توطئة: قضية الإصلاح في العالم الإسلامي، وخاصة في المناطق التي كانت تحت نفوذ الدولة العثمانية، بما في ذلك الدولة العثمانية نفسها قبل سقوطها، قضية تكاد تكون واحدة، نظرا لتشابه معطياتها التاريخية وتشابه مكوناتها الاجتماعية والثقافية وتماثل نمط التفكير فيها، وتقارب عقليات الناس فيها. إذ من الخطإ تجزيء قضية الإصلاح والنهضة والانبعاث، والنظر إليها على أنها قضية جزر وأقطار منفصلة عن بعضها البعض، ليس بينها ما تشترك فيه وما تلتقي عنده، بل النظر إليها من زاوية ضيقة كالزاوية القطرية أو القومية.

كان الخطر الأكبر الذي واجهته الدولة العثمانية والعالم العربي في العصور الحديثة هو خطر حقن الوعي الجمعي بداء الاعتقاد بأن لكل منطقة إشكالاتها الوجودية الخاصة، وبأن لا وجود لإشكال جذري عام. في حين لا يصلح حال الكل والمجموع دون اعتبار قضية الإصلاح قضية واحدة تقوم على أسس واحدة، وعلى أساس كونها بوتقة واحدة يستحيل فصل عناصرها بعضها عن بعض. ولذلك فإن ما قد يعاب على أغلب مفكري الإصلاح هو تفكيرهم في قضية الإصلاح برؤية تجزيئية ضيقة تراعي القطرية والقومية والمذهبية. لقد عاش مفكرو الإصلاح الدولة القطرية ذهنيا قبل اكتمال معالمها واقعيا. بعبارة أخرى لقد كان تفكير النخب في النصف الثاني من القرن السابع عشر وفي القرن الثامن عشر متجها إلى تركيز الدولة القطرية دونما حاجة إلى الإفصاح عن ذلك. لقد عجز نخب الإصلاح برؤيتهم المفتقرة إلى رؤية استراتيجية شاملة عن إدراك البعد الكلي للمشهد الحضاري للعالم الإسلامي، بفعل التأثير الذي مارسه ضغط الواقع، وبفعل الآثار السلبية لاكتشاف التفوق الأوربي.

كان طرح أسئلة النهضة والانبعاث في مركز الدولة العثمانية متقدما زمنيا عن طرحها في العالم العربي. والمتتبع لتاريخ نقاش الإصلاح سيلاحظ بأن الدولة العثمانية رغم سعي بعض سلاطينها إلى إدخال بعض الإصلاحات في الحياة العامة، إلا أن تفكير الدولة ظل محصورا في إصلاح المحيط القريب، ولم ينل العالم العربي من أفكار الإصلاح شيء يذكر، بل لقد حاولت النزعة الانفصالية في العالم العربي إدخال بعض الإصلاحات بعيدا عن المركز وبعيدا عن مطامح الإنسان في مختلف المناطق التي كانت تشكل كيانا واحدا في ظل السلطنة العثمانية.

إن ما جناه المجتمع الإسلامي بظهور الفكر القومي وتجذر نزعاته الفكرية في أذهان النخب، كان أسوأ شيء واجهته هذه المجتمعات خلال مراحل إعادة موقعة الذات من المشهد الحضاري العالمي.. لقد كانت النخب تفتقر إلى نظرة شمولية تبصر بوساطتها مشاكل واقع العالم الإسلامي على أنها مشاكل عامة وليست مشاكل خاصة، الأمر الذي أضاع على النخب وعلى إنسان هذه المناطق بصفة عامة العديد من الفرص، وأضاع الكثير من الوقت والجهد. وهي الحالة التي استمرت مدة طويلة جدا سقطت فيها الدولة العثمانية، وتجزأ الكيان الواحد إلى أقطار صغيرة، وتجزأت بفعل ذلك الأحلام والآمال والطموحات.

مر على الإنسان في العالم العربي ردح من الزمن لم يكن يعرف فيه الشيء الكثير عما يجري في تركيا، بإرادة حينا وبغير إرادة أحيانا أخرى كثيرة. كما مر على الإنسان التركي كذلك ردح من الزمن لم يكن يعرف فيه شيئا عما كان يجري في العالم العربي. وكأن كل طرف جزيرة معزولة في مكان بعيد جدا. لقد أريد لهذا الإنسان أن يقتنع بأن لا شيء يوحد، وبأن المصير مختلف وكذلك المستقبل، وأنه من الصعب تصور تركيا بتاريخها، وماضيها المشترك مع العالم العربي على الخصوص أن تسير مع العالم العربي جنبا إلى جنب من أجل مصير واحد وأهداف واحدة، وعلة ذلك تبدو معروفة تحددها العوامل السياسية والتكامل الاقتصادي، وعوامل أخرى ليس هنا مجال تناولها.

إن أول ما ينبغي تصويبه هو النظرة السلبية التي تجذرت في ذهنية عدد من المثقفين العرب تجاه الدولة العثمانية ومن خلالها الأتراك، وهي نفسها النظرة السلبية التي تعمقت في ذهنية الإنسان التركي تجاه العالم العربي والإنسان العربي كذلك، وهي شعور القطيعة وانعدام القواسم المشتركة.. إن ما حدث بين الدولة العثمانية والعرب، وفيما بعد بين الأتراك والعرب هو نوع من التجسيد للمثل القائل “فرّق تسود”، ولذلك فالعمل على إعادة تصحيح نظرة كل طرف إلى الآخر يقود حتما إلى حصول التقارب وتوثيق الصلة ومد خيوط التواصل، لأن مقومات الوحدة والتكامل كثيرة، والمكونات التي توحد الإنسان قوية، تحتاج إلى أن تزرع فيها الحياة من جديد برؤية تراعي المصالح المشتركة وتراعي المصير الواحد.

في هذا الإطار ينبغي التنبيه على أن النخب العربية والنخب التركية ينتظرهما معا عمل كبير وجهد قوي يستهدف في المقام الأول تعريف كل طرفٍ بالطرف الآخر بما لديه من ثروة ثقافية وأسس اجتماعية وفكرية، وغيرها، ويتوجب على النخب الاقتراب مما عند الطرف الآخر من أجل الفهم والدراسة والتحليل، كما يتوجب عليها التواصل في دائرة المصير المشترك.

إن الغاية المركزية لهذه الدراسة هي محاولة تبين جوانب تبدو معالمها غائبة عن القارئ العربي بصفة عام وعن المهتم في المقام الأول. لأن التحولات الكبيرة، التي عرفتها تركيا خلال العقود الأخيرة بعد سنوات طويلة من العزلة والقطيعة مع العالم العربي، بفعل تحكّم الجيش والفكر السلطوي في الحياة السياسة والثقافية، تجعل من تركيا الحاضر مثار اهتمام الإنسان العربي بمختلف فئاته.

إن تحول تركيا في مدة وجيزة إلى دولة ذات أهمية يصعب تجاهلها، يؤثر إيجابا على صورة تركيا باعتبارها دولة ديمقراطية نامية تسجل اليوم معدلات متقدمة في مجال التنمية البشرية والإصلاح، الأمر الذي يسترعي انتباه النخب المثقفة ويدفعها دفعا إلى محاولة فهم أسباب هذا التحول السريع، الذي مهما ربط بالعامل السياسي والديمقراطي، يظل دون الأسباب الفعلية الكامنة خلفه.

الإنسان العربي مهتم اليوم أكثر من أي وقت مضى بصورة تركيا ويتطلع إلى الدور الحضاري، الذي يفترض أنها ستقوم به مع دول العالم العربي في الشرق على الخصوص وفي العالم على وجه العموم. فلا أحد اليوم يستطيع أن يخفي أن تركيا قد حققت قفزة جديرة بالاهتمام في مجالات النهضة والإصلاح والانبعاث، ومما لا شك فيه أن لهذا الصعود أسبابا وليس أسرارا. ولذلك فهي بالنسبة لفئة واسعة من النخب المثقفة العربية واقعا تتحقق فيه آمال الإصلاح، الذي ظل المثقف العربي يحلم به ويتطلع إليه منذ ما يزيد عن مائة وخمسين سنة، وإذا كان الأمير “شكيب أرسلان” قد طرح سؤاله المعروف “لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟”، فإن سؤالا آخر ينبغي إثارته في الوقت الراهن، وهو “لماذا دخلت تركيا إلى دائرة الانبعاث من جديد، وأخذت تحقق التقدم المنشود؟ ولماذا ما تزال بعض أقطار العالم العربي تراوح مكانها، ولم تحقق حتى اليوم الحد الأدنى من شروط الانبعاث والنهضة والتقدم؟” ولهذا فإن الأهداف والمرامي التي تبرر القيام بمثل هذه الدراسة، تتلخص في الآتي:

  • محاولة لمس جانب من رؤية المجتمع التركي للكون والإنسان، ولا تدعي الدراسة استقصاء كل معالم هذه الرؤية، لأن هذا عمل هيئة تتخصص في هذا الباب، والمستقبل كفيل بتأكيد أهمية ذلك. لكن الهدف في هذا المقام هو السعي إلى الوقوف على أهم النماذج الفكرية المعاصرة في العالم التركي، والتي يبدو تأثيرها جلي الحضور محليا وعالميا.
  • تجاوز رصد الظواهر إلى تحديد أهم الروافد الفكرية التي تصوغ في الوقت الراهن الخصوصية الفكرية والمجتمعية لتركيا، لأن المتأمل في هذا الواقع لا يستطيع أن يتجاوز حقيقة كونه واقعا متنوعا ومتعددا، بل ومركبا في كثير من الأحيان؛ فالواقع التركي واقع علماني، وتبنّيه لها لم يكن اختيارا سهلا، بل تطلّب العديد من التضحيات والكثير من محاولات التكيف المجتمعي من أجل المحافظة على تماسك اللحمة التركية وحمايتها من الضياع. فرغم حملات التغريب التي قادها التيار العلماني لم يستطع محو روح المجتمع الإسلامية. وإذا لم يكن أحد ينكر أن التيارات الإسلامية قد لعبت دورا ما في الحفاظ على هذه الروح مشعلة في صلب المجتمع التركي، نظرا لما تميزت به هذه الحركات من خصوصيات لا توجد حتما في العديد من الحركات الإسلامية في العالم العربي على الخصوص، فإن تيارات أخرى قد حافظت على هذه الجذوة بدعوتها إلى تبني خيارات أخرى. وهي خصوصية تحتاج هي الأخرى إلى بحث متأن بالتركيز على بعض النماذج الأكثر حضورا، شريطة ألا يكون التركيز على النماذج التي تبدو اليوم حاضرة بقوة في المجتمع التركي في مجال السياسية. بل نتصور أن الحركات الإسلامية ذات الحضور المدني هي الأكثر تأثيرا والأكثر تجذرا في المجتمع من جهة كونها تلامس كافة فئات المجتمع، وكونها أكثر قربا من هموم المجتمع وأكثر انخراطا في تفعيل طاقة المجتمع الكامنة.
  • ترمي الدراسة كذلك إلى تبين مدى محافظة هذه الروافد على صفائها، وتبين مدى التحول، الذي حصل فيها، وإلى أي حد استطاعت شخصية الإنسان التركي التفاعل مع هذه الروافد وإعادة إنتاجها والتفاعل معها، وتبين أشكال هذا التفاعل وميادينه الأساسية.

أولا: تركيا في ضوء المعطيات العامة

1أما قبل

بداية ينبغي التوقف عند التنوع، الذي يعرفه المجتمع التركي، فالقاعدة البشرية وكذلك القاعدة المدنية شرط لازم لدراسة التكوين الداخلي للمجتمع التركي الذي هو في الأصل: “عبارة عن تشكيلات انتقالية صراعية تشهد تناقضات وصراعات كثيرة من مستوى الفرد والبنية السيكولوجية ونظام القيم الفردي إلى الجماعة الأكبر مرورا بالتشكيلات بينهما، كما يشهد صراعات ومنافسات حركية بين هوياته ومناطقه وجهاته ولغاته وأعرافه ومذاهبه وقواه الاجتماعية والسياسية ومؤسساته وأجياله”. فهذا التنوع يفرض على الدارس أخذه بعين الاعتبار، لأنه ليس وليد التاريخ الحديث، بل هو قديم، إذ يكفي أن يذكر كمثال على ذلك ما قام به “يهود الدونمة” من دور في إسقاط الدولة العثمانية وإلغاء الخلافة. ولهذا يتوجب أخذ هذا التنوع بعين الاعتبار لأنه أسس وضعا فكريا محددا، ينبغي على المهتم الانتباه إليه، ومراعاته في بناء المواقف وإصدار الأحكام، تجاه هذه الفئة أو تلك، خاصة إذا كان المثقف يؤمن بمشروع وطني، أو بمشروع تركيا قبل كل شيء. فمثقف هذه الرؤية، ملزم بأن يأخذ التنوع الاجتماعي والثقافي بعين الاعتبار، بل إن هذا الواقع سيحتل حيزا من تفكير المثقف، وسيحتل مجالا من منظومته الفكرية بصورة واضحة مباشرة، أو بصورة ضمنية، ويمكن تحديد عناصر هذا التنوع من خلال العناصر الآتية:

  • امتداد تركيا بين ثلاثة أقاليم متفجرة سياسيا، وغير مستقرة أمنيًا هي: الشرق الأوسط، والبلقان، وآسيا الوسطى/ جنوب القوقاز.
  • التصاق حدود تركيا التي يبلغ طولها 2648 كلم² بثماني دول هي:

– أرمينيا (وطول الحدود معها 268 كلم)

– أذربيجان (9 كلم)

– بلغاريا (240 كلم)

– جورجيا (252 كلم)

– اليونان (206 كلم)

– إيران (499 كلم)

– العراق (331 كلم)

– سوريا (822 كلم)

– الحدود الساحلية (فتمتد على طول 720 كلم).

ويبلغ مدى المياه الإقليمية 6 أميال، والبحر المتوسط 12 ميلا والبحر الأسود 12 ميلا.

فتركيا من هذا المنظور ذات موقع استراتيجي مهم جدا، وذات أهمية كبيرة بالنسبة للدول التي تحيط بها بالإضافة إلى كونها نقطة صلة مهمة بين المشرق العربي، وبين شرق أسيا وشمالها، بل يمكن القول إنها بوابة استراتيجية مهمة إلى وسط آسيا وخاصة أسيا الأتراكية.

الشاهد فيما تقدم هو أن تركيا ذات معطيات جغرافية وإستراتيجية مهمة جدا. وهذه الأهمية ليست وليدة العصر الحديث، بل هي معطيات قديمة جدا، وإذا كانت الدولة العثمانية قد تمكنت في وقت من الأوقات من التحكم في أغلب هذه المعطيات واستطاعت توسيع مجالها الحيوي في وقت من الأوقات، فإن ذلك قد كان عاملا مثيرا لحفيظة قوى أخرى لم تدخر جهدا من أجل إضعاف الدولة العثمانية والقضاء على نفوذها في المنطقة.

وبالإضافة إلى المعطيات السالفة هناك معطى آخر لا يمكن القفز عليه وهو معطى الثقافة العسكرية ودورها في حياة الأتراك بصفة عامة، فإلى اليوم ما تزال الحياة الجندية تستهوي الإنسان التركي، وهي منزلة موروثة عن الدولة العثمانية، التي كانت تعتمد على الجيش والجندية إلى أبعد حد، وقد ظل للجيش أهمية كبيرة حتى سقوط دولة الخلافة، واستمرت هذه الأهمية، بعد 1923م على وجه الخصوص. يقول عقيل سعيد محفوض في هذا الشأن: “ركزت الدراسات العثمانية على مقولة الأساس العسكري للدولة العثمانية منذ تشكلها القبلي وحتى انهيارها عام 1918م. وذهب فيروز أحمد إلى أن “الدولة العثمانية كانت مؤسسة عسكرية عظمى”، وكانت جيشا قبل أن تصبح دولة. وقد ورثت الجمهورية وضعا أساسيا للعسكر في التكوين الاجتماعي والدولتي وفي صنع السياسة العامة، كما ورثت مؤسسة عسكرية لديها إحساس قوي بالذات والهوية والدور، ولكنها ورثت مع كل ذلك هواجس ومخاوف أمنية ثقيلة”.

2القاعدة السكانية

البناء السكاني التركي حيوي ونشيط وهو كتلة بشرية ضخمة ذات حركية بالإضافة إلى تنوع عرقي وديني يطبع البناء السكاني بالتنوع الفكري، والتعدد الرؤيوي، الأمر الذي ينعكس إيجابا على المجتمع التركي، الذي بلغ عدد سكانه حسب احصائيات 2004م 72,2 مليون نسمة، وسيرتفع هذا الرقم إلى 82,6 مليون نسمة سنة 2015 وبالرغم من شساعة المساحة الجغرافية للدولة فإن أغلب السكان يتركزون في ثلاثة مدن كبرى هي إسطنبول، وأنقرة العاصمة، وإزمير.. في الوقت الذي يبلغ فيه سكان الحواضر 66,8%، ويتميز السكان بتكوين عرقي وديني ولغوي متعدد، “وتشكل الكتلة السكانية الكبيرة تحديات مهمة على صعيد التنمية البشرية والاستقرار الاقتصادي والسياسي. وأدى ذلك إلى جملة تحولات وتغيرات بنيوية في المجتمع والسياسة العامة على حد سواء، ذلك أن الكتلة السكانية هي القوة الحيوية ورأس المال البشري للمجتمعات والدول، ولكنها تمثل تحديا كبيرا في الوقت نفسه، حيث إن متطلبات التنمية البشرية والاستقرار السياسي والاجتماعي تتزايد بصورة مستمرة”.

ومن هنا فإن المشتغلين بالفكر لا بد من أن يراعوا هذه المعطيات، وأن يأخذوها بعين الاعتبار، لأن التحدي الكبير الذي يفرض نفسه هو كيف يدمج كل هذا التنوع في إطار رؤية واحدة ومشروع وطني واحد يتطلع إلى الريادة الإقليمية ثقافيا وسياسيا واقتصاديا.

ومن جهة أخرى فإن انفتاح تركيا منذ القرن 16م و 17م على الغرب وثقافته، وسعيها منذ وقت مبكر إلى استيراد المعدات الصناعية والزراعية، وأساليب العيش والاتصال، قد أثر في نمط العيش وفي مدارك الناس، وأدى إلى نوع من التغيير في العلاقات الزراعية وأنماط العمل الزراعي. كما أثر في رؤى الأفراد ومطامحهم الذاتية والجماعية، حتى قد صار معه الريف نفسه مستجيبا لمعطيات التحديث والتجديد، فتزايد الإقبال على المدن، وهو ما أدى بالقوة إلى خلق بنية مجتمعية جديدة من أهم مظاهرها:

  • بروز تقسيم اجتماعي طبقي وظيفي داخل المدن، وانقسام المدن إلى أحياء قديمة وأخرى حديثة، وإلى مراكز سكنية محترمة، وأخرى هامشية وفقيرة ومهملة.
  • انخراط الريف والمدن الريفية في حركة سياسية نشيطة، تؤثر في البرامج السياسية للأحزاب والحركات المدنية والاجتماعية، ولها تأثير في أفكار الإصلاح ومشاريعه، بل حتى في المشاريع السياسية والاجتماعية وغيرها.

ومن النتائج المباشرة لهذه الوضعية ظهور فروق في مستويات وأشكال التنمية البشرية وأنماط الحركية السياسية والاجتماعية بين مختلف المناطق بين شمال البلاد وغربها، وبين الجنوب والشرق. فقد اكتشفت المناطق السياسية والجغرافية خصوصياتها تبعا لهذه المناطق.

أدت الأوضاع السالفة إلى ظهور مجموعة من الظواهر، تشترك فيها تركيا مع دول أخرى في طريق النمو، كبروز مدن عملاقة كإسطنبول، التي تعتبر المدينة الوحيدة في العالم التي تتوزع جغرافيا على قارتين، لتشكل بذلك نقطة تلتقي عندها آسيا وأوروبا، وهي المدينة التجارية والثقافية والسياحية الأولى في تركيا.. ويفرض وضعها هذا تركيز الحركات السياسية والفكرية والاجتماعية لمجهودها فيها بنسبة مهمة، فهي تستهلك الكثير من جهدها وعملها ومشاريعها، إذ تعتبر مدينة النجاح السياسي والاجتماعي بامتياز.

تعتبر مدينة إسطنبول مدينة ذات خصوصية كبيرة جدا فهي مدينة تاريخية قديمة وذات تقاليد ثقافية عريقة. وتتميز بتنوع نسيجها السكاني وتعدده، دينيا وعرقيا وثقافيا، فقد كانت منذ القديم مركزا استقطاب من كل الجهات وخاصة من الشرق الأسيوي والعربي وشمال إفريقيا زيادة على أن اهتمام أوربا بإسطنبول اهتمام خاص.

تأتي العاصمة “أنقرة” في الصف الثاني بعد إسطنبول، وهي مدينة حديثة تقع وسط البلاد.. أما “إزميـر”، وغيرها من المدن الأخرى فتأتي في المرتبة الثالثة باعتبارها مدنا كبيرة، ويعلق عقيل محفوض على هذا الوضع بالقول: ستكون “التداعيات السياسية لتضخم المدن أكثر تعقيدا مع مرور الوقت، ذلك أن زيادة التحضر لا تعني زيادة مواكبة في الحضرية، أي لا يرافقها تطور في أسلوب الحياة ونظام القيم ومعايير السلوك والتمدن، فمعظم سكان المدن في تركيا لا يزالون يتصرفون بنمط الحياة الريفية، فضلا عن تبّني أنماط عيش ليست مدينية ولا ريفية، وهو ما يصطلح على تسميته بـ”ترييف المدن” (Ruralisation) وهو ناتج عن عدم الاهتمام الكافي وربما العجز السياسي والإداري والمادي عن صهر المهاجرين ودمجهم فعليا في الحياة المدنية الحديثة. وهكذا فقد تركز المهاجرون إلى المدن في مناطق وأحياء “تخصهم” اتسمت بترتيبات وأنماط معيشية هي صورة معدلة نسبيا عن الأنماط التي تركوها”.

 

3واقع يغري معرفيا

الشاهد في هذه الملاحظات العامة هو أن هذه الوضعية تفرض على المثقف أسلوبا خاصا في التحليل والدراسة والتأويل، كما تفرض أخذ كل هذه المعطيات بعين الاعتبار في كل مشاريع الإصلاح. فإذا كان المثقف يعتبر نفسه جزءً من المجتمع، وأحد مخرجاته، فإن محاولة فهمه وتحليله يقدم مجالا خصبا لطرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة، بل وتوظيف ذلك كله في كثير من الأحيان. ولهذا فإن هذه الدراسة تتصور أن معالم هذه المعطيات ستكون حاضرة وبارزة في المشروع الإصلاحي الذي انخرط فيه المتميزون من مفكري الإصلاح، ودعاته.

ومن المعطيات التي يبرز تأثيرها على المجتمع وتمارس تأثيرا دقيقا ما على رؤى الإصلاح وتوجهات الحركات الإصلاحية وبرامجها هو ما يمكن الاصطلاح عليه بـ”الإثنية” أو ما يعرف بالتكوينات الاجتماعية وهو مفهوم متصل بالجماعات العرقية والجغرافية والجسمانية الطبيعية، والتي يعبر عنها عادة بـ”الإثنية” والمقصود بها الجماعات العرقية والقومية والجماعات الدينية والمذهبية والجماعات اللغوية. ولذلك فإن الحديث عن التكوينات الاجتماعية الإثنية في تركيا يفرض “الإشارة إلى مسالة مهمة في الدراسة الإثنية والسوسيولوجية، وهي أن تلك الدراسات تركز على البلدان والمجتمعات المركبة والمتعددة؛ أي التي توجد فيها أكثر من جماعة عرقية أو ثقافية أو دينية، وهذا يعني أنها لا تعتبر الألمان في ألمانيا جماعة إثنية، ولكنها تعتبر الألمان في أسيا الوسطى والقفقاس مثلا جماعة إثنية”.

وعلى العموم فإن تركيا ذات فسيفساء من جهة الانتماءات الإثنية، فهي تضم كما يرى المختصّون شبكة معقدة من أشكال التعدد اللغوي والديني والقومي والسلالي، ولهذا التعدد أصول تاريخية يشكل البحث فيها عملا مستقلا ليس هذا مجاله.

4الجماعات الدينية

اللغة التركية والعرق التركي ليست مفردات منفصلة، بل هي شيء واحد يحتاج إلى الدراسة في إطار رؤية إثنية، لأن اللغة التركية والعرق التركي هم الأغلبية المسيطرة والطابع العام لتركيا، ولهذا لا ينظر إليها على أنها إثنيات أو قضية إثنية.. والأمر نفسه يقال بخصوص المذهب السنّي، إذ هو الطابع الأكثر انتشارا في أغلب مناطق تركيا. لكن التفاعلات الفرعية الناتجة عن الحقل الديني والحقل اللغوي والحقل العرقي هو ما يشكل موضوعا جديرا بالبحث، ويمكن رصد ذلك من خلال:

1- الطائفة العلَويّة: وهي مذهب ديني مرتبط بصورة ما بالإسلام، والمصطلح غطاء لعدد كبير من الجماعات الدينية، وهي تكون نسبة تصل إلى 10 % من مجموع الأتراك.. فمعظم “العلويين هم إثنيا ولغويا أتراك انحدروا من وسط وشرق الأناضول، وأطلقت عليهم عدة تسميات من قبيل القِزِلْبَاش والبَكْتَاشية والتَّهْتَاجِية، فضلا عن تسميات أخرى لها طابع إثني مثل الزّازا، ويشمل مسمى “العلوية” جماعات عدة متباينة مثل الأتراك والعرب والأكراد والتركمان واليورك والتهاجي”.

يعتبر العلويّون في نظر البعض جماعة أو إثنية أو طائفة منغلقة على ذاتها، وقد أيّدوا الحركة الكمالية، واعتبروا النظام العلماني فرصة لربط الصلة بينهم وبين البنية الاجتماعية والسياسية المحيطة بهم، لكن مع ذلك ظل النظام العلماني يمارس تميزا ضدّهم، الشيء الذي دفعهم إلى إعادة بناء هويتهم الخاصة في ضوء المفاهيم اليسارية والماركسية وغيرها، كما أن تنامي الأصولية الدينية جعلهم أكثر حرصا على الحفاظ على هويتهم وعلى إعادة صياغتها في ضوء المفاهيم المشار إليها سالفا. وبالمقابل فإن هذه الحقائق والخصائص تفرض على مشاريع الإصلاح وعلى الفكر الحركي أخذ كل ذلك بعين الاعتبار، خاصة وأن هذه الطائفة تشكل نسبة تكاد تساوي عشُر النسيج السكاني التركي.

2- الأرمــن: وهم جماعة إثنية وعرقية ولغوية ودينية وثقافية، كان عددهم في الدولة العثمانية حوالي 1,2 مليون نسمة سنة 1896م. ويشكل موضوع الأرمن اليوم ضغوطا كبيرة توظفها أوربا وكذلك أمريكا من أجل ابتزاز تركيا، لمنع انضمامها إلى الاتحاد الأوربي، أو على الأقل تأجيله ما أمكن.

ويقدر الخبراء عدد الأرمن في تركيا اليوم بحوالي 60 ألف نسمة، يتمركزون على الخصوص في إسطنبول، ويتوزعون بين كاتوليك وبروتستانت، لكن الأغلبية أرتودكسية، ويعترف بهم إثنية، ويعاني الأرمن في العمق من مشكلة محاولة التخلص من إرث الكراهية الذي يؤزم العلاقة بينهم وبين الأتراك. وتعتبر القضية الأرمنية من المشاكل الكبرى التي قد تطرح على تركيا مشكلات اجتماعية وسياسية فيما سيقبل من الأيام، ولذلك فإن مشاريع الحوار التركي لا تقلل من أهمية المشكل وتحاول أخذه بعين الاعتبار في مشاريعها الإصلاحية كذلك.

3- اليهـود: يتجاوز عددهم حاليا 26 ألف نسمة بقليل، وهم بهذا العدد جماعة دينية صغيرة العدد لكنها قوية التأثير منذ القديم، وخاصة منذ أن تلقّت تركيا موجة من المهاجرين اليهود من الأندلس منذ سنة 1492م، وقد لعبوا دورا كبيرا وواضحا في الحياة الاقتصادية والسياسية للدولة العثمانية، واحتلوا بعض المناصب الحساسة لما عرفوا به من حنكة ودهاء في مجال التدبير الاقتصادي والسياسي.

استفاد اليهود على طول تاريخ وجودهم في تركيا من روح التسامح التي عوملوا به؛ بل كانت تجربتهم في ظل الدولة العثمانية “هادئة وسليمة ومثمرة”. وكما لعب اليهود دورا كبيرا في عدم استقرار الدولة العثمانية، كانوا أحد المساهمين بقوة في سقوط الدولة العثمانية، وذلك من خلال انخراطهم الفعال في “الاتحاد والترقي”، وبعد ذلك في “تأسيس الجمهورية من خلال عدد من المثقفين والمنظرين للدولة الجديدة وللقومية التركية والعلمانية”. يؤكد المتابعون أن يهود تركيا فئة غير متجانسة إثنيا ولغويا، فالكثير منهم من “السفارديم” هاجروا إلى تركيا من إسبانيا ويتكلمون لهجة هي في الأصل اللهجة التي يتكلم بها اليهود في إسبانيا أو في الأندلس وتعرف بـ”اللادينو” (Ladino)، يضاف إلى هؤلاء “الاشكيناز” وهم يهود أوربا وهم قلة ويتكلمون “الياديش” وهي لغة أو لهجة مشتقة من الألمانية. وهناك اليهود “الكارتيش”، الذين يعتبرهم اليهود الآخرون مهرطقين، ويتكلمون اليونانية. لكن كل اليهود يتكلمون التركية، ونسبة من يعرفون العبرية حوالي 8% ويتمتعون بحقوق ممارستهم الدينية وتعليم العبرية في مدارس خاصة، ولا يوجد أي تضييق عليهم من الناحية السياسية والدينية كما كانوا في القديم. يتمتعون اليوم بنفوذ كبير داخل المؤسسة العسكرية، وهناك بعض المعلومات أن بعض جنيرالات الجيش هم من اليهود، وإن كان الجيش لا يعترف بالانتماء الديني، إذ يعتبر “الـلادِينيّة” أحد مبادئه الأساسية والمركزية. وتتميز الطائفة اليهودية بقدرة كبيرة على العمل في الخفاء، والتحكم في دواليب الاقتصاد والسياسة بحنكة كبيرة. وهم معروفون بكونهم حلقة وصل في العلاقات التركية الإسرائيلية والتركية الأمريكية.

4- اليونانيـون: تعرف الجماعة اليونانية بحضورها القوي على طول فترات مهمة من تاريخ البشرية، لكنها خضعت للسلطة العثمانية منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وقد تميزت الفترة التي تلت الحرب العالمية الأولى حدوث معارك قوية أسيلت فيها دماء كثيرة بين الاتراك واليونان. وقد تميزت 1923م سنة إعلان قيام الجمهورية العلمانية بتبادل للسكان بين الأتراك واليونان؛ حيث تم تهجير ما يزيد عن 1,3 مليون من اليونانيين مقابل 500 ألف من الأتراك وهو الوضع الذي أفقد السلطة الجديدة عددا مهما جدا من المتعلمين وأصحاب الخبرات، ويقدّر عددهم اليوم بـ 35 ألف من سكان تركيا.

تضم إسطنبول مقر الكنيسة اليونانية وهي تمثل المرجعية المسيحية الأرتدكسية في أوربا والعالم، ويتحدث اليونانيون لهجات محلّية مختلفة بالإضافة إلى التركية، علمًا بأن فئة قليلة من اليونانيين تدين بالإسلام وهم لا يشاركون باقي اليونانيين وعيهم الإثني.

تلعب الذاكرة بين الأتراك واليونان دورا في إذكاء نعرة العداء ضد اليونانيين، الأمر الذي أدّى في الآونة الأخيرة إلى حملة هجرة بمعدل 30 عائلة كل سنة نحو أوربا.

5- السريـان: وهم السوريون المسيحيون، ويقطنون في المناطق المتاخمة للحدود السورية مع تركيا في مَارْدِين ونصيبِين ودِيَار بَكر، لكن أغلبهم هاجر إلى إسطنبول ومدن أخرى، ويبلغ عددهم 20 ألفًا، يتكلمون السريانية ولهجات أخرى مشتقّة من الآرامية السورية، لكن الذين هاجر منهم خارج تركيا وخاصة إلى ألمانيا والسويد فيصل إلى حوالي 45 ألفًا.

تكاد تكون هذه هي أهم الجماعات الدينية الفرعية المنتشرة في تركيا، وهي جماعات تطبع المجتمع التركي بنوع من التنوع.

5التكوينات الإثنيـة

والمراد بهذه الإثنيات هو تلك الجماعات البشرية التي تشترك في الرابطة العرقية والثقافية أو القومية، كما تشترك في الوجدان العاطفي، وأهم الإثنيات المتواجدة على أرض تركيا هي:

1- الأكـراد: وهم شعب من أصول هندية وإيرانية، ويتوزع وجودهم بين عدة دول هي تركيا والعراق وإيران وسوريا وبنسبة قليلة في لبنان وأرمينيا وآسيا الوسطى. يعتبر الأكراد أهم جماعة إثنية في تركيا، ويقدر عددهم بحواليو 20% أي بنسبة تصل إلى 12 مليون أو 13 مليون نسمة، ويتركز وجودهم في 11 إقليما من جنوب شرق الأناضول.

إن تاريخ الأكراد في العصر الحديث مليء بالانتفاضات التي قادها زعماء محلّيون سفكت خلالها دماء كثيرة ومن أبرز انتفاضتهم انتفاضة الشيخ سعيد بيران سنة 1925م، وانتفاضة آغري عام بين عامي 1928م و 1930م، ودِيرْسِيم عام 1938م، لكن أبرزها حتى الآن هي انتفاضة حزب العمّال الكردستاني التي بدأت عام 1984م، وكانت تطالب بالاستقلال، ثم تحول إلى مطالبة بالحكم الذاتي.

وتعتبر القضية الكردية من أهم القضايا التي تقلق بال السياسيين والمثقفين على حد سواء، وتمارس أوربا ضغوطا كبيرة على الجهات الرسمية التركية من أجل الاعتراف بالحقوق الثقافية واللغوية للجماعات الإثنية، وخاصة حقوق الأكراد. وتبدو المسألة الكردية من أعقد القضايا التي تواجه تركيا في العصر الحديث، وهي إشكالية تفرض نفسها على رؤى مفكري الإصلاح، من خلال اقتراحهم لسبل تجاوزها ثقافيا وتربويا وفكريا.

2- الروم أو الغجـر: الدراسات الانتروبولوجية ترجح أصل الغجر في تركيا وفي أوربا والعالم من الهند، حين هاجرت جماعات بشرية من شمال الهند إلى مناطق مختلفة من العالم، ووصلوا إلى تركيا منذ القرن التاسع عشر، ويقدر عددهم في تركيا بحوالي 450 – 550 ألفًا.

3- يهود الدونمـة: الدونمـة، كلمة تركية تعني المتحول عن دينه إلى دين آخر، ويعني في إطار اصطلاحي اليهود الذين تحولوا إلى الإسلام رغبة أو رهبة في عام 1666م، وتتضمن عقيدتهم عناصر يهودية وإسلامية، لكنهم يعتبرون أنفسهم مسلمين ويُعترف بهم رسميًّا على أساس أنهم كذلك. يصل عددهم إلى حوالي 15 ألف نسمة، وتؤكد بعض المصادر أنهم أدّوا دورا خطيرا في إسقاط الخلافة.. يتمركزون خاصة في إسطنبول وأَدِرْنَة وإِزْمِير. وهناك اعتقاد سائد بـ”أنهم يهود حتى النخاع، لكنهم يتظاهرون بالإسلام”.

انخرط أفراد هذه الفئة في “تركيا الفتاه” وفي “الاتحاد والترقي” ونشطوا فكريا في إصلاح الدولة العثمانية، ويشتغلون اليوم في دواليب الدولة ولهم وزن كبير في السياسة العامة، وحققوا نجاحات مهمة في المجال الاقتصادي والمالي. ومع ذلك “لم يشكلوا جزءا من الطبقة السياسية أو النخبة الاجتماعية لأن المسلمين واليهود لم يقبلوهم”.

4-العــرب: يتركز وجود العرب على وجه الخصوص في المناطق المتاخمة للحدود السورية في مناطق إسْكَنْدَرُون، ومارْدين، وإِسْعِرْد، ودِيَار بَكْر، وأغلبهم سنّة بالإضافة إلى العلويين، وبعض المسيحيّين الأرثوذكس. ويقدّر عدد العرب بحوالي 5 مليون نسمة.

أسالت قصة العرب مع الأتراك الكثير من الحبر منذ أواخر الدولة العثمانية، حتى صارت تخفي عداء في العمق، عمل أعداء الدولة العثمانية على إذكائه، وقد كان تنامي النزعة القومية لدى الأتراك وتوظيفها سياسيا منذ قيام الجمهورية سنة 1923م أن تجذرت تلك النظرة العدائية للعرب، الأمر الذي نتج عنه انغلاق المجتمع التركي ضد العرب وتغييبهم عن المشهد السياسي للجمهورية. لكن في العقود الأخيرة أدرك الأتراك أن العالم العربي هو بعدهم الاستراتيجي، الأمر الذي سيؤدّي في المستقبل إلى الاهتمام بالإثنية العربية في تركيا، في إطار ما يخدم المصالح التركية العربية المشتركة.

فهرس الكتاب

 

Leave a Reply

Your email address will not be published.