استخدم الأستاذ فتح الله كولن مصطلحات خاصة في التعبير عن أفكاره، وهي متكررة في كل كتاباته، وسأحاول في هذا المقال الإشارة إلى معاني بعض هذه المصطلحات، لتكون بمثابة تمهيد يسهُل من خلاله استيعاب فكر كولن، وتيسير فهمه. وقد شرح الأستاذ كولن معاني بعض هذه المصطلحات في كتاباته العديدة، وشرح بعضها المترجمون لكتبه وإسهاماته العلمية الأخرى، وبعض هذه المصطلحات أشرحه من خلال فهمي لما اطلعت عليه من مجمل أفكاره.

وسأبدأ ببيانها حسب الترتيب الأبجدي كالتالي:

1 – الأوامر الشرعية

ما شرعه الله لعباده من شرائع وأحكام.

2 – الإرادة الجزئية

هي الإرادة المنسوبة إلى الإنسان، ويُشير إليها ويصفها بأنها (أمر اعتباري)، ومعنى كونها أمرًا اعتباريًّا أنه لا وجود لها خارج العقل.

3 – الإرادة الكلية

يُقصد بها مشيئة الله (سبحانه وتعالى).

4 – إنسان الأفق

يُطلق على النبي ﷺ؛ لأنه تسنم الذرى(العلا) في كل شيء حسن وجميل.

5 – الإنسان الجديد

هو مَن سيتحمل مسؤولية الإنسانية، وإعادة الروح والحضارة من جديد، وإحياء نهضة الأمة. فهو يرى “أن طريق الانبعاث والنهضة والتقدم والتنمية الشاملة المتكاملة تبدأ من إعادة صياغة الإنسان بالتربية البانية للعقل والوجدان، وبالتعليم الذي يفتح الآفاق للولوج إلى عالم المعرفة، ولامتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا، والإنسان كذلك هو وارث الأرض، وممثل الروح، ومهندس الأمل، وفدائي المحبة، والجيل المثالي، والجيل الذهبي، وكلها مسميات من تصنيف كولن.

فأضلاع مثلث الإصلاح عند كولن هي:

أ – الإنسان الجديد

ب – الدين

ج – العصر: أي مراعاة خصائص العصر الذي نعيشه.

وقد تأثر كولن في ذلك بالعديد من مفكري القرن العشرين أمثال محمد عاكف الذي سماه “جيل عاصم”، ونجيب فاضل، ونور الدين طوبجو، ومن أهم الذين تأثر بهم فتح الله كولن واستلهم أفكاره بديع الزمان سعيد النورسي، وقد سماهم (الجيل الجديد).

6 – الآيات التكوينية

يقصد المظاهر والآثار المنشورة في الكون والموجودات والكائنات.

7 – تلقيات الإسلام أو متلقياته

يقصد به: طبيعة فهمه وتداعياته في الإنسان ونوع التصورات بشأنه.

8 – الحركية

يستعمل كولن كلمة (action) ويعني بها القضية، والدعوة، والرسالة، والتأثير وحيثما وردت في كلامه ترجمت للحركية.

9 – حضرة القدرة أو الكلام الإلهي

يستعمل كولن مصطلح (حضرة) عندما يتكلم عن الله وعن صفاته من باب التبجيل والتوقير كما أجاب هو عندما سئل عن ذلك.

تدل على زيادة التعظيم والإجلال لله تعالى ويستخدم الأتراك مصطلح (حضرة) كثيرا قبل الأسماء ذات القداسة أو المكانة الدينية مثل: أسماء الأنبياء (عليه السلام).

10 – الرسول القطب

يطلق على النبي ﷺ وكذلك يطلق عليه ألقابا أخرى مثل: (سلطان الأنبياء)، و (فخر الإنسانية).

11 – زمن السعادة أو عصر السعادة

هو عصر النبوة أو الفترة التي عاشها النبي ﷺ

12 – السنة السنية

يستخدم كولن هذا المصطلح كثيرًا تعبيرًا عن السنة النبوية أي العلية القدر أو رفيعة المقام.

13 – السوق الإلهي

يعني به: الدفع الإلهي بالدوافع المغروزة في كنه الحياة والموجودات.

14 – الشريعة الفطرية

يُقصد بها: مجموع السنن الإلهية التي فطر الله الكائنات عليها، وأجراها فيها، فهي بهذا المعنى شريعة فطرية، وقوانين إلهية واجبة الطاعة والمراعاة.

15 – السير الأنفسي والآفاقي

وقد استخدمهما النورسي أيضًا في كلامه، وكذلك كثير من السابقين كالإمام محمد عبده، ومعناهما موجود عند كل علماء العقيدة، وأرباب القلوب قديمًا وحديثًا، ويقصد بهما: التفكر في الأنفس وما فيها من عجائب تدل على الله، والنظر والتفكر في الآفاق والكون والموجودات لنفس الغرض، قال تعالى: ” سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (سورة فصلت:53)

16 – عالم الأمر

يقصد به: الروح والباطن؛ لقوله: “التوكل هو مبدأ الأحوال التي تخص عالم الأمر أو السير الروحاني بالاعتماد على الله والثقة به([1]).

والتوكل من عبادات القلب؛ ولذا هي من عالم الأمر.

وقد وجدت تعريفًا لعالم الأمر عند الإمام الرباني (أحمد الفاروقي السرهندي) يؤكد هذا المعنى، وقد تأثر به كولن كثيرًا، واستشهد به في مناسبات عديدة. يقول الإمام الرباني: “اعلم أن الإنسان عبارة عن مجموع عالم الأمر وعالم الخلق، هو عبارة عن صورة الإنسان وظاهره، وعالم الأمر حقيقة الإنسان وباطنه”([2])

17 – الفروعات

يقصد بها: الفروع، وهي الأمور التي تقابل الأصول، فالأصول هي أمور العقيدة والفروع ما عداها من مسائل الفقه.

18 – كتاب الكون

يقصدبه: التفكر في كل ما يدور في الكون من أحداث وأشياء، ويسميه كذلك الكتاب المنظور في مقابل الكتاب المقروء الذي يعني به القرآن الكريم.

وأحيانًا يستخدم تعبيرات أخرى مثل: قصر الكون.

19 – المحاكمة

يستخدم كولن كثيرًا عندما يشيد بقيمة العقل والتفكير لفظ المحاكمة العقلية وتعني: تمحيص المسألة وفحص الأدلة، وإجراء القياس، وإعمال الاستنباط لاستحصال النتيجة.

20 – المعنى الحرفي والمعنى الاسمي

يردد كولن دائمًا دعوته إلى وجوب النظر إلى الكون والكائنات بالمعنى الحرفي لا الاسمي. وقد استقى هذين المصطلحين من كلمات (النورسي) ومعناهما:

أن الحرف لا يستقل بمعناه إلا إذا أضيف إلى غيره، كذلك كل شيء لا قيمة له إلا إذا انتسب إلى الله تعالى.

أما الاسم فيستقل بمعناه فمتى شعر الفرد أنه مستقل غير منتسب إلى شيء، واعتمد على الأسباب فقط فهذا باب للخطأ والبعد عن الله تعالى.

يقول النورسي: “إن النظر إلى ما سواه تعالى لا بد أن يكون بالمعنى الحرفي وبحسابه تعالى، وأن النظر إلى الكائنات بالمعنى الاسمي أي بحساب الأسباب خطأ ففي كل شيء وجهان: وجه إلى الحق ووجه إلى الكون، فالتوجه إلى الوجه الكوني لا بد أن يكون حرفيًّا وعنوانًا للمعنى الاسمي الذي هو جهة نسبته إليه تعالى مثلاً: لا بد أن يرى في النعمة مرآة للإنعام والوسائط والأسباب مرايا لتصرف القدرة([3]).

وقد أكد كولن هذا المعنى أيضًا بقوله: “ينبغي أن ننظر إلى الإنسان بالمعنى الحرفي، والحرف لا يدل على معنى في نفسه بل لا بد أن يركب مع كلمة ليدل على معنى ما، كذلك الإنسان لا تكون له قيمة حقيقية إلا بانتسابه إلى الله عز وجل، أما إذا نظر إلى نفسه بالمعنى الاسمي، وعدَّ نفسه كائنًا مستقلاً، وظن أنه يدل على معنى في نفسه فما أضله وأخدعه عندئذ، ومن هنا نرى أن الثقة بالنفس ونحوها من مفاهيم باتت تتردد اليوم لا وزن لها ولا قيمة دون أن تتعمق بالثقة بالله([4])

21 – المعينية

يريد بها التناسب بين السبب والنتيجة. ومثال ذلك

هب أنك شاهدت صرحًا شامخًا، وبجانبه ولد مكبل اليدين والرجلين، وادعى ذلك الولد أنه من قام ببناء هذا الصرح، فإنك لن تصدقه، لأنه ل بد من وجود تناسب بين الفاعل والأثر.

22 – الملة ومشتقاتها

ترد كلمة الملة كثيرًا في الأدبيات التركية عمومًا كما في كتابات كولن، ومعناها في التركية غير معناها المتعارف عليه في العربية، فهي تستوعب معاني أوسع كالشعب والأمة، أو أتباع دين وطائفة، وحين تقول “الملي” يكون مشبعًا في معناه بالدين، والتقاليد، والموروثات، والخصوصية الذاتية العائدة إلى الأمة الإسلامية.

23 – اللطف الجبري

المعنى المقصود: “النعم التي يتفضل الله تعالى بها على عبده ابتداءً ولا إرادة للعبد فيها ولا اختيار، وكل ما للعبد لطف جبري ابتداءً من وجوده بعد أن لم يكن شيئًا مذكورًا إلى خلقه إنسانًا لا حيوانًا ولا نباتًا، وولادته سليمًا في بلد مسلم، أي يطلق اللطف الجبري على النعم التي لا تحصى من ألفها إلى يائها”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1] ) كولن، التلال الزمردية، صـ112.

([2] ) أحمد الفاروقي السرهندي، المكتوبات، ترجمة محمد مراد المترلوي، استانبول، دار مكتبة الحقيقة، 2002، جـ2، صـ201.

([3] ) النورسي، المثنوي العربي النوري، كليات رسائل النور، ترجمة إحسان صالح القاسمي، دار سوزلر، القاهرة، طـ1، 1995م، صـ105.

([4] ) كولن، مقال أسباب الإصرار على الإلحاد، موقع (herkul) بتاريخ 13/ 11/ 2013م.