(العين الإخبارية) – كشفت دراسة حقوقية عن انهيار دولة القانون في تركيا، على يد النظام التركي الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان، والذي استغل محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016، لتصفية خصومه ومعارضيه، وأيضاً توسيع صلاحياته التنفيذية والتشريعية.

الدراسة، التي صدرت حديثاً عن مركز “نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية”، أكدت أن هناك ما يشبه الإجماع لدى الحقوقيين والمحللين، على أن الديمقراطية في تركيا تتراجع بشكل متسارع، في ظل حالة الطوارئ القائمة، وهو ما أسهم في سيطرة السلطة التنفيذية المتمثلة في أردوغان وحزبه، على السلطتين التشريعية والقضائية.

وتحت عنوان “انهيار دولة القانون في تركيا”، أشارت الدراسة إلى أن أكثر من 300 صحفي تركي يقبعون حالياً في السجون التركية دون أي تهمة أو محاكمة، فضلاً عن اعتقال نحو 50 ألف تركي، بينهم قضاة وإعلاميون وأطباء ونواب عموم، بتهم محاولة الانقلاب على السلطة والإرهاب والتجسس.

النظام التركي زاد في قمع معارضيه عبر فصل ما يقرب من 150 ألف موظف عمومي من وظائفهم دون إجراء أّي تحقيق إداري أو سبب قضائي.

أردوغان يصفي القضاء التركي

أوضحت الدراسة، عبر 5 محاور رئيسية، أدوات القمع لدى النظام التركي، التي تتمثل أبرزها في: الضغط على هيئات الدفاع، واستخدام الهيئات القضائية للتصديق على قرارات القمع والفصل التعسفي، وتهديد القضاة بالفصل.

وجاءت سيطرة السلطة التنفيذية بشكل كامل على مقاليد الأمور، لتؤكد أن القضاء التركي بكل درجاته، وحتى على مستوى المحكمة الدستورية العليا، عاجز عن تطبيق القانون والدستور، بل أشارت الدراسة إلى أن القضاء التركي بات شريكا في القمع الذي يمارسه نظام أردوغان، بعد الإطاحة بآلاف القضاة والنواب العموم.

ولفتت الدراسة، التي صدرت في شهر مايو/أيار الجاري، إلى أن الأزمة الحقيقية التي تواجه تركيا تتمثل في فقدان القضاء التركي لاستقلاله ونزاهته.

المفارقة أن السيطرة على القضاء التركي بدأت منذ 2013، وتحديدا مع فتح ملفات فساد كبرى، تورطت فيها الدائرة المغلقة حول أردوغان، وهو ما دفعه إلى استخدام صلاحياته للتنكيل بالقضاة الأتراك، وجاء الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016، ليكون ذريعة لأردوغان في استمرار الإطاحة بالقضاة غير الموالين للنظام.

وهنا، بحسب الدراسة، يمكن تفسير أسباب عدم حصول ضحايا الانتهاكات في تركيا على حقوقهم، التي تتمثل أبرزها في المحاكمات العادلة، وهو ما عززه إعلان أردوغان عن ملاحقة عناصر حركة الداعية فتح الله كولن، وبالتالي باتت القضايا جاهزة وفي انتظار أي معارض.

مقصلة أردوغان.. ضحايا بالآلاف

أعداد ضحايا النظام التركي، وتحديدا منذ 15 يوليو/تموز 2016 بات مؤشرا على سطوة النظام وتماديه في القمع، حيث تم فصل 151967 موظفا، وإغلاق 3003 جامعة ومدرسة خاصة وسكنا طلابيا، وأيضاً إغلاق 189 وسيلة إعلامية، واعتقال 319 صحفيا، إلى جانب فقدان 8573 أكاديميا لأعمالهم.

كما كشفت الدراسة عن احتجاز 136995 تركيا، واعتقال 77524 آخرين، إلى جانب فصل 44385 مدرسا ومديرا من وزارة التعليم، وتسريح 10841 ضابط جيش.

وعلى مدار عامين أيضاً، عزل نظام أردوغان 4634 قاضيا ومدعي عموم، وفصل 24419 شرطيا من جهاز الأمن العام، إلى جانب فصل 16409 طالبا عسكريا من الأكاديميات الحربية، و7159 طبيبا وموظفا من وزارة الصحة، و5210 محافظا وإداريا، و6168 موظفا من وزارة العدل، و3090 إماما وواعظا وموظفا من رئاسة الشؤون الدينية.

على ضوء ما سبق، خلصت الدراسة إلى أن الحديث عن دور القانون في تركيا بمثابة اللغو الذي لا يفيد شيئا، وباتت الهيئة العليا للقضاء بما تمثله من قيمة قانونية، ليست بمنأى عن حملات الإرهاب والتخويف والاعتقال لكل عضو فيها يمكن أن يصدر قرارا لا يتوافق مع الاتجاه الذي رسمته الحكومة.

النتيجة السابقة، أكدتها الأمم المتحدة، في تقريرها بشأن حقوق الإنسان بتركيا، الصادر في مارس/آذار 2018 تحت عنوان: “التأثير السلبي لحالة الطوارئ في تركيا على حقوق الإنسان في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول 2017″، الذي أكد أن النتيجة الطبيعية لكل المعطيات السابقة الإقرار بأن دولة القانون في تركيا قد انهارت، وأن العدالة لا تجري في مجراها الصحيح.

المصدر: www.al-ain.com