خصّصت مجلة “الأهرام العربي” المصرية في 9/ 3/ 2019م، عددًا خاصًّا هاجمت فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووجهت إليه انتقادًا لاذعاً، بل ووصفته على صفحة الغلاف الأول للعدد بـِ “الشيطان”، وأفردت مساحة واسعة للحديث عن سياسة الإرهاب التي يتبعها الرئيس التركي بحق شعبه وشعوب المنطقة، كما انتقدت المجلة المصرية سياسات أردوغان “الهوجاء التي جلبت مصائب على تركيا ودول المنطقة على حد سواء”.
تناقضات أردوغانية
في مقال بعنوان “تناقضات أردوغانية” كتبه الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير مجلة الأهرام المصرية، تحدث فيه عن انزعاج الرئيس التركي من حضور القادة والرؤساء والزعماء للقمة العربية-الأوروبية في شرم الشيخ.
وقال رئيس التحرير: “إن الحدث التاريخي النادر، دفع رجب طيب أردوغان للكشف عن وجهه الحقيقي وقلبه الأسود، ويعلن حقده وشره تجاه مصر، التي استطاعت أن تستضيف 28 دولة أوروبية، في حين أنّه قدم جميع التنازلات لكي تنضم دولته إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه فشل”.
وأكد على تناقض سياسات أردوغان، وقدرته على خداع الجميع بقوله: “أردوغان تحالف مع إسرائيل واعترف بالقدس عاصمة لها، ووقع على اتفاق لزيادة التعاون الاستخباراتي والأمني مع جيش الاحتلال، وأرسل ملحقا تجاريا إلى تل أبيب عقب تنصيبه رئيسًا.. وباع القضية الفلسطينية واحترف تسويق الأكاذيب، واستمر في مقاومة الاستقرار، وسخر جميع إمكاناته للتخريب والتمزيق ودعم الإرهاب والتنظيمات المسلحة، وله تاريخ طويل من التجسس والتنكيل بمعارضيه”.
الشريك الأول للجيش الإسرائيلي
كما نشرت المجلة في العدد ذاته مقالا تحت عنوان “كيف أصبح الرئيس التركي الشريك الأول للجيش الإسرائيلي؟”، كشف فيه كاتبه الصحفي أيمن سمير، عن سلسلة المغالطات والأكاذيب التي يعيش عليها نظام أردوغان، فهو يصدر خطابًا إعلاميًّا يدعي فيه أنه مناصر وداعم للقضية الفلسطينية، وعلى خلاف دائم مع إسرائيل، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا، فالمعلومات عن حجم التعاون الأردوغاني مع جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتصاديًّا واستراتيجيًّا صادمة لكل من لا يعرف حقيقة هذا النظام الذي يلبس عباءة الإسلام لتحقيق مآربه.
وتطرق الصحفي أيمن سمير، إلى انطلاق الطائرات الإسرائيلية من قاعدتي إنجيرليك وقونية لضرب قطاع غزة، وبناء تل أبيب قاعدة عسكرية للإنذار المبكر في كوراجيك بمدينة ملاطيا وسط تركيا، مشيرا إلى وجود 60 اتفاقية عسكرية بين تركيا وإسرائيل تغطي التدريبات الجوية وتحديث الدبابات، بالإضافة إلى بيع مياه نهر منافجات الذي يصب في البحر المتوسط، ورفع التأشيرات للإسرائيليين من جانب واحد.
التعاون التركي الإسرائيلي والأمن القومي العربي
كما أشار اللواء محمد عبد المقصود في مقاله “التعاون التركي – الإسرائيلي تهديد للنظام الإقليمي العربي” إلى أن المواقف اللفظية العالية في خطابات الرئيس التركي ضد إسرائيل في الحملات الدعائية لحزبه في انتخابات البلديات التي تشهدها تركيا أواخر الشهر الجاري تبقى ضمن متطلبات المصالح الحزبية الضيقة في الداخل من أجل كسب المزيد من الشعبية في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة، أو لتمرير سياسات معينة في إطار مساعي الهيمنة على المنطقة العربية، والصراع مع خصوم أردوغان في العالمين العربي والإسلامي، وهذه المواقف لن تؤثر لا من قريب ولا من بعيد على متانة العلاقات التركية الإسرائيلية والحلف القائم بينهما، والتي يرغب أردوغان في استغلالها لكسب تأييد اللوبي اليهودي في الكونجرس الأمريكي، للحيلولة دون إثارة أي موضوعات تتعلق بتركيا من جانب اللوبي الأرميني واللوبي اليوناني، وقد استشهد الكاتب على تصاعد التعاون بين الطرفين بالزيادة الملحوظة لحجم التبادل التجاري بين الدولتين في عام 2011 إذ بلغ 20% زيادة في الصادرات التركية، وفي المقابل ارتفعت الصادرات الإسرائيلية لتصل إلى 40% خلال نفس العام، وبلغ حجم التبادل التجاري 4 مليارات دولار، بالإضافة إلى تواصل الزيارات واللقاءات السرية لكبار المسؤولين بين البلدين، خصوصًا خلال الأزمة السورية، حيث تحدثت تقارير إسرائيلية عن تنقل ضباط الأمن والاستخبارات الإسرائيلية بحرية في المناطق الحدودية السورية –التركية.
تركيا وطن الحريات المسلوبة
وعن تراجع الحريات، وانتهاك الحقوق، وغياب دولة القانون، وعمليات التعسف والاضطهاد الممنهجة خصوص ضد نساء الأقليات الإثنية، وتحوّل تركيا إلى سجن كبير، جاء مقال الصحفي محمد عيسى، الذي استعان فيه بالتقارير الحقوقية الصادرة عن مركز نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية “انهيار دولة القانون” و”تركيا أكبر سجن للصحفيين” و” مأساة المرأة في تركيا ..بين السجن والتشريد”.
ومن أهم القضايا التي أبرزتها المجلة علاقة أردوغان بالتنظيمات الإرهابية، حيث قالت د.هند عثمان إن بين تركيا أردوغان وتنظيم داعش علاقة عضوية، وهناك علاقة خاصة تجمع قيادات التنظيم الإرهابي وعائلة أردوغان، مؤكدة أن نظام أردوغان سعى لاستغلال النفط والغاز في سوريا والعراق تحت حكم داعش.
العدد الخاص من مجلة الأهرام العربي، اشتمل على العديد من المقالات والحوارات التي كتبها متخصصون في مجالاتهم، وذلك محاولة من المجلة لإماطة اللثام عن الوجه الحقيقي لنظام أردوغان أمام القارئ العربي.