ألقى الأستاذ فتح الله أولى محاضراته بجامعة أرضروم عن مولانا جلال الدين الرومي، فتركت أثرًا بليغًا على المحاضِرين والحاضرين كما سبق، وكانت الثانية في ندوةٍ نُظِّمت في “الهلال الأخضر” بإزمير، وحظيت محاضرته “التقنيات والعلوم الطبيعية في ضوء القرآن” باهتمامٍ واسع. وهاتان المحاضرتان كانتا استجابة لرغبة الناس لا لبرنامج معين. وفي هذه الفترة كان يلقي دروساً في المقاهي. وهذا محرّم بك قد شهد مسامرات المقاهي الأولى وحذِقَ ظروفها وغاياتها، يقول: “جاء الأستاذ فتح الله إلى كستانه بزاري في شهر 7/ 1966م، كان واعظًا ذا أسلوب لم نعهده في الوعاظ حتى اليوم، فهو ليس كغيره شكلًا ومضمونًا، فمثلًا عندما خرج ليعظ راقبنا صعوده على المنبر بشغف، ظننّا أنه كما هي العادة سيرتدي تلك الجبة السوداء جُبّة الأستاذ يَشار المعلقة على الجدار، ثم يرقى المنبر، لكنه طلع علينا بجُبَّته البيضاء، فانفعل الناس عندما رأوه، وهبّوا من مجلسهم، حتى إننا نسينا تشغيل المسجِّل، فمن يومئذ أصبحنا نغدو إلى المسجد كلّ جمعة مبكِّرين لنستمع إليه.

عُنِي بالشباب، ومعظم روّاد المقاهي منهم، كان روّاد المسجد معدودين، فقال: إذا كان الشباب لا يأتون، فلنذهب نحن إليهم، فبدأ بمنطقتنا “مَرْسينْلي”، فحجزنا المقهى لأوّل لقاء بشقّ الأنفس، ولا أحد يعلم أنه سيتحدَّث، والمقهى مميّز، فهو مكتظ بالطلاب والشباب.

يتبع….

ــــــــــ

المصدر: أرطغرل حكمة، فتح الله كولن قصة حياة ومسيرة فكر.