جاء في قصة قصيرة للكاتب البرازيلي الكبير باولو كويلهو ، أن طفلا ظل يداعب والده أثناء قراءته للصحيفة ولم يكف عن مضايقته. وعندما تعب الأب قص صفحة من الجريدة كانت تحتوي علي خريطة العالم ومزقها الي قطع صغيرة وأعطاها لطفله لكي يعيد تجميعها. عاد الأب لقراءة الصحيفة ظنا منه أنه ارتاح من مشاغبات طفله الذي قد يعيد تجميع خريطة العالم بعد ساعات.
إلا أن المفاجأة أن الطفل عاد بالخريطة كاملة بعد ربع ساعة وسط دهشة الأب الذي فوجئ بأن طفله اكتشف رسما للإنسان في الوجه الآخر من الصفحة التي بها خريطة العالم، وقال لوالده:عند أعدت بناء الإنسان..أعدت بناء العالم, في إشارة الي الخريطة.
هذه الرسالة: أعد بناء الإنسان.. تـعد بناء العالم، كانت بداية فيلم قصير أعده القائمون علي صالون العلم والثقافة الذي يضم نخبة من مثقفي المجتمع ما بين مصريين وأصدقاء أتراك ينتمون لحركة الخدمة التي أسسها المفكر التركي الأستاذ فتح الله كولن لتكون منبرا تعليميا وعلميا وفلسفيا وثقافيا امتد من تركيا لجميع أنحاء العالم.
لم يتوقف الفيلم القصير عند قصة بناء الإنسان والعالم، لأنه تطرق لحديث مهم للمفكر التركي الكبير عن بناء الإنسان والإنسانية، إذ أكد كولن أن العلم يصنع الأخلاق والفضيلة، وكلاهما إذا توافرا في أي إنسان أو مجتمع لتأسست حضارة دائمة. فالإنسان الذي كرمه المولي عز وجل وأحسن تصويره، قال عنه كولن إنه مسئول عن سعادته، فحل مشكلات الإنسان تنبع من داخله وليس من محيطه، وهذا لن يأتي إلا بالقراءة، فمن فضائلها توسيع مدارك الإنسان. وبالعلم والذي أساسه القراءة، يحلق الإنسان في فضاءات فسيحة ليستفيد المجتمع من الأفكار الخلاقة..وهنا نجح كولن مع رفقائه وأنصاره فى بناء مجتمع راق ومتحضر، وهو ما يلمسه أعضاء الصالون حقا في كل الأصدقاء الأتراك.
وبمناسبة تكريم الصالون لي بجائزة الصحافة العربية في جلسته الأخيرة، والأستاذ هيثم السمحاوي الذي كرمته وزارة الشباب كأحد النماذج الشابة المشرفة، أعرب عن امتناني وتقديري لكل أعضاء صالون العلم والثقافة ومؤسسيه، الأساتذة أورهان كسكين و نوزاد صواش و نبيل نجم و اسحاق إنجي و يافوز أجار ، وحمزة توك مدير دار البروج، و صابر مشرفي رئيس تحرير مجلة نسمات.
وسنة سعيدة لمصر والمصريين وكل الأصدقاء والإنسانية جمعاء.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية، بتاريخ 2/ 1/ 2021