لم يقتصر كولن -خلافًا لكثير من الدعاة والكتَّاب-على مِساحة ضيقة من الفكر التقليدي أو القوميّ، فلم يتّهم حكومات معينة في المآسي التي يعاني منها الناس، بل حمَل على عاتقه هموم المظلومين والمهمَّشين وراح يبحث لهم عن نماذج جديدة من الخطاب الدعوي؛ فلم يُعْنَ بدراسة وجهات نظر اجتماعية واقتصادية وسياسية معينة، بل عمَّت دعوته للإصلاح قِطاعات المجتمع كافّة.
عدم الانخراط في الصراعات
نعم، كان كولن ينأى بنفسه عن سياسة الوطن وصراعاتها، إلا أنَّه لم يألُ في حضّ أبناء الجيل على أن يفعلوا ما عليهم فعله في سبيل الإصلاح ورفاهية الناس والعالم أجمع، ولتحسين أداء تركيا على المسرح العالمي؛ وبرهنت أفكاره المبتكرة عن إصلاح التعليم والمجتمع على مدى ما تتسم به من قيمة بالنسبة للمجتمع عامَّةً، وللجاليات المسلمة خاصَّةً.
لم يتّهم كولن حكومات معينة في المآسي التي يعاني منها الناس، بل حمَل على عاتقه هموم المظلومين والمهمَّشين وراح يبحث لهم عن نماذج جديدة من الخطاب الدعوي.
سياسة توحيد الصف
كان كولن ينأى بنفسه عن أيِّ إستراتيجية فيها مواجهة أو تحزّب سياسي، ويدعو دائمًا إلى توحيد الصف على أساس مبادئ الإسلام السمحة، وهذا نظريًّا ليس بجديد على التصوّف، فكثير من الحركات الصوفية كانت -حقيقةً- قريبة من المثل العليا التي ينادي بها كولن، علمًا بأنَّه لم يكن متصوفًا تقليديًّا ألبتة.
كان كولن ينأى بنفسه عن أيِّ إستراتيجية فيها مواجهة أو تحزّب سياسي، ويدعو دائمًا إلى توحيد الصف على أساس مبادئ الإسلام السمحة.
نبت جديد
يُعَدّ فكر كولَن وأتباعه نبتًا جديدًا في حقلِ الفكرِ الإسلامي ورعايةِ مصالح الناس بحسٍّ مرهف، وأخصّ بالذكر نشاطهم الفعّال وغذاء الروح اللذين تفتقر إليهما عدة حركات إسلامية معاصرة، أمَّا ما مُنِيت به بعض الحركات السياسيّة الإسلاميّة من فشل فلم ينعكس شيء منه على أسلوب كولَن في الكتابة أو الكلمة، ولم يحُل ظهور الجماعات الدينية الأخرى أو تقاليد الأديان الأخرى بينه وبين صياغة مُثُلِه العليا التي تقوم على ضرورةِ نشرِ تعليمٍ أساسُه القيم، وتنميةِ ما يستهدف الناس من غذاءٍ روحيّ ونشاط ثقافيٍّ.
المصدر: مايمول أحسن خان، فتح اله كولن الرؤية والتأثير تجربة فاعلة في المجتمع المدني، القاهرة، دار النيل للطباعة والنشر، طـ1، 2015م، صـ9/ 10.
ملاحظة: عنوان المقال، والعناوين الجانبية من تصرف محرر الموقع.