رعاية مآدب الإفطار الجماعي في مختلف مدن وقرى كينيا. لا تجد المؤسسة صعوبة في العثور على رعاة لدعم مآدب الإفطار الرمضاني في كينيا لأنها عادة شائعة في تركيا. بل يتحمس رجال الأعمال لاستغلال هذه الفرصة عندما يدركون أن نفس المبلغ يستطيع إطعام عدد أكبر من الأشخاص في كينيا مقارنة بتركيا. تحرص المؤسسة على إقامة هذه المآدب الجماعية غالبًا في القرى الفقيرة نسبيًا خارج مدن مثل نيروبي ومومباسا. كما تركز المؤسسة مع انتهاء شهر رمضان على جمع تبرعات الملابس من تركيا لتوزيعها في كينيا في عيد الفطر وبعده. أضف إلى ذلك أن المؤسسة تنظم فعاليات الإفطار الرمضاني عالية المستوى في نيروبي ومومباسا لجمع أصحاب الرأي، والمسؤولين المحليين والحكوميين، والصحافيين، والأكاديميين، ورواد الأعمال، وغيرهم. تبادر المؤسسة في هذه الفعاليات بتعريف المشاركين بالأنشطة التي نفذتها وطرح رؤيتها للمستقبل، أملاً في الحصول على دعمهم ومشاركتهم في أنشطة المؤسسة.

وبالمثل، تجمع المؤسسة تبرعات لحوم الأضاحي من تركيا، حيث يتبرع كل مسلم بثلث أضحيته أو أكثر للفقراء. يؤكد يافوزلار على نجاح المؤسسة في الحصول على كميات كبيرة من اللحوم من تركيا لأن المتبرعين يقدمون بسخاء شديد عندما يعرفون أن تبرعاتهم تذهب إلى إفريقيا. لهذا فإنهم لا يتبرعون بجزء من الأضاحي أو بها كلها فحسب، بل يتبرعون أيضًا بمبالغ نقدية تستخدمها المؤسسة في شراء مواشٍ أخرى، ليتم ذبحها وتوزيعها على الفقراء في كينيا.

مساعدات الرعاية الصحية

علاوة على ذلك، تقدم المؤسسة خدمات الرقابة الصحية على المناطق الريفية في كينيا عدة مرات على مدار العام، من خلال دعوة مجموعات من الأطباء والممرضين المتطوعين من تركيا وكينيا. يشير يافوزلار إلى أنه بسبب الصعوبات اللوجستية المصاحبة لاستقدام أطباء وممرضين من تركيا، تعتمد المؤسسة غالبًا على الأطباء والممرضين الكينيين. تتواصل المؤسسة مع الأطباء الكينيين الذين درسوا في تركيا، وتشجعهم على الاستفادة من مواردهم والقيام بأعمال الرقابة الصحية. يقدم البنك الإسلامي للتنمية، وهو كيان فرعي تابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، منحًا دراسية لـ 15 طالبًا كينيًا كل عام لدراسة الطب أو الهندسة في الدول الأعضاء في المنظمة، ومن بينها تركيا. يوضح يافاوزلار أن هذا سبب وجود أطباء كينيين كثر في نيروبي ومومباسا وجاريسا ممن حصلوا على شهاداتهم من جامعات تركية، وتستطيع المؤسسة الانتفاع من مواردهم في الأعمال التطوعية. تتلقى المؤسسة المساعدة من متبرعين في تركيا في صورة عقاقير تُوزّع مجانًا على الفقراء أثناء عمليات الرقابة الصحية.

من منطلق رغبة مؤسسة عميرية في مواصلة جهود الرقابة الصحية وزيادتها، تخطط لبناء مستشفى إقليمي يخدم منطقة شرق إفريقيا بأكملها، وتحديدًا كينيا، وأوغندا، وتنزانيا. يرى يافوزلار أنه سيكون من الأسهل نسبيًا على المؤسسة بناء مستشفى إقليمي كبير بدلاً من عدة مستشفيات صغيرة في كل دولة، لأن تعدد المستشفيات سيزيد التكاليف التشغيلية، ويجعل من الصعب توظيف عدد كاف من العاملين في المجال الصحي للعمل فيها. لهذا، تهدف المؤسسة إلى خدمة المرضى من البلاد الثلاثة في المستشفى الإقليمي المخطط تشييده في العاصمة الكينية نيروبي. من الشائع ليس في قطاع الرعاية الصحية وحده أن تكون مقار المنظمات الإقليمية والدولية والشركات في كينيا، وأن تخدم من هذا المكان كل دول شرق إفريقيا، بما أن الدول الثلاثة الكبيرة كانت موحدة في الأساس حتى قسمها الاستعمار البريطاني، وحاولت أن تتحد مرة أخرى بعد انتهاء فترة الاستعمار البريطاني. بمعنى أن مواطني الدول الثلاثة يمكنهم السفر بحرية فيما بينها، كما تخضع الشركات لأنظمة ولوائح متشابهة. وبالتالي سيسهل على المرضى من خارج كينيا أيضًا الوصول إلى المستشفى الإقليمي في نيروبي. ويؤكد يافوزلار أن أحد رجال الأعمال المحسنين من محافظة قيصرية التركية قد تعهد بالفعل بدعم تشييد المستشفى. ويشرح أن رجل الأعمال الذي يدعم أنشطة حركة كولن في تركيا يمتلك مستشفى في قيصرية، وكان يخطط لافتتاح أخرى في إفريقيا، لكنه لم يستقر على البلد. وبمجرد أن طرح يافوزلار وأصدقاؤه فكرة مشروع المستشفى على رجل الأعمال، الذي تعرفوا عليه من خلال صديق مشترك في حركة كولن، قرر إنشاء مستشفاه في كينيا.

الجامعة

وأخيرًا، تعكف مؤسسة عميرية على تنفيذ مشروع إنشاء جامعة، يهدف كسابقه إلى خدمة منطقة شرق إفريقيا من مقره في العاصمة الكينية نيروبي. يشير يافوزلار إلى أن رجال الأعمال الأتراك من محافظة أنطاليا الذين دعموا إنشاء الحرم الجديد لأكاديمية لايت وغيرها من مباني المدارس قد تعهدوا بدعم إنشاء الجامعة خلال ثلاث سنوات. لكن يافوزلار يؤكد أن أحمد رضا، رجل الأعمال باكستاني الأصل كيني المولد، بدا متحمسًا لمشروع الجامعة، وقد عرض شراء جامعة قائمة بالفعل بكل مبانيها، والتبرع بها لمؤسسة عميرية إذا وافقت على البدء في إدارتها على الفور.

يقول جنجيز أكبالابان، منسق مدارس أكاديمية لايت، إن عددًا كبيرًا من رواد الأعمال الكينيين الذين ينحدرون من شبه القارة الهندية مستعدون لدعم مشروعات تعليمية في المستقبل، وتعهد بعضهم بذلك مثل أحمد رضا. يمثل الجيل الثاني والثالث من الكينيين الذين ترجع أصولهم إلى شبه القارة الهندية نسبة كبيرة من الطبقة ذات التعليم والمستوى الاقتصادي الجيد. ويؤكد أكبالابان أن من بينهم مسلمين أثرياء يرغبون في مساعدة مجتمعهم، لكنهم يحجمون عن التبرع بسبب الفساد المنتشر في المجتمع بوجه عام، وفي المنظمات الخيرية بوجه خاص. تأصل إحساس بين الكينيين من بقايا الإرث الاستعماري مفاده أن البيض يعطون دائمًا، ويجب أن يعطوا للسود دون أن يسألوا عن مآل ما أعطوه. لهذا يجد فاعلو الخير المحليون صعوبة في التبرع مع علمهم بأن أموالهم ستتعرض في النهاية للتبديد. يؤكد محمد يافوزلار أنهم ارتأوا عدم قبول أي تبرعات من رواد الأعمال المحليين لاستخدامها في منظمات كولن، غير أنهم شجعوا رجال الأعمال على دعم إنشاء مشروعات أخرى مستقلة، مثل المدارس والمكتبات والمستشفيات، إذا وجدوا فيهم الرغبة.

انزعج المتبرعون المسلمون من الوضع الاجتماعي الاقتصادي المتدني للأقلية المسلمة في كينيا، لهذا حاولوا حل المشكلة عبر إنشاء مدارس إسلامية، ودورات قرآنية، وجامعة تقنية في مومباسا. تقدَّم المنح الدراسية لـ 15 طالبًا كينيًا كل عام من البنك الإسلامي للتنمية، ويُطلب منهم دراسة الهندسة أو الطب نظرًا لحاجة المجتمع الكيني النامي لهذين المجالين بصورة ملحة. غير أن هذا التركيز الشديد على الهندسة والطب قد تسبب في نقص عدد معلمي المدارس، مما اضطر المدارس الإسلامية الابتدائية والثانوية والعالية لتوظيف معلمين من المملكة العربية السعودية والسودان. يؤكد أكبالابان أن أحد أهم أولويات مؤسسة عميرية تشجيع رواد الأعمال الكينيين على تقديم المنح الدراسية لأكبر عدد ممكن من الطلاب، ومنحهم حرية دراسة العلوم والفنون الأساسية، ليصبحوا معلمين في المدارس الابتدائية. وفي هذا الصدد، يوضح أكبالابان أن مدارس أكاديمية لايت تقدم المنح الدراسية لنسبة محددة من الطلاب كل عام. وتبلغ هذه النسبة 12% من عدد الطلاب المقيدين في النظام الكيني في نيروبي، و40% منهم في مومباسا. يرجع سبب ارتفاع النسبة في مومباسا، كما يشرح أكبالابان، إلى رغبة مدارس أكاديمية لايت في مومباسا في جذب طلاب من مدن مجاورة مثل جاريسا. لا تقدم المدارس المنح الدراسية للطلاب الذين يدرسون وفقًا للنظام البريطاني، لأن الآباء الذين يختارون النظام البريطاني لأطفالهم لديهم القدرة المادية على دفع مصروفات تعليمهم. يوضح أكبالابان أن جزءًا من مبالغ المنح الدراسية يؤخذ من عائدات المصروفات الدراسية التي يدفعها الطلاب الآخرون، وجزءًا من تبرعات رجال الأعمال في ألانيا وأنطاليا، الذين يدعمون الأعمال الخيرية لمؤسسات كولن في نيروبي ومومباسا.

مؤسسة ريسبكت

مؤسسة ريسبكت هي المؤسسة الخيرية الثانية التي تديرها الجالية التركية التي تتبع أفكار كولن في كينيا. تركز المؤسسة على الحوار بين الأديان والثقافات. لكن بالنظر إلى جهودها في تثقيف العديد من المجموعات المسلمة مختلفة العرقيات في كينيا، يعتبر الحوار بين الأديان أحد أنشطة المؤسسة. تضم كينيا تشكيلة متنوعة من الجماعات المسلمة، من بينها قبيلة نوبية تعيش في وسط كينيا في حي كيبيرا الفقير، وصوماليين أغلبهم من اللاجئين الذين هربوا من الصومال ويقيمون في جاريسا، وعرب يقيمون في مومباسا وقريبًا منها، وباكستانيين هنود حضر أجدادهم إلى كينيا على يد الاستعمار البريطاني في بدايات القرن التاسع عشر.

لا شك أن فهم كل هذه الجماعات العرقية المختلفة للإسلام وتطبيقها له قد تأثر بشدة بممارساتها الثقافية. على سبيل المثال، يبدو أن فهم اللاجئين الصوماليين للإسلام قد تأثر بالتقاليد الوهابية، وربما يرجع السبب إلى الأخصائيين الاجتماعيين السعوديين الذين عملوا مع اللاجئين الفارين من الصراع المستمر في السودان، في حين يبدو أن المسلمين الباكستانيين والهنود منخرطون جيدًا في المجتمع الكيني ورؤيتهم للإسلام أقل تشددًا. وبالمثل، نجد أن المسلمين العرب في مومباسا هادئون ويميلون لريادة الأعمال ويجسدون التقاليد العربية في طريقة ارتداء ملابسهم وتصميم منازلهم، في حين أن المسلمين النوبيين المقيمين في وسط كينيا يجسدون سمات الشخصية الكينية المحلية كأبناء القبائل الكينية مثل كيكويوس ولووس وكالينجينز. بالرغم من اختلاف هذه الجماعات الواحدة عن الأخرى في تأويلها للإسلام وتطبيقه في حياتها اليومية، فإن القاسم المشترك الأكبر بينها أنها جماعات نامية وسيئة التعليم مقارنة بأغلبية الشعب الكيني غير المسلمة. يرجع ذلك في الأساس إلى أن كل المدارس الحكومية تقريبًا خضعت لإدارة مختلف المنظمات المسيحية التبشيرية، وبالتالي كانت مناهجها مصممة لتضم صفوفًا دراسية عن الدين المسيحي، ولزم على الطلاب بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية حضور هذه الصفوف والخدمات الكنسية. ونتيجة لذلك، لم يكمل أغلب المواطنين المسلمين البالغين في كينيا تعليمهم بعد المدرسة الثانوية، باستثناء الباكستانيين والهنود.

تضع مؤسسة ريسبكت في قمة أولوياتها مواجهة مشكلة التراجع التعليمي للأقلية المسلمة في كينيا. ومن هذا المنطلق، تنظم المؤسسة حلقات دراسية ودورات تعليم الكمبيوتر لأئمة المساجد في حي كيبيرا. يُقال إن حي كيبيرا ثاني أكبر الأحياء الفقيرة في قارة إفريقيا، بعد حي في جنوب إفريقيا. يذكر إمام أحد المساجد في حي كيبيرا أن نصف سكان الحي تقريبًا مسلمون، والنصف الآخر مسيحيون. وتضم كل مجموعة جماعات عرقية مختلفة مثل كيكويوس ولووس وكالينجينز وغيرها. يشير ألبير كيليتش، مدير مؤسسة ريسبكت، إلى أن المؤسسة قدمت لأئمة المساجد دورات تدريبية في استخدام الكمبيوتر، وتبرعت بعدد كبير من الكتب لإنشاء مكتبة للمسجد، ووزعت الأدوات المكتبية والكتب على الأطفال المسلمين وغير المسلمين لتشجيعهم على اكتساب عادة القراءة.

يبدو الحوار بين المسلمين والمسيحيين في كينيا بالنسبة لمؤسسة ريسبكت هدفًا بعيد المنال في الوقت الحالي. والسبب في الأغلب أن المسلمين والمسيحيين يخشون بشدة دخول أفرادهم في الديانة الأخرى. انتشرت الديانة المسيحية في أرجاء كينيا وظلت تحت سيطرة عدد كبير من المنظمات التبشيرية منذ أوائل القرن التاسع عشر. وبعد فترة، اعتُبر الإسلام الدين “الآخر” المخالف لكل ما تدعو إليه المسيحية. وفي نفس الوقت، نظرت القبائل المحلية المسلمة إلى المسيحية باعتبارها الدين “الآخر” المخالف لكل ما يدعو إليه الإسلام. ومن هنا نشأ الصدع العميق بين المجتمعين بمرور الوقت، غير أن هذا التخوف من الطرف الآخر لم يصل إلى حد الصدام. وقد أسهمت الروايات التي يحكيها كل طرف عن الآخر في رسم صورة شريرة للآخر. مع أن هذه القصص قد تكون أبعد ما يكون عن الصحة، فقد انتشرت نسخ عديدة منها بين المسلمين والمسيحيين على السواء، فزادت الفجوة بين الطرفين. يحكي إبراهيم، أحد مسلمي القبيلة النوبية، أن هناك اعتقادًا شائعًا بين المسلمين أن الأطفال المسلمين الذين يرتادون المدارس التبشيرية لا يحصلون على تغذية كافية، على عكس زملائهم المسيحيين، ويُطلب منهم الإيمان بالسيد المسيح وليس بمحمد  إذا رغبوا في تناول طعام جيد كأصدقائهم المسيحيين. وبالمثل، يحكي إبراهيم أن المسيحيين يعتقدون أنه إذا اعتنق شخص مسيحي الإسلام، فإن مراسم دخوله في الدين تستلزم وقوفه في المسجد ليبصق في وجهه جميع الحاضرين ليطهروه من الخطايا التي ارتكبها حتى تلك اللحظة. ومثل هذه الأفكار المغلوطة الشائعة التي يصدقها كل طرف عن الآخر تجعل من الصعب حتى هذه اللحظة إقامة حوار.

لكن فاتح ميرت، المدير التنفيذي لمؤسسة ريسبكت، يخبرنا أن طلاب الجامعة المسلمين والمسيحيين أكثر انفتاحًا لفكرة إقامة حوار وأقل تأثرًا بتلك القصص. لهذا، تحرص المؤسسة على تنظيم ندوات ومجموعات نقاش لطلاب جامعة جومو كينياتا لإرساء الحوار بين الأديان والتفاهم بين الثقافات. يحزن ميرت لرؤية علاقة المسلمين والمسيحيين في كينيا تختلف عن علاقتهم في أوروبا أو الولايات المتحدة، وأنهم أكثر تعصبًا لمعتقداتهم، وبالتالي يتعذر إقامة حوار مستدام بين الطرفين على المستوى المؤسسي، على الأقل حتى هذه اللحظة. لكن متطوعي مؤسسة ريسبكت -وهم مسلمون لم يتأثروا بتلك القصص الشائعة- يحاولون التواصل مع المنظمات الإسلامية والمسيحية، وتوضيح أهمية الحوار بين الأديان لقادة الرأي من الطرفين من خلال مقابلات فردية أو برامج اجتماعية.

التحليل والنتيجة

استضافت تركيا مؤخرًا أول قمة للتعاون التركي الأفريقي، والتي ضمت شخصيات رائدة في مجال السياسة والأعمال وقادة منظمات غير حكومية في أكثر من 50 دولة أفريقية مع نظرائهم الأتراك، لمناقشة سبل التعاون المشترك لبناء مستقبل واعد. كان من نتائج القمة إصدار بيان إسطنبول ومخطط التعاون للشراكة الأفريقية التركية بعد أربعة أيام من النقاش، لتحديد إطار العمل الفعلي للشراكة المنتظرة، التي وُصفت بأنها “تضامن وشراكة من أجل مستقبل مشترك”. حددت الوثيقة مجالات التعاون بين تركيا والدول الأفريقية، شملت التعاون الحكومي، والسلام والأمن، والتجارة والاستثمار، والزراعة، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والصحة، والبنية التحتية، والطاقة، والنقل، والاتصالات عن بُعد، والثقافة، والتعليم، والإعلام، والاتصالات.

كما يتضح من عقد مؤتمر القمة الأخير والجهود التي تبذلها أنقرة لتعزيز العلاقات التركية المنسية بالدول الأفريقية على أساس إقامة شراكة متكافئة رشيدة، يبدو أن موقف تركيا من إفريقيا قد تغير قليلاً عن مواقف الدول المتقدمة أو النامية الأخرى. ظلت دول العالم الأول لسنوات طويلة، وربما ما زالت، تظن أن إفريقيا عبء فوق كاهلها. من منطلق إحساس دول أوروبا الغربية الكبرى بالمسؤولية تجاه إفريقيا، أو كما يرى البعض من منطلق إحساسها بالمسؤولية عن تأخر القارة بسبب دورها التاريخي، فإن هذه الدول، التي كانت أيضًا المستعمر الرئيسي لإفريقيا في القرن الـ 19، خصصت جزءًا من مواردها لمساعدة إفريقيا. وسواء كانت المساعدات الأفريقية ناجحة أو لا، فإنه موضوع مهم مطروح للمناقشة في دراسات التنمية المعاصرة.

لماذا يُنظر إلى العلاقات الناشئة بين إفريقيا وتركيا نظرة مختلفة عن علاقتها بأوروبا الغربية؟ قد يرجع السبب إلى أن قادة إفريقيا أو الأفارقة بوجه عام لا ينظرون إلى تركيا بوصفها المستعمر السابق الذي استغل مواردهم، بعكس دول أوروبا الغربية. أما العامل الثاني، فقد يكون نظرة قادة إفريقيا إلى تركيا باعتبارها دولة لا تختلف عنهم في أنها ما زالت دولة نامية، وبالتالي من السهل التعامل معها.

يبدو أن إجابة هذا السؤال تظهر على مستوى الأفراد. فلا شك أن الشؤون الحكومية تتأثر تأثرًا كبيرًا، إن لم يكن حصريًا، بالتصورات الفردية لشعوب تتشارك التاريخ والثقافة. وفي هذا الصدد، تتميز تركيا ليس فقط بأنها لا تشارك الدول الأفريقية تجربة الاستعمار، بل أيضًا بأنها تحظى بتمثيل جيد لدى هذه الدول منذ البداية. شهد العقد الأخير من القرن الماضي ظهور عدد من المعلمين ورجال الأعمال الأتراك الذين آمنوا بآراء المفكر المعاصر الأستاذ فتح الله كولن، وقرروا افتتاح مدارس في أفقر بقاع إفريقيا، تاركين أحلامهم الشخصية وكل شيء وراءهم في تركيا.

ومن أمثلتهم عمر كوتلو. تخرج كوتلو في كلية حقوق تركية معروفة وهو في بدايات العشرينات من عمره، وبدلاً من أن يبدأ مسيرته في مجال المحاماة لبناء حياة موسرة، قرر أن ينتقل إلى كينيا -التي لم يعرف مكانها على الخريطة- فور أن لاحت له فرصة بدء مشروع مدرسة هناك. لم يكن يتحدث الإنجليزية جيدًا، ناهيك عن اللغة السواحيلية المحلية. بدأ كوتلو ورفاقه التعرف على البلد وشعبها الذي لم يسبق لهم التعامل معه، وحاولوا البحث عن شركاء محليين لمساعدتهم في تأسيس المدرسة التي يحلمون بها. أشار القاضي السابق في المحكمة العليا ذو الأصول الباكستانية أنه شعر منذ اللحظة الأولى أن كوتلو وأصدقاءه مختلفون عن الأتراك الآخرين الذين قابلهم. “قابلت العديد من الأتراك، سواء في أوروبا حيث درست، أو في المؤتمرات الدولية التي حضرتها في بلاد أخرى. مشكلتهم في رأيي عدم الإحساس بالهوية، لديهم أزمة هوية، بحيث لا يعرفون إلى أين ينتمون”. يكمل القاضي السابق قائلاً: “لكن السيد كوتلو وأصدقاءه كانوا مختلفين تمامًا. عرفوا جيدًا من هم، وأصروا على إنشاء المدرسة هنا في نيروبي، لتوفير التعليم الحديث للأطفال الكينيين. قلت لنفسي حينها أنه يتحتم عليّ أن أقف مع هؤلاء الشباب الأتراك وأساعدهم على تأسيس المدرسة”..

ومن الأمثلة الأخرى إلهان أردوغان. بعد أن شارك في تنفيذ مشروعات مدارس عديدة في آسيا الوسطى في التسعينيات، سافر مع زوجته وطفله الرضيع لتأسيس مدرسة في العاصمة الأوغندية كامبالا، بعد قضاء عام أو عامين في كينيا. يتذكر إلهان الصعاب التي واجهته هو وزوجته في بداية حياتهما في أوغندا، حيث لم يجدا الكثير من الأتراك. “لعل الساعات الطويلة التي قضيناها في الجمارك قبل دخول أوغندا كانت أصعب ساعات مرت عليّ في حياتي”. تكمن المشكلة في أن تركيا لم يكن لها تمثيل دبلوماسي في أوغندا، ولم تعلن أنقرة سوى من أسبوع واحد -أي بعد مرور عقد كامل- عزمها افتتاح سفارة هناك. قضى أردوغان سنواته الأولى في أوغندا، كزميله كوتلو، في محاولة التعرف على الشعب المحلي، وتشجيعه على المشاركة في المشروع التعليمي الذي يحلم به. اليوم تقدم المدرسة التي أسسها هو وزملاؤه التعليم لما يقرب من 200 طالب، يتنافسون مع أقرانهم في المسابقات الدولية، سواء في الرياضيات، أو العلوم، أو الإنسانيات، أو تكنولوجيا الحاسوب.

تحكي سيدة أعمال محلية تمتلك عدة متاجر أجهزة في كامبالا أنها سافرت إلى تركيا في رحلة نظمها أردوغان، زارت فيها المدارس التي أسسها رجال الأعمال الأتراك. “ذهبنا إلى مدرسة في نازيللي كانت ممتازة. ونعتزم نحن قادة الأعمال في أوغندا أن نحذو حذوهم في بلادنا”. تشير إلى أنها تحرص هي وزوجها وأصحاب الأعمال الأوغنديون الآخرون على الالتقاء بانتظام بالمعلمين في مدرسة أكاديمية لايت التركية، لمناقشة وسائل الارتقاء بمرافق المدرسة، والتخطيط لافتتاح مدرسة أخرى. من الجدير بالذكر أن أردوغان وأصدقاءه المعلمين الأتراك ما زالوا يعيشون مع عائلاتهم في منازل صغيرة شيدوها بأنفسهم قريبًا من المدرسة.

إن تفاني رجل الأعمال التركي الراحل إركان شاغول من مدينة أرضروم في أعمال التطوير في تنزانيا يعكس جهود الكثير من رجال الأعمال الآخرين الذين باعوا أعمالهم في تركيا ليبدأوا من الصفر في مختلف الدول الأفريقية، بهدف دعم مشروعات إنشاء المدارس في تلك الدول، ومساعدة الأفارقة على الارتقاء بحياتهم. قوبل شاغول بالنقد من أصدقائه وأقاربه، لكنه أنهى أعماله في إسطنبول وانتقل إلى مدينة دار السلام في تنزانيا عام 2005، حيث زار المدارس التركية للمرة الأولى عام 2001. كان حلمه بناء جامعة في دار السلام، تتفوق على أي جامعة أفريقية أخرى من حيث جودة مرافقها ومستوى التعليم التي تقدمه. لكنه لقي حتفه للأسف في حادث سيارة، تاركًا زملاءه لتحقيق حلمه، حتى أصبح رمزًا للصداقة بين التنزانيين والأتراك.

أكاديمية لايت التركية: منارة إفريقيا

لا شك أن قصص التفاني والتضحية الفردية استطاعت أن تتجاوز الأفراد، وتترك بصمتها على التصورات والأفكار على المستويين المحلي والدولي فيما يتعلق بالعلاقات الأفريقية التركية.

تخرّج ريتشارد أوتولو مؤخرًا في أكاديمية لايت التركية في نيروبي، وهو مسيحي ملتزم يواظب على حضور القداس الإلهي وينشد في جوقة الكنيسة. قُتل والده أثناء تفجيرات القاعدة للسفارة الأمريكية في نيروبي عام 1998، حيث كان يعمل مهندسًا في المبنى المجاور. عندما سُئل أوتولو عن مشاعره تجاه المسلمين بعد ما أصاب والده، وموقفه من ارتياد مدرسة يديرها معلمون كينيون وأتراك مسلمون، قال: “المعلمون الأتراك مسلمون، لكن الدين ليس مشكلة هنا. نتمتع بالحرية هنا. تختلف أكاديمية لايت عن غيرها من المدارس. (…) يبقى المعلمون في المدرسة بعد انتهاء الصفوف، ويساعدوننا في دراستنا. حتى أصبحنا آخر الأمر أصدقاء مقربين من معلمينا. الوضع مختلف في المدارس الأخرى؛ فهناك حاجز بين المعلم والطالب. لكن هذا الحاجز غير موجود هنا في أكاديمية لايت. إنهم ليسوا معلمينا فحسب، بل أصدقاءنا أيضًا. حتى إننا نبقى على اتصال بعد التخرج. لكن بمجرد أن تتخرج في المدارس الأخرى تنقطع علاقتك بالمعلمين. وعندما تقابل معلمًا في الطريق، ربما تحاول الاختباء منه حتى لا يراك”.

السيد فيري مسؤول عن تدريس دراسات الأعمال في أكاديمية لايت التركية. بعد أن نشأ وتعلم في أحد مناطق كينيا الشرقية الفقيرة، انضم إلى زملائه الأتراك في سنوات الدراسة الأولى. “أعمل هنا منذ سبع سنوات تقريبًا. وتربطني علاقات جيدة مع طلابي وزملائي. ولأنهم ينحدرون من ثقافات مختلفة، تصبح المدرسة بيئة متعددة الثقافات. تطبق المدرسة برامج تبادل مع تركيا، لكنني لم أسافر إليها حتى الآن. لقد كانت التجربة حتى الآن جيدة بالنسبة لي”. يفخر فيري بإنجازات أكاديمية لايت. “أذكر عندما بدأت المدرسة قبل 10 أعوام تقريبًا، كانت مساحة المدرسة صغيرة والمبنى متواضع. أما الآن عندما أنظر حولي، أرى مدرسة حديثة واسعة تضم مرافق مختلفة. وهذا أهم إنجازات المدرسة في رأيي. ثانيًا، عندما خضعنا لأول اختبار “شهادة التعليم الثانوي في كينيا” (KCSE) عام 2002، لم يكن أحد يعرفنا في كينيا. أما إذا نظرنا إلى الوضع الآن، فيمكننا القول إن أكاديمية لايت ستكون منارة هذا البلد، لأن مؤشرات النجاح في ارتفاع مستمر. كنا في المركز العاشر، ثم صعدنا إلى الثامن، ثم السابع. حتى وصلنا أخيرًا هذا العام (2007) إلى المركز الثاني من بين 5000 مدرسة خاصة في كينيا”. في حين يتحدث فيري عن كل نجاح تحققه أكاديمية لايت وكأنه نجاح له، تجسّد كلماته الخصائص العامة للعلاقات التركية الأفريقية، والتأثير الذي حققته مبادرات كولن في كينيا أو أوغندا. لا ينظر أيٌ من الأفارقة أو الأتراك إلى الآخر باعتباره مختلفًا، بل بوصفه شريكًا متساويًا يتفانى في تغيير مصير إفريقيا المرير، ويتطلع إلى مستقبل أفضل للجميع.

الهوامش

تستند هذه الدراسة إلى مقابلات أجراها الكاتب مع مشاركين من كينيا وأوغندا في شهر أبريل 2008. ما زال من المخطط إضافة بيانات المقابلات التي أجريت في أوغندا. لهذا فإن البحث ما زال قيد التطوير.

اقتباس من مقابلة الكاتب مع السيد أحمد أمين في نيروبي، كينيا يوم 23 أبريل 2008.

اقتباس من مقابلة الكاتب مع المشارك من حي كيبيرا الفقير في نيروبي، كينيا يوم 27 أبريل 2008.

اقتباس من مقابلة الكاتب مع المشارك من نيروبي، كينيا يوم 28 أبريل 2008.

اقتباس من مقابلة الكاتب مع المشارك من نيروبي، كينيا يوم 29 أبريل 2008.

اقتباس من مقابلة الكاتب مع المشارك من نيروبي، كينيا يوم 23 أبريل 2008.

 

 

About The Author

محلل سياسي مستقل. نشر مقالات في مجلات أكاديمية ومقالات افتتاحية في الصحف والمنشورات عبر الإنترنت. ومن منشوراته: "رد مدني على الصراع الإثني والديني: حركة كولن في جنوب شرق تركيا (نيو جيرسي: ذي لايت برس 2008)، و"تأملات في تركيا والعلاقات التركية الأمريكية الإسرائيلية والشرق الأوسط" (نيو جيرسي: أزرق دوم برس 2013). حاصل على ماجستير في الإدارة والعلوم الإدارية من جامعة تكساس في دالاس مع تخصص في التنظيم والإدارة الإستراتيجية، وماجستير في الدراسات الأوروبية الآسيوية والروسية وأوروبا الشرقية من كلية إدموند إيه والش للخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون".

Related Posts