في جولة صحفية بالولايات المتحدة أخيرًا بدعوة من جمعية الصحفيين والكتاب الدولية، زرت مع صديقي الأستاذ إسحاق إنجي رئيس الشئون الدولية بصحيفة الزمان التركية، ولايات نيويورك وبنسلفانيا ونيوجيرسي التي كانت محلا لنا في أكثر من جولة، وكانت الرابط لرحلتنا من نيويورك إلى بنسلفانيا وكذلك العودة منها ثم زيارة خاصة لها مرة ثالثة. ويستحق الأستاذ إسحاق مرافقي لقب مهندس الرحلة حيث تكرم مشكورًا بترجمة حواراتنا الكثيرة مع من التقيناهم من الخبراء الأتراك الذين تركوا بلادهم هربًا من الأوضاع الصعبة في بلادهم منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو 2016.
وقد عرجنا أنا والصحفي التركي القدير إلى إحدى مدن نيوجيرسي لزيارة صديقي الدكتور عادل الحديدي الذي أصر على أن يكون اللقاء في منزله حتى لا يفتقد الحميمية. وبعد الترحيب الحار وتبادل بعض الحكايات وكيف الأحوال وحال مصر وناسها الطيبين، استدرجنا الحديث إلى كيف تحتوي أمريكا كل البشر بجميع الديانات وضرورة التحاور بين المسلمين والمسيحيين واليهود فكلهم يعبدون ربًّا واحدًا. وهنا تذكّر الدكتور عادل قصة مرّ بها ابنه حينما عاد من مدرسته وهو طفل في يوم ما ليباغت والده بسؤال غريب: نحن المسلمون سندخل الجنة ولكن هل زملائي الآخرين سيدخلون النار، أيًّا تكن صيغة السؤال، ومن هو الذي سيسكن الجنة وهذا الذي لن يورد عليها، فالسؤال صعب أن يفطن إليه ذهن طفل، ولكن الأب كان من الذكاء بأن جاوبه برد غاية في العقلانية إذ قال لابنه: الله هو الذي خلق الجنة والنار، وهو الذي سيختار من يُسكنه الجنة والآخر الذي سيكون مآله النار، هو الخالق وله الحق في التصرف فيما خلق، المهم أن نعمل بما أمرنا به الله ويُرضيه أيًّا كان ديننا، فليس هناك فرق بين دين وآخر بينما أعمالنا الصالحة هي التي تميز بعضنا عن الآخر. استغرقنا الوقت في حوارات متعددة حتى كدنا نقع من الجوع بعد رحلة مرهقة من السفر واللقاءات قبل ذهابنا لصديقي عادل الحديدي الذي ختمْنا يومنا عنده بوليمة على الغداء أعدتها زوجته الفاضلة فكان غداءً مصريًّا خالصًا وعلى رأسه الملوخية التي التهمناها جوعًا واستطعاما.