لولا أن رأته عيناي وأبصرت جِدّه ونشاطه وسعيه الدؤوب في خدمة الإنسانية جمعاء لقلت إن وجود شخص كهذا في إخلاصه وورعه وتقواه الذي لا نزكيه فيه على الله هو ضرب من الوهم أو الخيال.
امتدحه الراحل فريد الأنصاري هو وأمثاله ممن سلكوا نفس الدرب بأنهم: “ظلال من جيل الصحابة أو نُسخ أخرى لستُ أدري.. ولقد رأيتهم وما كذبت عيني. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا.. فلله درّهم.. أي رجال هم!؟
هو واحد من حفنة المجانين الذين عناهم الأستاذ “فتح الله كولن” متضرعًا إلى الله تعالى أن يمنحه قلة منهم: ” مجانينَ أريد، حفنةً من المجانين… يثورون على كل المعايير المألوفة، يتجاوزون كل المقاييس المعروفة. وبينما الناس إلى المغريات يتهافتون، هؤلاء منها يفرّون وإليها لا يلتفتون.
هاجر تاركًا وطنًا يتمنى كل أحد أن يعيش على أرضه يجوب الآفاق لخدمة دينه متخذًا من كل أرض تطؤها قدماه وطنًا له، وقد حالت الظروف السياسية في تركيا مؤخرًا بينه وبين أسرته فمات بعيدًا عن أهله، الذين كثيرًا ما بكى متألمًا فراقهم والشوق إلى لقائهم.
كان الأستاذ حسين بيدار المدير العام لشركة نصرت للعلوم والثقافة بنيجيريا رجلا بأمة، فارسًا بالنهار راهبًا بالليل لا يكلُّ ولا يملُّ، كان رجلا من أهل الله، كرس حياته كلها ليلها ونهارها في سبيله. كان رقيق القلب سريع البكاء من خشية الله.
والمشرفون على موقع نسمات إذ ينعون اليوم بمزيد من الأسى ولوعة القلب على فراق أخ عزيز ورفيق درب جليل يسألون الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ويتقبله عنده في الشهداء، وأن يلهم أهله وذويه ورفاق دربه الصبر والسلوان.