رحل البروفيسور التركي “خلوق سافاش”، عن عالمنا داخل المستشفى التي كان يتلقى فيها العلاج من السرطان، بعد سنوات قضاها ينقل صوت المظلومين من قرارات حالة الطوارئ التي أعقبت انقلاب 2016.

خلوق سافاش هو مؤسس قناة KHK TV على موقع يوتيوب التي افتتحها للتضامن مع ضحايا مراسيم حالة الطوارئ التي استمرت في تركيا منذ انقلاب يوليو 2016 وحتى يوليو 2018، بعد فصله من الجامعة التي كان يعمل بها عقب المحاولة الانقلابية الغاشمة بموجب أحد مراسيم الطوارئ.

وعبر تويتر نشرت قناة KHK TV تغريدة أعلنت خلالها وفاة البروفيسور خلوق سافاش الموصوف بـ”رمز النضال ضد مراسيم الطوارئ الظالمة”، داعية له بالرحمة وبالصبر والسلوان لأسرته ومحبيه.

وكان سافاش قد فُصل من عمله بجامعة غازي عنتاب بموجب المرسوم رقم 672 الصادر عقب المحاولة الانقلابية وتردد اسمه بسبب معركته الطويلة لمغادرة البلاد كي يتمكن من تلقي العلاج من السرطان، غير أنه لم يتمكن من مغادرة البلاد بهدف العلاج بسبب القيود التي فرضتها السلطات على جواز سفره.

وفي يونيو / حزيران أدلى سافاش بتصريحات إلى موقع T24 ذكر خلالها أنه نُقل إلى المستشفى بسبب عدوى في الكبد، مفيدا أنه بات من الواضح والجلي أنه يتوجب عليه أن يولي صحته مزيدا من الاهتمام.

وسيوارى جثمان سافاش الثرى في مقابر كاباساكال بمدينة أضنة جنوب تركيا.

وكان سافاش قد أجرى مقابلة مع موقع (يورو نيوز) في نسخته التركية تناول خلالها فترة مرضه التي بدأت داخل السجن، وما تبعها قائلا: “أنا لن أحاول الهرب عبر نهر ماريتسا ولن أموت هناك غرقًا أثناء محاولتي العبور بالمركب. هنا وطني ولن أموت بينما أحاول عبور حدوده، بل سأموت هنا. إن لم يتم الاعتراف بحقي في العلاج في الخارج فسأموت هنا وسيعرف الجميع من ارتكب هذا الظلم بحقي”.

وقد عبر كثير من المشاهير والصحفيين المعروفين عن حزنهم الشديد لوفاة الأستاذ سافاش، منهم رئيس موقع خبر دار والمحلل السياسي سعيد صفاء، حيث قال عبر تغريدة لافتة: “وا أسفاه! وا أسفاه.. لم تتركونا حتى ننعم بالسعادة والطمأنينة.. إن الأستاذ سافاش استمر يكافح الظلم حتى وفاته، وقد مات شامخًا مثل الأشجار! أخلده الله في جناته.. كان إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.

من جانبه، قال نائب حزب الشعب الجمهوري سزكين تانري كولو، المعروف بكفاحه ضد انتهاكات الحقوق في تركيا، موجهًا خطابه إلى السلطة السياسية بقيادة أردوغان: “الظلم الذي مارستموه من خلال قرارات حالة الطوارئ أخذ منا الأستاذ خلوق سافاش أيضًا.. أتمنى الرحمة له، كما أتوجه بتعازي إلى جميع أقاربه ومحبيه وكل أعضاء منصات حالة الطوارئ الذين كافحوا الظلم في هذه الفترة”.

في حين أعاد رئيس تحرير صحيفة زمان التركية السابق عبد الحميد بيليجي نشر كلمات الأستاذ سافاش، قائلا: “لن أموت في نهر ماريتسا غرقا أثناء محاولتي الهروب إلى خارج تركيا، بل سأموت في تركيا أمام الملأ وسيعلم الجمع من الذي ظلمني!”، ثم عقب بقوله: “لقد فقدنا القلب الشجاع وذلك الإنسان العارف الجميل الذي اضطلع بدور ريادي في مكافحة قرارات حالة الطوارئ.. تغمده الله برحته وأدخله الله في فردوسه. وبهذه المناسبة أقدم تعازي لجميع من يؤمنون بالعدل بسبب وفاته”.

 

بينما أعاد حساب @UyumluTris على تويتر للأذهان قول الأستاذ سافاش فيما يتعلق بالدعم الواسع الذي حظي به من جميع الاتجاهات الفكرية في مكافحته للمرض وقرارات أردوغان، وقال : “الدعم الذي قدمتموه لي كان مهمًّا جدًّا. لقد رأيت أن الجميع سواء كان يمينيًّا أو يساريًّا أو ملحدًا أو متديّنًا، ساندوني في قضيتي.. هذه هي تركيا التي أريد أن أراها.. وهذا هو الأمر الأهمّ من حياتي، أي: قدرة تركيا على التعايش المشترك رغم الاختلافات”.

وكان البروفيسور سافاش قال في إحدى لقاءاته مع المفصولين بقرارات الطوارئ مثله: “لن نغادر تركيا إلى أي مكان، نحن أبناء هذا الوطن. نحن لسنا ضيوفًا هنا، بل نحن أصحاب هذا الوطن، ولن يغير هذه الحقيقة فصلكم إيانا من وظائفنا وكأنكم تلقوننا في الشوارع والقمامات. نحن سنواصل التزام السلوك الإنساني وكفاحنا السلمي دون هوادة. لقد حاولتم أن تلقوا المفصولين بقرارات حالة الطوارئ الرئاسية إلى القمامة ولكنهم يأبون إلا أن يعيشوا في كل مكان، لقد قلتم لهم: كلوا جذوع الأشجار لتبقوا على الحياة إلا أنهم لا يزالون على قيد الحياة رغم كل ما فعلتم لهم. أنا شاكر وممتن لهم كفرد من أفراد جيش الخير والطيبة هذا الذي يبلغ عددهم في تركيا وخارجها مئات الآلاف. نحن لا نملك أي سلاح ولسنا أبدًا أعضاء أي تنظيم إرهابي كما تزعمون. نحن سلميون ومدافعون عن السلام. وليست لنا أي علاقة إلا بالمحبة والأزاهير”.

وعقب انقلاب تركيا 2016، أطلقت السلطات حملة “تطهير أمني” واسعة شملت كافة القطاعات وأسفرت بموجب قرارات حالة الطوارئ، وعلى مدار عامين عن إقالة حوالي 150 ألفا من موظفي الحكومة من المعلمين وأساتذة الجامعات وأفراد الجيش والشرطة وغيرهم، فضلا عن اعتقال نحو 80 ألف شخص في انتظار المحاكمة.