الشخص متقلب المزاج، هو ذلك الشخص الذي تجده كل دقيقة على حال، وكل وقت بإحساس مختلف، يصاحب هذا ويترك ذاك، يميل إلى هؤلاء، ويعادي أولئك.
السيد رجب طيب أردوغان رئيس تركيا من أولئك الصنف من الناس الذين يمثلون الشخصية المزاجية المتقلبة، فهو اليوم إسلامي صوفي يرتاد المساجد يتلو القرآن، ويسعى إلى أن يكون خليفة المسلمين، بينما في ذات الوقت يصدر تراخيص بقانونية بيوت الدعارة. يجد ضالته في التقرب إلى الأستاذ فتح الله كولن، وعندما ينتقده يتخذ منه ومن جماعته عدوًّا ويُقسم بأغلظ الإيمان ألا يتركهم حتى يقضي عليهم واحدًا واحد. يمد الجماعات المتطرفة في سوريا بالأسلحة وبعد حين يقاتلهم بدعوى أنهم إرهابيون. يتحالف مع حزب الحركة القومية قبيل الانتخابات وبعد فوزه يتركهم.
زعيم مافيا أحدث حلفاء أردوغان
هذه المرة يولي أردوغان شطره تجاه أحد زعماء المافيا الأتراك، وهو شخص يدعى سيدات بيكر، الذي يُعدُّ يد أردوغان التي يضرب بها في كثير من الملفات التي يتم طبخها داخل الغرف المغلقة.
ففي خلال العملية العسكرية في “عفرين” والتي قام بها الجيش التركي بالتعاون مع مجموعات من الجيش السوري الحر وأُطلق عليها حينها “غصن الزيتون”، واستهدفت طرد الوحدات الكردية من عفرين، قام سيدات بيكر بمساعدة الجيش التركي في تقديم آلاف السترات المضادة للرصاص وسيارات الدفع الرباعي كدعم للجيش السوري الحر المشارك في عملية “غصن الزيتون”، وأعلن سيدات عبر حسابه الرسمي فيسبوك قائلاً: “أصدقائي الأعزاء .. أشعر براحة وطمأنينة إزاء خروج أول دفعة من سيارات الدفع الرباعي، والتي نقدمها كدعم منا، لإخواننا في الجيش السوري الحر، تزامناً مع ليلة قنديل رجب الفضيلة”.
سيدات.. سآخذ بالثأر من أنصار كولن
في مقابلة تلفزيونية بالشارع في مدينة كوجايلي، تحدث سيدات بيكر، إلى قناة “تي في 264” متوعدًا حركة فتح الله كولن، ومتعهداً بالانتقام منهم بطريقة “ستروى للأطفال في المستقبل”. كما توعد كذلك الصحفي التركي المعارض آدم أرسلان الذي يعيش في واشنطن بالانتقام منه قائلاً: ” مجرد أن تنتهي الدولة من تطهير البلاد من المتعاطفين المزعومين مع جماعة فتح الله كولن”.
وحسب ما ورد في مقطع فيديو تداوله نشطاء، قال بيكر: “أقسم بالله إنني لن أسامحهم أبدًا (أنصار كولن). سنقوم بأخذ الثأر منهم وملاحقتهم إلى الأبد”.
ونوَّه بيكر إلى أن أتباع كولن كتبوا تغريدات تطاله، متوعدًا إياهم بالقول: “هذه التغريدات لا تزعجني، فهي تزيد فقط من الخطط التي أحضرها لهم، وشدة ما ينتظرهم مني”.
وبطريقة مافيوية متنطعة تعلوها الضحكات قال سيدات أمام الكاميرا: “إن العالم كله سيشهد الانتقام من حركة كولن، حتى إنه سيُرْوَى في حكايات للأطفال بالمستقبل”.
الجدير بالذكر أن الشرطة التركية ألقت القبض على بيكر عدة مرات في التسعينيات بتهمة إنشاء منظمة إجرامية، وفي عام 2005، حكم عليه بالسجن لمدة 14 سنة و5 أشهر و10 أيام.
وبينما كان في السجن، كان اسمه مدرجًا أيضا في قضية “أرجينيكون”، وهي تحقيق في محاولة انقلابية تورط فيها ضباط متقاعدون من الجيش وأكاديميون وموظفون بالدولة.
وفي يوليو 2018، برأت محكمة أنقرة الأولى بيكر من تهمة التهديد بالقتل، عندما وجه تهديدا لأكاديميين طالبوا بوقف عمليات الجيش في جنوب شرق تركيا عام 2015 ضد الأكراد، والتي قتل خلالها المئات وشرد آلاف السكان.
وصاح بيكر خلال مظاهرة احتجاج ضد الإرهاب في مقاطعة ريزي في عام 2016: “سنسقي الأنهار من دمائكم ونستحم فيها”، وأحيل بيكر إلى المحاكمة وعوقب بالسجن لمدة 11 عامًا، قبل أن يحصل على البراءة في استئناف قضائي مثير للجدل.