عقد في مقر نسمات يوم السبت الموافق 14/11/2020 ندوة دولية عبر الزووم بعنوان: “العقيدة ودورها في البناء القيمي والمعرفي في فكر الأستاذ فتح الله كولن” بتأطير الدكتور عبد العزيز الإدريسي من المغرب، وبمشاركة كل من: الأستاذة الدكتورة أمل نعيمات من كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، والدكتورة: نوسه السيد بجامعة الأزهر/مصر، والدكتور: محمد عطا المساعيد من الأردن، وقد عقب على كلمات المشاركين فضيلة الأستاذ الدكتور: محمد صلاح عبده أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر بمصر.

بدأ اللقاء بكلمة ترحيبية للأستاذ صابر المشرفي رئيس تحرير نسمات، عبر فيها عن شكره وتقديره للسادة والسيدات من المشاركين والحضور، وأوضح أن فضاء نسمات التقني قد أتاح مشاركة أوسع ومتابعة ممتدة من مختلف أنحاء العالم، كما أثنى على موضوع الندوة كونه يناقش موضوعًا أساسيا في فكر الأستاذ كولن، على يد هيئة من العلماء الخبراء المختصين في العقيدة من جانب وفي فكر الأستاذ فتح الله كولن من جانب آخر، فأغلب المشاركين قد أنفق وقتًا ثمينا من عمره في العكوف على دراسة هذه القضايا في فكر الأستاذ كولن في درجات الدكتوراه العلمية.

أما المداخلة الأولى فألقتها الدكتورة نوسة السيد محمود السعيد المدرس بقسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات جامعة الأزهر بالمنصورة، وكانت بعنوان العقيدة والبعد التربوي عند الأستاذ فتح الله كولن. وقد بدأت الباحثة كلمتها بتحية الجمع الكريم من العلماء المتخصصين في العقيدة وفكر الأستاذ فتح الله كولن، مبدية سعادتها باجتماعهم في تلك الندوة على مدارسة إحدى موضوعات العقيدة التي عدّها العلماء الفقه الأكبر. وقد ذكرت الدكتورة نوسة أنها قد عايشت فكر الأستاذ فتح الله كولن بقلبها قبل عقلها من خلال رسالتها للدكتوراة، والتي كانت بعنوان “فتح الله كولن وآراؤه الفلسفية والكلامية”.

وقد أكّدت أنها استفادت من طريقته في فهم العقيدة، وأفكاره بصفة عامة التي تجمع بين الوجدان والعقل، حيث عمل الأستاذ فتح الله كولن على إحياء الوجدان؛ لأن له دورا كبيرا في خضوع الإنسان لأوامر الله عز وجل، وخاطب العقل حتى يقنعه بقضايا العقيدة والفكر. وقد أشارت فضيلتها إلى أنها قد سارت في تدريسها العقيدة للطالبات الجامعيات على نفس النهج باختيار موضوعات لها الأثر في إحياء الوجدان ومخاطبة العقل لبيان أن العقيدة أمر خاضع للإقناع والمنطق، وأن الإسلام يخاطب بالفعل العقل والروح.

كما نوهت الدكتورة نوسة السيد إلى أن إحدى نتائج رسالتها للدكتوراه هي أن الأستاذ فتح الله كولن يُعدّ أحد مجددي علم الكلام المعاصرين، وأنه لم يقلد علماء الكلام في الاقتصار على أسلوب الجدال والمناظرة التي لا تناسب الطلاب المبتدئين في دراسة العقيدة، بل كان منهجه في شرح العقيدة مخاطبة الوجدان وإقناع العقل بالأدلة العلمية.

المداخلة الثانية كانت من قبل الدكتور محمد عطا فنير المساعيد، أستاذ التربية الإسلامية بدولة الأردن الشقيقة، وكانت بعنوان “العقيدة ودورها في البناء المعرفي لدى الأستاذ فتح الله كولن”، وفيها قدَّم الشكر لمركز إبداع للدراسات الاجتماعية والحضارية على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة في تلك الندوة الدولية، وقد أكّد أن الأستاذ كولن أحد المجددين الذين جادت بهم الحضارة الإسلامية، وقد ترجمت أفكاره إلى عدة لغات مما أسهم في انتشار أفكاره في العالم أجمع.

كما أشار إلى أن الأستاذ كولن دائمًا ما يؤكد إلى أن أحد أهم عوامل المحنة التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم هي تزعزع فكرة المسلمين تجاه دينهم وعقيدتهم، لذلك يقول كولن: “التضحية بالدين في سبيل الدنيا طمعًا في إعمارها أضاع الدين والدنيا”.

المداخلة الثالثة كانت للأستاذة الدكتورة أمل نعيمات، الأستاذ المساعد بقسم أصول الدين كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، والتي قدمت بدورها الشكر لمشروع نسمات لإتاحته الفرصة للحديث عن أحد مجددي العصر الأستاذ فتح الله كولن، كما نوهت أن موضوع الندوة يمثل أهمية كبيرة، وأن الأستاذ كولن استقى منهجه في تعليم العقيدة والأخلاق من النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الساعة، فكان جوابه: “ما أعددت لها؟

كان هذا المنهج هو المحرك للأستاذ كولن، فعندما يُسأل عن رؤية الله تعالى، لا يخوض في التفاصيل التي خاض فيها علماء الكلام، وإنما يسأل ماذا أعددت لها. وهذا ما نحتاجه في تدريس العقيدة في عصرنا الحاضر، وهو ما أحاول اتباعه في تدريس العقيدة لبناتي من الطالبات، وهو العودة كما فعل الأستاذ فتح الله كولن إلى المنهج النبوي في فهم العقيدة وتدريسها.

وتعليقًا على المداخلات الثلاث أُعطيت الكلمة للأستاذ الدكتور محمد صلاح عبدة، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية للبنات جامعة الأزهر بالزقازيق. وقد أشاد بالمداخلات الثلاث، مؤكدًا القول بأن الأستاذ كولن يمثل المنهج النبوي في تدريس العقيدة، وأن الله قد خصه بنصيب وافر من الصفات التي خص بها الأنبياء، وأن كولن ورث منهم الصدق، وسار على خطاهم في الأمانة، وقد جمع الله له بين الفطنة والعرفان، والعلم العقلي والقلبي، وأن ارتباط العقل عنده بالقلب من أوضح الواضحات،

وكان من أسس منهج الأستاذ فتح الله كولن ربط الأرض بالملأ الأعلى، وعقد مصالحة بين العقل والقلب، وبين العلم الكسبي المعتاد والعلم الوهبي المبني على الكشف والإلهام.