قلم القدرة هو مَنْ كتب سطور السماوات والأرض، ورسم خارطة الوجود، وخطَّط لعالم الإنشاء والتكوين. وكل قلم بين أنامل أي كاتب يبقى دائم الرنو إلى هذا القلم الأعظم والأقدس، ويحنُّ له حنين الساقية إلى البحر العظيم، ويأمل أَنْ ينعم بشرف أن يكون ظلاًّ من ظلاله، وومضة من بحار أنواره.. فلا يكتب إلا الكلمة المعطاء النابضة بالحياة، فإذا ما قُرِئت أخصبتْ النفوس، وعَمَرَتْ العقول، ووجَّهت الوجوه إلى الربِّ المعبود..
وأما إذا ما وقعت هذه الأقلام في أيدي أصحاب النفوس المظلمة، والعقول المنطفئة، فإنها تتحول إلى سموم فكرية قاتلة، فتفسد العقول، وتخرب النفوس، وتشيع فوضى في الإدراكات والفهوم. وهذا مما يجعل هذه الأقلام تشعر بالاغتراب في أيدي هؤلاء الكُتَّاب، وبالانفصام عن عالم الحق الذي يُمثِّله قلم القدرة.. فتصرخ من هول الظلام الذي تنشره، وتجأر بالدعاء لربِّ القلم الذي أقسم به”ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ” (القلم:1)، وأن يُجنِّبها الوقوع في أيدي كُلِّ مَن لا يدرك قدسية القلم، وقدسية الوظيفة التي يؤديها لعالم الإنسان…
المصدر: أديب إبراهيم الدباغ، فتح الله كولن في شؤون وشجون، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، طـ1، 2013، صـ10.
ملحوظه: المقال كما قال الأستاذ أديب الدباغ في مقدمة الكتاب يمكن أن ننسبه للأستاذ كولن؛ لأنه من وحي فكره، ولكنه ليس للأستاذ كولن لأنه كتب بغير قلمه، وبغير مفرداته.