ظهرت نتائج مترتبة على خطة ربط الصلة مع تركيا، فبدل أن تكون تلك الصلة مددًا يدحر روح التطلع والتدين والشعور بالذاتية، راحت تلك الصلة تقوّي سجايا الأصالة والعمل والتثمير. ولا ريب أن دارس التاريخ سيسجل تأثيرًا ملموسًا ليقظة الأتراك الراهنة على الأمة العربية، تلك اليقظة التي أسَّس لها الفكر الإسلامي المعاصر، لاسيما فكر النورسي وكولن، ونشّطها أتباعهما، ونقلوها حية في صورة فكر ومشاريع خدمة وإنتاج وتثمير.

تجد نهضة تركيا الراهنة في سياسة التقارب مع العرب والمسلمين نفس الفوائد التي يجدها كل شعب جراء انفتاحه على بقية أشقائه من شعوب الأمة.

شفافية وتجرد حركة الخدمة

تجد نهضة تركيا الراهنة في سياسة التقارب مع العرب والمسلمين نفس الفوائد التي يجدها كل شعب جراء انفتاحه على بقية أشقائه من شعوب الأمة؛ إذ إن الأتراك يعملون على توجيه المسيرة في اتجاه يعاكس ما ظلت موجهة نحوه خلال عقود من التغريب، والسير في أرضية مدنية وتاريخية مضللة. إن حركة الخدمة، وهي تسعى لأن تمد لها فروعًا في بلاد المسلمين، (علمًا بأنها حركة دعوية مفتوحة على بلاد العالم) لا تريد أن تستلب الأهواء والضمائر، ولا أن تستغوي الفئات والأوساط على نحو ما تفعل الأيديولوجيات حين تراهن على اصطناع أجنحة وتيارات تضمن بها التدخل والتحكم والتأثير في الأوطان.

اعتماد أسلوب التواصل المباشر الذي تتبعه حركة رجال الخدمة يضمن اختزال المراحل؛ ذلك لأن مما يركز عليه “كولن” في مجال ضمان التوفق والتفوق، هو الإجادة في استغلال الزمن.

كلا، إنما ترغب في تعزّيز الوجهة بجعل جذور الشعب التركي تضرب من جديد في تربة البلاد التي ترتبط معها روحيًّا وحضاريًّا، كنوع من تهريب المشاعر نحو الحظيرة الأصلية، وإعادة اغتراس الهوية في أرضية الملة، دار الإسلام. وإن اعتماد أسلوب التواصل المباشر الذي تتبعه حركة رجال الخدمة يضمن اختزال المراحل؛ ذلك لأن مما يركز عليه “كولن” في مجال ضمان التوفق والتفوق، هو الإجادة في استغلال الزمن، وضمانَ السبقِ والمسارعة في إرساء الأسس والدعائم على الأرض، وإقامة مشاريع النفع المشترك الملموس، والإفادة التي لا يستغرقها الانتظار، ففي كل توانٍ فرصٌ ضائعة، ومجالاتٌ تُفتَقَدُ.

——————————————–

المصدر: سليمان عشراتي، الانبعاث الحضاري في فكر فتح الله كولن، دار النيل للطباعة والنشر، ط 2، 2013، ص: 132-133.

ملحوظة: عنوان المقال والعناوين الجانبية من تصرف المحرر.