بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016م، والتي اتَّهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأستاذ كولن والمؤمنين بأفكاره بالمسؤولية عنها، رغم نفي الأستاذ كولن تلك الاتهامات جملة وتفصيلاً، ومطالبته مرارًا وتكرارًا بتوفير لجنة دولية للتحقيق في هذه المسألة بشكل معمّق، وتأكيده أنه إذا ما اكتشفت هذه اللجنة أنه قد قال شيئًا لأحد شفهيًّا أو عبر اتصال هاتفي أو أن عُشر التُّهم الموجهة بحقِّه صحيحه فإنه على استعداد أن يركب طائرة على نفقته الخاصة متوجهًا إلى تركيا فورًا، وإن صدر قرار بإعدامه فسيذهب إلى حبل المشنقة بنفسه دون أدنى تردد.
في خضم هذه الأحداث والأجواء المتوترة، حرصت العديد من وسائل الإعلام العالمية على إجراء حوارات مع الأستاذ فتح الله كولن، لكشف اللثام حول حقيقة ما ادعاه أردوغان من مسؤولية الأستاذ كولن عن الانقلاب المزعوم
ففي حوار أجراه أمير لاشين الصحفي بجريدة أخبار اليوم المصرية بتاريخ 13 نوفمبر 2016م، أجاب الأستاذ فتح الله كولن على عدة أسئلة كان من بينها سؤال حول، مَنْ قام بإخراج مسرحية الانقلاب المزعوم في تركيا عام 2016م؟ وقد جاء جواب الأستاذ محمد فتح الله كولن كالتالي:
“هناك من ردد بأن هذا العمل قام به “القوميون –العلمانيون”، ومنهم من ذكر “الكماليون المتطرفين”، ومنهم من ذكر ثلاث فئات، ومنهم من ذكر خمسًا.. وهناك جهات ذكرت أنه تم الدفع بمجموعة من المتدينين في المقدمة ليكونوا في الواجهة ويحمّلوهم المسؤولية.
على كلٍّ لا بد من إجراء تحقيق شامل وعادل ونزيه للكشف عن ملابسات هذا الانقلاب وفضح مَنْ وراءه. ولكن إجراء تحقيق بهذه الأوصاف في ظل الأوضاع الراهنة في تركيا أمر يصعب تحققه، اللهم إلا إذا انعقدت لجنة دولية للتحقيق في الأمر، ساعتها يمكن الوصول إلى نتائج سليمة. ومن جهة أخرى لا بد أن ننظر إلى الأمور بنظرة أكثر شمولية حتى نقف على المخططين الاستراتيجيين لهذه المحاولة، ومن هم المستفيدون منها بدلا من الغرق في التفاصيل.
لقد مرَّ وقت ليس بالقليل على الأحداث حتى الآن، ومع كل هذه الإجراءات التي اتخذوها نستطيع القول: إن الجهود المبذولة بغرض الكشف عن المخططين والمنفذين الحقيقيين لا تسير بصورة جديِّة حتى الآن. بل على العكس فرغم أن الذين قاموا بمحاولة الانقلاب الفاشلة هذه على حد قولهم أفرادٌ من وحدات الجيش الحقيقيين إلا أن إجراءات الاعتقال والفصل من الأعمال، وسحب الجوازات ومصادرة الأموال وتأميم الشركات والتعذيب في السجون، ومعاملة الأبرياء من المعتقلين معاملة المجرمين، بل والإفراج عن عدد كبير جدًّا من المجرمين الحقيقيين من ذوي الأحكام بعفو عام لاستيعاب عدد آخر من الأبرياء، كل هذه الإجراءات تمتد لتطال قطاعًا كبيرًا من المدنيين أكبر بكثير ممن استهدفتهم داخل الجيش.
فقد استهدفت قرابة مئة ألف من المعلمين والقضاة والمدعين العامين وأفراد الشرطة والعمال وأصحاب الحرف وأعضاء الجمعيات الخيرية والإعلاميين.. حتى طالت الأطفال وكبار السن والنساء المرضى، ولا تزال تلك الانتهاكات مستمرة دون توقف بذريعة الانقلاب.
وكل هذه العمليات تكشف للمراقب أن النية مبيتة على الاستمرار في التغطية على الفاعل الحقيقي وعدم الكشف عنه. فمؤسسة الجيش من أكثر المؤسسات في البلاد انضباطًا ودقة في تطبيق التعليمات والأوامر، وليس من الصعب الكشف عن أصغر قضية فيها وتحديد أطرافها، لذا نرى من التناقض أن يتم الزج بهذا العدد الكبير من المدنيين في السجون والمعتقلات واتهام مجموعة كبيرة أخرى بأنهم وراء هذا الانقلاب في قطاعات مدنية مختلفة منذ اللحظات الأولى للانقلاب، وألا يتم في الوقت نفسه الإفصاح عن أسماء المتورطين أو الكشف عن الفاعلين والمدبرين لهذا الأمر من أفراد الجيش، وإعلان أسمائهم للرأي العام على الرغم من مرور هذا الوقت الطويل.
هناك جهة في الجيش تُدعى “مجلس السلام الوطني” يُعزى إليها محاولة الانقلاب الفاشلة، ولكن إلى الآن ليس لدينا أي معلومات عنها، كم عددهم؟ وما ارتباطهم؟ من الذين استخدموا الدبابات والطائرات؟ وممن تلقوا أوامرهم؟ ومن حرّض طلاب المدارس العسكرية السذج حتى خرجوا إلى الشوارع على هذا النحو؟ ومن استغل عواطفهم البريئة وقام بحشدهم؟ مَنْ احتجز الجنرالات من هيئة الأركان بل ورئيس الأركان نفسه؟ تداولت وسائل الإعلام تصريحات متضاربة فب كل هذه الأمور، تسمع أن فلانًا هو مَنْ وراء هذا الانقلاب، ثم في اليوم التالي يتحدثون عن بطولته في إفشال هذه المحاولة. وهكذا كلما زادت التصريحات زادت معها التناقضات بدلا من العكس. يقولون إن كل الأمور باتت تحت السيطرة، فما دام الأمر كذلك فلماذا لا يعلنون النتائج بشفافية على الرأي العام.