سؤال النهضة
“نسمات” واحدة من الآليات التي تسهم بدور في المشروع الحضاري الإنساني التجديدي الشمولي، بما تحمله من فكر مستنير يروي ظمأ الروح، ويشحذ همم البذل والعطاء وينشر التسامح والإخاء بين بني الإنسان، وتلك غايات نبيلة حملتْها منهجية النبوة وحذا حذوها مشروع الخدمة. لقد أثبتت التجارب المتعددة فشل مشروع الإسلام السياسي في الإقلاع الحضاري بمعطياته الراهنة، حيث يرى السلطة سبيل الإصلاح الوحيد، بغض النظر عن إشكالية علاقة السياسة بالأخلاق
ومبادئ العدالة الإنسانية، ومن ثم يأتي المقال الأول لبلال حسن التل، يؤكد فيه على أولوية التعليم في عملية الإصلاح، فأول مؤسسة أقامها رسول الله r كانت تعليمية وليست اقتصادية أو عسكرية.
وفي مقاله الماتع يقدم محمد جكيب قراءة موسعة ومعمقة يستجلي فيها معالم خطاب الأستاذ كولن في تلك المحنة التي يعيشها مشروع الخدمة، مبرزًا فيه أهم سمات خطابه الفكري والثقافي والإنساني، ومشيرًا إلى الأبعاد الدولية والإستراتيجية
والسياسية التي تضمنها. أما منى سليمان فقد تناولت في مقالها الرؤية الفكرية والجهود التطبيقية الميدانية التي قام بها
مشروع الخدمة والتي أسهمت في حل عديد من القضايا الشائكة من خلال مؤسساتها التعليمية والتربوية وجهودها الاقتصادية والإغاثية والثقافية المتنوعة التي أنشأتها في مناطق الأكراد.
ومع مقال فايد رمزي نقف على خلاصة رؤى الهرم الفكري الحضاري عند كولن بحلقاته الثلاث “فقه القلب” و”فقه الدعوة” و”فقه العمران”، من خلال جولته المعرفية في ثنايا كتاب “ونحن نبني حضارتنا”.
ويستمر نوزاد صواش في البحث عن سر الخلطة ومحاولة فك الرموز عبر محاورة الأكاديمي المغربي والمفكر الإسلامي عبد المجيد بو شبكة، والباحث والكاتب المصري صابر عبد الفتاح، في حوار بعنوان “البعد الروحي والخطاب الإنساني في
مشروع الخدمة”. وتحت عنوان “سؤال النهضة الحلقة المفقودة والنموذج المنشود” يقدِّم محمد ياسين عرضًا
لرسالته العلمية التي نوقشت في رحاب جامعة الأزهر، والتي يتناول فيها المشروع الدعوي للخدمة باعتباره نموذجًا لنهضة الأمة والمجتمع. ولإلقاء الضوء على استغلال السلطة الحاكمة للدين في صراعها مع العلماء المدنيين، يأتي مقال
محمد عارف ساي بمثابة إطلالة فلسفية وفكرية عامة للعلاقة الجدلية بين السلطة الحاكمة والعلماء المدنيين.
وأخيرًا يخلص مقال كاترين ب. يوستيس، إلى أن كولن هو المترجم المثالي في العصر الحديث لأفكار الرومي، وصدى الصوت الذي يحمل رسالة الرومي في المحبة والرحمة من خلال التفاهم والحوار.