«رومي العصر الحديث» لقب أطلقه مفكّرون وكتَّاب كُثُر على كولن في تركيا التي دفن بها الرومي في مدينة قونية، وكان الرومي شاعرًا وفيلسوفًا صوفيًّا، عاش في القرن الثالث عشر الميلادي، وله شهرة واسعة بين الأتراك والفرس على السواء، بل تنازعوا كثيرًا في أصله الإثني، لكنّ سلوكه الصوفي تجاوز الحدود القومية والطائفية. نعم، فمنذ ثمانمائة سنة لم يكن للانتماء القومي والإثني دور يُذكر لدى تحديد ما أسهم به المرء في الحضارة الإسلامية، واليوم يأتي كولن ليعيد هذا المعنى العظيم لدى ملايين الأتراك الحداثيين والمتدينين، وليس كولن بشاعر أو متصوف بالمعنى التقليديّ أو النموذجيّ، وربما وُصِف بالصوفيّ لإصداره سلسلة في التصوف.

نشاط كولن الدعويّ مكلَّل بالشفقة والرحمة للناس جميعًا، فلا تشمّ في كتاباته رائحة الكراهية لأحد.

ونشاطه الدعويّ مكلَّل بالشفقة والرحمة للناس جميعًا، فلا تشمّ في كتاباته رائحة الكراهية لأحد، ولعل هذا من أسباب وصفهم له بالصوفيّ، ومنها أيضًا سمته المشهود في التقشف والتنسك.

غاندي المسلم

وبينما لا يُطلِق المسلمون على كولن «مهاتما غاندي تركيا أو العالَم الإسلامي»، بدأ بعض الغربيين يطلقون عليه لقب «غاندي المسلم» فيروْن مواعظه وكتاباته قريبة جدًّا من الرومي وغاندي، فهو ينشد الحقّ دومًا للناس جميعًا بجمعه لهم على قضايا السِّلم والإنسانية دون نظر لعرق أو دين.

ينشد كولن الحقّ دومًا للناس جميعًا بجمعه لهم على قضايا السِّلم والإنسانية دون نظر لعرق أو دين.

صحيح أن كلًّا من غاندي والرومي لم يتخل يومًا عن أيِّ شعيرة من شعائره الدينية، إلا أن سماحتهما البالغة مع أهل الأديان الأخرى حالت دون حبّ أو قبول كثيرٍ من المتشددين من أبناء دينهما لهما؛ فقتل غاندي سنة 1948م على يد هندوسي أصولي يعتقد كأمثاله أن غاندي خان قضية الديانة الهندوسية، وأنه متأثر بمفكرين مسلمين في الهند البريطانية وبصوفية رآهم في جنوب أفريقيا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: مايمول أحسن خان، فتح الله كولن: الرؤية والتأثير تجربة فاعلة في المجتمع المدني، دار النيل للطباعة والنشر، طـ1، 2015م، صـ12/ 13.

ملاحظة: عنوان المقال والعناوين الجانبية من تصرف محرر الموقع.