“864 طفلاً يقبعون مع أمهاتهم بسجون تركيا”.. هذا ما كشف عنه أحدث تقرير حقوقي، يرصد ما تعانيه الأمهات وأطفالهن بعد أن زجّ بهن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السجون عقب انقلاب عام 2016 المزعوم.

تقرير صادر اليوم عن دورية (نسمات) للدراسات الاجتماعية والحضارية، قال إن عدد الأطفال دون سن السادسة المحتجزين مع أمهاتهم بالسجون بلغ في 11 أغسطس/ آب الماضي 864 طفلاً، نتيجة حملة الاعتقالات التي استهدفت المنتمين إلى حركة (الخدمة)، “بينهم 149 رضيعًا لم يتجاوزوا العام”.

وتتهم الحكومة التركية حركة الخدمة بتدبير الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/ تموز 2016، لكن الحركة تنفي وتطالب بدليل واضح على هذا الاتهام من خلال تشكيل لجنة دولية تحقق في هذا الأمر.

وكان عدد الأطفال بسجون النظام التركي في شهر مايو/ أيار 2018، يبلغ 705 طفلاً، بحسب بيانات وزارة السجون التركية في أغسطس/ آب2017.

التقرير استعرض نماذج لمعاناة الأمهات بالسجون التركية، وتناول قصصا للسجينات وأطفالهن، فضلا عن معاناة الأطفال الأتراك المولودين خارج البلاد في الحصول على وثائق ثبوتية، لانتماء آبائهم إلى حركة الخدمة.

التقرير قال إن النظام التركي خرق اتفاقية حقوق الطفل (CRC)، بشكل واضح، ودلل على ذلك بإصدار الحكومة التركية مرسوم القانون رقم 680 الذي يحرم مواطنيها المقيمين في الخارج منذ انقلاب 15 يوليو/ تموز من الخدمات القنصلية، بالإضافة إلى إلغاء ومصادرة جوازات سفرهم، خشية أن يكونوا منتمين لحركة الخدمة.

ويتزامن تقرير نسمات مع حديث البرلماني الكردي المنتمي إلى حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد عمر فاروق جرجيرلي أوغلو عن ارتفاع عدد الأطفال بالسجون في تركيا.

وقال جرجيرلي أوغلو إن حكومة حزب العدالة والتنمية تتعمد عدم الكشف عن أعداد المحتجزين والمعتقلين داخل السجون، مضيفًا بأن عدد الأطفال في المرحلة العمرية بين 0-6 سنوات داخل السجون يقترب من 1000 طفل، بحانب أمهاتهم المتهمات بالانتماء إلى حركة الخدمة أو دعم الانقلاب الفاشل في 2016.

واستشهد التقرير بمعلومات أوردتها مؤسسة الصحفيين والكتاب، التي قالت إنها وثقت 113 حالة من حالات رفض البعثات الدبلوماسية التركية استخراج جوازات سفر وبطاقات هوية للمواليد الجدد في 15 بلدًا اعتبارا من أغسطس/ آب 2017.

وإمعانا في الظلم الذي يتعرض له الأطفال المنتسبون لأسرة تنتمي إلى حركة الخدمة، يكشف التقرير عن إقدام الحكومة التركية على فرض مزيد من القيود على الوصول إلى الرعاية الصحية لأسر المفصولين من عملهم بعد عام 2016، ومنعهم من الاستفادة من نظام التأمين الصحي، بالإضافة إلى إغلاق المستشفيات والعيادات الخاصة والصيدليات التي لها صلة بحركة الخدمة، حتى لا يستفيد منها هؤلاء.

على سبيل المثال، “سيف الدين جاكماق” الذي كان مدعيًا عامًّا، وهو الآن معتقل، ولديه ولدان عمر وطوبى يعانيان من إعاقة بنسبة 98%، ألغت الحكومة التركية خدمات الرعاية الصحية الخاصة بهما.

الفصل الثاني من تقرير “نسمات” استعرض شهادات لمعتقلين ومعتقلات وآخرين مفرج عنهم، حول الظروف الإنسانية الصعبة التي مروا بهما داخل السجن.

معتقلة مفرج عنها تحدثت عن تعرضها للتعذيب على يد الشرطة، لإرغامها على الإدلاء بشهادتها ضد حركة الخدمة. وقالت أخرى كان يتم تعذيب الأم بحرمانها من رضيعها، وعدم السماح لها بإرضاعه إلا مرة واحدة باليوم للاعتراف بأنها مذنبة، والتوقيع على شهادة بذلك، مع تهديدها بتعذيب زوجها، وإبعاد رضيعها عنها نهائيا، ووضعه في دار إيواء للأيتام.

ونظمت جماعات حقوقية أنشطة في عدة دول للفت الانتباه إلى الظلم الذي يتعرض له الأطفال بالسجون التركية، باعتبارهم يعيشون مرغمين في بيئة غير مناسبة لحياة الأطفال، في ظل إصرار النظام التركي على اعتقال الحوامل والأمهات المرضعات بالمخالفة للقانون، طالما كانت التهمة الانتماء إلى حركة الخدمة.

حمل التقرير توصيات، بإلزام النظام التركي بتطبيق اتفاقيات حقوق الأطفال، وعدم التمييز ضد الأطفال الذين سجن آباؤهم بسبب صلاتهم بحركة الخدمة، كحرمانهم من الخدمات الصحية، والرعاية الاجتماعية، والجنسية التركية.

وزاد عدد السجون في تركيا منذ تولى حزب العدالة والتنمية الحكم، وبحسب بيانات وزارة العدل، فقد أنشأت تركيا 178 سجنًا جديدًا في الفترة بين 2006 و2019، بالإضافة إلى افتتاح 14 سجنًا جديدًا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.

وتشير بيانات الإدارة العامة للتوقيف والعقوبات، إلى أن تركيا تضم 272 سجنًا مغلقًا و76 سجنًا مفتوحًا، و4 دور رعاية لأطفال الأحداث، و9 سجون مغلقة للسيدات، 7 سجون مغلقة للأطفال، بإجمالي بلغ 375 سجنًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: موقع وجه الحق، نقلاً عن موقع جريدة زمان التركية.