كولن يعيد تاريخ الرومي مع الفارق
“نِعْم الأمراء على أبواب العلماء
وبئس العلماء على أبواب الأمراء،
والحاكم الحكيم على باب الفقير واقف
والبائس الفقير على باب الحاكم واقف”. (الرومي)
“إظهار المودة والمحبة للمخلوقات جميعًا شرط لعدِّ الفرد إنسانًا، وكلما ظهرت عليه هذه المحبّة سما وارتفع، فإن نزع إلى الفساد والظلم وغلظة القلب انحطَّ وانحدر وصار عارًا على الإنسانية”. (فتح الله كولن)
عندما ننظر إلى مؤلفات جلال الدين الرومي (1207-1273م) نجد أن المسافة بين الخوف والرجاء ضئيلة للغاية، ويرى الروميّ أنَّ ذروة السعادة في تحمُّل العذاب من أجل الأحبّة؛ ومثلُ هذا الحبِّ لم يَعُدْ له مكان يُذْكَر في حياتنا المعاصرة، فالتضحية والألم في الحبِّ لا وجود لهما في العقلية المتمدنة المسيطرة على معظم المجتمعات الصناعيَّة الكبرى، ويرى كثيرون أنه مما ينتقص من الكرامة أن يلعب المرء دور المحب من كل قلبه دون أن يُقابَل بمزيد من الحب؛ فحاوَل كولن أن يوسِّع من المساحة التي يهبها المجتمع الحديث لقيم الحبِّ والتضحية بدون أنانية مع التأكيد على الكرامة الإنسانية المشتركة من أجل أبناء الوطن خاصّة والإنسانية عامَّة، ومعنى هذا أن المسؤوليات الدينية والاجتماعية والثقافية تتضافر وترتبط ارتباطًا وثيقًا في فكر كولن.
ومِن الجدير بالذكر أنَّ الروميّ لم يستثمر المبادئ أو العقائد الإسلامية في مراوغات سياسية، فحياة المؤمن كلُّها عنده مليئة بالأسرار، والروح المستقيمة المتفانية هي وحدها التي تحلّ شيئًا من لغز الأسرار الخفية لهذه الحياة لنستفيد منها في السمو والرقيّ بالآخرين؛ ومحور فكر الرومي أن الحياة المادية لا قيمة لها في الرحلة الثقافية والروحية التي على المرء أن يجتازها في هذا العالم، فالأبعاد الروحية والثقافية للحياة الإنسانية لها أثر عميق على أي محيط اجتماعي، تعززه وتحميه المبادئ السياسية والنظريات الاقتصادية التي تغذيها آليات الدولة.
هذا التقدير والتعزيز عند الروميّ للجوهر الروحيّ للكرامة الإنسانية لم تستوعبه بشكلٍ وافٍ كثيرٌ من المجتمعات الشرقية والغربية، فصوت الحقّ إما أكثر تعقيدًا من أن يسمع أو أقلّ من أن يحظى بالاهتمام، فلا غرو أنَّ كثيرًا من المسلمين أخذوا ما يقرب من 800 سنة ليدركوا حقًّا قيمة دعوة الروميّ وتوقه إلى نشر الروحانيات بين الناس جميعًا دون النظر للعرق أو الدين أو النوع.
وتتسم تفسيرات كولن للأبعاد الدينية والروحية للحياة الإنسانية والمجتمع بالوضوح والشمولية، يقول: «لا بدّ من إنقاذ الناس اليوم من أنواع الإحباط الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي وغيرها مما يثقل كاهلهم ويقصم ظهورهم… فاتجاهاتنا وتصرفاتنا ترتبط طبيعتها الأخلاقية ارتباطًا مباشرًا بمدى الوعي بالمسؤولية، وهذا قائم بصورته المثالية في أرواحنا»[1]؛ فالأفعال أو الاتجاهات غير الأخلاقية ليست مُحصِّلة عرَضية للحياة الاجتماعية أو الثقافية في أي دولة أو جماعة؛ لنا أن نتحدث عن الثورة الثقافية إلى ما لا نهاية، ولكن إحداث تغيير ثقافيّ مستمر وجعله متوافقًا مع القيم الأصيلة الخاصة بمجتمع متدين أو غير متدين ليس بالمهمة اليسيرة، فكم ناضل المصلحون السياسيون والاجتماعيون بأنواعهم كلّها نضالًا مريرًا لإحداث ثورات ثقافية ناجحة وتغيير القيم الاقتصادية لمجتمع ما أو لفئة من الفئات.
وقد رأينا كيف قوبل الإسلام في بدايته بثورة قبلية واسعة ضد التغييرات الثقافية والاقتصادية التي جاء بها، فجوهر رسالة الإسلام بعد الدعوة لوحدانية الله ينصب معظمه على المجال المجتمعي والثقافي، وهي دعوة جادّة شاملة لتغيير رؤية العالم بأكملها لدى شعوب قبلية كانت صلة الدم بينها هي العامل الحاسم في بناء العلاقات والاتصالات مع الآخرين أو خرقها أو هدمها من الأساس.
ويرى المسيحيون أنّ النبيّ حاول أن يبني أمَّةً عربيَّة أساسُها الوحدةُ القَبَليّة في مكة والمدينة وما حولهما، ويدللون على هذا الرأي بأدلّة مقنعة -بالنسبة لهم- تتمثل في إصلاحات اضطلع بها النبي والصحابة ونجحوا في تحقيقها، ولكن إذا حللنا جوهر رسالة الإسلام والخطط التي انتهجتها الخلافة الإسلامية فلن نجد أي محاولات تشير إلى صدق تلك الدعوى.
ولدى مقارنة الأهداف السياسية للإسلام بأهدافه الثقافية والاقتصادية، نلحظ على مرّ التاريخ والحضارة الإسلامية أنه قد خُذِل سياسيًّا واقتصاديًّا أكثر من مرة، ولكنه حافظ على مكانته ثقافيًّا، وما زال تأثيره في عقول الناس وقلوبهم مثيرًا للدهشة والاستغراب، بل تزداد قوة جذبه الروحية يومًا بعد يوم في أنحاء العالم كافّة.
ومثل هذا التأثير في تشكيل حياة الناس على طول تاريخ الإسلام في أربعة عشر قرنًا، لا يمكن أن يكون نتاج عمل شخص واحد أو أمة واحدة، فكان يظهر بين حين وآخر من يحمل الراية، وخاصة حين كانت الأمة الإسلامية تتعرض لأزمة سياسية أو اقتصادية؛ لقد جاء إبداع الرومي في فترة أزمة شديدة في التاريخ السياسي الإسلاميّ، وحرص أن يكون المسلمون أكثر فطانة وإخباتًا عند أداء واجباتهم الدينية والأخلاقية، فكان يركز الروميّ كثيرًا على نجاة الفرد روحيًّا، أمّا كولن فيهتمّ كثيرًا بكيفية رفع مستوى الوعي الجمعيّ لتحقيق هدف بناء المجتمع في بلاد الأناضول وغيرها.
والصوفية في جوهرها حركة سلميّة تسعى لتطهير قلب الفرد وعقله وحمل الإنسان على التفاني في سبيل قضية نشر «نعمة الإسلام» للناس جميعًا أيًّا كان العرق أو الدين أو العقيدة، ومع هذا حظرت تركيا العلمانيةُ الطرقَ الصوفية سنة 1926م.
ولم يستطع أي حاكم مسلم بارز في القرن العشرين أن يستوعب أن الصوفية مستمرون في جهودهم المحبة للسلام تحت أي ظروف، إلا أن النخبة الحاكمة في تركيا أدركت هذه الحقيقة في ثمانينات القرن العشرين، فغيرت سلوكها تجاه الطرق الصوفية والجماعات الدينية في تركيا، وفي عهد «تُورْغُوت أُوزال»[2] تغير موقف الحكومة منها وتوقفت الحكومة عن اضطهاد من يقومون بالأنشطة الخيرية الدينية، لم يشهد الرومي قط مثل هذا القدر الهائل من التغيير في المواقف الحكومية تجاه النشاطات الصوفية والفكر الصوفي.
أمّا تزكية روح الإنسان فمنظور الروميّ وكولن متشابهٌ في حديثهما عنها، وتتميز رؤية كولن للعالم بأنه لا يمكن وصفها بالعلمانية البحتة أو الدينية الصِّرفة.
“لا بد من تحقيق تجددنا الذاتي في ظل الفكر العلمي الذي نشحن شبابنا به، وبتمازجهم تمازجًا كاملًا بالعلم والفكر، كما فعلنا ذلك قبل الغرب بقرون مديدة”.
“…إن الكائنات كتاب أشهره الله تعالى أمام العيون ليراجَع باستمرار، والإنسان منشور بلوري مؤهّل لرصد الأعماق في الوجود وفهرست شفاف للعوالم جميعًا.. والحياة ترشُّحُ هذا الكتاب وهذا الفهرست، وتمثُّلُ المعاني في انعكاس صدى البيان الإلهي”[3].
يستطيع المرء بسهولة أن يلاحظ هنا أن كولن يتحدث كأنّه رومي العصر، صحيح أنّ الرومي لم يكن لديه ترف العلم والتكنولوجيا الحديثة، لكنه استطاع أن يستكشف الطرق التي تستخدمها العلوم الطبيعية بفكره وعقله وسلوكه، ولدى الروميّ كما يقول كولن «الحماس والدافع» للسعي في طلب الحق أيًّا كان شكله أو مظهره، ماديًّا كان أم معنويًّا؛ وقد غدا كولن صوتًا آخر للرومي جعل من روحانياته مصلحًا وناشطًا اجتماعيًّا، ومثل هذا لا يجعل كولن كاتبًا وداعية فريدًا في تركيا فحسب، بل في المسرح الدولي أيضًا، ولم تكن البيئة العلمانية في تركيا مستعصية على حوار كولن معها؛ فأفكاره الناضجة جعلت وسائله الفكرية أكثر اتساعًا وغير معادية للدوائر العلمانية.
كيف أمكن لكولن أن يحافظ على ذلك الخيط الرفيع وهو يقدم الإسلام باعتباره رسالة سماويّة للإصلاح الاجتماعي الشامل؟ إن دعوة كولن للمسلمين جميعًا لكي يصبحوا أناسًا أفضل تعد جذابة جدًّا، فالدعوة الإسلامية عنده رؤية عالمية تصلح للإنسانية كلّها، ولا يثير كولن قلق الملحدين أو المسلمين العلمانيين في الاتجاهات الإسلامية لإصلاح المجتمع؛ بل يبدي حساسية كبيرة تجاه نظم الحكم العلمانية في تركيا والجماعات الدينية التي لها يد في إضفاء “الصبغة الإسلامية” على الأمة التركية.
وقد كان كل من كولن والرومي على وعي تام بخطورة تسييس التوجهات الإسلامية المتعلقة بنظام الحكم والإصلاحات السياسية الاجتماعية، وأضاف كولن: بدون الفكر الإسلامي لن يكون بمقدور أي شعب أو مجتمع إسلامي الاضطلاع بأي مشروع جادّ لإعادة تشكيل مجتمعهم وسط بيئة العلم والتكنولوجيا الموجودة الآن، وبدون إظهار الاحترام المناسب للجماهير المسلمة لن ينجح حكامهم في تنفيذ أي إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
وإذا كان الغرب يفصل بين الكنيسة والدولة غالبًا فالواقع هنا يقول: معظم أبناء العالم الإسلامي ينظرون إلى الإسلام على أنه وثيق الصلة بحياتهم المادية أيضًا؛ فعلى كل مهتم بإصلاح أي دولة أو مجتمع إسلامي أن يلاحظ هذه الميزة الخاصة بالشعوب الإسلامية.
وقد كان هناك تصور خاطئ بأن عملية التصنيع والتمدين ستجعل الشعوب الإسلامية تتحول إلى اللاأدرية (الأغنوستية) أو الإلحاد كما في أمريكا الشمالية وأوروبا؛ فتركيا من أكبر البلدان الصناعية في العالم الإسلامي، ومع ذلك سار التحول «الإسلامي» فيها خلال العقود الأخيرة بإيقاع أسرع من كثير من البلدان الإسلامية الأخرى، وهذا لا يعني أن تركيا تخلّت عن مبادئها الدستورية العلمانية والقومية التي تتعارض بوضوح مع «الإسلام السياسي».
وتعتبر العلمانية -من وجهٍ ودون تلقين للمبادئ الإلحادية- موافقة لقيم إسلامية تشجع حوار الأديان وإظهارَ أقصى درجات الاحترام لأتباع الديانات الأخرى ولغير المؤمنين، وقد ظل كولن يحاول توضيح القيم والمبادئ الإسلامية دون استثارة أي طرف علماني قد يرى فيه تهديدًا للنظام السائد، ويتلخص منهجه بخصوص هذا النظام في أنه إذا أراد أن يكون مواليًا للشعب، فعليه أن يستمع إلى صوت الإسلام والشعب في الوقت نفسه، فهما متضافران عبر كثير من القنوات الثقافية والمجتمعية؛ وقد انصبّ تركيز الرومي على شَقّ مزيد من قنوات التواصل بين الناس مع تعميق الشعور بالمودة والرحمة تجاه الآخرين، أما كولن فأكثر ما يشغله هو استخدام تلك القنوات من أجل إحداث إصلاحات تربوية واجتماعيّة.
وحاول الرومي أن يسدّ الفجوة بين «إسلام العلماء» و«إسلام العامّة»، فصدرت عنه أشياء كثيرة ومعان عدّة على مستويات كثيرة في وقت واحد، فهو يقدم تفسيرات ومفاتيح تستكشف الواقع، وكل ما ذكره من آراء وقصص وتفسيرات ليست شيئًا أكثر من الواقع، وهو ما عبر عنه في الماضي والحاضر كل الأقطاب والأعلام في التراث الصوفي، وما تعلّمه الروميّ نقله عبر سلطنة الأدب من «المدرسة» إلى قلوب الناس حوله وإلى النخبة الدينية والسياسية، فديوانه الشعري «المثنوي» يخاطب المثقفين ومن دونهم[4].
سدّ الفجوات واحتضان الإنسانية
يقول الرومي: “نحن كالفرجار، قَدَمٌ تقف ثابتة عند الشريعة الإسلامية، وأخرى تتحرك بين اثنتين وسبعين أمة”، ينصح الرومي المسلمين بتثبيت إحدى أقدامهم راسخة عند مركز منظومة المعتقدات الإسلامية، والتنقل بين المذاهب الأخرى والعالم الآخر غير المسلم بالقدم الأخرى، فهو يرى أنه لا شيء يُحظر المساس به بين تلك الفِرَق التي يتبعها الناس في فهم الإسلام والقرآن؛ فأتباع كل تلك الطوائف يمكن صهرهم في منظومة روحية عالمية واحدة تسمى «التصوف».
ويقسو نقَّاد الرومي المسلمون بشدة عليه في آرائه المتحررة، ويصفه كثيرون بأنه أفسد المعتقدات الإسلامية الأصيلة، يقول بعضهم: إنّ الرومي أخرج نفسه من دائرة الإسلام عمدًا، يُروَى أن الرومي قال ذات مرة: “أنا لست مسيحيًّا أو يهوديًّا أو زرادشتيًّا أو مسلمًا”، وهذا دليل كفره في نظرهم، فلم يعدّوه مسلمًا؛ هل كانت زلة من الرومي أن يقول: إنه ليس مسلمًا بالمعنى التقليدي؟ لا أبدًا، فسياق كلامه نقد أتباع الديانات المختلفة وممارساتهم المتطرفة، فأراد أن يقول: إنه لا يمارس أي نوع من التطرف الديني؛ بل كتب الرومي ما يبرهن أنه مسلم حقًّا:
“أنا خادم القرآن ما بقيت بي حياة
أنا تراب على طريق محمد المختار
وإذا ذكر أحد على لساني كلامًا غير هذا
فأنا بريء منه ومما يقول”.
وأصاب الأستاذ «إريك جيوفري» في قوله: “معظم المصادر الغربية درست مولانا الرومي خارج سياق جذوره الإسلامية”[5]، فكلٌّ من الرومي وكولن لم يتبنَّ رؤية ضيقة لأي معتقدات أو قيم إسلاميّة، بل اتسمت رؤيتهما في جوهرها بالإنسانية والعالمية لتسع البشرية جمعاء في مدار التصوف، وللخلق كلِّهم تقدير وحبّ عندهما لكونهم من آثار الخالق، فينظران للخلق على أنهم مظهر تتجلى فيه صفات الله. نعم، مع أنه ليس في قلبهما شيء دنيوي إلا أنهما يحبان كل شيء لا لذاته بل لأنه يذكّر بالله، ومع أن قلبهما في هجران للعالم ولكنَّ جسدهما ليس كذلك، فهما مهمومان بالخلق جميعًا، ويسعيان لاحتضان الناس من كل لون وعرق دون أن يتشوف إلى أجرٍ على ذلك. تقول إليزابيث أوزدالغا:
“آراء كولن لا علاقة لها بالسعي وراء سلطة سياسية ولا بالإسلام التقليدي، بل تلتقي أكثر مع أفكار «ماكس فيبر» في الزهد، ويقوم المنظور الذي نتعلمه من كولن على النشاط العام، الذي تحركه التقوى وتضبطه بضوابطها، ونشاط «التقوى» أو «الزهد» لدى فيبر تعبير عن سمة جديدة في الحياة الدينية بتركيا؛ ووفقًا لتحليل فيبر للزهد فالتأثير العامّ لنظرية كولن المشابهة حول «التقوى الفاعلة» يسير في اتجاه تأسيس العلاقات الاجتماعية على أساس عقلاني، وتقوم نظرية كولن عن «نشاط التقوى» كما هي عند فيبر على فكرة مهمة، هي «نبذ العالم» لا «الهروب من العالم» التي تتسم بها صوفية الهروب من الواقع”[6].
لم يكن ماكس فيبر (Karl Emil Maximilian “Max” Weber) (1864-1920م) صوفيًّا، بل كان مفكرًا غير ماركسي، ولديه عقلية تقبل القيم الدينية والثقافية يوم أن كان الإيمان بالدين في أوروبا مرفوضًا اجتماعيًّا، وكانت الحركة العلمانية التركية متأثرة تأثرًا عميقًا بالفكر المعادي للإسلام؛ برز فيبر أكبر متخصص في علم الاجتماع في الدين والحكم، ونجح في وضع إطار مفاهيمي للسلوك الديني والأخلاقي في النشاطات الاقتصادية والسياسية.
“يبدو أن رجال التربية الذين يتبنون فكر كولن يؤدون شكلًا من أشكال «التقوى العملية»، وهو يشبه المبدأ الأخلاقي البروتستانتي الذي التزم به «ماكس فيبر»، ويسير المدرسون الذين يستلهمون أفكار كولن على مبادئه، فيضربون المثل للشكل المدني/ العالمي، إنهم ينظرون إلى الانخراط في العمل المدني على أنه تعبير عن عقيدة الشخص وتدينه في صورة التفاني والاجتهاد والجد في العمل وتقديم الخدمات”[7].
ويرى المحللون الغربيون أنهم غالبًا ما يحاولون إدراك قيمة حركة الخدمة في التربية والتنوير الروحي وإقامة دولة مدنية تحكمها الأخلاق العالمية من خلال هذه النظرة إلى النشاط الإسلامي، ومن الصعب على الغربيين طبعًا أن يدركوا حقًّا قيمة كثير من ظلال النشاط الإسلامي في الرقي المدني والتزكية الروحية؛ فبعد اكتساب القيم المسيحية الأوروبية مزيدًا من التحرر والليبرالية غدا الإلحاد هو المصير الطبَعي لمعظم الأوروبيين، وجاءت أعمال ماركس وإنجلس انعكاسًا لخلاف مستمر بين القوى المسيحية والمذهب الإلحادي للاشتراكية والرأسمالية.
ويشار إلى أن ماكس فيبر حاول تحييد الدعاية الإلحادية المتطرفة التي اجتاحت أوروبا كلّها ولم تقدم أي نشاط عملي يمكن أن يغير المجتمع على أساس الأخلاق العالمية والكرامة الإنسانية.
تصور كولن للحياة الروحية الإسلامية:
أسيء فهم أسلوب الحياة الصوفي في كثير من الدوائر المتشددة والدوغماتية في أنحاء العالم الإسلامي، فبعض المسلمين يأملون في نيل حياة سهلة سعيدة في الدنيا والآخرة دون أن يقوموا بما عليهم لتغيير ظروفهم؛ ولا ينتسب كولن إلى أيٍّ من هاتين الفئتين، فنظرته إلى الروحانيات قائمة على نهج قرآني إسلامي يشجع سلوكًا روحيًّا يتمثّل في الخدمة الفعّالة للإنسانية والمجتمع، ولا تعرف عنه أية سلبية أو فكر هدّام في تاريخ مواعظه على طول مسيرته داعيةً وكاتبًا إسلاميًّا مِعطاءً في خمسة عقود، كان خلالها ناشطًا اجتماعيًّا ومفكرًا وداعية مسلمًا مخلصًا على علم متعمق بكل ما في الإسلام من دقائق ورقائق.
بعض الطرق الصوفية المعاصرة تُدرِّس السلبية على أنها أسلوب حياة، وكثير من هؤلاء يظنون أن حسن النية في القلب يكفي لجعل الفرد قادرًا على إدراك أي درجة من السمو الروحي والسعادة الدنيوية؛ أما في نظر كولن فأيّ نهج إسلاميّ إذا لم يقدر أن يداوي الأمراض الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، فلا قيمة له عند المسلمين بوصفهم مؤمنين عليهم أن يهبوا حياتهم كلها للنهوض بالمجتمع، ولا يقومون بهذا الواجب في المجتمع أو مع إخوانهم في الإنسانية من منطلق الأفضلية أو أنهم أهدى من غيرهم؛ وهذه الرؤية هي أساس نظرة كولن المتحررة في فهم المبادئ القرآنية أو تفسيرات القرآن، لكن كولن يحاذر جدًّا أن يترك شيئًا واحدًا من التكاليف الدينية أو سلوكًا ترسخ منذ أمد وإن كان لا يُدرك مغزاه، فهو عصريّ لا يجمِّل نفسه بالرموز الإسلامية، لكنه لا يرفض أي سلوك تقليدي للمسلمين ألبتة؛ فتأييده للتقوى كما دعا إليها الغزالي والرومي تأييد صريح، ولا شبهة فيه لدى أحد من عامّة المسلمين رجالًا ونساء.
لم ينتهج كولن الأسلوب الانتهازي في حواره مع أبناء الديانات أو الحضارات الأخرى، بل وجد في منهج المحبة والمودة الذي يسلكه مع البشر جميعًا ما يسهل وجود تفاعل وحوار حقيقي بين أهل الديانات المختلفة؛ ويؤمن كولن بالتعايش السلمي مع الآخرين في سبيل هدف مشترك، هو بناء مجتمع إنسانيّ راق؛ ولتحقيق ذلك الهدف ينبغي قبول كل شخص كما هو دون أن يكون مضطرًا للتخلي عن مبادئه الدينية أو الفكرية أو الأخلاقية، وكولن مثل الرومي لديه إيمان قويّ جدًّا بأن أي فعل روحي صادق له قيمة جوهرية عند الفاعل والآخرين من حوله.
ويرى كولن أن الكرامة الإنسانية والروحانيات الصادقة لا ينفكان عن الروح البشرية، التي تصبو إلى بلوغ الحقيقة العليا للوجود الإنساني في الأرض، فلا حدود لما يمكن للروح الإنسانية أن تصل إليه من آفاق روحية، ومن ثم لا يمكن لأحد أن يدعي أي فضل له على غيره في التقوى أو الكرامة الإنسانية، وقد تثور في المجتمعات الإسلامية مشكلة كبيرة إذا ما حاول الناس أن يحددوا درجة الصدق أو الكذب في تدين أي مسلم أو مسلمة، تقول «عارف»:
“يتغلغل الرومي في أعماق أخلاقياتٍ تشكِّلُ الإطار الخلقيّ للمجتمع ببحثه عن كيفية الانتفاع بها وتطبيقها، فتأمّلاته المتأنية الناتجة عن التحليل والتركيب المستفيضين لا تبصرنا بما ينجم عن أنماط تفكير معينة من مخاطر وسلوكيات خاطئة، وتقدم في نفس الوقت العلاج والنصح لتصحيح الخطأ ليتكيف مع الصواب، فهو بهذا لا يمارس دور الناصح الأمين فحسب بل يربط بين ألغاز الحياة ومفارقاتها لتدعيم أرواحنا حتى نقاوم وندفع كل اعوجاج وخبث غير إنساني”[8].
لا يمكن لأي إصلاح سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي حقيقي أن يستمر فترة طويلة دون تغيير جوهر المجتمع؛ ذلك أن القيم الجوهرية لأي مجتمع هي مزيج لمجموعة كبيرة من الظواهر الراسخة الناتجة عن مصادر متنوعة: المنظومة الدينية الثقافية، والعرف، والنماذج الاقتصادية، والقيم السياسية الاجتماعية…، وللرومي إسهامات متنوعة قيمة جدًّا في جوانب كثيرة من الحركة الإنسانية والإسلام، ويمكننا أن نلقي نظرة جديدة على الرومي في القرن الحادي والعشرين لندرك ما هو سر إسهاماته في المُثُل العالمية للإسلام والحركة الإنسانية عمومًا؟
جمع الرومي في كتاباته وأنشطته الروحية كنوز الحضارة الإسلامية من القرن السابع الميلادي حتى القرن الثاني عشر، وشَهِد أطول أزمة سياسية يومئذ، ولم يحبطه أو يؤثر في معنوياته صعود الحكام المسلمين وسقوطهم، فما يشغله هو القضايا الأساسية لنشوء وتطور المجتمعات الإنسانية من خلال بوتقة الأخلاقيات والروحانيات، وكان عالَمُ الإبداع والمجال الروحي الذي عاش فيه الرومي عالمًا ذاتيًّا؛ لأنه يلحظ قدرة الخالق على الخلق، وعالمًا موضوعيًّا أيضًا، فشخصيته الدنيوية كم وكم أفادت من الأنشطة العقلية للبشر.
لم يكن الرومي يرغب في التقليل من التصورات عن مكانة الله والبشر في الأرض أو في السماء؛ فآفاق النشاط البشري تأخذ خصائص الخلق الغيبية عن البارئ جل وعلا، وكان توق الرومي لاكتشاف مزيد من الألغاز والأسرار في الأرض مهمة إلهية؛ ليتعرف المرء على المضمون الحقيقي للروح البشرية ورحلتها نحو السماء، وهذا البحث الدؤوب عن حقيقة الإنسان يقتضي تفتيشًا محكمًا لروح المرء بغيةَ تحقيق التكامل مع الطبيعة الإنسانية للبشر أجمعين، وأحسن دينورشوييف عندما عبّر عن ذلك بقوله:
“عمل الرومي على نشر علاقات المحبة مع اليونانيين والعرب والأتراك والأوروبيين، أي مع أتباع الديانات والعقائد المختلفة كلها، فالرومي مقتنع بأن الله واحد أحد يتصرف في البشرية جمعاء، والطرق إليه كثيرة متعددة، وأي فكر يعارض ذلك المثل الأعلى العالمي قد يسبب العداوة بين أبناء الديانات المختلفة، وقد يثير البلبلة والتشوش فيؤدي إلى التعصب، والموضوع المحوري عند الرومي هو تحديد دور البشر ومكانتهم في الأرض بوصفهم عناصر فاعلة في الإصلاح بين الأعراق والمواقف الاقتصادية والاجتماعية التي تؤيدها النظم السياسية المختلفة في أرجاء المعمورة، وتجعل البشر جميعًا متساوين عند الله؛ ولتحقيق هذا الهدف الأسمى للحركة الإنسانية شاءت إرادة الله أن يجتمع البشر على الحوار للحفاظ على البشرية بما فيها من تنوع في الثقافة والحضارة”[9].
استطاع الرومي قبل ثمانية قرون أن يرى المشكلة الرئيسة للإنسان الحديث الذي ما زال يشعر بالحيرة في علاقاته مع شركائه في الإنسانية؛ وحجر الزاوية في مذهبه الروحي أننا بُعثنا لتوحيد الناس لا لتفريقهم، فرسولنا وحّد كثيرًا من القبائل العربية تحت راية الإسلام، وسرعان ما بزغ العرب لأول مرة في تاريخ البشرية ليكونوا أمة؛ ورغم أن المسلمين الأوائل قاموا في مدة زمنية وجيزة بتحويل دولتهم الصغيرة في المدينة المنورة إلى إمبراطورية يحكمها الخليفة المسلم إلا أنه لم يحدث ألبتة أنهم حاولوا إنشاء دولة للعرب والمسلمين وحدهم، فمفهوم الخلافة هو شكل للدولة العظمى لا تشابه بينها وبين الدولة القومية التي تعد أحد إفرازات الاحتلال، وما انقسم المسلمون حول قضية الخلافة إلا أيام نهوض نظام الدولة القومية.
ونجا الشعب التركيّ تقريبًا من هيمنة آثار الاشتراكية الملحدة أو الشيوعية، ونجت تركيا أيضًا من تجربة المسلمين التقليدية مع الاحتلال الأوروبي؛ فقد تعرضت الشعوب المسلمة الخاضعة لحكم المحتل الأوروبي لضغط هائل؛ لتتنازل عن كثير من تراثها الإسلامي؛ وفي العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر انجرف الأتراك العثمانيون في تيار المدّ القومي الذي تحول إلى علمانية كاسحة، وهذا لا يعني أن المظاهر الإسلامية أو طريقة حياة المسلمين التقليدية كانت مرفوضة في ظل حكم أشكال النظام العلماني التركيّ المختلفة في القرن العشرين، ويرى الرومي أن جميع الحروب إما لا معنى لها وإما حمقاء، فماذا عن الحروب الأيديولوجية؟ لهذا السؤال إجابات كثيرة عنده كلها يحفل بالمحبة والمودة واحترام الآخرين.
وجاء فتح الله كولن «روميُّ تركيا الحديث» بصوت متميز يدعو إلى حوار الأديان والحضارات، ويميز كما الرومي بين فئتين من الناس في المجتمع المسلم: أصحاب «الإسلام الكتابيّ» أي الذين يستندون في أحكامهم وتطبيقهم للإسلام إلى المصادر الرئيسة للإسلام وهو الكتاب والسنة، وأصحاب «الإسلام التقليدي» الذين لا نصيب لهم من الإسلام إلا ما وجدوا عليه آباءهم، وازداد هذا التقسيم قوة وحِدّةً منذ مطلع القرن التاسع عشر، وراحت جماعات إسلامية تحاول التوصل إلى كيفية لأداء رسالة الإسلام الحقيقية، فوقع كثيرون فريسة الحيرة لتركيزهم المفرط على المظهر الخارجي للإسلام، ولم يثمر النزاع بين العلمانيين في البلدان الإسلامية والإسلاميين بأنواعهم في حل هذه المشكلة؛ وبينما كان المسلمون يجتهدون في تصوير نبيهم مصلحًا اجتماعيًّا وصانع سلام، وصف بعض أهل الأديان الأخرى أيضًا النبيَّ محمدًا بأوصاف رائعة، فمثلًا يقول المهاتما غاندي:
“صرتُ مقتنعًا أكثر من قبل بأن السيف لم يكن هو ما حقق للإسلام مكانه ومكانته يومئذ على خريطة الحياة، بل إصرارُ النبي على التواضع وإنكارُه التام لذاته وحرصُه على احترام عهوده وإخلاصُه البالغ لأصحابه وبسالتُه وشجاعته وثقته المطلقة بالله وبرسالته، هذا هو ما أزال العقبات وذلَّل له الصعاب لا السيفُ، فأحاديث النبي كنز من الحكمة ليس للمسلمين فحسب بل للبشرية قاطبة”[10].
ولطالما نسي كثير من المطبقين لأحكام أهل الذمة أيام الأزمات أن كنز الحكمة أو طريقة الحياة في القرآن والسنة ليست مقصورة على هذه الجماعة من المسلمين أو تلك، بل هذه الموارد متاحة للبشرية جمعاء، ويمكن لأي شخص الاستفادة منها بشيء من الإيمان بالإسلام، ذكَّر الرومي المسلمين بذلك قبل ثمانية قرون، وفي القرن الحادي والعشرين نرى رسالة مشابهة لكولن عن الإصلاح الشخصي والاجتماعي، وهي توضح أن حركة الخدمة حركة شاملة روحية واجتماعية في الوقت نفسه، وهذا ليس من السهل إدراكه في الحركة؛ ومن الصعوبة بمكان في هذا الصدد التمييز بين الرومي وكولن، فما زال الوقت مبكرًا جدًّا لتحديد ما سيخلفه كولن لنا وراءه من تراث؛ وكولن لا يعنيه النشاط السياسي، ولا ينوي أن يؤسس طريقة صوفية خاصة به، فليس من السهل إذًا العثور على فارق بين الرومي وكولن.
يقول دينورشوييف:
“أهم إسهامات الرومي في نمو وتطور الحكمة الصوفية الإسلامية أنه نجح في المزج بين الجوانب النظرية للتصوف وبين أهميتها في تحقيق الوحدة بين مختلف أنواع الطرق الصوفية، فمن المهم عند الإنسان الحديث أن تعثر العلوم الاجتماعية والإنسانية المعاصرة على إجابات سليمة للمشكلة المتأصلة في نظامه الصوفي ليتمكن الإنسان من حلها؛ ولقصائد الرومي انتشار واسع بعد ترجمتها على يد ريوكيرتا، واستطاع الفيلسوف الألماني الشهير «هيجل» بعد قراءتها أن يلمح في الرومي فورًا الحس الصوفي الفلسفي المرهف والموهبة الشعرية الراقية في مؤلفاته «الزاهد» و«الروح الفلسفية»”[11].
بدأت ترجمة أعمال كولن تظهر في الغرب، وعلينا الانتظار لنرى كيف ينقد الكتاب الغربيون كولن ويقيمونه باعتباره الامتداد المعاصر للرومي، ولكن يمكننا القول بثقة: إن كولن ليس عالمًا إسلاميًّا تقليديًّا أو صوفيًّا له طريقة خاصة، إنه يجمع كثيرًا من السمات الأساسية للفقيه والداعية، أما العلماء التقليديون اليوم فينحصر دورهم في المحافظة على المعرفة المستمدة من المصادر الإسلامية ثم سردها حينما يطلب منهم ذلك، ويسميهم بعض الكتاب «ناقلين»[12].
وفي عصر المعلومات هذا لن يكون لهؤلاء الناقلين دور يذكر في حل أي مشكلة مهمة يعاني منها المسلمون، ففي كل بلد عدد جمّ من الناقلين للإسلام والثقافة الإسلامية العاجزين عن القيام بدور القيادة في عملية الإصلاح الجارية في مجتمعاتهم، وهذا ما جعل كثيرًا من أفراد النخبة المسلمة يسعدون لرؤية كتاب مثل المودودي وقطب، ويرون أنهم يمكن أن يلبوا حاجة العصر؛ والحق أن هؤلاء المفسرين للأيديولوجيا الإسلامية من منطلق ثقافة دينية سياسية كانوا يريدون استعادة الإسلام في بلدانهم بأي طريقة، وهنا أيضًا يُعد كولن استثناءً من الظاهرة العامة في العالم الإسلامي المعاصر، فهو لم ينس أمر وطنه لكن رؤيته لإحياء الروحانيات الإسلامية حظيت بتركيز أوسع بكثير من قضية صعود الإسلام السياسي في أي بلد إسلامي آخر، يقول المفكر الإسلامي التركي البارز علي بولاج:
“مع قدرة كولن على الحكم بصحة أي حديث نبوي بشكل دقيق له تفسيراته بخصوص القضايا المعاصرة، وهذا النوع القيادي الجديد يستعين بالمصادر الأمّ من كتاب وسنة، ولديه دراية جيدة بالعلوم الإسلامية والتاريخ الإسلامي والعلوم الحديثة والتطورات الجارية، والحقيقة أن فعالية القائد تضعف بغياب أيٍّ من هذه السمات كما هو الحال مع العلماء الأتراك الآن المنفصلين عن العالم المعاصر، والمثقفين الأتراك الذين لا يعلمون شيئًا عن الإسلام والتاريخ”[13].
يشكل صعود الإسلام السياسي مأزقًا خطيرًا لدى معظم البلدان والجماعات الإسلامية المعاصرة، وساعد على انتشار التطرف والتعصب في مناطق كثيرة من العالم، ووجدت القوى المحتلة أنه من الأسهل تنفيذ سياسة «فرِّقْ تَسُدْ»، فلم يتحزب كولن لأي طرف في العداء القائم في العالم الإسلامي بين العلمانيين والإسلاميين في معركتهم الأيديولوجية للسيطرة على جهاز الدولة الفاسد الذي خلفه المحتل الأوروبي وراءه.
نعم، كولن امتداد للرومي في الدعوة للسلام والتوافق العالمي من أجل البشر جميعًا على أساس فهم أعمق للمبادئ الإسلامية، لكن نود أن نضيف أن كثيرين منا غير مدركين تمامًا لجسامة المهمة الخاصة بإصلاح مجتمعاتنا وجماعاتنا بما يتفق مع القيم الإنسانية المتأصلة «الفطرة».
[1] فتح الله كولن: ونحن نقيم صرح الروح، ص 85.
[2] تورغوت أوزال (1927-1993م): من أهم الزعماء السياسيين في تركيا في القرن العشرين، أسس حزب «الوطن الأم (Anavatan)»، وانتخب زعيمًا له في 20 مايو/أيار 1983م، وفاز حزبه في الانتخابات فقام بتشكيل الحكومة، وظلَّ رئيسًا للوزراء ما بين ديسمبر/كانون الأول 1983م إلى نوفمبر/كانون الثاني 1989م، ثم صار رئيسًا للجمهورية، وتوفِّي سنة 1993م.
[3] فتح الله كولن: ونحن نقيم صرح الروح، ص 38-39.
[4] Ihsan Yilmaz, «Rumi›s Renewed Social Innovation and Pluralist Activism Today,» International Mevlana Jalaluddin-i Rumi Conference, Dushanbe, September 7, 2007.
[5] «The West Has Tried to Hide Mevlana›s Relation with Islam» In: http://en.fGülen.com/content/view/2321/22/.
[6] Elisabeth Özdalga, «Worldly Asceticism in Islamic Casting: Fethullah Gülen›s inspired piety and activism,» Critique, Issue 17, Fall, 2003, pp. 83–104.
[7] Joshua D. Hendrick, «The Regulated Potential of Kinetic Islam: Antitheses in Global Islamic Activism,» Muslim Citizens of the Globalized World. Robert A. Hunt, Yuksel A. Aslandogan (eds.), New Jersey: The Light, 2007, pp. 28–29.
[8] Seema Arif, «The Memetic Counseling of Masnavi: The Artless Art of Jalaladdin Rumi,» Rumi and His Sufi Path of Love. M. Fatih Citlak and Huseyin Bingul (eds.), New Jersey: The Light, 2007, p. 31.
[9] M. Dinorshoyev, «Foreword,» The Dghemchudghini [Jewels] of Jalaluddin Balkhi: Masnavi, Izbrannoe Raskazi I Pritchi, Dushanbe, 2007, pp. 14–15.
[10] Mahatma Gandhi, Quoted in Easwaran, Ekrath, Nonviolent Soldier of Islam: Badshah Khan, A Man to Match His Mountains, Nilgiri Press, 1999.
[11] M. Dinorshoyev, «Foreword,» The Dghemchudghini [Jewels] of Jalaluddin Balkhi: Masnavi, Izbrannoe Raskazi I Pritchi, Dushanbe, 2007, pp. 16–17.
[12] See Ali Bulac, «The Most Recent Reviver in the Ulama Tradition: The Intellectual Alim, Fethullah Gülen,» Muslim Citizens of the Globalized World, Robert A. Hunt, Yuksel A. Aslandogan (eds.), New Jersey: The Light, 2007, p. 118.
[13] See Ali Bulac, Ibid.
Leave a Reply