منذ محاولة الانقلاب الفاشلة ضد نظام الرئيس التركي رجب أردوغان، في 15 يوليو 2016م، وهو يستعمل القبضة الأمنية الحديدية؛ لتصفية المعارضين، ومن بين عمليات التضييق التي يمارسها على خصومه محاربته للفكر والمفكرين.
ففي تقرير جديد أصدره مركز “نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية”، بعنوان “تركيا محرقة الكتب ومقبرة دور النشر”، أكد التقرير أن الثقافة التركية لم تكن بمعزل عن الإبادة القمعية الشاملة التي تشنها حكومة أردوغان تجاه معارضيها.
وأشار التقرير الاستقصائي، إلى أن نظام أردوغان قام على غرار ما حدث في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، بالتخلُّص من أعداد هائلة من الكتب والمنشورات والمطبوعات التي لها صلة بحركة الداعية الديني فتح الله كولن، زعيم حركة “الخدمة” التي يدرجها أردوغان إرهابية. وكولن يقيم في ولاية “نبسيلفانيا الأمريكية، ويتهمه أردوغان بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة من دون أن يقدم أدلة على ذلك.
بحسب التقرير: “عجَّت صناديق القمامة العامة، والغابات والشوارع في الأحياء بأطنان من الكتب التي ألَّفها جولن أو نُسبت إليه، وقد بلغ القمع حدًّا جعل حيازة كتاب من تأليف “جولن” أمرًا كافيًا لإيداع حائزه في السجن”.

الأرقام تتحدث

يقول التقرير: “تتحدث الأرقام الهائلة عن نفسها في وصف المشهد الثقافي في تركيا في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية؛ فقد تم إغلاق ما جملته أكثر من 160 منفذًا إعلاميًّا بينما تمت مصادرة أو إغلاق أكثر من 1150 في أعقاب انقلاب 2016، كما أُزيل من أرفف المكتبات 135.000 كتابًا، وأُتلف 100.000 كتاب، وتم إحراق 30.000 كتاب، وأُغلقت 45 صحيفة يومية وأسبوعية، وتم إغلاق 39 دارا للطباعة والنشر، 15 مجلة شهرية ودورية، 23 محطة إذاعية، 16 قناة تلفزيونية”.
وعرض التقرير شهادات لأشخاص قاموا بحرق كتبهم أو تمزيقها إلى أجزاء خشية اكتشاف السلطات لها، وكثير من أصحاب هذه الروايات تم اكتشافهم أثناء حرق الكتب وتعرضوا للاعتقال، ففي حي “كمال باشا” أحد أحياء “بورصا”، اعتقلت الشرطة رجلاً يبلغ من العمر 53 سنة، لمحاولة حرق عشرات من الكتب التي لها صلة بـ”جولن” في أرض فضاء في شهر أغسطس 2016.
كما ذكرت الصحافة التركية، أن أحد العمال المشتركين في جريدة “زمان” قرر التخلص من الكتب التي تهديها الجريدة لقرائها، لكن مسعاه فشل عندما اتصل أحد الجيران بالبلدية للإبلاغ عن وجود حريق في أرض فضاء، وعندما أدرك عمال البلدية أن الكتب المحروقة تنتمي إلى “كولن” قاموا بالاتصال بالشرطة، وبعد استجواب الشرطة لهذا الرجل واتهامه بالانتماء لحركة “كولن”، أطلقت سراحه حيث أكد أنه كان يحوز هذه الكتب لأنها كانت تصله مع الجريدة التي كان مشتركًا فيها ليس إلا.

اضطهاد الفن

يؤكد التقرير أن حزب العدالة والتنمية قد استولى بشكل ممنهج على المسارح وهيئات فنية غربية أخرى، وحاول نفي فنانين يعملون في هذه الهيئات. ومنذ احتجاجات جيزي بارك، قطعت الحكومة التمويل عن عدد من المسارح ودور الأوبرا، وتراوغ في تجديد العقود السنوية للعازفين والمنتجين.
ويذكر التقرير كذلك أن سجل حكومة العدالة والتنمية في ترميم المعالم التاريخية مثل المساجد والمتاحف والكنائس والمعالم الأثرية الأخرى، هدفه في المقام الأول البحث عن الربح والدوافع التجارية، حيث يمنح نظام المحسوبية للشركات المرضي عنها مشروعات الترميم دون النظر إلى الفنيات، وأحيانًا التكلفة، مما يلقي بظلاله على تشويه تلك المواقع الأثرية وعدم الاهتمام بالشكل الأصلي لها. وقد ذكر التقرير العديد من المواقع الأثرية التي تم تشويهها.
ـــــــــــــــــــــ
المصدر: موقع الرئيس الإخباري