يجد المسيحيون المشاركون في الحوار مع الإسلامي فتح الله كولن واحدًا من أهم شركاء الحوار المسلمين المعاصرين. توماس مايكل من أوائل علماء اللاهوت المسيحيين الذين يفطنون إلى مكانة كولن، فنراه يقول إن شهرة كولن باعتباره ناشطًا في مجالي التعليم والتواصل العام أكبر منها باعتباره مفكرًا أو كاتبًا(1). لذا من المتوقع أن يلتقي المرء بأتباع كولن أثناء المشاركة في حوار بين الأديان قبل أن يكون قد تعرّف على أفكاره حول الحوار. وهذا ما حدث معي بالضبط.
أعملُ عالم لاهوت مسيحي في جامعة رادبود في نايميخين بهولندا، وينطوي عملي على الدخول في حوار مع المسلمين. وقد سعدت بقبول دعوة على العشاء -أنا وزوجتي التي تعمل معلّمة- أرسلها الفرع المحلي لمؤسسة الإسلام والحوار في هولندا. كنت في تلك الفترة، عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 بأشهر قليلة، مهتمًّا جدًّا بالعلاقة بين الدين والعنف بوصفها قضية الساعة. أثناء إعداد ندوة حول الرب والعنف في الأديان الإبراهيمية الثلاثة(2)، لفت انتباهي أمر أعتبره تناقضًا مهمًّا في التمثيل الذاتي للإسلام لدى مؤسسة الإسلام والحوار. تنشر المؤسسة على موقعها الإلكتروني بيان مهمتها، وهو مكتوب بكلمات سلمية تؤكد أن العنف والإرهاب لا مكان لهما في الإسلام. غير أن كتيّب العلاقات العامة للمؤسسة يحتوي على الاقتباس التالي: “المحبة ونبذ البغض أهم سمات القلب العامر بالإيمان”. تعكس هذه العبارة، في رأيي، حقيقة الإيمان بالله وما يكتنفه من غموض أفضل من بيان المهمة الذي يبدو مبالِغًا في المثالية. يمكن تفهّم لجوء المسلمين عقب أحداث 11 سبتمبر للدفاع الاعتذاري في ظل انتشار أجواء رُهاب الإسلام، لكن عبارة أن العنف لا مكان له في الإسلام لا تجسد العلاقة المعقدة بين الدين والعنف بصورة توفيها حقها. إن كنتُ أفهم الاقتباس بصورة صحيحة، فإنه يعني أن الأشخاص المتدينين يحبون كل ما هو خير ويمقتون كل ما هو شر. أي إن الدين ينطوي على قوة إيجابية وأخرى سلبية، والمهم بالنسبة للبشر هو تحويل القوة السلبية إلى قوة اجتماعية بنّاءة. لن أخوض في تفاصيل التبعات الدينية لذلك، بل سأركز على مصدر الاقتباس. بعد البحث والتمحيص، عثرت على اقتباسات مماثلة في أعمال فتح الله كولن، مثل: “أهم سمة تميز الروح التي تفيض بالإيمان هي محبة الأعمال التي تجسد كل أنواع الحب، ومعاداة كل الأعمال التي تحث على العداء”(3).
إن إصرار فتح الله كولن على أن يكون الحب، والإيثار، والرحمة، والعفو، والتسامح دعائم الحوار يعتبر نقطة انطلاق ممتازة للحوار بين المسلمين والمسيحيين في السياق الواسع للأديان الإبراهيمية.
يرى كولن أن القوتين الإيجابية والسلبية ليستا على نفس القدر من الأهمية. يقدم كولن تفسيرًا مثيرًا للاهتمام للآية ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ﴾ (المائدة: 51)، ويؤكد على ضرورة تأويلها في سياقها. قد يكون من الضروري في بعض الحالات المحددة ألا يتعاون المسلمون مع اليهود والنصارى؛ لكن التعاون أفضل بوجه عام، كما يخبرنا القرآن: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ (النساء: 128)(4)، تساعد هذه القاعدة التفسيرية كولن على تجنب الوقوع في أحد النقيضين؛ السلمية غير الواقعية من جانب، والجدال العدواني من جانب آخر. يجب نشر السلام بين مختلف البشر والأديان تحت أي ظرف، ما لم يقم بعض الأشخاص بانتهاك العدالة لدرجة تستتبع معاداة الجائر. لا شك أن التسامح فضيلة مهمة يجب نشرها دائمًا، ومع ذلك لا بد أن يظل المرء واقعيًّا أيضًا. ربما يكون التسامح والعفو أفضل تصرف على المستوى الفردي، لكن ربما يفرض القانون تحقيق العدل والمعاملة بالمثل(5).
قد يكون من المفيد في بعض الأحيان أن تُدير الخد الآخر (إشارة صريحة إلى قول المسيح في إنجيل متّى الإصحاح 5: 39)، لكن في أحيان أخرى، الأحرى أن يكون التسامح بحساب. يقول كولن: “إن إبداء الرحمة تجاه الكوبرا يعني ظلم الأشخاص الذين تعرضوا للدغ”(6).
في إطار مشاركتي في مؤتمر “فتح الله كولن التركي: حياته وأعماله”، أقترح قراءة واحد من أهم أعمال كولن حول موضوع الحوار بين الأديان، مع وضع هذه القاعدة التفسيرية في الاعتبار. صحيح أن قراءتي لنصوص كولن قراءة من منظور مسيحي، لكنني سأركز على تعليقاته حول الحوار الإسلامي المسيحي. وأرجو في النهاية أن أوضح ضرورة تضمين اليهود في هذا الحوار، وطريقة القيام بذلك.
أهمية الحوار بين الأديان
لا يشتهر كولن تحديدًا بأصالة أفكاره، خلافًا لأبيه الروحي سعيد النورسي (1876-1960). بل إن القاعدة التفسيرية التي أشرنا إليها منذ قليل مأخوذة من سعيد النورسي(7). ويمكن العثور عليها في الخطبة الشامية للنورسي وبعض أجزاء رسائل النور أيضًا. ينطبق الشيء ذاته على اقتباس حب الخير وبغض الشر، فقد قال سعيد النورسي في الخطبة الشامية عام 1911: إن “أكثر شيء يستحق الحب هو الحب، وأكثر شيء يستحق العداء هو العداء”(8).
إن الجدال والخلافات قد تكون إسهامات مهمة في الحوار بين الأديان، شريطة أن تكون “بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”.
إذن ليست الأصالة أهم ما يميز كتابات كولن، بل طريقته في المزج بين المعارف الصوفية والتفسيرية في الإسلام مع إشارات إلى فلاسفة وعلماء لاهوت غربيين. كتب فتح الله كولن الكثير حول الحوار، لدرجة أن أحد المجلدات التي تضم أعماله يحمل عنوان “داعم الحوار”(9). ولعل أهم أعمال كولن مقال بعنوان “ضرورة الحوار بين الأديان”، الذي تم تقديمه في “مؤتمر أديان العالم” بمدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا عام 1999، ونُشر لاحقًا في نسخ إنجليزية عدة مرات(10). يتألف المقال من مقدمة، وخمسة أجزاء قصيرة، وخاتمة.
في المقدمة، يؤكد كولن أنه لا غنى عن الحوار بين المسيحيين والمسلمين، في ظل النزعة المادية التي تسود العالم حاليًا. ويشير إلى حديث إسلامي يتنبأ بعودة المسيح في آخر الزمان، مما يعني أن القيم الأساسية في التقاليد اليهودية والمسيحية والإسلام ستعم في النهاية. الغريب أن هذا الحديث أيضًا وارد في الخطبة الشامية التي ألقاها سعيد النورسي في دمشق: “إن الإسلام وحده سيكون حاكمًا على قارات المستقبل حكمًا حقيقيًّا ومعنويًّا، وأن الذي سيقود البشرية إلى السعادتين الدنيوية والأخروية ليس إلا الإسلام والنصرانية الحقّة المنقلبة إلى الإسلام والمتفقة معه والتابعة للقرآن بعد تحررها من التحريفات والخرافات”(11). يتضح من كتابات سعيد النورسي أن الإسلام سيكون القوة المهيمنة، وأن المسيحية لن تتمكن من التعاون مع الإسلام إلا بعد تطهير نفسها من الخرافات، غير أن تفسير كولن للحديث يرى الإسلام والمسيحية قوتين متساويتين. أضف إلى ذلك الإشارة الصريحة إلى تضمين اليهود أيضًا. يشير كولن إلى الفيلسوف اليهودي مايكل فيشوجرود الذي قال -في إحدى جلسات مجموعة الدراسات الإسلامية في المؤتمر السنوي للأكاديمية الأمريكية للأديان في نيويورك عام 1979- إن النقاط المشتركة بين اليهود والمسلمين كثيرة كالتي بين اليهود والمسيحيين(12). ويضيف كولن أن المسلمين لطالما تعاملوا مع اليهود بطريقة منصفة بوجه عام على مر التاريخ(13).
صعوبات تواجه المسلمين أثناء الحوار
عقب هذه الملاحظات الافتتاحية، يذكر كولن أربعة أسباب وراء إحجام المسلمين عن الحوار. أولاً، تعرض العديد من المسلمين للقتل على يد المسيحيين خلال القرن الأخير، الأمر الذي يدفع مسلمين كُثُرًا للاعتقاد أن الغرب يواصل هذا الاعتداء المنظم بأساليب غير ملحوظة، مثل الحوار. وبوصفي مسيحيًّا، سمعت هذا الشك عدة مرات؛ ليس فقط من مسلمين ويهود، بل من هندوس وبوذيين أيضًا. يتشكك أتباع الديانات الأخرى غالبًا لأنهم يلاحظون أن الحوار ما زال مرتبطًا، في أذهان العديد من المسيحيين، بالأنشطة التبشيرية ومحاولات نشر الإنجيل(14). وهم محقون في كون الأمر غريبًا بعض الشيء، لكنه من جانب آخر نتيجة طبيعية للسمة التبشيرية التي تشترك فيها المسيحية والإسلام. أعتقد أن التبشير المسيحي والدعوة الإسلامية لا يختلفان كثيرًا، لأن كل دين منهما يرجو أن تتبع البشرية كلها ما يعتبره الطريق القويم. ليس هناك ما يسوء في محاولات الإقناع ذاتها، ما دام المرء يدرك أنها مساعٍ متبادلة. غير أن اختلال ميزان القوى قد يعرّض هذه المساعي المتبادلة للخطر. وهنا تكمن أشد صعوبات الحوار بين المسيحيين والمسلمين. لذا يلفت كولن الانتباه إلى تأثير الاستعمار الباقي من جهة، والرغبة في الاستقلال عن الغرب من جهة أخرى. وأنا أرى أن شكوك المسلمين بشأن دعوات المسيحيين للحوار شكوك سياسية في الأساس، وليست دينية. عندما أسافر إلى بلد إسلامي، في الشرق الأوسط على سبيل المثال، ألاحظ أن الكثيرين يطلبون مني تبرير سياسات الغرب، وسياسات الولايات المتحدة تحديدًا.
قد تكون الأسباب الثلاثة الأولى لتشكك المسلمين في الحوار سياسية في طبيعتها، لكن السبب الرابع ديني؛ وهو الصورة المشوهة التي تُظهر الإسلام دينًا منحطًا والنبي شخصًا مخادعًا. ولا بد أن أعترف هنا أن المسيحية مسؤولة عن هذا التشويه في أغلب المناسبات التي جمعتها بالإسلام على مر التاريخ. هناك ترابط شديد بين الصورة التي كوّنتها المسيحية عن الإسلام، كما وصفها نورمان دانيال في كتابه “الإسلام والغرب”، وتقاليد الاستشراق الثقافية، كما وصفها إدوارد سعيد(15). يعد عالم اللاهوت المسيحي ينح بن سرجون بن منصور، المعروف باسم القديس يوحنا الدمشقي، من أوائل الدعاة لهذا التقليد وأشدهم تأثيرًا. فهو يتحدث في الفصل الأخير من كتابه حول الهراطقة عن ذلك الدين الجديد، ويصفه بأنه خرافة مضللة ونذير بقدوم المسيح الدجال، ويصف محمدًا بالنبي “الزائف”(16).
نظرًا لأن يوحنا نشأ وتعلم في بلاط الدولة الأموية في دمشق نحو عام 680 بعد الميلاد، فقد كانت لديه معرفة كافية بما يتحدث عنه. لكنه لجأ إلى تقييم هذه الظاهرة الدينية الجديدة وفقًا للمعايير الأساسية للمسيحية فقط، ونظرًا لأن القرآن يضم روايات عن يسوع المسيح، فقد استطاع يوحنا أن يحكم عليها بعدم الكفاءة وبالتالي بالهرطقة. في تلك الفترة، لم يكن الدين الجديد الذي دعا إليه محمد يُعرف باسم الإسلام، لذلك استخدم يوحنا الدمشقي ثلاثة أسماء ترتبط بقصص إبراهيم للإشارة إلى أتباع هذا الدين: الإسماعيليون Ishmaelites (أي نسل إسماعيل، ابن إبراهيم البكر)، والهاجريون Hagarenes (نسل هاجر والدة إسماعيل، لكنه قد يعني أيضًا المهاجرين)، وساراسين (المشرقيين) Saracenes. أصبح هذا الاسم الأخير الاسم الشائع للمسلمين خلال القرون الوسطى، ويرى يوحنا الدمشقي أنه يعني “أولئك الذين تركتهم سارة في عوز واحتياج”، لكن الكلمة قد تعني أيضًا الأشخاص القادمين من الشرق(17).
تؤكد الإشارات إلى ذرية إبراهيم أن المسيحية والإسلام تربطهما علاقة قرابة وينحدران من نفس الأصل، وكذلك اليهودية. في هذه العلاقة، يستطيع الدين الأحدث تحديد هويته من خلال إيجاد رابط مع الدين الأقدم. يعترف الإسلام نظريًّا -ولا يحدث ذلك دائمًا في الواقع- بالكتب السماوية لليهود والنصارى، ويطلق عليهم اسم “أهل الكتاب”. وفي الوقت ذاته، يدّعي الإسلام أنه يمتلك النص الصحيح غير المحرّف بين هذه الكتب. من الجانب الآخر ولنفس السبب، يجد الدين الأقدم صعوبة كبيرة في إيجاد رابط مع الدين الأحدث الذي يزعم أنه قد أدى مهمته. إن كان المسيحيون يؤمنون أن المسيح كلمة الله الأخيرة -كما يؤمن المسلمون أن القرآن كلمة الله الأخيرة- فسيجدون صعوبة بالغة في الإقرار بنبوة محمد ورسالته، لأن ذلك يتعارض مع إقرارهم بأن المسيح كلمة الله الأخيرة. توضح هذه العلاقة السبب الذي دفع المسيحيين لتشويه صورة الإسلام والنبي محمد على مر التاريخ، رغم أنه تصرف غير مقبول.
الحوار ضرورة
بعد تناول فتح الله كولن هذه الصعوبات، ينتقل إلى جوهر رسالته: “أصبح الحوار بين الأديان ضرورة الآن، وأول خطوة لبدء الحوار نسيان الماضي، والتغاضي عن الخلافات الجدلية، والتركيز على النقاط المشتركة التي تزيد عن النقاط الجدلية بكثير”(18) غير أن كولن لا يشرح بمزيد من التفصيل عبارته القاطعة أن الحوار أصبح ضرورة في الوقت الحالي. قد يظن المرء أنه يحاول أن يناقض العقلية الجدلية الماضية بعقلية حوارية حاضرة، لكن هذا التفسير غير منصف. فبعد بضع صفحات، يذكر كولن أن القرآن يحث المسلمين على احترام أتباع الديانات الأخرى، والإيمان بالأنبياء السابقين وكتبهم. وهكذا فإنه يؤكد أن الحوار ليس من متطلبات العصر الحديث فحسب، بل من توجيهات القرآن؛ المصدر الأساسي في الإسلام.
يواصل كولن حديثه مشيرًا إلى طريقة إقامة الحوار؛ وهي نسيان خلافات الماضي والتركيز على النقاط المشتركة. وبوصفي عالم لاهوت مسيحيًّا، أريد تسجيل بضع ملحوظات تتعلق بهذه الطريقة. أولاً، ألاحظ وجود تقارب بين منهج فتح الله كولن والمنهج الذي حدده المجمع الفاتيكاني الثاني، في بيان “في عصرنا” Nostra Aetate حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية، مع الإشارة إلى المسلمين على وجه الخصوص. ينص البيان على ما يلي: “وإذا كانت قد نشأت، على مر القرون، منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدس يحض الجميع على أن يتناسوا الماضي وينصرفوا بالخلاص إلى التفاهم المتبادل، ويصونوا ويعززوا معًا العدالة الاجتماعية والخيور الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة جميع الناس”(19).
لديّ اعتراض على هذه النقطة، بالرغم من اتفاق فتح الله كولن والمجمع الفاتيكاني الثاني عليها. فمثل هذه الدعوات لتناسي الاختلافات تخاطر بتضييق نطاق الحوار بين الأديان، بحيث يصبح مناقشة مهذبة لا تحقق نفعًا كبيرًا في حين يحدد العنف الديني سياق الحوار. قد يكون التركيز على النقاط المشتركة استراتيجية مهمة في ظل وجود شكوك متبادلة، لكن إذا أردنا أن يغير الحوار عقلية الأطراف المشاركة، فلا بد من “التصالح مع ذكريات الماضي”. صيغت هذه العبارة لأول مرة في الحوار المسيحي المسكوني، للإشارة إلى ضرورة النظر إلى الخلافات التاريخية في ضوء جديد للنجاح في فهم الآخر. ومن هذا المنطلق أقول: إن الخلافات مهمة مثلها مثل النقاط المشتركة للوصول إلى فهم متبادل بين المسيحيين والمسلمين. من جهة أخرى، يبدو أن المجمع الفاتيكاني الثاني لديه أهداف مشتركة محددة؛ وهي اتفاق المسيحيين والمسلمين ببساطة على نشر قيم عامة مثل السلام والعدالة الاجتماعية. سأتناول طريقة التركيز على النقاط المشتركة لاحقًا، وأشير إلى الإسهامات التي يُحتمل أن يقدمها اليهود في الحوار بين الأديان الإبراهيمية.
أثناء حديث كولن عن ضرورة الحوار، يأتي على ذكر إبراهيم في العبارة التالية، موردًا اقتباسًا لعالم الإسلاميات المسيحي الفرنسي لوي ماسينيو، الذي يصف الإسلام بأنه “عقيدة إبراهيم التي أعاد محمد إحياءها”(20) وهكذا، بإعادة إحياء عقيدة إبراهيم، يستطيع الإسلام تحقيق مهمته الدعوية في عالم ما بعد المسيحية. يقول سيدني جريفيث -وسيط كولن لدى ماسينيو- إن أفكار ماسينيو حول أهمية الإسلام الدينية ستغير آراء المسيحيين في المسلمين تغييرًا جذريًّا إذا قبلها أغلب المسيحيين(21). وهنا، يذكر كولن عدة أصوات مسيحية أخرى تدعم دعوة الحوار مع المسلمين. كما يذكر بعض النصوص المحفزة من بيانات المجمع الفاتيكاني الثاني، والبابا بولس السادس، والبابا يوحنا بولس الثاني. غير أنه لا يلفت النظر إلى أن المجمع الفاتيكاني الثاني يبدو أنه يؤيد طلب ماسينيو الإقرار بأن إبراهيم أبو اليهود والنصارى والمسلمين، في نصّين مهمّين جدًّا. النص الأول مقتبس من “دستور عقائدي في الكنيسة” Lumen Gentium. تشير فقرة، حول العلاقة بين الكنيسة وأولئك الذين لم يقبلوا الإنجيل، إلى أن “تصميم الخلاص إنما يشمل الذين يعترفون بالخالق، ومن بينهم أولاً المسلمون الذين يقرون أن لهم إيمان إبراهيم، ويعبدون معنا الإله الواحد الرحيم، الذي سيدين البشر في اليوم الأخير”(22).
يحمل هذا النص أهمية عظمى للحوار المسيحي الإسلامي، نظرًا لأنه يذكر بوضوح أن المؤمنين من أتباع الدينيْن يؤمنون بالإله الواحد نفسه الذي سيدين الجميع. كذلك يبدو أن النص يقر بزعم المسلمين أنهم يتبعون عقيدة إبراهيم. وفي حين يتلاقى اليهود والمسلمون في زعمهم أنهم ورثة إبراهيم الفعليين من نسل إسحاق وإسماعيل على التوالي، يتلاقى المسيحيون واليهود في زعمهم أنهم ورثة إبراهيم الروحيون. ونلاحظ نفس الإقرار في بيان “في عصرنا” Nostra Aetate السابق: “وتنظر الكنيسة بعين الاعتبار أيضًا إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد الحي القيوم الرحيم الضابط الكل خالق السماء والأرض المكلم البشر. ويجتهدون في أن يخضعوا بكليتهم حتى لأوامر الله الخفية، كما يخضع له إبراهيم الذي يُسند إليه بطيب خاطر الإيمان الإسلامي”(23). في هذا النص، يستخدم المجمع الفاتيكاني الثاني كلمة “مسلم” للإشارة إلى الأشخاص الذين يخضعون لأوامر الله باتباع عقيدة إبراهيم ﴿حَنِيفًا مُّسْلِمًا﴾ (آل عمران: 67)(24).
قد يكون ميل المسيحيين والمسلمين لاعتبار إبراهيم رمز الإيمان عاملاً مساعدًا في تيسير الحوار بين الدينيْن؛ غير أن اعتبار إبراهيم المثل الأعلى، على المستوى الآدمي، أمر لا يخلو من عدة مشاكل، كما يتضح من القراءة المتأنية للقصص التي تتحدث عن إبراهيم في الكتب العبرية المقدسة. بعيدًا عن مختلف أشكال العنف الجنسي وانتهاك السلطة الواردة في هذه القصص، يبدو أن إيمان إبراهيم ينطوي على الاستعداد للتضحية بحياة إنسان؛ وهو تهديد إرهابي يشوب فكرة الاستسلام المطلق لمشيئة الرب(25).
في ختام حديث كولن عن إقرار المسيحيين بمهمة الإسلام الدعوية الخاصة في عصر العلمنة الذي نعيشه، يشير إلى عبارة مهمة قالها البابا يوحنا بولس الثاني. فهو يسوق صلاة المسلمين مثلاً للمسيحيين، لأن المسلمين عمومًا ما زالوا يعبدون الله بأفضل الطرق وأكثرها إخلاصًا(26). بالفعل أعرب البابا السابق عن هذا الرأي عدة مرات، وليس في سياق الحديث عن الصلاة فحسب، بل أثناء الحديث عن صوم رمضان أيضًا(27). يقول كولن إن المسيحية والإسلام قد يتعلم أحدهما من الآخر؛ يتميز الغرب بتفوقه التكنولوجي والعلمي، والإسلام بحماسه الديني. قد يكون الإسلام -بوصفه دين الاستسلام لله- حافزًا لتذكير الشعوب الغربية بأصولها الدينية. يلعب الإسلام هذا الدور بالفعل في المناظرات العامة الهولندية، حتى إن كان ذلك بصورة سلبية. لكن الغرب يرمز هنا إلى العالم العلماني في مقابل الإسلام الذي يرمز للقوة الدينية. وأنا أرى أنه يُمكن التعامل بمزيد من الإنصاف مع التواجد المسيحي في العالم الغربي باتباع نفس فكرة النموذج المتبادل، أو الاقتداء الروحي، كما أفضل أن أسميها. قد يكون تطبيق هذه الفكرة مثمرًا جدًّا بين أتباع الأديان الإبراهيمية تحديدًا، أو كما يطلق عليهم القرآن “أهل الكتاب”. يخاطب القرآن هؤلاء اليهود والمسيحيين والمسلمين قائلاً: ﴿وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ (المائدة: 48). لعل قراءة مسيحية لهذا النص(28) تربطه بأفكار القديس بولس حول “الغيرة الخلاصية” بين اليهود وغير اليهود لإدراك رحمة الله في المسيح. يوضح ذلك أهمية الاختلافات بين الأديان، ودورها التحفيزي المتبادل. ويمكن ضرب المثل مرة أخرى بحياة لوي ماسينيو، وإدراكه قيمة إبراهيم في عالم الإسلام(29) من خلال “عبور” ماسينيو إلى عالم الإسلام، اكتشف القيمة الحقيقية لأصوله المسيحية، بحيث يمكننا القول إن تعامله مع الإسلام كان السبب في “عودته” إلى المسيحية(30). مع إن فتح الله كولن لا يستخدم مصطلح “الاقتداء الروحي”، لكنني واثق أنه سيؤيد فكرة الانتفاع من الاختلافات بين الأديان في تحفيز الحوار. فهو يبين دائمًا في حياته وكتاباته كيف تشجع المصادر الإسلامية المرء على الحوار مع الأديان الأخرى. ولتنجح هذه المساعي، من الضروري الإقرار أولاً بهذه الأديان، دون الاقتصار على اعتبارها أنظمة سياسية فحسب. وهنا يكمن خطأ الغرب في تعامله مع الإسلام، كما يشير كولن في ختام هذا القسم. ينظر الغرب إلى الإسلام باعتباره قوة سياسية، أو أيديولوجية، أو تهديدًا إرهابيًّا. وربما يكون إلقاء نظرة مسيحية متفحصة على الإسلام أكثر فائدة في هذا السياق.
دعوة الإسلام العالمية للحوار
يتحدث كولن في القسم الثالث من المقال عن القرآن ودعوة أهل الكتاب ﴿تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ (آل عمران: 64). إنها دعوة الإسلام الأساسية إلى الحوار. إذا لم يقبل الآخرون الدعوة، فيمكنهم المضي في سبيلهم وسيظل المسلمون متمسكين بطريقهم. غير أن الاختلافات لن تؤدي إلى خلافات، بل إلى الإقرار بوجود الله بطرق مختلفة. يستعير كولن في هذا الصدد مشهدًا من رؤيا سعيد النورسي الذي ردد آية ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (الفاتحة: 5) في جامع بايزيد في إسطنبول وهو يصف ثلاث حلقات أو صفوف من المصلين الذين يعبدون الله.(31) في الصف الأول، يقف المسلمون مع غيرهم ممن يُقرون بوحدانية الخالق. لكن مخلوقات أخرى، آدمية وغير آدمية، تسبح الله وتمجده. وبهذه الرؤيا، يعلن كولن أن الإسلام طريق واسع لخلاص البشرية جمعاء.
في القسم الرابع المعنون “طريقة التعامل مع أتباع الأديان الأخرى”، يركز كولن مرة أخرى على النقاط المشتركة بين المسلمين وأهل الكتاب؛ فالقرآن يُقر بالأنبياء السابقين وكتبهم. لهذا يجب ألا يفرح المسلمون بهزيمة الآخرين عند مناقشة أمور العقيدة. ويذكّرنا كولن ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (العنكبوت: 46)(32). أتفق مع كولن -الذي يستعين بتفسير سعيد النورسي مرة أخرى- في أن كلمتي الجدال والمناظرة غالبًا ما تُذكران في القرآن بمعنى سلبي يدل على جهل البشر(33). لكن في الوقت ذاته، أنا مقتنع أن قواعد الجدال المذكورة في القرآن وفي التقاليد الإسلامية اللاحقة ما زالت ذات مغزى في تحديد برنامج عمل الحوارات الحديثة بين الأديان. على سبيل المثال، يتذكر المرء قواعد تنظيم الخلافات داخل البلاط أو في مجالس العلماء ذوي الخلفيات الدينية المختلفة في البلاط العباسي(34). أؤكد مرة أخرى على أهمية الاختلافات في الحوار بين الأديان الإبراهيمية، بصورة أقوى مما يفعل فتح الله كولن. لذلك أقول إن الجدال والخلافات قد تكون إسهامات مهمة في الحوار بين الأديان، شريطة أن تكون “بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”، كما ينص القرآن. إذا كنا على استعداد أن يتعلم أحدنا من الآخر بهدف تعميق الإيمان في قلوبنا بدلاً من المباهاة والتناحر، فربما نقترب من تحقيق “الثراء المتبادل”، بل وربما “التغيير الشامل المتبادل” باعتباره أحد أهداف الحوار بين الأديان(35).
نشر القيم الإيجابية
يتحدث كولن في القسم الأخير من مقاله “أهمية الحوار بين الأديان” عن القيم الأساسية العالمية الأربعة التي يؤيدها الدين، وبالتالي يجب تعميمها في الحوار بين الأديان. بل إن هذه الكلمات الأربعة: الحب والرحمة والتسامح والعفو؛ قد تكون موضوعات مهمة جدًّا في الحوار بين المسيحيين والمسلمين، لأن كليهما يستطيع تقديم تعاليم روحانية عميقة تتعلق بهذه القيم. علاوة على ذلك، سيكون من المفيد أن يتعاون المسلمون والمسيحيون في نشر هذه القيم باعتبارها الأساس الأخلاقي للبشرية كلها. لكن القارئ سيلاحظ أنني أؤيد برنامج عمل الحوار المسيحي الإسلامي، مع التركيز على الاختلافات بين الدينين وطريقة التعامل السلمي معها. بعبارة أخرى، أنا أؤيد إجراء تحليل سياقي بهدف تقييم مكانة الحوار ووظيفته المحددة بين أي دينيْن.
أن شكوك المسلمين بشأن دعوات المسيحيين للحوار شكوك سياسية في الأساس، وليست دينية.
إن رؤيتي لأهمية الاختلافات بوصفها وسيلة لتعزيز الحوار بين الأديان مستمدة من شركائي في الحوار اليهوديين. بعيدًا عن تأثير إيمانويل ليفيناس واسع النطاق، وإصراره على أهمية فلسفة الغيريّة، فإن رواد الحوار بين الأديان، أمثال جوناثان ساكس وجوناثان ماجونيت، قد نجحوا في لفت نظري إلى أهمية الاختلافات(36). أشار ألون جوشين جوتشتاين تحديدًا إلى أن اليهود غالبًا ما اقتصر دورهم في الحوارات المسيحية الإسلامية حول إبراهيم على كونهم متفرجين معنيين(37). وقد أشرت إلى بعض أسباب ذلك في السابق. بالرغم أن الاستخدام الحديث لمصطلح “الأديان الإبراهيمية” قد بدأ في سياق الحوار بين المسيحيين والمسلمين، لا يستطيع اليهود الحديث عن الضغوط التي تتعرض لها عقيدة إبراهيم كما هو الحال مع المسلمين والمسيحيين. أما إذا أردنا مراعاة الأمانة مع التراث الإبراهيمي، فلا يمكننا استبعاد الأصوات اليهودية من حوارنا المسيحي الإسلامي. بل يجب علينا السماح لها بالمشاركة في الحوار، حتى وإن كانت مشاركتها مزعجة في الأغلب. يقدم فريد إسحاق حجة مقنعة عندما يقول إن الحوار المسيحي الإسلامي قد يصبح حوارًا بين السلطات إذا لم ينفتح على الصورة الواسعة التي رآها سعيد النورسي في جامع بايزيد(38).
يؤكد كولن أنه لا غنى عن الحوار بين المسيحيين والمسلمين، في ظل النزعة المادية التي تسود العالم حاليًا.
لكن الحوار بين المسيحيين واليهود يمكن بالطبع أن يكون حوارًا بين السلطات أيضًا. يشير التحليل السياقي إلى أن المسلمين يميلون إلى التأكيد على النقاط المشتركة، نظرًا لكثرة ربط دينهم بالعنف وغيره من الشرور، ولأنهم آخر الأديان الإبراهيمية. في حين يميل اليهود للتأكيد على الاختلافات نظرًا لأنهم أقلية، ولأنهم من أوائل الأديان الإبراهيمية. أما موقف المسيحيين فإنه غريب جدًّا، لأنهم يتعاملون بطريق مختلفة مع أشقائهم الأكبر اليهود ويريدون مناقشة النقاط المشتركة معهم، في حين يجد اليهود الاختلافات أكثر أهمية. على الصعيد الآخر، لطالما شعر المسيحيون بالحاجة إلى إبراز اختلافاتهم مع أشقائهم الأصغر المسلمين، في حين يفضل مسلمون كثيرون مناقشة أوجه التشابه. أضف إلى ذلك أنه كثيرًا ما يُنظر إلى المسيحيين باعتبارهم مواطنين غير متدينين في العالم الغربي الذي تختبئ فيه السلطات. وبسبب “المصالح المتضاربة” و”العلاقات التاريخية” فإن “السياق العالمي” يفرض أن يكون الشريك المسيحي هو الشريك الأقوى في الحوار، لهذا من المهم أن يكون المسؤول عن تحديد برنامج أعمال الحوار الشريك الأقل قوة. قد يعني ذلك بالنسبة للمسيحيين في الغرب التأكيد على النقاط المشتركة في حوارهم مع المسلمين، والاختلافات في حوارهم مع اليهود. ومن هذا المنطلق، فإن إصرار فتح الله كولن على أن يكون الحب، والإيثار، والرحمة، والعفو، والتسامح دعائم الحوار يعتبر نقطة انطلاق ممتازة للحوار بين المسلمين والمسيحيين في السياق الواسع للأديان الإبراهيمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1) القس اليسوعي توماس مايكل، “التجربة التركية في الحوار الإسلامي المسيحي. المفكر بديع الزمان سعيد النورسي والناشط فتح الله كولن”، في Travelling Together Beyond Dialogue: Peace and Dialogue in a Plural Society, Common Values and Responsibilities، ملبورن، الجمعية الأسترالية متعددة الثقافات، 2002، ص.ص. 33-40.
(2) بيم فالكنبيرج، “الرب والعنف”، بودل، دار نشر “دامون”، 2002.
(3) فتح الله كولن، “داعم الحوار”، علي أونال (مترجم) وألفونس ويليامز، فيرفاكس بولاية فرجينيا، دار نشر “فاونتين”، 2000، ص. 198. راجع أيضًا www.fethullahgulen.org.
(4) فتح الله كولن، “الحب وجوهر الإنسانية”، أعده للنشر فاروق تونجر، ترجمه محمد أونال ونيلوفر كوركماز، إسطنبول، مؤسسة الصحافيين والكُتاب، 2004، ص. 167.
(5) المرجع السابق، ص. 94.
(6) المرجع السابق، ص. 207. أيضًا “داعم الحوار”، ص. 260.
(7) لمعرفة رأي النورسي في التعاون بين المسلمين والمسيحيين، راجع “الخطبة الشامية”، إسطنبول، دار نشر “سوزلر”، 1996، ص. 35، والرسالة الخامسة عشر من “رسائل النور”، إسطنبول، دار نشر “سوزلر”، 1997، ص. 78ف. راجع أيضًا القس اليسوعي توماس مايكل، “خواطر حول آراء سعيد النورسي في التفاهم الإسلامي المسيحي”، إسطنبول، دار نشر “سوز باسم ياين”، 2003، ص.ص. 20-32.
(8) النورسي، “الخطبة الشامية”، ص. 49.
(9) فتح الله كولن، “داعم الحوار”، علي أونال (مترجم) وألفونس ويليامز، فيرفاكس بولاية فرجينيا، دار نشر “فاونتين”، 2000.
(10) النسخ الأصلية في صحيفة “تركش ديلي نيوز” يوم 11-12 يناير، 2000، وفي مجلة “ذي فاونتن” من يوليو إلى سبتمبر 2000. تم نشر ترجمات إنجليزية مختلفة إلى حد ما لكتاب “داعم الحوار”، ص.ص. 241-256 وفي فتح الله كولن، “مقالات ورؤى وآراء”، مجلة “ذي فاونتن”، راذرفورد بولاية نيو جيرزي، و”ذي لايت”، 2002، ص.ص. 32-43. تم نشر المقال بصورة مستقلة تحت عنوان “أهمية الحوار بين الأديان: منظور إسلامي”، في سلسلة “نوافذ على العقيدة”، سومرست بولاية نيو جيرزي، “ذي لايت”، مايو 2004.
(11) النورسي، “الخطبة الشامية”، ص.ص. 35-36.
(12) راجع مايكل فيشوجرود، “الإسلام والمسيحية من منظور اليهودية”، في إسماعيل راجي الفاروقي (محرر) “ثلاثية الأديان الإبراهيمية”، أوراق بحثية مقدمة إلى مجموعة الدراسات الإسلامية التابعة للأكاديمية الأمريكية للأديان، واشنطن العاصمة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1402/1982، ص. 16.
(13) تم التأكيد على فكرة كولن بخطوط عريضة في مارك كوهين، “تحت الهلال والصليب: اليهود في العصور الوسطى”، برينستون بولاية نيويورك، مطبعة جامعة برينستون، 1994.
(14) راجع وثيقة “الحوار والبيان، خواطر وتوجيهات حول الحوار بين الأديان وبيان إنجيل يسوع المسيح”، قام المجلس البابوي للحوار بين الأديان ومجمع تبشير الشعوب بنشر هذا الإعلان المشترك في نشرة “برو ديالوج”، العدد 26، 1991، ص.ص. 210-250.
(15) نورمان دانيال، “الإسلام والغرب: صناعة الصورة”، أكسفورد، دار نشر “وانوورلد”، 1993، الأصل عام 1960؛ وإدوارد سعيد، “الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق”، هارموندسوورث، دار نشر “بنجوين”، 1995، الأصل عام 1978.
(16) راجع يوحنا الدمشقي، “كتابات عن الإسلام”، التقديم والتعليق والترجمة لآر لي كوز، مصادر مسيحية، ص. 383، باريس، 1992. أيضًا أدلبيرت ديفدز وبيم فالكينبيرج، “يوحنا الدمشقي: هرطقة الإسماعيليين”، في باربرا روجيما ومارسيل بورثيوس وبيم فالكينبيرج (محررون)، “الحلقات الثلاثة: دراسات سياقية في الثلاثية التاريخية لليهودية والمسيحية والإسلام”، لويفن، دار نشر “بيترز”، 2005، ص.ص. 71-90.
(17) راجع ديفدز وفالكينبيرج، ص.ص. 79-80.
(18) كولن، “داعم الحوار”، ص.ص. 244-245.
(19) بيان “في عصرنا” Nostra Aetate رقم 3. ترجمة المجمع الفاتيكاني الثاني. الوثائق الأساسية الستة عشر. ترجمة مراجعة جيدًّا بلغة جامعة، تحرير أوستن فلانري، نورثبورت بولاية نيويورك، دار نشر “كوستيلو”، ودبلن، دار نشر “دومينيكان”، 1996، ص.ص. 571-572.
(20) يشير كولن إلى مقال لسيدني جريفيث، “الاشتراك في عقيدة إبراهيم؛ عقيدة لوي ماسينيو”، Islam and Christian-Muslim Relations، العدد 8، 1997، ص.ص. 193-210. اقتباس ماسينيو في الصفحة 201.
(21) جريفيث، “الاشتراك في عقيدة إبراهيم”، ص. 198.
(22) “دستور عقائدي في الكنيسة” Lumen Gentium رقم 16. ترجمة المجمع الفاتيكاني الثاني. الوثائق الأساسية الستة عشر، ص.ص. 21-22.
(23) بيان “في عصرنا” Nostra Aetate رقم 3. ترجمة المجمع الفاتيكاني الثاني. الوثائق الأساسية الستة عشر، ص. 571.
(24) القرآن الكريم. ترجمة جديدة للدكتور محمد عبد الحليم سعيد، أكسفورد بولاية نيويورك، مطبعة جامعة “أكسفورد”، 2004، ص. 39.
(25) راجع أيضًا فيليس تريبل، “نصوص الرعب: قراءات أدبية نسائية للقصص الإنجيلية”، فلادلفيا، دار نشر “فورتريس”، 1984؛ وإيفون شيروود، “ملزم أم غير ملزم: ردود أفعال متباينة لليهودية والمسيحية والإسلام تجاه “تضحية” إبراهيم بابنه العزيز”، جريدة الأكاديمية الأمريكية للأديان، العدد 72، ص.ص. 821-861.
(26) يشير كولن إلى كتاب يضم لقاءات لفيتوريو ميزوري بعنوان “عبور عتبة الأمل”. قامت دار نشر “موندادوري” بنشر النسخة الأصلية Varcare la soglia della speranza في ميلانو عام 1994.
(27) راجع “يوحنا بولس الثاني والحوار بين الأديان”، بايرونإل شيروين وهارولد كاسمو (محرران)، مارينول، دار نشر “أوربس بوكس”، 1999، ص.ص. 58-69.
(28) للاطلاع على المخطط الأول، راجع بيم فالكينبيرج، “مستقبل الدين: من الحوار بين الأديان إلى الهوية الدينية المتعددة؟”، Studies in Interreligious Dialogue، العدد 14، 2004، ص.ص. 95-107، هنا صفحة 104.
(29) خوليو باسيتي ساني، “لوي ماسينيو (1883-1962): الداعي المسيحي إلى تصالح الأديان”، تحرير وترجمة ألان هاريس كاتلر، شيكاجو، دار نشر “فرنسيسكان هيرالد”، 1974؛ وجان ماري جودل، “لقاءات وتصادمات: الإسلام والمسيحية في التاريخ”، روما، دار نشر “بيساي”، 1984، المجلد 1، ص. 336.
(30) ماري لويز جود، “لوي ماسينيو: بوتقة الرحمة”، نوتردام ولندن، مطبعة جامعة “نوتردام”، 1996، ص. 55.
(31) الإشارة هنا إلى الرسالة 29 لسعيد النورسي، القسم الأول، النقطة السادسة. الترجمة الإنجليزية في رسائل بديع الزمان سعيد النورسي، 1928-1932، إسطنبول، دار نشر “سوزلر”، نسخة جديدة، 2001، ص.ص. 461-463.
(32) ترجمة القرآن الكريم للأستاذ عبد الحليم، ص. 255.
(33) راجع جين دامن ماكوليف، “المناظرة والاختصام”، في “موسوعة القرآن”، المجلد 1، لايدن، دار نشر “بريل”، 2001، ص.ص. 511-514.
(34) راجع “المجلس: لقاءات بين الأديان في إسلام العصور الوسطى”، تحرير حوا لازاروس يافه ومارك كوهين وساسون سوميخ وسيدني جريفيث، فيسبادن، دار نشر “هاراسوفيتس”، 1999.
(35) راجع جون بي كوب، “ما وراء الحوار: نحو تغيير متبادل للمسيحية والبوذية”، فلادلفيا، دار نشر “فورتريس”، 1982.
(36) جوناثان ساكس، “أهمية الاختلاف: طريقة تفادي صدام الحضارات”، لندن، دار نشر “كونتينوم”، 2002؛ وجوناثان ماجونيت، “الحديث مع الآخر: الحوار اليهودي بين الأديان مع المسيحيين والمسلمين”، لندن، دار نشر “آي بي توريس”، 2003.
(37) ألون جوشين جوتشتاين، “إبراهيم والأديان الإبراهيمية في النقاش المعاصر بين الأديان: خواطر اليهودي المعني المتفرج”، Studies in Interreligious Dialogue، العدد 12، 2002، ص.ص. 165-183.
(38) فريد إسحاق، “القرآن والتحرر والتعددية: منظور إسلامي للتضامن بين الأديان في وجه الاستبداد”، أكسفورد، دار نشر “وانوورلد”، 1977، ص. 258.