هناك الكثير من الأمور التي تقف حجر عثرة أمام تدعيم الحوار مع الآخر وتفعليه، وهي أمور ينبغي الوعي بها، ومن ثم تلافيها، حتى نستطيع أن نهيئ المناخ المناسب لفتح أبواب الحوار البناء الذي يخدم البشرية ويعمل على النهوض بالعالم ليحيا في جو من الأمان والاستقرار. وأهم تلك المعوقات كما تناولها المفكر الإسلامي فتح الله كولن ما يلي:
الجهل وغياب الثقافة
يبين الأستاذ فتح الله كولن خطورة الجهل وآثاره باعتباره أحد أهم معوقات الحوار الديني الصحيح فيقول: (الجهل قناع على وجوه الأشياء، والشخص الذي لا يمزق هذا القناع عن وجهه شخص نكد الحظ لا يستطيع النفوذ أبدًا إلى الحقائق الكونية السامية. وأكبر جهل وأعظمه هو الجهل بالله تعالى. وعندما يترافق هذا الجهل مع الأنانية فإنه يتحول إلى جنون لا يمكن الشفاء منه).
ويقول أيضًا: (الجهل أسوأ صديق، والعلم أخلص صديق. عندما يغضب الجاهل يصرخ ويسب، أما العاقل فيقوم بالتخطيط لما يجب عليه عمله).
الجهل أسوأ صديق، والعلم أخلص صديق. عندما يغضب الجاهل يصرخ ويسب، أما العاقل فيقوم بالتخطيط لما يجب عليه عمله.
التعصب
في التعصب يرى أتباع كل دين علوية دينهم ودونية الأديان الأخرى، وينتصرون لثقافتهم ويسعون دائمًا إلى إعلاء كلمتهم وإبراز آرائهم دون موضوعية، ودون أدنى محاولة لفهم الآخر، وهذا ما دعا الأستاذ فتح الله كولن إلى إيضاح أهمية نبذ التعصب، والتمسك باللين وسعة الأفق فيقول: ( كان من المعلوم في السابق أن طريقة الدعاية للنفس والتعريف بها، بواسطة الهجوم على الآخرين وإدانتهم والتشنيع عليهم، طريقة خاصة لجماعة من المنافقين في الشرق، ولكن هذه العادة انتشرت انتشارًا كبيرًا بحيث أن العديد من الذين نذروا أنفسهم للنضال في سبيل الحق، بدأوا يشاركون في مثل هذه الأراجيف. فيا ويح من يبحث عن الحق بطريقة باطلة.. ويا ويح جميع الميكافيليين).
ويقول في التعصب: (هناك بعضهم يقومون ليدعوا أنهم مختلفون عن الناس ولا يشبهونهم، وأنهم أحباء الله، ويرون هذا سببًا في الفخر والمباهاة، ولا يترددون في التصرف دون أدنى مبالاة أو توقير تجاه الله تعالى، والنظر إلى الآخرين نظرة احتقار واستهانة نابعة من قبولهم لزعمهم الذي يفتح الباب أمام جميع السلبيات الأخرى والأنانية والاستعلاء).
فوضوية الأنانية وحب التسلط
الأنانية وحب الذات من الصفات الذميمة على مستوى الأديان كافة، وهي صفة رديئة تؤدي إلى النفور، ونظرًا لتأثيرها الخطير على لغة الحوار ونتائجه، نجد العلامة كولن يولي اهتمامه تجاه هذا المعوق الخطير فيقول:
( على القلوب أن تكون اجتماعية وتبتعد عن الأنانية، وتكون مليئة بالشهامة وحب الإنسانية والمروءة. وما لم يتم الابتعاد عن الأنانية وعبادة النفس، وإرجاع كل شيء وكل الوسائل والأهداف إلى سلطان النفس الذي هو شرك خفي، والقول: إن لم يكن هذا العمل بيدي فلا أريده حتى وإن كان خيرًا ما دام يتم بيد الآخرين وليس بيدي.. إن لم يتم التخلص من هذه العقلية التي ترى أن الحق معها وتابع لها، والتي تكفر وتضلل وتجرم كل من لم يتبعها، وإن لم يتم تخليص القلوب من مثل هذا التعصب الأعمى فلا يمكن الوصول إليها ــ حسبما أرى ـــ إلى أي تفاهم أو اتفاق).
على القلوب أن تكون اجتماعية وتبتعد عن الأنانية، وتكون مليئة بالشهامة وحب الإنسانية والمروءة.
حب الشهرة والظهور
طبقًا لفتح الله كولن فإن أفضل وأحسن الأشياء لجوهر ولب الإنسان هو وجود صفات جميلة، مثل العفة، وحب الغير، وسلامة الطوية، وحسن المعاشرة، وإلى جانب تلك، توجد فيه أيضًا أسس لأشياء سيئة تكاد تشل الروح، وتقتل القلب، ومنها على سبيل المثال حب الظهور، والتفكير في المناصب، وحب الوجاهة.
وهؤلاء الذين ليس بإمكانهم أن يخلصوا أنفسهم منها، فمن الممكن أن يكونوا ضارين، للغاية لأنفسهم وللمجتمع الذي يعيشون فيه، ولا يمكنهم إقامة أي نوع من الحوار والتفاعل مع الآخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: من كتاب “تقارب الشعوب”
Leave a Reply