• معالم الكتاب

لكل كتاب ما يميزه عن غيره من حيث الشكل والموضوع. وكما تنكشف أهمية الدرس من خلال المدروس، فقيمة هذا الكتاب ازدانت بقيمة موضوعه. فهو من جهة كلام الله الذي يعلو ولا يعلى عليه، ومن جهة ثانية فهو ذلك النص القرآني الذي حيّر الألباب في كل الأبواب.

أما من حيث الشكل فقد طُبع الكتاب من طرف دار النيل للطباعة والنشر في سنة 2017. وجاء في القطع الكبير بحوالي 494 صفحة. هندسه مؤلفه من خلال ثمانية فصول إضافة إلى توشيحه بمقدمة ومدخل قوي.

والكتاب على غير عادة المؤلّف، جاء مخالفا لمنهجه في التأليف من حيث الحجم، حيث اتسمت مؤلفاته بالاختصار و صغر الحجم، خلا كتاب النور الخالد، في سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن المثير للتساؤل أن يتماثل هذين الكتابين في أمور كثيرة تحتاج إلى وقفة أخرى. فإضافة إلى أشتراك الكتابين في إسم “الخلود”، النور الخالد- البيان الخالد، اشتركا أيضا في المنهج والأسلوب. بل إن الدارس الحصيف قد يلتبس عليه الأمر وهو يقرأ بعض القضايا، في الكتابين. وهو وفاء صريح  من المؤلف لمنهجه، سنوضحه في بابه.

وأما من حيث المضمون، فالكتاب غني بالقضايا المنثورة بين ربوع فصوله ومباحثه.

وأول ما يغازلنا في عنوان هذا الكتاب اختيار المؤلف.  لماذا “البيان الخالد”؟ و”البيان” صفة من صفات القرآن الكريم التاثيرية التي لها علاقة بالناس. كما ورد بقول الله تعالى في سورة آل عمران: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ}، قال الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي “قال أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيدلة في كتاب البرهان اعلم أن الله سمى القرآن بخمسة وخمسين اسماً؛ سماه كتاباً ومبيناً في قوله‏:‏ ‏{‏حم والكتاب المبين‏}‏…”

من أجل ما سلف نتسائل: هل المؤلف حين اختياره لعنوان هذا الكتاب قصد اسم القرآن الكريم، أم  يريد صفته البيانية المعجزة ؟

لعل جزءا من الجواب على هذا التساؤل قد ينجلي حين تأمل عناوين القضايا التي اختارها المؤلف مفاتيح لفصول الكتاب. عناوين سنلفيها منسجمة انسجاما تاما مع رؤية المؤلف للنص القرآني. وهي رؤية كما سبقت الإشارة جمعت ما تفرق في رؤى كثير من الذين تصدوا للدراسات القرآنية من المعاصرين. وهي رؤية يكاد يتفرد بها هذا الرجل، الذي يعالج قضايا الإنسان المعاصر انطلاقا من فهمه الخاص للنص القرآني. وهو فهم قد يبدو في الظاهر مسبوقا بعدد من الدراسات؛ خاصة الدراسات الإصلاحية المنطلقة من النص القرآني، لكن المحققين فقط من يرون الفروق الجوهرية، والمميزات الحقيقية بين رؤية المؤلف ورؤية غيره للنص القرآني.  ذلك ما أثار انتباه كوكبة من المختصين ودفعهم للإشادة برؤية المؤلف في عدد من المخابر العلمية والجامعات الدولية.  (يتبع)