تطل علينا مجلة حراء في عددها “72” بإشراقة جديدة، تسلط من خلالها الضوء على قضايا فكرية شائكة، وموضوعات علمية مفيدة، ومعالجات لمشاكل تربوية تخص الإنسان وسعادته، وكيف يصل إلى درجة الإبداع المرجوة، إلى جانب مساحة مناسبة من المقالات الأدبية والأشعار، بالإضافة إلى المقال الرئيس للأستاذ فتح الله كولن والذي ينتظره قراء المجلة بشوق ولهفة.

ويتسم هذا العدد بسلسلة من المقالات التي تعلو وتتسامى بالأفكار المضيئة –كما هو دأبها في كل عدد- وتفتح أبوابًا جديدة في عالم التأمل والتفكر، تبذر البذور التي تنبت حبٌّا وسلامًا وتآلفًا.

على رأس هذه الأقلام النيرة يأتي مقال “الأستاذ فتح الله كولن “الاستعصاء على الاهتراء” لينبهنا فيه على ضرورة تجديد النظر إلى الكون وإعادة قراءته من جديد كل يوم بعمق أكثر؛ إذ “إن الذين لا يعتبرون كل يوم بداية جديدة لانبعاث جديد، ولا يقرؤون الكون ولا يقّيِّمُونه من خلل وضعه تحت مجهر العصر الذي يعيشونه، ولا يُعيدون التعمق في قراءة ذواتهم كل يوم وكأنهم يكتشفون عالّمًا جديدًا؛ أولئك يُحتِّم عليهم قدرُهم أن يعيشوا شيخوخة في مشاعرهم وأحاسيسهم، ويَخْمَدَ عشقُهم وتذوب أشواقُهم ويَفسُد قوامُهم”.

وفي مقال”عرفان يلماز” “العنكبوت ..قضة عجيبة” يحدثنا عن أسرار العنكبوت ونسيجه الذي لا تزال ماهيته وطريقة صنعه لغزًا يحير ألباب كثيرٍ من العلماء حتى الآن، كما يكشف عن دور هذا المخلوق العجيب في الحفاظ على التوازن البيئي.

أما “مجيد الحداد” فيسلط الضوء في مقاله “أطياف الفكر الإنساني” فوق عتمات الهواجس”، على منظومة القيم الأصيلة وصلتها بالفكر الرشيد، ومن ثم أهمية الحفاظ عليها.

إن الجو –ولا سيما في فصل الربيع- تعتريه تقلبات مختلفة ما بين برودة وحرارة، يحتاج معها الجسم إلى أن يضبط تكييف حرارته آليًّا، ومن هنا يوضح “خلف أحمد أبوزيد” في مقاله الموسوم بـ”في جسمنا جهاز تكييف”، عملية التكيَّف هذه، ويجيب عن عديد من التساؤلات المثيرة حول هذا الموضوع.

وحول خطر الاستنساخ البشري الذي لا زال خطرًا يؤرق البشرية فكرًا وضميرًا يجول الدكتور” بركات محمد مراد” في آفاق تلك القضية ليجيب عن السؤال الذي جعله عنوانًا لمقاله “هل الاستنساخ البشري خطر على مستقبلنا”

وعن المساواة الإنسانية التي كانت ولا تزال رجاءً ملحًّا بذلت البشرية من أجله كثيرًا من المُهج والأرواح، سلَّط فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور “علي جمعة” في مقاله “المساواة حق إنساني” الضوء على الحقوق الإنسانية التي جعلتها شريعة الإسلام ضرورة واجبة تشمل كل البشر، انطلاقًا من “ضرورة تطبيق مفاهيم المساواة الإنسانية في إطار من احترام الاختلاف والتمايز بين الناس، وعدم الاعتداء على هويتهم الذاتية”.

وفي لمحة إبداعية متميزة أكد الأستاذ الدكتور “الشريف حاتم العوني” في مقاله “الإبداع الوليد” على لأن “الإبداع الحقيقي لن يكون بالتنكر للإبداع القديم، بل باكتشافه من معادنه الأصلية من دون الاعتماد على الوسائط غير الأمينة عليه لعدم كفاءتها من كثير من المتأخرين والمعاصرين، ثم ببناء إبداعنا على إبداعهم”.

هذا إلى جانب عدد آخر من المقالات التي تزين بستان حراء الأخضر وربيعها الأزهر، والذي يحرص دائمًا على تقديم كل أنواع ثمار الفكر اليانعة وكافة ظلال المعرفة الوارفة في أبهى حلة وأجمل زينة..