نستكمل قصة الأسبوع الماضي عن التاجر قادير أكبر تجار الذهب في إسطنبول حتى عشية الانقلاب المزعوم في تركيا واضطراره إلى الهرب وعائلته إلى نيويورك عقب مصادرة أمواله وممتلكاته، وكان خضوعه للعلاج النفسى ليس نهاية المطاف وإنما أول الحكاية.

أعلم يقينًا أن قادير قد قرأ مقال: «أن نكون من جديد», للأستاذ فتح الله كولن فى كتابه الغرباء، ويتحدث فيه عن أهمية أن تكون الروح قوية ومتحفزة والذكاء حادًّا متوقدًا والحس يقظًا مرهفًا والإرادة مشحونة مشحوذة، فلا خوف من أن نكون اليوم في الأعلى أو في الأسفل، متقدمين أو متخلفين.لأنه إذا تمكن الإنسان من التحليق بروحه وإرادته وعقد العزم على مواصلة السير في طريقه، فسوف يتربع على القمم غدا حتى وإن بدا اليوم يلهث في آخر ركب المتخلفين.

رسم قادير حلمه أو الأمل بأن يبدأ حياته من جديد، فقد نجح أن يكون تاجرًا مشهورًا للذهب ببلاده، وعليه أن يستغل قدراته في النهوض من جديد، فابنته على وشك الالتحاق بالجامعة وتريد أن تصبح طبيبة مشهورة لتداوي أوجاع الآخرين، فكم شاهدت أباها يتصدق بأموال كثيرة لتخفيف آلام الفقراء، فهي ستكمل ما رأته في الوالد الحنون.. والابن الشاب لا يرى سوى كلية الهندسة بديلا لطموحاته، وبما أن التعليم مكلف في الولايات المتحدة للأجانب، فكان على قادير العمل نحو 18 ساعة يوميا كي يوفر لعائلته القدر الأدنى من مستلزمات المعيشة.

لم ييأس قادير في البداية بسبب بضعة دولارات يتربحها من عمله سائقًا على سيارة أجرة فى نيويورك، فقط استغرب من كونه يعد الدولارات بيديه بعد أن كان يتعامل بماكينات عد الأموال في محلات الذهب ببلاده. أيقن قادير حكمة أن نكون من جديد واستطاع بجهده امتلاك سيارة يعمل عليها والتحقت ابنته بكلية الطب فعلا ويوشك ابنه على دراسة الهندسة.

يقسم قادير على مدى رحلتين معه بصحبة صديقي الأستاذ إسحاق إنسى رئيس شئون الشرق الأوسط فى جريدة الزمان التركية، بأنه سيمتلك طائرة خاصة قريبا، ولم لا؟.. فهو بدأ رحلة بعثه من جديد ويستكمل ساعات عمله بائعًا للكتب على موقع الأمازون الشهير.