كتب المفكر التركى الكبير فتح الله جولن في عام 2004 مقالا عنوانه «عالم المسلمين» نعى فيه الأوضاع المؤلمة والمحزنة والمزرية التى تعيشها الأمة الإسلامية؛ لأن المسلمين لم تصبهم حالة من ضيق الأفق كالتي تعتريهم الآن. ويتحسر جولن على افتقاد المسلمين القدرة التي تؤهلهم لإدراك البون الشاسع بين موقعهم الحالي وما ينبغي أن يكونوا عليه، فهم يعيشون حالة من الكسل وراحة البال، لا يؤرقهم فيها مخاض فكري، ولا يُقدِّمون رؤية بنَّاءة، وليس لديهم مشروع ينهض بهم من كبوتهم تلك، ولا تهيج في صدورهم مشاعر للتغيير، خاصة وأن المقال أعقب الاحتلال الأمريكي للعراق وتأييد بعض العرب والمسلمين هذا الغزو لبلد عربي ومسلم.

يتضح من المقال أن الكاتب شرح العالم الإسلامي بعد دراسة دقيقة لأحواله، فلم يعد المسلمون يهتمون بالعيش في كرامة، والانفتاح على العلم، وقراءة الوجود قراءة صحيحة، والتنقيب في أرجاء الكون بكل دقة، وتفسير السنن الكونية والتشريعية أفضل تفسير، وتقويمها أحسن تقويم..وإن وُجدت فئة قليلة تعنى بهذه الأمور وتراعي هذه السنن، تسد أفواهها وتمنع من الكلام ويحجب الناس من الإنصات إليها.

ولكن جولن لم يترك الحال هكذا بدون وضع روشتة علاج لينجو المسلمون من الهوة السحيقة التي سقطوا فيها، فالحل في أناس تربوا على قيم أصيلة ذوي أرواح فتية وعقول متوقدة، نذروا أنفسهم للحق تعالى، وحملوا همًّا مشتركًا واتّجهوا نحو غاية واحدة، لا يرجون نفعًا ذاتيًّا، ذوي إرادةٍ وعزم، عازمين على تخطِّي جميع المصاعب والعقبات، أبطال للعلم والمعرفة والإرادة، لا يبتغون جزاءً ولا شكورا سواء في الدنيا أو في الآخرة.. ولا يزال المفكر التركي يأمل قدوم هؤلاء الأبطال، وسنبقى في انتظار قدومهم ما حيينا. وبينما جولن ينتظر ولادة الأبطال، وجدنا دولا عربية تسقط في غياهب الفوضى والحروب الأهلية ويتشرد سكانها بسبب بعض حكّامها الذين يدَّعون امتلاكهم الحكمة، وهي حكمة زائفة أزالت دولهم من على الخريطة السياسية والإنسانية.. فلا العلم ازدهر ولا كنَّا أسعد البشر على سطح الأرض، ولا قُدنا العالم للأمام ولم نكن الأسوة الحسنة، فضاعت العدالة وسيادة القانون والحق وحرية الفكر والعقيدة، فلم يخطر العالم الإسلامى على البال.

المصدر: جريدة الأهرام المصرية اليومية. رابط المقال: 

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/664736.aspx