لقد تحولت تركيا بالنسبة لملايين من المواطنين إلى سجن كبير مفتوح، فكثير من النساء اللاتي كن على علاقة بالخدمة بأي شكل من الأشكال حتى أولئك المشتركات في وسائل الإعلام المحسوبة على حركة الخدمة من جرائد أو مجلات، أو من كانت لها حساب في بنك آسيا الذي كان مملوكًا لرجال أعمال محسوبين على الخدمة، أصبحن محل شبهة وتعرض أغلبهن للاعتقال تحت مسمى قانون “الشبهة المعقولة” المنافي للدستور، ولمزيد من إلقاء الضوء على معاناة هؤلاء النسوة داخل السجون التركية نعرض بعض الأمثلة التي توضح ذلك:
ينتظرونني أمام باب الحمام
“عانى أطفالي كثيرًا من المتاعب، لم يكن زوجي بجانبي، كان صعبًا للغاية أن تفعل كل شيء بمفردك، أن تكون رجلاً وامرأة في آن واحد. كان لديّ خوف دائم من الاعتقال. وبالرغم من أن أعمار أولادي بين ال 12و13 عامًا، فإنهم ينامون معي. وإذا نهضت من الفراش للذهاب إلى الحمام أو لأي شيء آخر تعالت صرخاتهم منادين عليَّ: “أين أنت يا أماه؟” ومن شدة خوفهم ينتظرونني أمام باب الحمام. وعلى الرغم من أنني لم أرغب في إظهار خوفي لهم؛ إلا أنهم كانوا يشعرون به دائمًا”. هذا ما جاء على لسان أحد الضحايا، وهو مثال يعبر عن حالة عامة سائدة في بيوت كثيرة كانت ضحاياها من نساء الخدمة.
كوخ بلا أبواب أو نوافذ
وفي حالة أخرى أصعب تقول الضحية: “لقد ترك زوجي المنزل قبل عام خوفًا من ملاحقة الشرطة له. ورفع قضية طلاق، حتى لا تستمر الشرطة في مضايقتي بسببه. ولكنه تراجع عنها حاليًا. ونظرًا لعجزي عن دفع إيجار المنزل الذي كنت أقيم أنا وأطفالي فيه فقد انتهى بي المطاف إلى كوخ صغير استأجرته. لقد ترك هذا الواقع الأليم أثرًا سيئًّا في نفوس الأولاد. لم تكن في الكوخ أبواب ولا نوافذ. ولدي شهود على ذلك. لم يكن لدينا غاز طبيعي ولا أنبوبة غاز طيلة 8 أشهر. فقط طبخنا البطاطا في فرن حديدي صغير وأكلنا الخبز القديم. ذهبت للعمل باليومية؛ فاشتغلت في أعمال أجرها اليومي حوالي 40 ليرة. وقد سقطْتُ في موقع الإنشاءات فكسرت ذراعي. علاقتنا مع جيراننا منعدمة. وكثيرًا ما تقوم الشرطة ورجال الدرك باقتحام كوخي بشكوى من المختار وفرع حزب العدالة والتنمية الحاكم في الحي.
من أكاديمية مرموقة إلى امرأة مضطهدة
تبلغ من العمر 82 عامًا إنها” أوغيت أوكتيم تانور” أستاذة علم النفس وأول أخصائية في علم النفس العصبي في تركيا، كانت “أوغيت أوكتيم” أستاذ شرف في جامعة إسطنبول. أما الآن، فقد خسرت الكثير من المزايا التي كانت تتمتع بها كموظفة في الدولة، ومُنعت من السفر إلى الخارج، كل ذلك بتهمة “الترويج للدعاية الإرهابية”. لم تكن تلك المرة الأولى التي تعاني منها “تانور” من الاضطهاد فقد هربت قبل ذلك مع زوجها خارج البلاد أثناء انقلاب 1971م خوفًا من الاعتقال والسجن. وتقارن “تانور” بين معاناتها في تلك الأحداث الراهنة وأحداث انقلاب 1971م فتقول: “ذلك الزمن كان أفضل من هذا، لأن القضاء في الماضي كان يمكن الوثوق به، وكانت هناك محاكم مدنية يمكن الاعتماد عليها في تبرئة المتهمين ورفع الاضطهاد عن كاهل المضطهدين. أما الآن فالقضاء مضغوط عليه ولم يعد هناك أي فصل بين السلطات كما هو الحال في أي نظام ديمقراطي يحترم حقوق مواطنيه. أنا أخشى حقيقة على مستقبل بلادي.
دعوة علنية لاغتصاب نساء المعارضة
إن الضغط النفسي والاجتماعي الذي تعاني من نساء تركيا اليوم لم يعُد في مقدور أحد تحمله مما دفع العديد من النساء في مأساة يندى لها جبين الإنسانية للإقدام على الانتحار، فمن الأمور التي تُعد بمثابة رعبٍ آخر يسيطر على النساء في تركيا، الدعوة إلى اغتصاب النساء المنتميات لحركة الخدمة، فقد أفاد ثلاثة مشتبه بهم متهمون بمحاولة اغتصاب ست معلمات في غرب مدينة إزمير، أمام المحكمة في 18 فبراير 2017م أنهم أرادوا إجبار المعلمات على مغادرة المدينة لاعتقادهم أن الضحايا كانوا على صلة بحركة الخدمة”