في انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدولية، استخدمت الحكومة التركية سفارتها عبر العالم لتجسس على حركة الخدمة، وجمع معلومات استخباراتية بطريقة غير قانونية عن رعايا تركيا في الخارج، لجعلها لائحة اتهام ملفقة تعمل من خلالها على تكميم الأفواه، للمضي قدمًا في تنفيذ سياساتها القمعية الرامية لإحكام قبضة أردوغان على حكم البلاد.
موقع نورديك مونيتور السويدي حصل على وثائق سرية أزاحت الستار عن العمليات التي تقوم من خلالها سفارة تركيا في جنوب إفريقيا بجمع معلومات استخباراتية عن أنشطة حركة الخدمة في بريتوريا، شملت توصيف منظماتهم وسرد أسمائهم كما لو كانوا جزءًا من مؤسسة إجرامية.
كشف الموقع السويدي أن المعلومات الاستخباراتية أدرجت في قضية جنائية استخدمتها أجهزة أردوغان الأمنية في ملاحقة معارضيه بجنوب إفريقيا، لافتًا إلى أنها تتبع نمطًا مشابهًا يحدث في البعثات الدبلوماسية الأخرى التابعة لتركيا في 92 دولة حول العالم.
مؤسسة هورايزون تراست
في مقدمة المنظمات التي يجمع عنها الدبلوماسيون الأتراك معلومات استخبارتية مؤسسة هورايزون تراست التعليمية، التي تأسست عام 1998، وتدير شبكة من المدارس في أنحاء مختلفة من البلاد بما في ذلك كيب تاون ودوربان وبريتوريا وجوهانسبرغ وبولوكواني.
المدارس التي تديرها هورايزون تقدم الخدمات التعليمية قبل المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، وتركز على سد نواقص طلابها الدينية.
اعتبرت مذكرة الاستخبارات الخاصة بالسفارة مؤسسة هورايزن تراست المنظمة الأكثر فاعلية وتأثيرًا في التحالف مع منتقدي حكومة العدالة والتنمية
الوثائق الاستخباراتية وملاحقات غير قانونية
مذكرات السفارة التركية، المُرسلة من بريتوريا، كانت ضمن وثائق وزارة الخارجية التي أُرسلت لاحقًا إلى الشرطة التركية لإقامة دعوى ضد منتقدي نظام أردوغان.
المستهدفون تعرضوا وفق مستندات السفارة التركية في بريتوريا، لحملة تخويف ومضايقات شملت حرمانهم من الخدمات القنصلية في الخارج، فيما واجه أقاربهم وأصدقاؤهم العائدون إلى أنقرة خطر قضاء عقوبة بالسجن ومصادرة أصولهم بتهم جنائية مُلفقة.
عملية جمع البيانات تمت بطلب من إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة بالشرطة الوطنية التركية، بأسلوب يصل إلى حد التجسس من قبل مسؤولي السفارة والقنصلية.
إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة لا تتمتع بالاختصاص القضائي في الخارج ولا يحق لها القيام بالتجسس في الخارج وفقًا للقانون التركي.
مذكرات المعلومات التي أرسلتها السفارة ضُمنت لاحقًا في تقرير أصدرته إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة في 30 يناير 2017، واستخدم في الملاحقة الجنائية لمنتقدي الحكومة بتهم تتعلق بالإرهاب.
التقرير الذي تضمن وثائق مخابرات وزارة الخارجية اُستخدم في عدة لوائح اتهام فيما اعتبرته الحكومة التركية انتهاكًا صارخًا لنظام العدالة الجنائية كجزء من حملة القمع ضد النقاد والمعارضين الذين لا علاقة لهم بالإرهاب.
بمقتضى التقرير سجن بعض المتهمين لعدة أشهر، وحتى سنوات في بعض الحالات، دون تهمة أو لائحة اتهام أو محاكمة رسمية.
الاستخبارات تستهدف كايناك
التقرير الذي أعدته إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، يُظهر كيفية جمع المعلومات بشكل غير قانوني من قبل السفارة التركية واستخدامها في الاضطهاد الجماعي لمعارضي أردوغان.
على سبيل المثال، تم استخدام بيانات ملفات التعريف التي جمعتها السفارة التركية حول منظمات جنوب إفريقيا وزيمبابوي كدليل في قضية تتعلق بشركة كايناك.
كايناك كانت تعد أكبر دار نشر في تركيا تدير 22 شركة كبرى، قبل أن تستولى عليها حكومة العدالة والتنمية بشكل غير قانوني بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب نوفمبر 2015.
تم اعتبار خط ائتمان الشركات لشراء البضائع الذي قدمته كايناك إلى المنظمات في جنوب إفريقيا بالإضافة لبعض التحويلات المالية بين عامي 2011 و2013 كجزء من المعاملات التجارية التي وصفتها حكومة أردوغان كدليل جنائي.
مجلس التحقيق في الجرائم المالية في تركيا-وكالة تستخدمها حكومة أردوغان للتحقيق مع معارضيه وشركاتهم بذرائع جنائية-اعتبر المعاملات المشروعة لكايناك نشاطا إجرامي.
مجلس التحقيق بدأ في إعداد تقرير في 13 مايو 2015، بتكليف من مكتب المدعي العام في أنقرة في أعقاب فتح تحقيقات جنائية مع شركة كايناك في 2 فبراير 2015 كجزء من القضية رقم 2014/75025.
ضحايا عمليات التجسس
مئات الأشخاص وعشرات الشركات أصبحوا متورطين في التحقيق مع كايناك فيما وصف بحملة على أكبر ناشر ومورد للمواد التعليمية في تركيا.
800 مؤلف وقعوا ضحية عندما ألغت حكومة العدالة والتنمية عقود الكتب بعد الاستيلاء على كايناك، فيما دمرت السلطات التركية ملايين الكتب المدرسية بما في ذلك بعض الكتب التي تدور حول مهارات اللغة الأجنبية بعد الاستيلاء الشركة.
الشخصيات التي تم التحقيق معها على خلفية قضية كايناك، أكرم دومانلي، رئيس التحرير السابق لصحيفة زمان، أكبر صحيفة وطنية في تركيا والتي تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني من قبل الحكومة في مارس 2016 كجزء من حملة ضد وسائل الإعلام المعارضة.
دومانلي أُجبر على العيش في المنفى مع أكثر من 150 صحافيًا آخر اضطروا إلى الفرار لتجنب السجن ظلمًا، فيما وصفت حكومة أردوغان جميع منتقديها بالإرهابيين.
عدد الصحافيين المحتجزين في تركيا بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب بلغ نحو 211 صحافيا، فيما تم إعلان أكثر من 30% من الدبلوماسيين الأتراك، و60% من جميع كبار قادة الشرطة، ونصف الجنرالات العسكريين و30% من القضاة والمدعين العامين في تركيا وجدوا أنفسهم إرهابيين بين عشية وضحاها بموجب القرارات التنفيذية لحكومة العدالة والتنمية دون أي تحقيقات إدارية فعالة ودون أي إجراءات قضائية.