ان الإيمان بالله أول مصدر يستقرئ به “فتح الله كولن” الأحداث، ويقرأ الوقائع، ويفقه حراك المدنيات والإمبراطوريات وتطوراتها. لقد لبث ـ سنين ـ يستخرج من قصص القرآن ومن سير الأنبياء ومن أسفار التاريخ ما يؤكد حتمية انهيار إمبراطوريات الظلم والبغي، لذا لبثت دروسه وخُطبه وبياناته وتوصياته وكتبه تصبّ في هذا الاتجاه، وترسخ في ضمير الشباب والأحباب عقيدة قرب مجيء الفرج، حتى إذا ما تهاوى جزء من سلطان الأيديولوجية المادية الباغية، كانت الفراسة الإيمانية التي يتمتع بها كولن مهيأة لأن تُصدِر التوجيه المناسب في الوقت المناسب، فكان من نتيجة ذلك الإجراء الفذ أن تحولت به أفواج من المؤمنين ليجوبون الآفاق، وينشرون الإيمان، ويبثون الدعوة، ويقدمون الخدمة للعالمين.
كانت الفراسة الإيمانية التي يتمتع بها “فتح الله كولن” مهيأة لأن تُصدِر التوجيه المناسب في الوقت المناسب.
استلهامه قوانين الله تعالي وسيرة رسوله
لا ريب أن “فتح الله” وهو يُقْدِمُ على اتخاذ ذلك القرار، كان يستحضر خطوات الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تتسلل بين الأعداء الشاهرين سيوفهم، وتتحسس طريقها تحت جُنْح الليل، تمضي إلى المَهْجَر وأرض الهجرة؛ لتواجه إمبراطوريات الأرض من روم وفرس وحبش وسند وهند. وكان “فتح الله كولن” يعرف أن عُدته في استشراف المستقبل واستبصار المسار التاريخي للبشرية عُدة إيمانية يقينية؛ لأنها استمداد من قوانين الله وسننه كما رسمتها آيات القرآن العظيم وسنة النبي الكريم، صلي الله عليه وسلم.
ان الإيمان بالله أول مصدر يستقرئ به “فتح الله كولن” الأحداث، ويقرأ الوقائع، ويفقه حراك المدنيات والإمبراطوريات وتطوراتها.
وأنه بذلك كان متيقنًا من إفلاس وتبدد شمل المدنية المعاصرة التي طالما ردَّد على الناس أنها مدنية انتهت إلى السقف الذي تَوَعَّدَ اللهُ عنه بالعقاب اللازب.. على ذات القدر واليقين كان “كولن” يؤمن بأهمية الانطلاقة التي أعلن عنها، والحملات التي جهّزها ودفع بها إلى الآفاق.
——————————————–
المصدر: سليمان عشراتي، الانبعاث الحضاري في فكر فتح الله كولن، دار النيل للطباعة والنشر، ط 2، 2013، ص: 128-129.
ملحوظة: عنوان المقال والعناوين الجانبية من تصرف المحرر.