بقلب مكلوم تلقّينا نبأ نعي الأستاذ، الدكتور، المجاهد، القدوة، الصديق، علي بيرم، أحد روّاد حركة الخدمة، وأحد الأوائل الذين تلقّفنا عنهم جهاد الرعيل الأول من الجيل الفريد؛ الذي تفانى في تنزيل مشاريع الخدمة، ودفق الحياة في النصوص التي كان يدبجها الأستاذ فتح الله كولن. تسبقني العبرات، وتتلعثم في فكري العبارات، للكشف عن شعوري العميق ونحن نفارق أخًا قدوة، بل حجة من الحجج البالغة في الإقناع بأن مشروع الخدمة الإنساني العالمي، كان يصعب رؤيته في غياب جيل فريد من طينة الدكتور علي بيرم. وإن نسيت فلا أنسى أيّامًا كنا نسمع هذا “المهندس” وهو يحكي بعضًا من معانات البناء الأول داخل تركيا وخارجها. إن اسم رجل فذ من قبيل الدكتور علي بيرم يجب أن يكتب بماء الذهب بين تلاميذ الخدمة، لإنه تحمل عبء التنفيذ بعد الإيمان بالمشروع، في زمن كان يستهزئ فيه الناس من الأستاذ كولن حين يتحدث عن المشاريع الكبرى ويَعِدُ بها، بل ويرونه ضربًا من الحديث عن المدينة الفاضلة.
فإلى كل أهل وأبناء وأحباب الفقيد وإخوانه، نتقدم باسمى عبارات التعزية وأصدقها؛ حيال رجل من الجيل الذي طالما بحث عنه الناس، والموسوم بكل مسميات التضحية، والمذكور بشتى أنواع الوفاء. رجل جلسنا إليه في أكثر من مناسبة فرأينا فيه حكمة الأستاذ، وصبر الطبيب، وفطنة المهندس ويقين العارف.
رحم الله أخانا علي بيرم رحمة واسعة، وجعل قبره روضًا من رياض الجنة، وأورده الحوض، وأسكنه فسيح جناته رفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا، آمين.