نعت الأكاديمية المغربية الأستاذة الدكتورة مريم آيت أحمد علي المتخصصة في حوار الأديان والثقافات والدراسات المستقبلية الإطار، وأستاذة التعليم العالي بشعبة الدراسات الإسلامية كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن طفيل، في رسالة تعزية عبرت فيها عن عميق حزنها وتأثرها بوفاة الأستاذ فتح الله كولن، جاء فيها:

“إنا لله وانا اليه راجعون انتقل إلى رحمة الله الأستاذ المربي فتح الله كولن، وبقلوب مؤمنة بقضاء الله نسأل الله أن يرحمه ويغفر له، وأن يتقبله بواسع رحمته ويجعل مثواه الجنة، كان علمًا من أعلام الفكر والدعوة، ونسأل الله أن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

فتح الله كولن، العالم والمفكر الإسلامي التركي، تركنا إلى رحمات الله الواسعة؛ ليخلد لنا إرثًا غنيًا من الأعمال العلمية والفكرية التي أثرت في العالم الإسلامي وخارجه. حياته كانت مليئة بالعطاء في مجالات التعليم، الفكر، والدعوة إلى الحوار بين الثقافات والأديان.

  1. الإرث العلمي والفكري:

الكتب والمقالات: ترك كولن أكثر من 60 كتابًا تناولت مواضيع متعددة منها الفقه الإسلامي، التربية، الروحانيات، والدعوة. كتبه مثل “النور الخالد” و”المفاهيم الأساسية في الإسلام” تعتبر مراجع أساسية في الفكر الإسلامي المعاصر.

الحوار بين الأديان والثقافات: كان كولن من أوائل الداعين إلى الحوار والتفاهم بين الأديان المختلفة. سعى لتعزيز التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود، ودعا إلى تجاوز الخلافات والعمل من أجل المصلحة المشتركة للإنسانية.

التعليم والتربية: يعتبر كولن مؤسس حركة “الخدمة” (حركة كولن) التي ركزت على التعليم كأساس لإحداث التغيير الاجتماعي. أنشأت الحركة آلاف المدارس في مختلف دول العالم، تهدف إلى تقديم تعليم متوازن يجمع بين العلوم الدينية والعلوم الحديثة.

  1. المساهمة في المجال التربوي والاجتماعي:

إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية: ترك كولن إرثًا كبيرًا في مجال التعليم من خلال دعم إنشاء مئات المدارس حول العالم. هذه المدارس تهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية والإيمان بالعلم والبحث العلمي.

المجتمعات الخيرية: من خلال حركة “الخدمة”، ساعد في إطلاق العديد من المشاريع الخيرية التي توفر الدعم للفقراء، وتنظم أنشطة اجتماعية وثقافية تهدف إلى تعزيز القيم الإنسانية.

  1. الدعوة إلى اللاعنف والسلام:

كان فتح الله كولن من أبرز الأصوات الداعية إلى اللاعنف والسلام. رفض العنف بأي شكل من الأشكال، وأكد أن الحوار والتفاهم هما السبيل لتحقيق الأهداف النبيلة. كان يؤمن بأن الإسلام دين سلام وتسامح، ويجب أن يكون المسلمون دعاة خير ومحبة في العالم.

  1. التأثير الدولي:

أصبحت أفكار كولن ذات تأثير عالمي، حيث انتشرت حركة “الخدمة” في أكثر من 160 دولة بمؤسسات تعليمية ومدارس. كانت رسالتها تدعو إلى الأخلاق العالية، والتعليم المتوازن، وخدمة المجتمع بروح المحبة والسلام، مما جعلها تحظى باحترام واسع.

إرث الاستاذ فتح الله كولن الذي تعلمت منه أجيال مصدر المحبة والوئام بين الشعوب سيبقى مصدر إلهام لاجيال متعاقبة، فقد كرّس حياته رحمه الله بمعاناة العالم الصابر المحتسب لنشر العلم والخير والدعوة إلى السلام والتفاهم بين البشر.

كل العزاء لمحبيه وأهله وذويه وتلاميذه من حول العالم. وإنا لله وإنا إليه راجعون.