من المهم جدًّا أن تكون الخدمات المقدمة معقولة، ومن ناحية أخرى يجب الأخذ بالتفسيرات العصرية، والتماشي مع روح العصر عند حماية الجوهر، وهذا يعني إدراك الفرد للبعد المعنوي للعصر الذي يعيش فيه مع إشباع الروح المعنوية. إن من أهم أسباب تخلُّف أفكار ومعتقدات المسلمين منذ عصور هو عدم تمكنهم من إدراك روح العصر الذي يعيشون فيه جيدًا.

ولهذا يؤكد الأستاذ فتح الله كولن في العديد من المواقف بأن المضي قدمًا للمستقبل بهدف كهذا؛ أمر صعب وشاق، ولكن يجب القيام به؛ لأن ذلك مهم للحياة. أما من تبنوا أفكار الأستاذ فتح الله كولن وعقلوها فقد قاموا بفتح كثير من المؤسسات التعليمية في كل أنحاء العالم وعلى الأخص في تركيا، وربطوا النشء في هذه المدارس بالقيم الجوهرية والأخلاقية والإيمانية، وانفتحوا على العالم، وفهموا العصر الذي يعيشون فيه جيّدًا. وأخذوا بتفسيرات العصر، واستخدموا التكنولوجيا والفنون الحديثة والوسائل التعليمية المتطورة. وما لبث أن انتشر النظام التعليمي المُقَدَّم في تلك المدارس التي أنشأها المتطوعون بمرور الوقت، واعترفت به عديد من المؤسسات التعليمية في العالم واعتمدوه نظامًا تعليميًّا نموذجيًّا.

موافقة نهج الصحابة

يُمثِّل الأستاذ فتح الله كولن بالصحابة دائمًا في حديثه، ويعتبر أن الصحابة الكرام هم المقياس في معايشة الإسلام وتبليغه وإرساء مبادئه، ولذا نراه يقول: “إنني أُصدر أحكامي وفقًا لنسبة التشبه بهم”.

وما ذلك إلا لإعجابه بحياة هؤلاء الصحابة الأطهار وبإيمانهم وحركيتهم، وعيشهم من أجل الآخرين. ثم يُلفت الانتباه إلى احتياج الناس في وقتنا الحاضر إلى وجود أفراد يعيشون مثل هؤلاء الصحابة في وقتنا الحاضر، مع ملاحظة أنه يجب أن نُحدِّث أنفسنا بقولنا: لماذا لا نكون مثل هؤلاء. إن أهم سمات نهج الصحابة ــ والتي طالما ركز عليها الأستاذ كولن في كل مناسبة ـــ هي أن يمزج المسلم حياته بخدمة الإيمان وصحبة الله، وأن يستهدف رضا الله تعالى على اعتبار أن هذا الأمر هو الغاية الوحيدة في حياته، وأن يبذل كل الجهود في سبيل ذلك وهو يقول: الدنيا ليست جديرة بالعيش فيها إذا لم تكن بها الخدمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المصدر: مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي خبرات مقارنة مع حركة فتح الله كولن التركية، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ1، 2011، صـ263/ 264.

ملاحظة: عنوان المقال من تصرف المحرر.