إن كانت قلوبكم مع الحبيب المصطفى، وإن كنتم تنقشون نقوشه الجميله في مشاعركم وعلى قلوبكم فما أهمية ال14 قرنًا من الزمان؟! وما الفرق بين أن تكونوا في مكة أو المدينة أو تركيا؟! إذا كنتم قد نقشتم أروع النقوش وأدق الحقائق المتعلقة به فالزمان لن يكون حائلاً ..لأنكم حينئذ أقرب الأقربين إليه، حتى إنكم إن أغمضتم عيونكم مثلي وقدَّمتم رُكبكم إلى الأمام قليلاً فكأنها ستلامس ركبتيه صلى الله عليه وسلم .
أنتم قريبون منه جدًّا، وهو أيضًا قريبٌ منكم فقد رضي بأقربيتكم له، واستشعر بقربكم، وها قد أصبحتم بعد 14 قرنًا تتحدُّون المسافات. ناشدتكم الله بالله عليكم، ثوروا على المسافات، تجاوزوا المسافات، تجاوزوا الزمان والمكان، تجاوزوا، وكونوا مع الرسول يدًا واحدة، فالنجاة هناك، النجاة في الانتظام في قلادته الذهبية، والنجاة في أن تُذكروا في الملأ الأعلى بـ”المحمديين”، فأنتم في الأخلاق محمديون، وأنتم في العشق والشوق محمديون، وأنتم في الأخوة والوفاء محمديون، تجاوزوا المسافات وعندها لن تجدوا إلا اختلافًا في الأسماء.. فروقًا في الأسماء فقط، سأقول إن هذا ليس أبا بكر، ولكن كأنه هو! إن هذا ليس بجسامة عمر، ولكن ما أشبهه به ! إن هذا ليس عليًّا، ولكنه حيدر كرار! وهذا ليس عثمان، إلا أنه ذو النور ..” تفوقوا على المسافات وتجاوزوا الزمان.
اسحبوا القرون ال14 واذهبوا بها إلى قرنه صلى الله عليه وسلم، وإذا بكم قد تنورتم من حيث لا تشعرون، تنورتم بالأنوار المحمدية، تنورتم شيبًا وشبابًا، صغارًا وكبارًا رجالاً ونساءً، وتحفَّزتم بشحذ روحي، لا تسيؤوا الفهم.
الشحذ الروحي هو أن تعيش الدين بمنتهى الوعي، الشحذ الروحي هو منتهى اليقظة أمام أوامر الدين ونواهيه، المطلوب منكم هو هذا الوعي واليقظة، وإلا فنحن أغلقنا أبوابنا أمام إثارة الصخب في الشوارع قبل 14 قرنًا، وانطلقنا نطرق أبواب القلوب. تفتَّحي يا أبواب القلوب، تفتَّحي على مصراعيك، تفتحي فأمة محمد قادمة، هذا هو شعارنا وكلمة سرنا. لقد كبَّلنا أقدامنا وربطنا على أيدينا ولن نسير في اتجاه آخر. عزمنا على تحرير قلوبنا وألسنة قلوبنا وكسر سلاسلها، واتخذنا فتح القلوب غاية لنا، هذا ما قصدته بالشحذ الروحي، عندما تصلون إلى هذا الوعي والتفكير الرفيع فستتجاوزون الزمان والمكان وتجدون أنفسكم وكأنكم بين أصحاب بدر وتندهشون قائلين: “كيف حصل ذلك وقد أتينا بعد 14 قرنًا”، سوف تندهشون لا ندهاشكم، فلا ترتابوا في أن هذا الأمر سيكون كذلك لأنني بفضلكم قد حظيت بالتعرف على أربا قلوب عظيمة، كأن كل واحد منهم في نظري إما أنه أنس بن النضر ، أو عبد الله بن جحش أو قباث بن أشيم رضي الله عنهم.