تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أشهر تقريرًا عن الأخطاء المرتكبة خلال حملة مكافحة ما تطلق عليه الحكومة “منظمة فتح الله كولن” أي حركة الخدمة، والاقتراحات حول سبل التغلب على المشاكل التي تحول دون استمرار المكافحة بشكل فعال.

عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف 2016، أطلق الرئيس أردوغان حملة أمنية واسعة ضد حركة الخدمة، أسفرت عن فصل أكثر من 130 ألف موظف بشكل تعسفي، واعتقال الآلاف وأجبرت المئات على الهجرة خارج تركيا، فرارا من الملاحقات الأمنية.
التقرير الذي نشر في النسخة التركية لصحيفة “إندبندنت” البريطانية تضمن آراء لشخصيةٍ مهمة لم يتم الكشف عن هويتها فيما يتعلق بالأخطاء والمشاكل التي وقعت أثناء “مكافحة المنظمة”.

أكد التقرير، الذي أعده قيادي في حزب العدالة والتنمية كلفه أردوغان بمهام خطيرة بعد ظهور فضائح الفساد والرشوة في 17-25 ديسمبر 2013، ضرورة إعطاء فرصة للمفصولين تعسفيا من وظائفهم بتهمة “الصلة بالمنظمة” في حال قيامهم بوضع “مسافة بارزة” بينهم وبينها.

اعتراف بالعقاب الجماعي
وشدد التقرير على أنه “لا يمكن وضع المتهمين الذين برأت المحاكم ساحتهم في الكفة ذاتها مع الانقلابيين المسلحين، كما أن التعامل مع الفئتين بالشكل نفسه ليس نهجًا صحيحًا في مكافحة المنظمة”.
كما ورد في التقرير الذي عرض على أردوغان في أغسطس المنصرم، أنه: “يجب تجنّب العقوبة الجماعية لأعضاء المنظمة، واتخاذ جميع التدابير الكفيلة للحيلولة دون هجران واستياء أسرهم وأصهارهم وسائر ذويهم من الدولة”.

التقرير أردف مشيرا إلى أن هناك عقابًا جماعيًا غير مقبول: “لا يمكن قبول أن يكون 125 ألف من المواطنين الخاضعين حاليا للمحاكمة جميعهم أعضاء في منظمة فتح الله كولن أو أن يكونوا على صلة بها.. هذا أمر لا يمكن أن يتوافق لا مع المعايير القانونية ولا المبادئ الدينية”.

من جانب آخر، كشف التقرير المقدم إلى أردوغان عن التمييز في المعاملة بين المتهمين بالعضوية في المنظمة المزعومة أو الارتباط بها قائلا: “هناك أشخاص طردوا من الوظيفة العامة لمجرد أنهم عملوا في بنك آسيا التابع للمنظمة أو فتحوا حسابات فيه من جانب، بينما هناك من تم تعيينه رئيسًا لمجلس إدارة أسواق المال رغم أنه سبق أن تولى منصب المدير العام لهذا البنك”.

ذكر القترير أيضًا أن هناك أشخاصًا لا توجه لهم أي تهمة لكنهم يُحرمون من الوظيفة العامة لمجرد أن أشقائهم استخدموا تطبيق بايلوك الذي استخدمته المنظمة للتواصل، ومن جهة أخرى هناك أشخاص أصبحوا وزراء وبرلمانيين وسفراء تركيا رغم أن أشقائهم معتقلون بتهمة المشاركة الفعلية في محاولة الانقلاب الفاشل.

ونوه التقرير الذي تم تحديثه وتقديمه إلى أردوغان في أغسطس الماضي إلى ضرورة “تطبيق مبدأ شخصية الجريمة والعقوبة الذي يعتبر من المبادئ الأساسية للقانون على الجميع دون تمييز وبشكل عادل”.

ومع أن التقرير يبدو وكأنه يدعو لتفعيل القانون، لكنه في الوقت ذاته يطالب بتطبيق معايير الفصل والطرد التي طبقت على العسكريين على كل “الأكاديميين المعروفين بعلاقاتهم مع منظمة فتح الله كولن” ممن لا يزالون يواصلون العمل والتدريس في الجامعات لعدم كفاية الأدلة بحقهم.
وزارة الدفاع التركية أعلنت في ديسمبر الماضي أنه تم فصل 24256 عسكريًا من القوات المسلحة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016. من بين المفصولين تعسفيا 150 جنرالا و10528 ضابطا، وهناك 1185 فردا مازالت التحقيقات الإدارية مستمرة بحقهم.

غسيل دماغ
ومن جهة أخرى يقترح التقرير إجبار المتهمين بالعضوية في المنظمة أو الصلة بها في السجون ومراكز الاعتقال على مشاهدة فيديوهات أعدت لهذا الغرض خصيصًا “حتى يتبين لهم كيف حولهم التدريب الذي تلقوه على يد المنظمة إلى وحوش وينتبهوا لحقيقة أوضاعهم”، وفق التقرير.

من جانبه، علق موقع تي آ 24 (TR24) على التقرير المثير للجدل قائلا: “التقرير بمثابة اعتراف رسمي صارخ بالانتهاكات القانونية الضخمة التي تتعرض لها شريحة كبيرة من أفراد المجتمع بدعوى عضويتهم في منظمة مزعومة أو الصلة بها، وكيف أن السلطة الحاكمة تنفذ إبادة جماعية لا تقتصر على المتهمين فقط بل تشمل على كل من لهم أدنى صلة بهم من أقاربهم أو معارفهم”.

المصدر: موقع زمان عربي