الحوار الديني هو تخاطب جماعات مختلفة من معتنقي نفس الدين أو من أديان مختلفة، من دون أن يحاول بعضهم فرض أفكاره على الآخر بالجبر، أو بطرق غير أخلاقية، بحيث يتناقشون حول مسائل مشتركة.
هذا الحوار بين أتباع الأديان وأصحاب المعتقدات، لا يعنى أن أصحاب الأديان المختلفة قد انصرفوا عن مسؤولياتهم الأساسية تجاه أديانهم، أو أنهم قد انصرفوا عن أوامر دينهم ونواهيه، كما أنه ليس بمحاولة لتجميع الأديان في دين واحد.
من هذا المنطلق جاءت دعوة فتح الله كولن للحوار مرتبطة بوجود أرضية مشتركة قائمة على القناعة المتبادلة بأهمية الحوار من جميع الأطراف المتحاورة، وفي ذات الوقت يجب أن يستند الحوار على أسس ثابتة لا تتبدل ولا تتغير وقائمة على نبذ الخلافات، وعدم المساس بأي دين، ومحاولة الالتقاء على القيم الإنسانية المشتركة.
الحوار وسيلة للبحث عن حلول للمشاكل المشتركة التي تواجه البشرية، وفرصة للالتقاء حول القيم الإنسانية السامية.
رؤية فتح الله كولن للحوار وعلاقته بأتباع الديانات الأخرى سُئل عنها خلال مقابلة مع صحيفة “لا ريبابليكا” اليومية الإيطالية في 28 مارس 2014 حيث وُجِّه إليه هذا السؤال: “لقد نظر البعض في تركيا، وحتى في جميع أنحاء العالم، إلى علاقتك مع أفراد المعتقدات الدينية الأخرى على أنها مساومة في الدين أو تبشير؛ وقد أصدروا عديدًا من المنشورات لهذا الغرض. فماذا تقول عن ذلك؟”
أجاب كولن: “لقد انتقد البعض الحوار باعتباره وسيلة للتلقين الديني، أو وسيلة لتوحيد جميع الأديان، أو المساس بدينه؛ ونحن لم ننظر أبدًا إلى الحوار على هذا النحو، ولم نشرع فيه بهذه النية. وبعيدًا عن ذلك، رأينا أنه وسيلة للجميع ليعرفوا بعضهم البعض بوصفهم رفقاء في الإنسانية، من خلال التمسك بدينهم أولاً وقبل كل شيء. (ونحن ننظر إليه أيضًا) على أنه وسيلة للبحث عن حلول للمشاكل المشتركة التي تواجه البشرية، وعلى أنه فرصة للالتقاء حول القيم الإنسانية السامية… لقد عرف كل منا الآخر منذ زمن طويل عن طريق الآخرين، بينما في الوقت الحاضر وبوسيلة الحوار، يعرف بعضنا البعض مباشرة، ونحن نلتقي وجهًا لوجه.
لم ننظر إلى الحوار أبدًا باعتباره وسيلة للتلقين الديني، أو وسيلة لتوحيد جميع الأديان، أو المساس بمعتقدات أي دين.
“وفي عالم جعلتْنا فيه العولمة نقترب من بعضنا البعض، إذا استطعنا أن نغتنم هذه الفرصة، وندخل طوعًا في علاقات إنسانية ترمي إلى ضمان السلام والوئام، يمكننا حينها كسب منافع كبيرة. وهناك الإرث التاريخي القديم الكامن في اللاوعي، وهناك المفاهيم الخاطئة والعصبيات، وهناك الآلام التي لا زالت عالقة من فترات الحروب، والاستعمار، والصراعات من أجل الاستقلال. ينبغي أن تُترك الأحداث التاريخية في سياقها التاريخي، ولا تُنقل إلى الحاضر؛ يجب فتح صفحة جديدة، وعدم إعادة إحياء الماضي. وردًّا على محاولات البعض لجعل الخلافات الدينية سببًا للخلاف والصراع، فنحن نسعى، من خلال الحوار، إلى أن نعرف بعضنا البعض بوصفنا بشرًا، وأن نغرس في القلوب الفهم القائل بأن كل شخص يحتاج إلى أن يكون عزيزًا كإنسان”.