نشر المعهد الدولي للصحافة (IPI) نتائج دراسة حديثة تحت عنوان “السلطات التركية تضاعف من حملة القمع الإعلامية ضد الصحفيات التركيات”، جاء فيها تفاصيل صادمة حول إجراءات حكومية ضد الفتيات العاملات في قطاع الصحافة، شملت “تحرشات جنسية وتهديدات واعتداءات متنوعة”.

وبحسب الدراسة، “تتزايد صعوبة العمل الصحفي النزيه على الأراضي التركية يومًا بعد يوم، في ظل رقابة تقودها الدولة، ونظام عقاب ومطاردة، وكذلك إجراءات تخلّ بالبيئة المهنية لوسائل الإعلام”. وقد خلص المعهد في بحثه إلى أن “السلطات التركية احتجزت مؤخرًا مئات الصحفيات بسبب عملهن في إنتاج مواد صحفية موضوعية، بعضها انتقد حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان”. وقد شملت الإجراءات “الاحتجاز لشهور، والسجن، والترحيل خارج الحدود”.

أفادت 61% من الصحفيات بتعرضهن لـ”إيذاء نفسي جنسي”، و54% لـ”إساءة لفظية”، و17% لـ”اعتداء بدني جنسي”، و15,5% لـ”تحرش جنسي صريح”.

اعتداءات. تحرشات جنسية. تهديدات

غالبًا ما تتعرض الصحفيات لتهديدات مباشرة من قوات الأمن التركية، شملت “إهانات جنسية شفوية”، وكذلك “هجمات جنسية جسدية”. وتفيد صحفيات أن “كل يوم سبت، دون استثناء، تواجه الصحفيات اعتداءات نفسية وجسدية إلى جانب مضايقات لفظية وبدنية، وذلك خلال تغطية مسيرات “أمهات السبت” الأسبوعية أمام مقر جمعية حقوق الإنسان في إسطنبول”.

وقد تحدثت لنا الصحفية “إليم نازلير”، وقالت: “دائمًا ما نتعرض لهجمات وتهديدات من ضباط الشرطة، الذين يمنعونا من تصوير الاحتجاجات، لا سيما مسيرة أمهات السبت”. بينما قالت الصحفية “غولفيم كارتاس”: “تعرضت جميع الصحفيات التركيات لعنف من قوات الأمن… نحن نتعامل مع العنف لكن الإجراءات ضد الصحافيات تعتمد بشكل أكبر على ادعاءات زائفة وثقافة تفوق ذكورية”.

تحيز وسائل الإعلام ضد الصحفيات

سلط تقرير صادر عن نقابة الصحفيين الأتراك في مارس/آذار 2018 الضوء على التحيز والعنف الممارس ضد الصحافيات العاملات في وسائل الإعلام التركية الخاضعة لسيطرة الذكور، سواء من ضباط الأمن أو حتى من الإعلاميين الذكور. وبحسب التقرير، تواجه الإعلاميات التركيات تمييزًا وإيذاء نفسيًا ومضايقة بسبب التحيز الجنسي الذكري. وقد أفاد استطلاع بأن 61% من النساء الصحفيات تعرضن للترهيب، و59% للتنمر، و17% للعنف البدني الفعلي.

القضاة الأتراك يستخدمون تهم الإرهاب لسجن الصحفيات دون الاستناد إلى أية أدلة سوى المقالات الصحفية.

تحرشات جنسية في بيئة ذكورية

إن إحدى أكبر المشاكل التي تعاني منها الصحفيات التركيات هي الاعتداءات الجنسية. وعلى غرار النساء من العامة، أفادت الصحفيات بتعرضهن لـ”هجوم جنسي” واحد على الأقل في الشوارع أو في أماكن العمل. وقد أفادت 61% من الصحفيات بتعرضهن لـ”إيذاء نفسي جنسي”، و54% لـ”إساءة لفظية”، و17% لـ”اعتداء بدني جنسي”، و15,5% لـ”تحرش جنسي صريح”.

ووجدت الدراسة كذلك أن الصحفيين الذكور العاملين في وسائل إعلام موالية للحكومة يحملون “عقلية ازدراء” تجاه الصحفيات العاملات في وسائل الإعلام المستقلة. وتفيد البيانات أن الصحافيات واجهن تحديات هائلة على الأرض أثناء التغطية الإعلامية “في بيئة ذكورية”، منها استبعادهن وحصر النشاطات الصحفية بالرجال من القطاع الصحفي. وبحسب الصحفية “إيفريم كيبينيك”، فإن “الإعلام الذكوري لا يتجسد في الشوارع فحسب، بل كذلك على الشاشة والمحتوى الإخباري”.

واجهت الصحفية “سيدا تاكسين” 7 سنوات من السجن دون أي دليل ملموس سوى تهمة “مساعدة منظمة إرهابية عبر مقالاتها الصحفية”.

17,000 امرأة في السجون التركية!

في ظل حملة القمع الحكومية ضد الصحفيات التركيات، أطلق ناشطون أتراك الجمعة 15 شباط/فبراير عريضة على موقع “تشينج” العالمي تحت عنوان “17,000 امرأة في السجون التركية منذ عام 2016″، تطالب بالإفراج عن النساء والصحفيات من السجون، وكذلك مراعاة حقوق الإنسان. وقد وجاء فيها ما يلي:

“يشعر الأتراك بتآكل سيادة القانون منذ إعلان حالة الطوارئ في يوليو/تموز 2016، إذ تجاوزت السياسات والممارسات الحكومية أهدافها المعلنة، وخلقت مئات الآلاف من الضحايا، من بينهم 17,000 امرأة تركية بريئة لا علاقة لهن بمحاولة الانقلاب”.

وأضافت العريضة: “هنالك حملة غير مسبوقة ضد النساء، شملت التنكيل والسجن والتعذيب والحرمان من الحقوق، ما يهدد النسيج التركي بشكل ملموس. الساسة الحاليون يشوهون صورة المرأة التركية، ويصفوهن بالعمالة والخيانة لصالح قوى أجنبية. لقد شعرت الكثير من النساء التركيات بالنبذ والعزلة حتى بعد إطلاق سراحهن”.

“لقد انتهك النظام التركي عددًا من الاتفاقات الدولية، لا سيما فيما يخص المعتقلات النساء وأطفالهن. لدينا معلومات موثقة تفيد أن النساء والأطفال عانوا من اعتداءات جنسية وتعذيب جسدي وسوء معاملة. حُرمت النساء الحوامل والمسنات من الرعاية الصحية، وجرى تجاهل حقوق زيارتهن من أقاربهن”.

وتابعت العريضة: “ينتهك الرئيس أردوغان حقوق الإنسان والعمل الصحفي النزيه باسم “الأمن القومي”، لذا يجب اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء هذا النهج المدمر لحقوق الإنسان. كما ينبغي إلغاء القوانين المسيئة التي تجاوزت التدابير المشروعة، التي أدت بمئات النساء إلى السجون. علاوة على ذلك، ينبغي على المنظمات الدولية أن تراقب الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان على الأراضي التركية، وأن توقف سياسة الإفلات من العقاب”.

تتعرض الصحفيات لتهديدات مباشرة من قوات الأمن التركية، شملت “إهانات جنسية شفوية”، وكذلك “هجمات جنسية جسدية”.

تقارير صحفية وتهم إرهاب

استنادًا إلى بيانات موثقة، قال موقع “أهفال نيوز” إن “المحاكم التركية تدين الصحفيات التركيات بشأن مقالاتهن وتقاريرهن عبر توجيه تهم إرهاب لهن”. وأضاف الموقع نقلًا عن خبراء وصحفيين، أن “القضاة الأتراك يستخدمون تهم الإرهاب لسجن الصحفيات دون الاستناد إلى أية أدلة سوى المقالات الصحفية”.

وبحسب المحامية “فيسل أوك”، فإن “الاعتقالات المطولة ما قبل المحاكمة تنتهك حقوق الصحفيات والصحفيين في السجون التركية”. وأضافت: “بعيدًا عن الوفاء بالمعايير الدولية، يتجسد الانتهاك القضائي الأكبر في المحاكم التركية في الاستناد إلى التقارير الإخبارية والمقالات الصحفية كأدلة لإدانة الصحفيات والصحفيين، وهو ما يتنافى مع القانون الدولي”. ووفقًا لها، واجهت الصحفية “سيدا تاكسين” 7 سنوات من السجن دون أي دليل ملموس سوى تهمة “مساعدة منظمة إرهابية عبر مقالاتها الصحفية”.

المصدر: موقع كيوبوست