يواصل موقع نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية تقديم شهادات أكاديميين من جنسيات مختلفة حول رؤيتهم للأستاذ فتح الله كولن ولحركة الخدمة، وذلك من خلال الدراسات الأكاديمية حول حركة الخدمة، أو من خلال المتابعات الميدانية لمؤسسات حركة الخدمة، وما تنجزه من مشاريع إنسانية حضارية، وكذلك من خلال اللقاءات الحوارية والتفاعلات مع أبناء الخدمة ومحبيها وما ينطبع في النفوس عن السلوكيات والمثل العليا التي يتخلق بها المؤمنون بفكر الأستاذ فتح الله كولن، والنموذج الذي يقدمونه للإنسانية عن الإسلام كسلوك معايش . وفي الفيديو أعلاه نقدم شهادة الباحثة آنابل هرتز أستاذ مساعد بمعهد (arch) للدراسات العليا والتدريب، وأستاذ مساعد بمدرسة جنيف للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية والتي جاء فيها:
“لقد تعرفت على فتح الله كولن قبل عام، وبدأت أقرأ وأبحث عن خلفيته وفلسفته وتعاليمه وقراءاته، ورأيته شخصية مثيرة للاهتمام. من الواضح أنه تطور عبر الزمن كما نفعل جميعا، وتغيرت أفكاره، والناس تقرأه بصور بشتى، ولكن ما أعجبني هو ثباته على رسالته في تعزيز التسامح، وإظهاره للعالم أن المسلم أيضًا ثلاثي الأبعاد أي: لا يصح النظر إليه من جهة واحدة والحكم عليه وفقًا لذلك، وتبنى قيم التعليم والتسامح الذي نحتاج أن نراه أكثر حول العالم، ولقد كنت متشوقة لأعرف رأيه في المرأة، فقرأت في هذا الموضوع بصورة متوسعة.
أعتقد أن الحركات النسائية اليوم عالميًّا في وضع حرج، ومن الواجب على الناس أن يتحدثوا عن حقوق النساء، ولقد أعجبت كثيرًا بفتح الله كولن وثباته على مقولة أنه يرى المرأة مشاركًا مساويًّا للرجل في المجتمع، أعتقد أن هذه رسالة إيجابية، وهذا ما أريد سماعه من الجميع، وأعتقد أنه بفعل المزيد سيكون لهذا نفع للحركات النسائية.
القيمة الأساسية في الخدمة هي فكرة الخدمة ذاتها فبث الروح في القيم وتفعليها يجذب اهتمامي واهتمام الآخرين، الأمر ليس مجرد اعتقاد، الأمر هو أن تعيشه وأن تتكلم وأن تعمل وأن تضع مبادئ للتحرك، هذا أمر ملفت خاصة فيما يتعلق بطرق خدمة الآخرين، كثير منا قد ينتمي لمثل هذا الأمر، والرسالة الأخرى التي تقدمها الخدمة من خلال فتح الله كولن هي تقديم نموذج للتسامح لمواكبة العصر، وللفكرة التي طرحتها مسبقًا وهي أن الفرد المسلم ثلاثي الأبعاد كأي شخص آخر، وكل شخص آخر له دينه الخاص أيضًا ثلاثي الأبعاد، ويمكننا التلاقي بمستويات مختلفة، وأعتقد أن هذا واحد من أهم مميزات الخدمة أيضًا.
من الجذاب أيضًا الفكرة، فنحن في أمريكا على سبيل المثال لدينا متبرعون كُثر يدفعون للخير في مختلف البلدان ولمختلف الأسباب خاصة في حالات ما بعد الكوارث، وهناك من يركزون في تبرعاتهم على مجال بعينه ويحاولون حل مشكلة ما. والسؤال هو كيف تحافظ على استمرارية العطاء طوال الوقت، فالعقلية العامة وخاصة في ثقافة أو في عالم ملئ بالاضطراب والعجز، ولدين الكثير من المشاكل تواجهنا وأولويات تتنفس فيما بينها، فالسؤال الهام هنا، كيف يمكننا المحافظة على ديمومة العطاء وجعله مبدأ حياة يتناسب مع طريقة عيشنا ومع قيمنا؟ وأظن أن الإجابة المنطقية هي ما تقدمه الخدمة من إطار ومنهجية للدعم المستمر، لذلك إذا كنتم مجموعة من الأفراد وتريدون العمل معًا تعرفون أنكم جزء من شئ أكبر، وأظن أن هذا ما ينقص الكثير، فكما ترى نمر بموجات صعود وهبوط للعطاء والإحسان، ولدينا الكثير من الأفراد الملتزمين بذلك طوال حياتهم، ولكن ليس لدينا الإطار المعزز. لذلك أرى أن الخدمة تقدم نموذجًا ممتازًا وأفكارًا عظيمة حول كيف نحافظ على ديمومة العطاء؟ وكيف نجعل هذا جزءًا من أفكارنا ومشاعرنا اليومية؟ كيف نخدم الآخرين كأننا نخدم أنفسنا؟ وكيف يمكننا ترجمة ذلك على أرض الواقع؟
أعتقد أن تركيز الخدمة على التعليم مهم للغاية، ويمثل الرسالة الثانية التي تقدمها الخدمة بعد رسالة التسامح والسلام، وهو أمرنحتاج إلى أن نؤكد عليه، فنحن نرى حول العالم أن التعليم يمكن أن يصنع فرقًا حول ما يعتقده الناس فيما يخص اختلافهم عن الآخرين، والفرص الاقتصادية التي يتيحها لهم، وكذلك الوعي العام، إن هذا يزيد من فرص تنميو الدول وتحولها إلى جيل جديد من المفكرين، وهذا من أهم ما تركز عليه الخدمة.