إن كثيرًا من الرجال والنساء المضطهدين في تركيا يحاولون الهروب من حالة الرعب المستمرة التي يعيشونها داخل تركيا، وذلك عن طريق الهجرة غير الشرعية؛ لأن الدولة قد منعت سفر مئات الآلاف من الناس وألغت جوازات سفر العديد لا سيما الذين تم فصلهم من العمل. لقد كان دافع هؤلاء للهروب من ذلك الجحيم هو عدم استطاعتهم الحصول على فرصة عمل داخل تركيا بإيعاز من السلطة الحاكمة، بالإضافة إلى فقدهم الدفء الاجتماعي حيث يتهرب منهم أقاربهم وجيرانهم خوفًا من عقاب السلطات.
إلا أن مخاطر الهروب عديدة فالكثير من الأشخاص يموتون أثناء محاولة الهروب من هذا الاضطهاد المستمر والمنظم بقيادة السلطة الحاكمة في تركيا فعلى سبيل المثال:
فخوفًا من الاعتقال والتعذيب قام كلاً من “نور مادن” وزوجها “حسين مادن” بمحاولة الفرار من تركيا مع أبنائهم الثلاثة، واللجوء إلى اليونان عن طريق بحر إيجه ولكن الفاجعة قد حصلت فغرق جميع أفراد العائلة وكان هذا خلال شهر نوفمبر من عام 2017، وقد أعلنت السلطات اليونانية أنها وجدت جثتين لفتاة في عمر 13 وفتى في نفس العمر ماتا غرقًا، ومما يُزيد من وقع المأساة على النفوس أن أحدًا لم يبلغ عن فقدهما ولم يتعرف أحد على هويتهما.
إن هذين المثالين يظهران أمرًا في غاية الخطورة، وهو أن الأفراد الذين يحاولون الهرب أو يفقدهم ذويهم لا تقوم عائلاتهم بإبلاغ السلطات التركية بافتقادهم خوفًا من أن يتم القبض عليهم، لأن حالة الخوف السائدة داخل المجتمع التركي وصلت إلى حد لم تُشاهد في التاريخ التركي من قبل.
وفي حادثة أخرى خلال شهر فبراير عام 2018 توفيت “عائشة عبد الرزاق” مع طفليها “أنس” ذو 11 عاما و”خليل منير” ذو 3 سنوات عند محاولة الهروب إلى اليونان من خلال قارب يعبر بهم إلى الطرف الآخر من نهر مريج. كانت “عائشة” تعمل كمدرسة ولكنها فصلت من عملها، ومثل كل المعلمين المفصولين ألغت السلطات رخصة التعليم الخاصة بها، والجدير بالذكر أن القارب كان به 8 أشخاص، شخص واحد فقط هو من استطاع أن ينجو من الغرق بينما السبعة الآخرون، رجلان وامرأتان، وثلاثة أطفال ماتوا جميعًا غرقًا.