لقد تأثرت كثيرًا بما يقوم به فتح الله كولن من أعمال، كتابات وفاعليات؛ لأن مجال عملنا في تحليل وحل الصراعات غالبًا غربي، وُلد في المجتمعات الغربية، في أوروبا وأمريكا، ولقد وجدت في بعض الأحيان أن النظريات الغربية وحدها لا تكفي، فالناس ليسوا مرتبطين بها، ولا توجد قيمة رابطة يمكن أن تزودها النظريات الغربية، إنها نظريات قوية ومثيرة للاهتمام لأني درست هوية المجتمع وهي تحلل النزاعات الناشئة عن الهوية. لكننا نحتاج أفكارًا وفهمًا من وجهة نظر أخرى، وأعتقد أن ما يقوم به كولن ممتاز فهو يصوغ نفس الأفكار المتعلقة بالحوار وتبني السلام ويشرح لماذا يكره الناس بعضهم؟ وما يجب فعله بهذا الشأن؟ كولن يصوغ هذا وفقًا لرؤيته الخاصة، ويُقدم للرؤية الدينية والرؤية الثقافية، أعتقد أن سبب حبّي لكتاباته، وما يدفعني للكتابة عنها والمحاضرة بشأنها أنني أرى مزيجًا رائعًا سيتكون، لو أننا مزجنا النظريات الغربية مع ما يقدمه كولن في كتاباته، هذا المزيج سيعطينا فكرة قوية حول كيف للجماعات الدينية والإثنية المختلفة أن تتعايش وأن تؤسس حوارًا فيما بينها، فعلى سبيل المثال كولن صريح للغاية فهو يقول: “إن التصورات السلبية موجودة لدى كلا الجانبين”. هناك تصورات سلبية عن المسلمين في بعض المجتمعات، ولكن المسلمين أيضًا يعتقدون أن الغرب يحاول أن يسيطر عليهم ويستغلهم. كولن صادق عندما يقول: “إننا يجب أن نجتمع ونتعقل ونوقف الكراهية”، وكولن يؤمن أن التصورات السليبية ازدادت بصورة ضخمة، ويرى أن الحب والتصورات الإيجابية والتسامح تجاه الآخرين يتوافق وفطرة الإنسان، وكولن يؤمن بأننا يجب أن نتعاون ونركّز على المشتركات بدلا عن الاختلافات، هذا ما نجده في نظريات الهوية الاجتماعية، ولكنه ينبثق من جذور وأفكار مختلفة وعملية أكثر، فأحيانًا لا تستطيع أن تصل النظريات للمجتمع؛ لذلك فما يقدمه كولن يسهم في فعاليات بناء السلام. وما يفعله كولن من خلال التعليم -المقاربة التعليمية- هو ترسيخ قيمة أن تكون متسامحًا، أن تكون متقبِّلاً للآخر، أن تكون منفتًا على وجهات النظر المختلفة، وهذا ما أراه في غاية الأهمية، لأنه متى ما يكون لدينا عنف؟ يكون لدينا عنف عندما يعتقد الناس أن الطريق الوحيدة هي طريقهم، وما نشهده اليوم من صراعات هو نتيجة موقف يتخذه بعض الناس عندما يقولون لغيرهم أنتم يجب أن تتبعوا طريقتنا وتتصرفوا وفقًا لما نقول وتعيشوا وفقًا لما نقول، أو أنكم ستقتلون أو ستطردون. إن نظام كولن التعليمي يعطينا فرصة لنرى الاختلاف ونقدره، إنه يعطينا فرصة لتعميق قيمة السلام والحب للآخرين