في سبيل سعيها الحثيث لتجفيف منابع تمويل الإسلاميين، فعّلت النمسا قانوناً يحظر التمويل الخارجي لأئمة المساجد، وتبع ذلك مؤخراً إقامة أولى الدعاوى القضائية ضدّ أئمة المساجد الذين يتلقون دعمًا ماليًّا من تركيا.

هذه الإجراءات تهدف كما أشار تقرير أعده موقع أحوال تركية إلى منع تمويل الكثير من الاتحادات الإسلامية والمساجد من تركيا، ما يجعلها عرضة للاتهام بالترويج لقيم مثيرة للشك على المستوى السياسي ودعم تكوين مجتمعات موازية.

التمويل والقلق النمساوي

تسبب التمويل الخارجي للمساجد في حالة غليان في النمسا، خاصة بعد إغلاق سبعة مساجد وطرد عشرات من الأئمة العام الماضي. ويعود السبب في ذلك إلى الحملة التي شنتها الحكومة النمساوية للاشتباه في حصول رجال الدين على دعم مالي مباشر من هيئة الشؤون الدينية التركية.

قانون حظر التمويل

منذ عام 2015، يحظر قانون خاص بالإسلام في النمسا التمويل الخارجي.

وينصّ هذا القانون، وفقاً لما نشرته قناة دويتشه فيليه الألمانية، على أنه يجب على المؤسسة الدينية المُعترف بها بحسب القانون العام تغطية مصاريف الخدمات الدينية من مصادر تمويل محلية.

كما وسيتم في ذات الصدد مراجعة ملفات ستين إماماً من بين 260 إمام موجودين في النمسا. وتوجّه رئيس الاتحاد الإسلامي المنتخب حديثاً، أوميت فورال، إلى الرأي العام، مُشيراً إلى أنه بعد عمليات طرد الأئمة، لم يعد هناك عدد كاف من الأئمة للحفاظ على تسيير المساجد.

البروفيسور جورج لينباخر، عضو المحكمة الدستورية النمساوية، شرح في مقابلة له مع DW أنه، وفقا للنص القانوني، يجب دفع أجرة “الإمام العادي” من المصادر المحلية. يشار إلى أنه في يونيو الماضي، أعلنت الحكومة النمساوية إغلاق 7 مساجد، وترحيل عدد كبير من الأئمة، واتهمتهم ببني أفكار راديكالية ونشر توجهات قومية.

كما ألغت فيينا تصاريح إقامة لأئمة تابعين لـ”الاتحاد التركي النمساوي للثقافة الإسلامية والتضامن الاجتماعي”، المرتبط برئاسة الشؤون الدينية التركية، بدعوى “تلقيهم تمويلًا من الخارج”.

هل تسير ألمانيا على خطى النمسا؟

في ألمانيا، لا يطالب بعض الساسة من المعسكر المحافظ والشعبي اليميني بأن تأخذ ألمانيا هذا القانون كمثال وحسب، وإنما هناك أيضاً مطالب أخرى بالتحرك ضد التمويل الخارجي من قبل المعسكرات السياسية الأخرى.

وخلال حديثه مع DW، عبّر رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا، برهان كيسيس، عن قلقه من الموضوع، إذ قال بأنّ الجدل يُظهر مدى ضآلة معرفة الرأي العام الألماني بما وصفه بـ “البنية التحتية للإسلام، وقال:”لا أعرف مسجداً واحداً، يُمول من الخارج”. وتحدث كيسيس عن حالات معزولة وأنه هناك فرق بين رواتب الأئمة من تركيا والتكاليف الجارية للمساجد”.

ويحذر كيسيس الساسة الألمان من الوقوع في “المصيدة النمساوية” ووضع “قانون خاص بالمسلمين”.

يُذكر أنّ المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا يعتزم مناقشة تمويل المساجد عبر تطبيق “ضريبة مسجد” خلال انعقاد مؤتمر الإسلام المقبل.

وقال رئيس المجلس أيمن مازيك إنّه يتعين أن تكون المساجد، التي تعاني حاليا في الغالب من نقص التمويل، قادرة على تعيين أئمة متعقلين ومُدربين هنا ويتحدثون اللغة الألمانية، مشيرا إلى أنه يمكن تنفيذ ذلك أيضا عبر إنشاء مؤسسة للمساجد قائمة على التبرعات وبدعم تنظيمي من الدولة.

وكان وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر طالب المسلمين في ألمانيا خلال انعقاد مؤتمر الإسلام في نوفمبر الماضي بحل ارتباطهم بالتأثير الأجنبي.

وتعول تركيا على المساجد التابعة لها في ألمانيا للتأثير على المسلمين وبث خطابها السياسي، وهو ما أشار إليه هورست زيهوفر وأكدته أجهزة الاستخبارات.