نفحات الأمل في فكر ومنهج الأستاذ فتح الله كولن لا ساحل لها، وما أشرت إليه في هذا المقال إنما هو شيء يسير مما يثير في أسلوب ومنهج هذا العالم الكبير. والغريب في منهج الأستاذ كولن هو أن هذا السلوك مطرد عنده في كل الظروف والأحوال، ومع كل الناس والأجناس. لا يضره من أساء إليه كما لا يحابي من أحسن إليه، وكأنه وكعادته يتمثل قول الله تعالى {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا, اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
-
أسلوب الرد على الظالمين:
ومن خلال تأمل الأستاذ فتح الله كولن في آيات القرآن، استنبط لنا أسلوبًا حكيما للرد على الظالمين والمخالفين له. وهو ما أشار إليه في مجلة نسمات في إحدى المقالات: “دعوهم يقولون ما يشاؤون. كل يعمل على شاكلته، كل يعبر وفق طبيعته، لا تكترثوا بهم أبدا، لا تبالوا، أغمضوا أعينكم عنهم”، امتثالا للآيات :
“وعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ” (الفرقان، الآية 63) و الآية” وإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا “الفرقان، الآية 72). والآية “لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”. (آل عمران: 139)
-
التوافق هو سر التوفيق:
انطلاقا من الآية ﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾(الفتح:10)أكد لنا “إن أعظم وسيلة لجلب العون الإلهي والتوفيق الرباني تأسيس التوافق وتحقيق التوحد بين أفراد المجتمع…والابتعاد عن كل نزاع وشقاق. فإذا أصبحنا كيانا متوحدا وكلّا متوافقا، فسوف تتنزل علينا من الألطاف ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وسوف نمتلك القدرة على رفع أحمالٍ أثقلَ من جبل قاف “[1]. لذا نجده يركز جهوده نحو التوافق والتآلف وكما أكد في مقاله ” نكران الذات والمدد الرباني” يجب أن نركز جهودنا كلها لكي نبقى متماسكين تماسك الفولاذ ومشدودين إلى بعضنا كالبنيان المرصوص. وها هو القرآن يعلن عن مرسومه الخالد بقوله:…” [2]﴿يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾.
هكذا نجد أن الأستاذ فتح الله كولن حثنا على ضرورة انشاء جسور الألفة والتواصل لعدم الوقوع في الفرقة والاختلاف التي تحاول مصايد الأعداء بثها في النفوس والعقول. هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد المفكر كولن يحث الأفراد على الابتعاد عن الأنانية والبغض والحقد، ليتم الوصول الى نعمة وفضل الوفاق الاجتماعي كما ذكر في كتابه موازين وفي هذا السياق يبين لنا أن “مشاعر البغض والحقد نقيصة كبيرة “إن وجـود مشاعر الحقد والكره والعداء عند أي شخص، سـواء أكان هذا متدينًا أو رجـل علم أو رجـل إدارة أو رجـل فكر أو زعيمًا، يعد نقيصة كبيرة وعيبًا. وهـم بهذا يمثلون ناحية سـلبية في نظر الحق تعالى وفي نظر الخلق، وفي نظر هذا الجيل الناشئ.” [3]
هكذا استطاع الأستاذ فتح الله كولن من خلال نظرته المتجددة لروح القرآن، وفهمه العميق لمعانيه، أن يحي فلسفة الأمل المتواصل، ويزرع الأمل في النفوس والعقول، ويغذي القلوب على التفاؤل الدائم رغم ما يعترضه من مشاكل وأزمات .
والحمد لله رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقال نكران الذات والمددُ الرباني 2018-12-06
[2] مقال نكران الذات والمددُ الرباني 2018-12-06
[3] مقال أوان الرجوع الى النفس 29/04/2018